الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَقًّا فَقَدْ قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ هُوَ نَقِيضَهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ. فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَمْ يَخْرُجِ الْحَقُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
[قول الراوندية بالنص على خلافة العباس]
وَأَيْضًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالنَّصِّ هُوَ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ لِلشِّيعَةِ، فَإِنَّ الرَّاوَنْدِيَّةَ (1) تَقُولُ بِالنَّصِّ عَلَى الْعَبَّاسِ كَمَا قَالُوا هُمْ بِالنَّصِّ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ: " وَاخْتَلَفَ الرَّاوَنْدِيَّةُ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ، وَأَعْلَنَ ذَلِكَ وَكَشَفَهُ وَصَرَّحَ بِهِ، وَأَنَّ الْأُمَّةَ جَحَدَتْ (2) هَذَا النَّصَّ وَارْتَدَّتْ وَخَالَفَتْ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (3) عِنَادًا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ النَّصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ "(4) يَعْنِي هُوَ نَصٌّ خَفِيٌّ.
فَهَذَانِ قَوْلَانِ لِلرَّاوَنْدِيَّةِ كَالْقَوْلَيْنِ لِلشِّيعَةِ، فَإِنَّ الْإِمَامِيَّةَ تَقُولُ: إِنَّهُ نَصَّ عَلَى [عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]رضي الله عنه (5) مِنْ طَرِيقِ التَّصْرِيحِ وَالتَّسْمِيَةِ
(1) سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ مِنْ قَبْلُ ص 14 ت 4 إِلَى الرَّاوَنْدِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَإِلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَشْعَرِيُّ عَنْهُمْ فِي الْمَقَالَاتِ 1/94، وَالرَّازِيُّ فِي اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، ص 63. وَسَيَرِدُ بَعْدَ قَلِيلٍ كَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ عَنْهُمْ فِي الْفِصَلِ 4/154.
(2)
أ، ب: كَفَرَتْ.
(3)
أ، ب: أَمْرَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
(4)
يَقُولُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِهِ " الْمُعْتَمَدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ " ص 223: " وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ الرَّاوَنْدِيَّةِ إِلَى أَنَّ النَّصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ".
(5)
ن، م: عَلِيٍّ رضي الله عنه، أ، ب: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِي فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. وَالزَّيْدِيَّةُ (1) تُخَالِفُهُمْ فِي هَذَا.
ثُمَّ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» (2) ، «وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» (3) ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ النَّصِّ
(1) ن، م: وَالرَّاوَنْدِيَّةُ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الزَّيْدِيَّةِ (انْظُرْ مَثَلًا: ص [0 - 9] 4 - 35؛ وَانْظُرْ ت 9 ص 35) وَانْظُرْ عَنْهُمْ أَيْضًا: مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/129 - 141؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/137 - 143؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 19، 22 - 25.
(2)
الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/297 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. . .) وَنَصُّهُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. . قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ أَوْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - شَكَّ شُعْبَةُ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فِعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. وَأَبُو سَرِيحَةَ هُوَ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ". وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى " مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ " لِلتَّبْرِيزِيِّ 3/243، وَعَلَّقَ عَلَى عِبَارَةِ، شَكَّ شُعْبَةُ. بِقَوْلٍ:" قُلْتُ: وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ زَيْدٍ بِدُونِ شَكٍّ ". كَمَا صَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 5/353، وَالْحَدِيثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/45 (الْمُقَدِّمَةُ، فَضْلُ عَلِيٍّ. . .) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: الْأَرْقَامُ: 641 (ضَعَّفَ أَحْمَد شَاكِر سَنَدَهُ) ، 950، 951، 952، 961، 964 (ضَعَّفَ أَحْمَد شَاكِر سَنَدَهُ) ، 1310، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، رَقْمُ 3062، (ط. الْحَلَبِيِّ) عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه 4/281، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه 4/368، 370، 372، 372 - 372، عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه 5/361، عَنْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ 5/366، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ 5/370، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ مَعَ طَائِفَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ 5/419، وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ " فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ " لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (تَحْقِيقُ وَصِيِّ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ)، إِصْدَارُ جَامِعَةِ أُمِّ الْقُرَى 1403/1983) الْأَرْقَامُ: 947، 959، 1007، 1021، 1048، 1167، 1177، 1206.
(3)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 5/19 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . .، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ؛ مُسْلِمٍ 4/1871 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/301 - 302 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ؛ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/42 - 43، 45 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَضْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. .) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/97. وَالْحَدِيثُ فِي " فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ " الْأَرْقَامُ: 954، 957، 1030، 1045، 1091، 1143، 1153.
الْخَفِيِّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى تَأَمُّلٍ لِمَعْنَاهُ. وَحُكِيَ عَنِ الْجَارُودِيَّةِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ (1) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ بِصِفَةٍ لَمْ تَكُنْ تُوجَدُ إِلَّا فِيهِ، لَا مِنْ جِهَةِ التَّسْمِيَةِ.
فَدَعْوَى الرَّاوَنْدِيَّةِ فِي النَّصِّ مِنْ جِنْسِ دَعْوَى الرَّافِضَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْإِمَامِيَّةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ.
قَالَ [أَبُو مُحَمَّدِ] بْنُ حَزْمٍ (2) " اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْإِمَامَةَ (3) لَا تَكُونُ (4) إِلَّا فِي صَلِيبَةِ قُرَيْشٍ (5)، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ جَائِزَةٌ فِي
(1) ن، م: الْجَارُودِيَّةِ وَالزَّيْدِيَّةِ. وَهُوَ خَطَأٌ. وَالْجَارُودِيَّةُ هُمْ مِنْ فِرَقِ الزَّيْدِيَّةِ وَيَنْتَسِبُونَ إِلَى مَنْ يُعْرَفُ بِأَبِي الْجَارُودِ. انْظُرْ عَنْ مَذْهَبِهِمْ: مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/133 - 135؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلُ 1/140 - 141؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، 22 - 24.
(2)
ن، م: ابْنُ حَزْمٍ. وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ف) 4/154. وَأَوَّلُهُ فِي (ف) : وَاخْتَلَفَ.
(3)
ن: الْإِمَامِيَّةَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
ف: لَا تَجُوزُ.
(5)
ف 4/154: صُلْبَةِ؛ أ، ب: صِبْيَةِ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي (ن) ، (م) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي قُرَشِيٍّ خَالِصِ النَّسَبِ. وَفِي " أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ " لِلزَّمَخْشَرِيِّ، مَادَّةِ:" صَلَبَ ": عَرَبِيٌّ صَلِيبٌ: خَالِصُ النَّسَبِ.
جَمِيعِ وَلَدِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ (1) ؛ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورِ الْمُرْجِئَةِ (2) وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَجُوزُ الْخِلَافَةُ إِلَّا فِي وَلَدِ الْعَبَّاسِ [بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ](3) ، وَهُمُ الرَّاوَنْدِيَّةُ (4) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَجُوزُ [الْخِلَافَةُ](5) إِلَّا فِي وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (6) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تَجُوزُ [الْخِلَافَةُ](7) إِلَّا فِي وَلَدِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (8)(* ثُمَّ قَصَرُوهَا (9) عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ *) (10) . وَبَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ كَانَ
(1) ف: فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ فَقَطْ.
(2)
ن، م: جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ.
(3)
بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
ف: وَهُوَ قَوْلُ الرَّاوَنْدِيَّةِ.
(5)
الْخِلَافَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
ن، م: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.
(7)
الْخِلَافَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8)
ن، م: جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.
(9)
ف: ثُمَّ قُصُورُهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(10)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) . وَتَرْجَمَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي لِسَانِ الْمِيزَانِ 3/363 - 365، وَفِيهَا (ص 364) : قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِهِ: قَدِمَ الْمَدَايِنَ مُتَغَلِّبًا عَلَيْهَا أَيَّامَ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمَعَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، فَبَقِيَ مِنْ سَنَةِ (28) إِلَى انْقِضَاءِ سَنَةِ (29)، ثُمَّ هَرَبَ إِلَى خُرَاسَانَ فَسَجَنَهُ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى أَنْ مَاتَ مَسْجُونًا سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ. ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنِ ابْنِ حَزْمِ قَوْلَهُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ رَدِيَّ الدِّينِ مُعَطِّلًا يَصْحَبُ الدَّهْرِيَّةَ.
يَقُولُ: لَا تَجُوزُ الْخِلَافَةُ إِلَّا لِبَنِي (1) عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً، وَيَرَاهَا فِي جَمِيعِ وَلَدِ (2) عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُمْ: أَبُو طَالِبٍ وَأَبُو لَهَبٍ وَالْعَبَّاسُ وَالْحَارِثُ (3) ".
