الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني والعشرون
(دعوة عيسى ومحمد عليهما السلام)
دعوة عيسى عليه السلام
-
حمدًا لله، وصلاة وسلامًا على رسول الله، أما بعد:
فبالحديث عن عيسى ومحمد أكون قد استكملت الحديث عن أولي العزم من الرسل:
ولنبدأ بحكم الترتيب الزمني بعيسى عليه السلام فكم مرة ذكر في القرآن الكريم وفي أي سور القرآن ذكر؟ جمع كلمة عيسى في القرآن تجعلنا نجمع كلمة مريم، فهي أم عيسى، ونجمع كلمة المسيح فهي صفة له، وقد ورد اسم عيسى في القرآن خمسًا وعشرين مرة، ثلاث مرات في كل من "البقرة" و"النساء"، وخمس مرات في "آل عمران"، وست مرات في "المائدة"، ومرتين في "الصف"، ومرة واحدة في كل من "الأنعام" و"مريم" و"الأحزاب" و"الشورى" و"الزخرف" و"الحج".
أما اسم مريم فقد ذكر في القرآن أربعًا وثلاثين مرة، كما ذكر المسيح إحدى عشرة مرة، وذكر عيسى بأنه ابن مريم ست عشرة مرة، كما ذكر بأنه المسيح عيسى ابن مريم أربع مرات، وأنه المسيح ابن مريم أربع مرات، وأنه المسيح مرتين، وذكر الله قول النصارى في عيسى بأنه المسيح ابن الله مرة واحدة.
بهذا الجمع لكلمة عيسى ومريم والمسيح، نستطيع أن نصل إلى حقيقة عيسى، وكيف خلقه الله، وما كان من ضلال في الاعتقاد بأنه هو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة، وقد أثبت القرآن بطلان ذلك، وبين أن عيسى عبده ورسوله، وأن الله حين خلقه بدون أب، فإنما كان ذلك ليبين أنه خالق الأسباب، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه إذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون، وأن مثل عيسى عند الله كمثل آدم، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون.
وليس من موضوعنا مناقشة النصارى في عقائدهم، فهذا موضوع أشبعه العلماء بحثًا، وألفوا فيه الكتب والرسائل، لكن موضوعنا عرض بعض النماذج من
دعوة عيسى، لنرى كيف دعا هذا النبي لدين الله، فيتعلم الدعاة فن الدعوة إلى الله، وقد ذكر الله عيسى في "البقرة" كما قلنا ثلاث مرات، وفيها أن الله آتاه البينات وأيده بروح القدس، كما ذكر أنه في جملة الأنبياء الذين يجب الإيمان بهم، وبما أوحاه الله إليهم، وأن على المؤمنين من أصحاب محمد أن يقولوا ذلك لأهل الكتاب.
وفي "آل عمران" يأتي الحديث عن مريم واصطفاء الله لها، وما كان من بشارة الله لها بعيسى، وما حملته هذه البشارة من صفات عالية لوليدها، وأنه سيكون وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلًا ومن الصالحين، وأن الله سيعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وسيكون رسولًا إلى بني إسرائيل، فما أعظمها من بشارات!.
ولما ذكر الله أن عيسى سيكون رسولًا لبني إسرائيل، قدم لنا نموذجًا من دعوته، وانتقل الحديث من بيان صفات عيسى إلى ما سيقوله عيسى لبني إسرائيل، فقد بدأ دعوته بإعلان أنه رسول الله إليهم، كما ذكر الله ذلك في سورة "الصف" فقال:{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (الصف: 6).
وقد يحتاج الرسول لمعجزة تثبت لقومه أنه رسول من الله إليهم، وإنما أقول: قد يحتاج الرسول لذلك؛ لأن كثيرًا من الرسل الذين ذكرهم الله، لم يذكر أنهم أتوا بمعجزات، فقد ذكر الله آدم ونوحًا وهودًا وشعيبًا وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان وأيوب ويوسف، وزكريا ويحيى وإلياس واليسع ويونس ولوطًا، ولم يذكر أن واحدًا منهم كانت له معجزة.
والطوفان الذي أهلك الله به من أهلك لا يقال بأنه معجزة، كما أن ما كان من عطاء الله لداود وابنه سليمان لا يدخل في المعجزات، لكن ما كان من أمر
بني إسرائيل حين أرسل الله إليهم عيسى، كان في حاجة إلى أن يتسلح عيسى بمعجزات، تثبت صدقه فيما يبلغ عن ربه، مما كان في بني إسرائيل من غلظة وشدة وحب للدنيا أعماهم عن كل فضيلة، وجعلهم يتنكرون لأنبيائهم بل ويقتلونهم، كما قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (البقرة: 61).
ولهذا أجرى الله على يد عيسى الكثير من المعجزات، ومنها ما ذكره الله في "آل عمران" و"المائدة"، قال تعالى في "آل عمران":{وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (آل عمران: 49، 50).
وقال في "المائدة": {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} (المائدة: 110).
ومع هذه الآيات البينات عاندوه وكذبوه وطاردوه، ودبروا لقتله ونفذوا ما دبروه، ولكن الله حفظ رسوله ونجاه منهم، وألقى شبهه على من دل القوم عليه فقتلوه، واعتقدوا أنهم قتلوا عيسى عليه السلام وما علموا أن الله رفعه إليه وكان الله عزيزًا حكيمًا.
دعوة عيسى عليه السلام:
أول ما يدعو إليه كل رسول العبودية لله، والعبودية لله قائمة على الاعتقاد في أنه إله واحد لا شريك له، متصف بصفات الكمال والجمال. يقول تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 25).
وهكذا قال عيسى لقومه، وبدأ دعوته فأثبت لهم أنه رسول من ربه، وقدم بين يدي دعواه العديد من المعجزات كما ذكرنا، وذكر لهم أنه جاء مصدقًا لما بين يديه من التوراة، ولكنه جاء بالتيسير عليهم، فقال:{وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} (آل عمران: 50).
إنه يستثير حبهم للتيسير بعد أن كلفهم الله بالتكاليف التي تحتاج إلى العزيمة القوية؛ لما جبلوا عليه من التفلت وعدم التزام أحكام الله، فحين يأتيهم رسول معه كل هذه الدلائل والبراهين، أنه صادق فيما أخبرهم به عن ربه، وذكر لهم أنه جاء يخفف عنهم بعض الذي حرمه الله عليهم، وأنه جاء بالدليل الناصع
والبرهان القاطع على صدق قوله، كان عليهم أن يستجيبوا لما ينصحهم به ويدعوهم إليه {وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (آل عمران: 50).
فتأمل دقة دعوة هذا النبي الكريم، وهو يذكِّر قومه بما جاءهم به من البينات، ويخبرهم بأن ما جاء به من المعجزات آية، وأي آية! والتنكير في قوله "آية" يفيد التعظيم وقد قالها مرتين، هنا وفي الآية السابقة، ولكنه هنا أضاف دليلًا آخر لا ينكرونه، وهو أن هذه الآية العظيمة منشؤها ومصدرها الله سبحانه وتعالى، وهل يماري أحد منهم في ربوبية الله.
هل ينكر أحد منهم أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت؟ وهم لا يستطيعون أن ينسبوا شيئًا من ذلك لبشر أو لحجر؛ لأنهم يرون أن البشر أو الحجر أعجز من أن يفعل ذلك، ولهذا انتقل إلى ما يترتب على ما يسلمون به من ربوبية الله، إلى وجوب التوجه له وحده بالعبادة، وأن يطيعوا الرسول فيما دعاهم إليهم فقال:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (آل عمران: 50).
