الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَادِرُ أَنْ يُرَجِّحَ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ، كَمَا فِي الْجَائِعِ مَعَ الرَّغِيفَيْنِ، وَالْهَارِبِ مَعَ الطَّرِيقَيْنِ.
وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ قَالُوا: نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُوجَدِ الْمُرَجِّحُ التَّامُّ لِأَحَدِ الْمِثْلَيْنِ امْتَنَعَ الرُّجْحَانُ، وَإِلَّا فَمَعَ التَّسَاوِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يُمْتَنَعُ الرُّجْحَانُ.
[تجويز المعتزلة والشيعة الترجيح بلا مرجح مكن الفلاسفة من القول بقدم العالم]
وَالْفَلَاسِفَةُ جَعَلُوا هَذَا (1) حُجَّةً فِي قِدَمِ الْعَالَمِ، فَقَالُوا: الْحُدُوثُ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ مُمْتَنَعٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا صَادِرًا عَنْ مُوجِبٍ بِالذَّاتِ.
وَكَانُوا أَضَلَّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ: مِثْلَ كَوْنِ قَوْلِهِمْ يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَحْدُثَ شَيْءٌ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ قَوْلَهُمْ يَتَضَمَّنُ أَنَّ الْمُمْكِنَاتِ لَا فَاعِلَ لَهَا، فَإِنَّ الْفِعْلَ بِدُونِ الْإِحْدَاثِ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَمِنْ جِهَةٍ (* أَنَّ فِي قَوْلِهِمْ مِنْ وَصْفِ اللَّهِ [تَعَالَى] (2) بِالنَّقَائِصِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ (3) ، وَمِنْ جِهَةِ *) (4) أَنَّ الْعَالَمَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَوَادِثِ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّ الْحَوَادِثَ مَشْهُودَةٌ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لَازِمَةً [لَهُ](5) أَوْ حَادِثَةً فِيهِ، وَالْمُوجِبُ بِالذَّاتِ الْمُسْتَلْزِمُ لِمَعْلُولِهِ لَا يَحْدُثُ عَنْهُ شَيْءٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْحَوَادِثِ فَاعِلٌ بِحَالٍ، وَهُمْ يُجَوِّزُونَ حَوَادِثَ لَا تَتَنَاهَى - كَمَا يُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ - وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ [شَيْءٍ](6) مِنَ الْعَالَمِ حَادِثًا.
(1) ن: هَذِهِ.
(2)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(3)
ا، ب وَصْفُهُ هُنَا
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(5)
لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
شَيْءٍ: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ، وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا.
وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ: [لَمْ يَزَلْ](1) مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ إِلَّا حَادِثًا مُعَيَّنًا (2) ، إِذْ كُلُّ فِعْلٍ [مُعَيَّنٍ](3) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِعَدَمِهِ، وَإِلَّا فَالْفَاعِلُ إِنْ (4) قُدِّرَ مُوجِبًا بِذَاتِهِ، لَزِمَهُ مَفْعُولُهُ وَلَمْ يَحْدُثْ عَنْهُ شَيْءٌ، هُوَ مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ. وَإِنْ قُدِّرَ غَيْرُ مُوجِبٍ بِذَاتِهِ، لَمْ يُقَارِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ (5) - وَإِنْ كَانَ دَائِمَ الْفِعْلِ - إِذْ كَانَ نَوْعُ الْفِعْلِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ.
وَأَمَّا الْأَفْعَالُ وَالْمَفْعُولَاتُ الْمُعَيَّنَةُ فَلَيْسَتْ لَازِمَةً لِلذَّاتِ، بَلْ كُلٌّ مِنْهَا مُعَلَّقٌ بِمَا قَبْلَهُ؛ لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ الْحَوَادِثِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ. فَالْفِعْلُ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا حَادِثًا يُمْتَنَعُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ أَجْزَائِهِ أَزَلِيًّا، بَلْ يُوجَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا.
وَأَمَّا الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا قَدِيمًا، فَهَذَا أَوَّلًا مُمْتَنَعٌ لِذَاتِهِ؛ فَإِنَّ الْفِعْلَ وَالْمَفْعُولَ الْمُعَيَّنَ (6) الْمُقَارِنَ لِلْفَاعِلِ مُمْتَنَعٌ، فَلَا يَحْدُثُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْقَدِيمَ إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ فِعْلٌ تَامٌّ لَزِمَهُ (7) مَفْعُولُهُ.
وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ قَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ (8) ، وَبَيَّنَّا
(1) لَمْ يَزَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(2)
مُعَيَّنًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(3)
مُعَيَّنٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
ا، ب: إِذَا.
(5)
ن: الْمَعْقُولَاتِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6)
ن، م: الْمُعَيَّنَ وَالْمُقَارِنَ.
(7)
ا، ب: لَزِمَ.
(8)
عِبَارَةُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
نِزَاعَ النَّاسِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ (1) مِنْهَا. وَإِنَّمَا كَانَ الْقَصْدُ هُنَا التَّنْبِيهَ عَلَى [أَصْلِ](2) مَسْأَلَةِ التَّعْلِيلِ، فَإِنَّ هَذَا الْمُبْتَدِعَ أَخَذَ يُشَنِّعُ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، فَذَكَرَ (3) مَسَائِلَ لَا يَذْكُرُ حَقِيقَتَهَا وَلَا أَدِلَّتَهَا، وَيَنْقُلُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْفَاسِدِ.
وَمَا يَنْقُلُهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ خَطَأٌ أَوْ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَمَا قُدِّرَ أَنَّهُ صَدَقَ فِيهِ عَنْ بَعْضِهِمْ، فَقَوْلُهُمْ فِيهِ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِ. فَإِنَّ غَالِبَ شَنَاعَتِهِ عَلَى الْأَشْعَرِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، وَالْأَشْعَرِيَّةُ خَيْرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ عِنْدَ كُلِّ مَنْ يَدْرِي مَا يَقُولُ، وَيَتَّقِي اللَّهَ فِيمَا يَقُولُ.
وَإِذَا قِيلَ: إِنَّ فِي كَلَامِهِمْ - وَكَلَامِ مَنْ قَدْ وَافَقَهُمْ (4) أَحْيَانًا مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ - مَا هُوَ ضَعِيفٌ، فَكَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ الضَّعِيفِ إِنَّمَا تَلَقَّوْهُ مِنَ (5) الْمُعْتَزِلَةِ، فَهُمْ أَصْلُ الْخَطَأِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَبَعْضُ ذَلِكَ أَخْطَئُوا فِيهِ لِإِفْرَاطِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي الْخَطَأِ، فَقَابَلُوهُمْ مُقَابَلَةً انْحَرَفُوا فِيهَا، [كَالْجَيْشِ الَّذِي يُقَاتِلُ الْكُفَّارَ فَرُبَّمَا حَصَلَ مِنْهُ إِفْرَاطٌ وَعُدْوَانٌ](6) ، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
(1) وَاحِدٍ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(2)
أَصْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
ن، م: يَذْكُرُ.
(4)
ا، ب: يُوَافِقُهُمْ وَبَعْدَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا تُوجَدُ صَفْحَةٌ كَامِلَةٌ مِنْ مُصَوَّرَةٍ (م) هِيَ ص 36 مِنْهَا وَسَأُنَبِّهُ عِنْدَ بِدَايَةِ ظ [0 - 9] 6 بِإِذْنِ اللَّهِ.
(5)
ا، ب: عَنْ.
(6)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .