المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسلك الأنبياء في تبليغ رسالة ربهم - التفسير الموضوعي ٢ - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال الأخلاق في القرآن الكريم

- ‌التعريف بالتفسير الموضوعي

- ‌الأخلاق في القرآن الكريم

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الدرس: 2 مفهوم العلة

- ‌الصفح" و"العفو" في معاجم اللغة

- ‌كلمة الصفح في القرآن الكريم

- ‌العفو في السنة المشرفة

- ‌الدرس: 3 الإحسان إلى الوالدين

- ‌معنى كلمتي الإحسان والبر

- ‌الإحسان إلى الوالدين في القرآن الكريم

- ‌الإحسان إلى الوالدين في السنة المشرفة

- ‌الدرس: 4 إكرام الضيف

- ‌معنى كلمة الضيف

- ‌حقوق وإكرام الضيوف في القرآن الكريم

- ‌حقوق وإكرام الضيوف في السنة المشرفة

- ‌إكرام الضيف عند الإمام الغزالي

- ‌الدرس: 5 التغاضي عن الجار ومواساته

- ‌المقصود بكل من: التغاضي - الجار - المواساة

- ‌المواساة بين الجيران من خلال السنة الشريفة وأقوال العلماء

- ‌الدرس: 6 الأخلاق في القرآن الكريم (1)

- ‌الإيثار في كتب اللغة

- ‌الإيثار في السنة وأقوال العلماء

- ‌الدرس: 7 الأخلاق في القرآن الكريم (2)

- ‌الصدق في اللغة

- ‌الصدق في القرآن الكريم والسنة المطهرة

- ‌أهل الصدق في القرآن

- ‌الدرس: 8 الآداب الاجتماعية في القرآن الكريم

- ‌تعريف الأسرة

- ‌الأسس التي بنى عليها الإسلام العلاقة الأسرية

- ‌الدرس: 9 عشرة الرجل مع أهله

- ‌المقصود بالعشرة

- ‌بداية العشرة الزوجية

- ‌الحقوق المشتركة بين الزوجين

- ‌الدرس: 10 الأحكام عند سوء العشرة أو الافتراق

- ‌الأسباب التي أدت إلى سوء العشرة

- ‌الحلول القرآنية للمشكلات الزوجية

- ‌الدرس: 11 أهمية القصة في القرآن الكريم

- ‌المقصود بالقصة وأمثلة لها في القرآن الكريم

- ‌قصة موسى، والدروس المستفادة من قصص القرآن

- ‌الدرس: 12 قصة أصحاب الكهف

- ‌الفرق بين تناول القصة في التفسير الموضوعي، وتناولها في الفن القصصي

- ‌قصة أصحاب الكهف وما فيها من العظات والعبر

- ‌الدرس: 13 قصة صاحب الجنتين

- ‌موقع القصة من الآيات التي سبقتها والآيات التي ستلحقها

- ‌قصة صاحب الجنتين

- ‌الدرس: 14 قصة موسى والخضر

- ‌بين يدي قصة موسى والخضر

- ‌رحلة البحث عن العبد الصالح

- ‌رحلة الأسرار مع العبد الصالح

- ‌علم الله المكنون وكشف الأسرار

- ‌الدروس المستفادة من قصة موسى والخضر

- ‌الدرس: 15 قصة يوسف مع امرأة العزيز

- ‌بين يدي قصة يوسف عليه السلام

- ‌أحداث القصة

- ‌يوسف مع امرأة العزيز

- ‌الدرس: 16 قصة أصحاب الجنة

- ‌وجه ارتباط قصة أصحاب الجنة بمطلع السورة

- ‌أصحاب الجنة، وعاقبة فعلهم

- ‌الدرس: 17 الأمثال في القرآن الكريم، وتأثيرها على السامعين

- ‌المثل؛ تعريفه، وأهميته، وفوائده

- ‌أمثلة ضربها الله في القرآن في للكافرين، والمشركين، والمنافقين

- ‌أمثلة ضربها الله في القرآن للدنيا

- ‌الدرس: 18 منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله

- ‌الحكمة من خلق الإنسان

- ‌مسلك الأنبياء في تبليغ رسالة ربهم

- ‌الدرس: 19 أوصاف الداعية في القرآن ومسلكه في دعوته

- ‌أهم صفات الداعية

- ‌كيف ينجح الداعية في دعوته

- ‌الدرس: 20 دعوة نوح عليه السلام

- ‌التعريف بنوح عليه السلام ودعوته

- ‌رد قوم نوح عليه وكيفية استقبالهم لدعوته

- ‌الدرس: 21 دعوة إبراهيم وموسى عليهما السلام

- ‌دعوة إبراهيم عليه السلام

- ‌دعوة موسى عليه السلام

- ‌الدرس: 22 دعوة عيسى ومحمد عليهما السلام

- ‌دعوة عيسى عليه السلام

- ‌دعوة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌مسلك الأنبياء في تبليغ رسالة ربهم