قَالَ (4) : " وَبَلَغَنَا (5) [عَنْ رَجُلٍ كَانَ بِالْأُرْدُنِّ يَقُولُ: لَا تَجُوزُ الْخِلَافَةُ إِلَّا فِي بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ (6) ، وَكَانَ لَهُ (7) فِي ذَلِكَ تَأْلِيفٌ مَجْمُوعٌ ".
قَالَ (8) : " وَرَأَيْنَا (9) كِتَابًا مُؤَلَّفًا لِرَجُلٍ مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (10) يَحْتَجُّ فِيهِ أَنَّ (11) الْخِلَافَةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا فِي وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ خَاصَّةً (12) "، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى تَنَازُعِ النَّاسِ فِي الْإِمَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ أَقْوَالَ الرَّافِضَةِ مُعَارَضَةٌ بِنَظِيرِهَا، فَإِنَّ دَعْوَاهُمُ النَّصَّ عَلَى عَلِيٍّ، كَدَعْوَى أُولَئِكَ النَّصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِالِاضْطِرَارِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ شَيْئًا مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ،
(1) ف: إِلَّا فِي بَنِي.
(2)
أ، ب: بَنِي.
(3)
ف وَالْحَارِثُ وَالْعَبَّاسُ، وَهُمْ عُمُومُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ، وَأَبُو لَهَبٍ هُوَ عَبْدُ الْعُزَّى. . سِيرَةَ ابْنِ هِشَامٍ 1/113، طَبْعَةُ مُصْطَفَى الْحَلَبِيِّ، الْقَاهِرَةُ، 1355/1936.
(4)
بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً.
(5)
بَعْدَ كَلِمَةِ " وَبَلَغَنَا " يُوجَدُ سَقْطٌ كَبِيرٌ فِي (ن) سَنُشِيرُ إِلَى نِهَايَتِهِ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
(6)
ف: إِلَّا فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ؛ م: إِلَّا فِي أَوْلَادِ عَبْدِ شَمْسٍ.
(7)
عِنْدَ عِبَارَةِ " وَكَانَ لَهُ " يَبْدَأُ سَقْطٌ كَبِيرٌ فِي (م) وَيَنْتَهِي مَعَ نِهَايَةِ سَقْطِ (ن) .
(8)
بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً.
(9)
ف: وَرَوَيْنَا.
(10)
ف: بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.
(11)
ف: بِأَنَّ.
(12)
ف: إِلَّا لِوَلَدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما.
وَإِنَّمَا ابْتَدَعَهُمَا أَهْلُ الْكَذِبِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُهُ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُ الدِّينِ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ يَدْعُوَانِ هَذَا وَلَا هَذَا، بِخِلَافِ النَّصِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَسَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَصْلَ الْخِطَابِ فِي هَذَا الْبَابِ.
لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ لَهُمْ أَدِلَّةً وَحُجَجًا مِنْ جِنْسِ أَدِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّينَ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ، وَيَكْفِيكَ أَنَّ أَضْعَفَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ اسْتِدْلَالُهُمْ بِتَسْمِيَتِهِ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالنَّصِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ.
وَأَيْضًا، فَقَدْ رَوَى ابْنُ بَطَّةَ (1) بِإِسْنَادِهِ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَسْلَمَ الْكَاتِبُ (2) ، حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ (3) ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ (4) حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ (5) ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ الزُّبَيْرِ
(1) الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 387، وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (ص 61 ت [0 - 9] ) .
(2)
لَمْ أَجِدْهُ فِيمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ الْمَرَاجِعِ.
(3)
أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ 249، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 2/318 - 319؛ الْأَنْسَابِ لِلسَّمْعَانِيِّ، ص 274؛ اللُّبَابِ فِي تَهْذِيبِ الْأَنْسَابِ 1/502.
(4)
الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 206، وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ (ص 60 ت 4) .
(5)
تَرْجَمَتُهُ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/5 - 6. وَفِيهَا: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: شَدِيدُ التَّدْلِيسِ، فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا، فَهُوَ ثَبْتٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. . وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مُسْتَقِيمَةً، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 164 أَوْ 165 أَوْ 166 عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ (شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/259 - 260) فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ 164. وَذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ 1/188.
الْحَنْظَلِيَّ (1) إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: أَوَفِي شَكٍّ صَاحِبُكَ؟ نَعَمْ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اسْتَخْلَفَهُ، لَهُوَ أَتْقَى مِنْ أَنْ يَتَوَثَّبَ عَلَيْهَا. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: اسْتِخْلَافُهُ هُوَ أَمْرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَ الْحَسَنِ اسْتِخْلَافًا ".