ثم أخذ بأيديهم في رفق وسلك بهم طريق النجاة، وهو يعرفهم بأن الله الذي يدعوهم إلى توحيده في ألوهيته، هو ربه وربهم، وعليهم أن يعبدوه وحده، وتوحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، هو الطريق السوي السهل المعتدل، الذي يؤدي إلى النجاة والسعادة من أقرب طريق، ولهذا قال لهم:{هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} (آل عمران: 51).
فأشار باسم الإشارة "هذا"، وهو اسم إشارة يشار به إلى القريب، والقرب هنا قرب منزلة ومكانة، وهذا يعني أن الصراط المستقيم قريب من العقل والوجدان؛ لأنه متساوق مع الفطرة، وقد قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم: 30) ولهذا بكت الله المجرمين يوم القيامة
وقد أشار عيسى عليه السلام إلى الصراط، فأتى به نكرة، والتنكير يفيد التعظيم، ووصف الصراط بالاستقامة، فدل على أنه مُوصِّل للهدف من أقرب طريق، ومع وضوح هذه الدعوة أحس منهم الكفر، فقال:{مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} (الصف: 14) وهي طريقة في الدعوة لا بد منها، يرسمها الأنبياء لنصرة دين الله. قال أصحابه الخُلَّص وأهل مودته وإن قل عددهم، وقد سماهم عيسى وذكرهم القرآن بأنهم الحواريون. قالوا:{نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (آل عمران: 52، 53).
إذا كان هذا نموذجًا من دعوة عيسى، فهناك الكثير من النماذج في القرآن الكريم، ولنكتف منها بنموذج آخر، هو ما نراه في سورة "الصف" في قول الله تعالى:{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} (الصف: 6).
فهو يبدأ دعوته بتذكيرهم، وهو يناديهم بأنهم بنو إسرائيل، وإسرائيل نبي الله يعقوب -عبد الله ومصطفاه- ابن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، وبهذا النداء يستجيش فيهم عناصر النخوة والكرامة؛ ليحافظوا على ميراث النبوة، الذي جعله الله فيهم منذ عهد إبراهيم عليه السلام يناديهم ليخبرهم أنه رسول الله، فهو حين يبلغ إنما يبلغ عن الله، وطاعته إذًا طاعة لله، ومعصيته معصية لله، وأمر آخر هو أن الله إذ أرسله؛ أرسله لما فيه خيرهم، ولهذا قال:{إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} (الصف: 6).
وهل هناك خير أعظم من معرفة الله ربًّا معبودًا
وإلهًا مقصودًا، وما يأتي به الرسول من شريعة غراء، تنكشف بها الظلمات ويحيا الناس في ظلها آمنين مطمئنين، وترغيبًا لهم في اتباعه ذكر لهم أنه لم يأتِ مكذبًا للتوراة، هادمًا لما جاءت به، لكنه جاء مصدقًا لها فيما دعت إليه من توحيد، وما جاءت به من أحكام ثابتة، وإن كان قد أضاف إليها أو عدل في بعض أحكامها بوحي من الله، بعض ما يتناسب مع عصره، ولذلك لما ذكر في "المائدة" أنه أنزل التوراة فيها هدى ونور، قال في عيسى والإنجيل:{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (المائدة: 46).
ثم قال في القرآن: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} (المائدة: 48) ثم بشرهم بنبي آخر الزمان الذي سيختم الله به الرسالات فقال: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (الصف: 6).
فساق لهم بشارة عظيمة، وأخبرهم أن هذا الرسول المبشر به رسول عظيم، وأن اسمه أحمد، ولرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عدة أسماء منها أنه أحمد، أي: أحمد الحامدين، وذلك لتتناقل الأجيال من بعد عيسى هذه البشارة، حتى إذا ما أذن الله ببعثته، كان عليهم أن يؤمنوا به، وفي الإيمان به عزة ونجاة.
وقد ذكر الله في كتابه أن كل رسول أرسله الله أوصى أمته أن تؤمن بالنبي الخاتم وأن تنصره؛ إعلاءً للحق وتأييدًا لدين الله، قال عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