‌مسلك الأنبياء في تبليغ رسالة ربهم

فكيف سلك الأنبياء الطريق حتى بلّغوا رسالة ربهم، ووصلوا إلى قلوب وعقول الحائرين في متاهات الباطل، فدلوهم على طريق السعادة في الدنيا والآخرة، بيان هذا الطريق والحديث عن هذا المنهج يحتاج أن نقف على كل ما أتى به الأنبياء في دعوتهم للناس؛ لنرى كيف استطاعوا إقناع أممهم بالانتقال من الكفر إلى الإيمان، ومن سوء الأخلاق إلى محاسنها، وكيف رغّبوهم في عبادة ربهم بالصلاة والصيام والزكاة وألوان الأذكار، وكيف جعلوهم يأخذون بشريعة الله في حياتهم، وهذا يعني الإشارة إلى ما جاء في كتاب الله في ذلك كله، وهذا أمر يصعب تحقيقه، لما يحتاج إليه من الوقت، ونحن نريد أن نقف على كيف نجح الرسل في تبليغ رسالة ربهم، فيكفينا في ذلك أن نشير إلى الأدلة أو إلى بعضها، ولا نفصّل في ذلك إلّا بما يقتضيه المقام.

وبداية الطريق أن العقائد وما يترتّب عليها من أعمال لا تأتي بالإكراه، ولهذا قال تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة: 256) وأن الإقناع ينبع من قوة الحجة ونصاعة البرهان، يحمل ذلك إلى الناس رجلٌ له من المؤهلات ما يجعله مَحَلّ القبول، وقد كان الرسل عليهم السلام على أعظم ما يكون الإنسان خلقًا وخلقًا، فهم من أشراف قومهم، ليس بواحد منهم عيب منفر ولا خلق سيء، إنما هم أكمل الناس أدبًا وأمانة وصدقًا وإخلاصًا، ولذلك جاء كل رسول يقول لقومه:{إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} (الشعراء: 107)، ذكر الله بعض من قال ذلك في سورة "الشعراء"، وفي "الأعراف"، وفي "الدخان"، ولذلك كان أهل مكة يلقِّبون رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بالصادق الأمين.

ص: 327

فلنتأمّل كيف تمَّ غرس شجرة التوحيد في وجدان وقلب من لا يدينون بدين وهم الملحدون، ومن يعبدون الأصنام والأوثان والكواكب والمخلوقات الأخرى، في تاريخ الدنيا نبت نبات خبيث هو الإلحاد، ومعناه: إنكار وجود إله خالق لهذا الوجود، قال تعالى:{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (الجاثية: 24) كما كان هناك فريق آخر اعترف بالله خالقًا رازقًا يحيي ويميت، ولكن هذا الفريق صرف عبادته وطاعته لأصنام أو أوثان أو أحجار أو ما إلى ذلك، وادّعى أن هذه المعبودات وسائط تقربه إلى الله زلفى، فمع أنه وحَّد الله في ربوبيته، إلا أنه أشرك به في ألوهيته وفي أسمائه وصفاته.

فكيف اقتلع الأنبياء بذرة هذا الإلحاد وذلك الشرك؟:

حين ذكر الله هؤلاء الذين قالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر قال: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} (الجاثية: 24) فبيّن أنهم جهلة لا يدركون حقائق الأشياء، ولا ما يقتضيه النظر الصحيح، من أنه لا بد للخلق من خالق، وللسبب من مسبِّب، وللوجود من موجِد، وأن هذا الكون بما فيه من إحكام وإتقان، بل كل ذرة فيه تحمل من عجائب الخلق ما لا تحيط به العبارات، وكل ذلك يدل على إله متّصف بصفات الكمال والجلال، والمقام لا يتسع لذكر ما قال العلماء في الرد على من قال بأنّ هذا الكون قد وُجِد بالصدفة، فنكتفي ببعض ما ذكره العلامة "نيوتن" أعظم علماء الطبيعيات، يقول: "لا تشكوا في الخالق؛ لأنه مما لا يعقل أن تكون الضرورة وحدها هي قائدة الوجود؛ لأن ضرورة عمياء متجانسة في كل مكان وزمان؛ لا يتصور أن يصدر منها هذا التنوع في الكائنات، ولا هذا الوجود كله بما فيه من ترتيب أجزائه وتناسبها مع

ص: 328

تغيرات الأزمنة والأمكنة، بل إن هذا كله لا يعقل أن يصدر إلّا من كائن أزلي له حكمة وإرادة".