قَالَ: " وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (2) حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (3) ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ (4) . حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ
(1) مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ التَّمِيمِيُّ الْحَنْظَلِيُّ الْبَصْرِيُّ: فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/57: عَنْ أَبِيهِ، وَالْحَسَنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. . . قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا شَيْءَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي حَدِيثِهِ إِنْكَارٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ أَيْضًا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 9/167؛ الْخُلَاصَةِ لِلْخَزْرَجِيِّ، ص 287.
(2)
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ بِنْتِ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ الْبَغَوِيُّ، أَوْرَدَ الذَّهَبِيُّ طَعْنَ ابْنِ عَدِيٍّ وَغَيْرِهِ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ دَافَعَ عَنْهُ وَقَالَ فِي آخِرِ تَرْجَمَتِهِ (مِيزَانَ الِاعْتِدَالِ 2) : قُلْتُ: الرَّجُلُ ثِقَةٌ مُطْلَقًا، وَانْظُرْ لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/338 - 341. وَقَدْ تُوُفِّيَ الْبَغَوِيُّ سَنَةَ 317. وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ ابْنِ بَطَّةَ. انْظُرْ طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 1/190 - 192، 2/144.
(3)
زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ الْحَرَشِيُّ أَبُو خَيْثَمَةَ النَّسَائِيُّ. تَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 3/342 - 344، وَفِيهَا: وَعَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَرَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ. . مَاتَ سَنَةَ 234.
(4)
يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ الْحَذَّاءُ الْخَزَّازُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 195، وَثَّقَهُ الْبَعْضُ وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ، تَرْجَمَتُهُ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/292؛ تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 11/226 - 227. وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 143 أَوْ 144 أَوْ 146. تَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 11/221 - 224. وَفِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ (تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 2) : وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ. . . وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْمَدِينِيِّ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْهُ فَقَالَ: فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ وَمُجَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، قَالَ: وَأَمْلَى عَلَى جَعْفَرٍ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ، يَعْنِي فِي الْحَجِّ
مُحَمَّدٍ (1) - 105، وَفِيهَا أَنَّهُ مَاتَ 148.، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ (3) قَالَ: وَلِيَنَا أَبُو بَكْرٍ فَخَيْرُ خَلِيفَةٍ أَرْحَمُهُ بِنَا وَأَحْنَاهُ عَلَيْنَا (4) . قَالَ: وَسَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ (5) يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ " (6) .
ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِالنَّصِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَنْ قَالَ بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى تَسْمِيَتِهِ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ
(1) جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْهَاشِمِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْمَعْرُوفُ بِجَعْفَرٍ الصَّادِقِ. قَالَ عَنْهُ الذَّهَبِيُّ (مِيزَانُ الِاعْتِدَالِ 1/192) : أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ بَرٌّ صَادِقٌ كَبِيرُ الشَّأْنِ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ. . . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ لَا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ. وَتَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 2
(2)
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ. . رَوَى عَنْ أَبِيهِ. . وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ. . قَالَ ابْنُ سَعِيدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ يَرْوِي عَنْهُ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ. . وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ (وَمِائَةٍ) - تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 9/350 - 352.
(3)
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَهِيَ أَشْهَرُ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. تَرْجَمَتُهُ فِي الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ 2/280 - 281.
(4)
هُنَا يَنْتَهِي سَقْطٌ كَبِيرٌ فِي (ن) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ بَعْدَ كَلِمَةِ: وَبَلَغَنَا (ص 504 س [0 - 9] ) . وَيُوجَدُ بَدَلًا مِنْهُ فِي (ن) هَذِهِ الْجُمْلَةُ: " قَالَ: وَبَلَغَنَا عَنِ الْحَسَنِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ ".
(5)
مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسِ بْنِ هِلَالِ بْنِ رَبَابٍ الْمُزَنِيُّ، أَبُو إِيَاسٍ الْبَصْرِيُّ. تَرْجَمْتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 10/216 - 217، وَفِيهَا: عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَكَذَا قَالَ الْعِجْلِيُّ وَالنِّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً وَلَهُ أَحَادِيثُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَالَ مَطَرٌ الْأَعْنَقُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: لَقِيتُ مِنَ الصَّحَابَةِ كَثِيرًا، مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ مُزَيْنَةَ. قَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ.