ويقول: "إن من المحقق أن الحركات الحالية للكواكب لا يمكن أن تنشأ من فعل الجاذبية العامة؛ لأن هذه القوى تدفع الكواكب نحو الشمس، فيجب لكي تدور هذه الكواكب حول الشمس أن توجَد يد إلهية تدفعها على الخط المماس لمداراتها".

ويقول: "يجب وجود سبب عرف هذه المواد، وقارن بين كميات المادة الموجودة في الأجرام السماوية المختلفة، وأدرك ما يجب أن يصدر منها من القوة الخارقة، وقدّر المسافات المختلفة، وأدرك ما يجب أن يصدر منها من القوة الخارقة، وقدّر المسافات المختلفة بين الكواكب والشمس، وبين توابعها، وقدّر السرعة التي يمكن أن تدور بها هذه الكواكب وتوابعها حول أجسام تصلح أن تكون مركزًا لها".

ويقول: "كيف تكونت أجسام الحيوانات بهذه الصناعة البديعة، ولأيّ المقاصد وضعت أجزاؤها المختلفة، وهل يعقل أن تصنع العين الباصرة بدون علم بأصول الإبصار ونواميسه، والأذن بدون إلمامٍ بقوانين الصوت، كيف يحدث أن حركات الحيوانات تتجدّد بإرادتها، ومن أين جاء هذا الإلهام الفطري في نفوس الحيوانات، فهذه الكائنات كلها في قيامها على أبدع الأشكال وأكملها، ألَا تدل على وجود إله منزَّه عن الجسمانية، حيّ حكيم، موجود في كل مكان، يرى حقيقة كل شيء في ذاته، ويدرك أكمل إدراك".

هذا بعض ما قاله هؤلاء العلماء، وآيات القرآن وهي تعرض عجيب صنع الله في خلقه، إنما ترشد هؤلاء الحيارى الذين يعيشون في الأوهام، إلى أنّ من صنع ذلك لا بد أن يكون إلهًا موجودًا،

ص: 329

فكيف تنكره العقول، ومن هذه الآيات الكثيرة ما تقرؤه في سورة "الأنعام"، من قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (الأنعام: 95 - 97)، إلى أن يقول:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الأنعام: 102، 103).

وإذا كان الإلحاد قد انحصر في أفراد قلائل في البيئة العربية التي نزل فيها القرآن، فإن الشرك بالله كان عقيد سائدة في العرب وفي غير العرب، على اختلاف المعبودات التي كانت تعبد في أنحاء الأرض، وقد سلك الرسل كل الطرق لنزع هذه الجرثومة من الفطرة الإنسانية، ولردِّ الناس إلى طريق الرشاد، وخلاصة هذا المنهج الذي سلكوه: الانتقال من توحيد الربوبية إلى توحيد الألوهية وتوحيد الإله في أسمائه وصفاته، وفي بيان ما عليه معبوداتهم من الضعف والعجز، مما لا يمكن إنكاره، وقد أتى كل رسول يأمر قومه بعبادة الله وحده، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 25).

وأنت تقرأ في "الأعراف" كلمة يذكرها نوح وهود وصالح وشعيب، هي قول كل منهم:{يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (المؤمنون: 23) وهي كلمة قالها كل نبي لقومه، وجاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وذكر الله له فيما أوحاه إليه أدلة إثباتها، بعد أن ذكَّر بأن محمدًا في هذا يكمل مسيرة المرسَلين من قبله، في دعوة الإنسانية إلى عبادة الله الواحد الأحد.

ص: 330

وفي ذلك تقرأ الآيات التي تأخذ من المشركين اعترافهم بالله خالقًا ورازقًا، تسبّح له السموات السبع والأرض ومن فيهن، وبيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، لتعيب على هؤلاء المشركين انصرافهم عن عبادة هذا الإله إلى غيره من آلهة لا تضر ولا تنفع، اقرءوا في ذلك ما ذكره الله في سورة يونس، من قول الله تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (يونس: 31، 32) وما بعدها من آيات.

واقرءوا في سورة "المؤمنون" بعد أن بيّن ربنا وذكر بما لا خلاف عليه من أنه هو الذي أنشأ لهم السمع والأبصار والأفئدة، وأنه هو الذي أوجدهم في هذه الأرض، وأنه هو الذي يحيي ويميت، وله اختلاف الليل والنهار، وفي كلِّ أمر من هذه الأمور يعقِّب بما يدعوهم إلى شكره والخوف منه، والتدبر في آياته، يقول لهم:{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (المؤمنون: 84 - 90).

ثم يثبت وحدانيته بأجلى برهان فيقول: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (المؤمنون: 91، 92).

واقرءوا في سورة "النمل" قول الله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ * أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً

ص: 331

فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (النمل: 59 - 64).

اقرءوا هذه الآيات لتروا كيف ينتقل الحق بهم في أسلوب لا يحتمل الجدال، من تسليمهم بما ذكر في كل آية ليسألهم سؤال تقرير وإنكار: أإله مع الله، أإله مع الله، ولو كانوا يريدون البحث عن الحق لما توقفوا ولقالوا: لا إله إلا الله، كما قالوا: لا رب إلا الله، إلى غير ذلك من الآيات التي تأخذ بأيديهم من توحيد الربوبية إلى توحيد الألوهية، والتي تستتبع توحيد هذا الإله في أسمائه وصفاته.

وهذا الإله الواحد الأحد المتّصف بصفات الجلال والكمال، لم يخلق الناس عبثًا، إنما خلقهم لعبادته، ويترتب على ذلك رجوعهم إليه ليحاسبهم {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7، 8)، وقد استبعد الكفار من الملحدين والمشركين ذلك، وقال الملحدون: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلّا الدهر، بل إن المشركين قالوا ذلك أيضًا، وقالوا: هذا شيء عجيب، أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (النمل:67، 68) فوقفوا بهذا الاعتقاد على عتبة الحياة الدنيا، وظنوا أن الحياة

ص: 332

تنتهي بالموت، وأنهم إذا ماتوا فلا شيء وراء ذلك، فكيف استطاع رسل الله أن يقتلعوا هذه العقيدة الفاسدة من قلوب وعقول هؤلاء الضالين.

في القرآن ترى أنّ الله يبين أنه لم يخلق خلقه عبثًا {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} (المؤمنون: 115) وليس من الحكمة أن يخلق الله الخلق، وبمجرد أن تنتهي حياتهم في هذه الدنيا ويموتون، ينتهي كل شيء، فلا حساب ولا جزاء؛ إذ كيف يكون الموت نهاية قصة الإنسان على هذه الأرض، وهناك الظالم والمظلوم، والكافر والمؤمن، والطائع والعاصي، وهناك التفاوت في حظوظ هذه الدنيا وفي عطاءات الله لخلقه، هناك من يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، تستقبله نعم الله وأفضاله فيحيى منعّمًا، وآخر وُلِد على فراش الجوع والمسغبة، بل ربما ولد لا يعرف له أبًا ولا أمًا، وهناك من رزقه الله الصحة والعافية والأبناء الأصحاء، وآخر حُرِم من ذلك، والكل يموت، فهل في عدل الله أن يترك هؤلاء جميعًا لا يحاسبهم بعد أن يغادروا هذه الحياة الدنيا.

لقد بدأ علاج هذا الاعتقاد الخاطئ بسؤال الكافرين عمّن خلقهم، وعمّن خلق السموات والأرض، وهم لا ينكرون بأن الله هو الخالق وهو الرازق، يقول تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (العنكبوت: 61) ويقول: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (العنكبوت: 63)، وقال في "لقمان" و"الزمر":{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (لقمان: 25)، وقال في "الزخرف":{لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} (الزخرف: 9)، وفيها:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (الزخرف: 87)، ويعقب على هذه الآيات بقوله:{فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (الزخرف: 87)، أو {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (العنكبوت: 63)، أو {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (لقمان: 25).

ص: 333

وما داموا قد سلموا بأن الله هو الذي خلقهم، وهو الذي خلق السماوات والأرض، فلا بد أن يسلموا بأنه إنما خلقهم لغاية، هي أن يؤدّوا حق استخلافهم في أرضه وفق ما أوحى لأنبيائه، وبعد انقضاء مدة بقائهم في الدنيا ينتقلون للآخرة للحساب والجزاء، وهذا هو ما يعبَّر عنه في القرآن بالرجوع إلى الله وبلقاء الله، وإذا كان العقل يسلِّم بهذه الحقيقة، ويقول بأنه لا بد من البعث والحساب، فإن القرآن أفاض في بيان ذلك حتى لم يبق حجة لأحد، ولا عذرًا لمعتذر، وهذه بعض أدلته يسوقها سهلة تختلط بالعقل والمشاعر، وتشع نورًا يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم.