(6)
هُنَا يَنْتَهِي سَقْطُ (م) وَيُوجَدُ بَدَلًا مِنْهُ: " وَكَانَ لَهُ فِي الْحَسَنِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ ".
- صلى الله عليه وسلم قَالُوا (1) : وَالْخَلِيفَةُ إِنَّمَا يُقَالُ لِمَنِ اسْتَخْلَفَهُ غَيْرُهُ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْفَعِيلَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ (2) عَلَى أُمَّتِهِ.
وَالَّذِينَ نَازَعُوهُمْ فِي هَذِهِ الْحُجَّةِ قَالُوا: الْخَلِيفَةُ يُقَالُ لِمَنِ اسْتَخْلَفَهُ غَيْرُهُ، وَلِمَنْ خَلَّفَ غَيْرَهُ فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، كَمَا يُقَالُ: خَلَفَ فُلَانٌ فُلَانًا. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ (3) : " «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا» "(4) . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " «اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا» "(5) .
(1) ن، م: قَالَ.
(2)
ن، م: اسْتَخْلَفَهُ.
(3)
أ، ب: فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.
(4)
الْحَدِيثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 4/27 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا) ؛ مُسْلِمٍ 3/1506 - 1507 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ فَضْلِ إِعَانَةِ الْغَازِي. . . .) ؛ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/18 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/115، 116، 117، 5/193.
(5)
أ، ب: أَهْلِينَا. وَالْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ هُوَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ رضي الله عنه فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/161 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرًا) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ". وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/165 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ دَابَّةً) وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَافَرَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ كَبَّرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) . ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي سَفَرِي هَذَا. . . الْحَدِيثَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ". وَهَذَا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 9/138 - 139. وَجَاءَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ " فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي مُسْلِمٍ 2/978 (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ إِلَى سَفَرِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 9/185. وَمِنْهَا حَدِيثٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/160 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مُسَافِرًا) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 18/21 - 22، (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/433. وَمِنْهَا حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/87،، 255.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 165] . وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [سُورَةُ يُونُسَ: 14](1) وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 30] . وَقَالَ: {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [سُورَةُ ص: 26](2) ، أَيْ خَلِيفَةً عَمَّنْ قَبْلَكَ مِنَ الْخَلْقِ، لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ (3) خَلِيفَةٌ عَنِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ مِنَ اللَّهِ كَإِنْسَانِ الْعَيْنِ مِنَ الْعَيْنِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ الْقَائِلِينَ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ، كَصَاحِبِ " الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ "، وَأَنَّهُ الْجَامِعُ لِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى، وَفَسَّرُوا بِذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 31](4) وَأَنَّهُ مِثْلُ اللَّهِ الَّذِي نُفِيَ عَنْهُ
(1) فِي (ن) ، (م) وَرَدَ جُزْءٌ مِنْ أَلْفَاظِ الْآيَتَيْنِ فَقَطْ.
(2)
فِي (ن) ، (م) جَاءَ جُزْءٌ مِنَ الْآيَةِ حَتَّى قَوْلِهِ تَعَالَى. . فِي الْأَرْضِ.
(3)
ن، م: لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ.
(4)
هَذِهِ الْآرَاءُ يَذْكُرُهَا صَاحِبُ كِتَابِ " الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ "، وَهُوَ ابْنُ عَرَبِيٍّ فِي كِتَابِهِ " فُصُوصِ الْحِكَمِ "، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ أَبِي الْعُلَا عَفِيفِي، ص 49 - 51، الْقَاهِرَةِ، 1365/1946. حَيْثُ يَقُولُ:" فَسُمِّيَ هَذَا الْمَذْكُورُ إِنْسَانًا وَخَلِيفَةً، فَأَمَّا إِنْسَانِيَّتُهُ فَلِعُمُومِ نَشْأَتِهِ وَحَصْرِهِ الْحَقَائِقَ كُلَّهَا، وَهُوَ لِلْحَقِّ بِمَنْزِلَةِ إِنْسَانِ الْعَيْنِ مِنَ الْعَيْنِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ النَّظَرُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْبَصَرِ؛ فَلِهَذَا سُمِّيَ إِنْسَانًا. . فَظَهَرَ جَمِيعُ مَا فِي الصُّورَةِ الْإِلَهِيَّةِ مِنَ الْأَسْمَاءِ فِي هَذِهِ النَّشْأَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ فَحَازَتْ رُتْبَةَ الْإِحَاطَةِ وَالْجَمْعِ بِهَذَا الْوُجُودِ. . إِلَخْ ".