اقرءوا بعض ما ذكره الله في سورة "الروم" من قوله: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (الروم: 11)، وما بعدها من بيان حال المجرمين والكافرين والمكذبين بآيات الله ولقائه، وحال المؤمنين الذين عملوا الصالحات، وتأمّلوا في إثبات ذلك قوله في السورة:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 19 - 21) إلى أن يقول: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} (الروم: 25) إلى أن يقول: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (الروم: 27)، وليس هناك كما تعلمون بالنسبة لقدرة الله هيّن وأهون، فأمره بين الكاف والنون {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس: 82) ولذلك قال: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الروم: 27).

وتتواصل أدلة القرآن في السورة سورة "الروم"، فترى منها قوله:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الروم: 40)، وإذا كان المشركون لا يمارون

ص: 334

في الثلاثة الأولى: الخلق والرزق والإماتة، فلا بد لهم أن يسلّموا بالأمر الرابع وهو إحياؤهم بعد الموت للحساب والجزاء، كما تلمح في قوله في السورة:{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الروم: 50) فقد أخذ من هذه الصورة التي يرونها بين أيديهم، في أرض خالية من النبات، سماها بالأرض الميتة، وضعت فيها البذور ونزلت عليها أمطار السماء، أو سقيت بماء الأنهار أو العيون، وهو في أصله ماء السماء، فإذا بهذه الأرض ترفّ خضرة وبهجة ورواءً، ثم حان موعد حصادها فحصدت، فمن الذي أحياها بعد موتها {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (الواقعة: 64)، فمن فعل ذلك هو الإله القادر على أن يحيي الموتى، ويهدّد رب العزة والجلال المنكرين لهذه الحقيقة فيقول:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} (الروم: 55 - 57).

وقريب من ذلك ما تقرءونه في سورة "ق"، بعد أن ذكر الله استبعاد المشركين للبعث، بحجة أن أجسادهم تفرقت في ذرّات التراب، فكيف تجمع وتعود إليها الحياة، فرد عليهم الإله القوي القادر بقوله:{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} (ق: 4) ثم أخذ يسائلهم ويتعجب من غفلتهم فيقول: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} (ق: 6 - 11).

ص: 335

وفي الآيات التي تتحدث عن مشاهد يوم القيامة، وما يكون فيه من فوز المؤمنين وخسارة الكافرين، وما فيه من تأنيب للكافرين لجهلهم ونسيانهم لربهم وعنادهم، وما يكون هناك من تلاوم بين المستكبرين والمستضعفين، في ذلك كله إثبات ليوم البعث والحشر والحساب والجزاء واليوم الآخر، وهو منهج إلهي ذكره الله في كتابه وتلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسماع الناس، واستمرّ يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، وعلّمه للمسلمين فكان منهجهم في الدعوة إلى الله، كما كان منهج رسولهم، وفي تكرار الآيات بما فيها من روعة البيان الذي أعجز الفصحاء والبلغاء ما يفتح الطريق للقلوب لتستجيب لهذا النداء.

وإذا نجح الرسل في إقناع الناس بأنّ الله هو الإله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وإذا استطاعوا أن يفتحوا الطريق للإيمان بما يتبع ذلك من الإيمان بأن الله له ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأنه أرسل رسلًا وأنزل عليهم كتبًا فيها هدى ونور، وأن هناك بعد هذه الحياة حياة أخرى يجزى فيها المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، إذا نجح الرسل في ذلك انتقلوا بالمؤمنين إلى آفاق رحيبة، في خطة تشمل عدة جوانب، جانب البناء الأخلاقي، وجانب التعبد للإله الذي آمنوا به، وجانب التعامل مع الآخرين، إلى جوانب أخرى في العلاقات الاقتصادية والسياسية والإنسانية والدولية، وكل ذلك وفق منهج مرسوم واضح السمات والقسمات والأبعاد، لا يضل ولا يختلط بغيره، في بيان جليّ، من أخذ به سعد وأجر، ومن تركه متجبرًا متكبرًا، يظن أنه يستطيع أن يرسم حياته بنفسه وأن يخطط لوجوده في هذه الأرض بعيدًا عن وحي السماء، من فعل ذلك قصمه الله كما جاء ذلك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ص: 336