الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْلِمِينَ كَالسَّامِرَةِ فِي الْيَهُودِ، وَمِثْلُ اسْتِعْمَالِهِمُ التَّقِيَّةَ (1) ، وَإِظْهَارِ خِلَافِ مَا يُبْطِنُونَ (2)[مِنَ الْعَدَاوَةِ](3) مُشَابَهَةً لِلْيَهُودِ، [وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ](4) .
[بعض حماقات الشيعة]
وَأَمَّا سَائِرُ حَمَاقَاتِهِمْ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا: مِثْلَ كَوْنِ بَعْضِهِمْ لَا يَشْرَبُ مِنْ نَهْرٍ (5 حَفَرَهُ يَزِيدُ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالَّذِينَ مَعَهُ (5) كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ آبَارٍ، وَأَنْهَارٍ 5) (6) حَفَرَهَا الْكُفَّارُ، وَبَعْضُهُمْ لَا يَأْكُلُ مِنَ التُّوتِ الشَّامِيِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ مَعَهُ كَانُوا يَأْكُلُونَ (7) مِمَّا يُجْلَبُ مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ مِنَ الْجُبْنِ، وَيَلْبَسُونَ مَا تَنْسِجُهُ الْكُفَّارُ، بَلْ غَالِبُ ثِيَابِهِمْ كَانَتْ مِنْ نَسْجِ الْكُفَّارِ.
وَمِثْلُ كَوْنِهِمْ يَكْرَهُونَ التَّكَلُّمَ بِلَفْظِ الْعَشَرَةِ، أَوْ فِعْلِ شَيْءٍ يَكُونُ عَشَرَةً حَتَّى فِي (8) الْبِنَاءِ لَا يَبْنُونَ عَلَى عَشَرَةِ أَعْمِدَةٍ (9) ، وَلَا بِعَشَرَةِ جُذُوعٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ
(1) سَيَتَكَلَّمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا يَلِي بِالتَّفْصِيلِ عَنِ التَّقِيَّةِ (1/159 - 160) بُولَاقَ) . وَانْظُرْ عَنْهَا أَيْضًا: أَحْمَد أَمِين، ضُحَى الْإِسْلَامِ، 3/246 - 249؛ جُولْدِتْسِيهَر، الْعَقِيدَةَ وَالشَّرِيعَةَ، ص 180 - 181؛ دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، 5/419 - 424.
(2)
ن، م، أ: مَا يُبْطِنُ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(3)
مِنَ الْعَدَاوَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
ب: وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ.
(6)
(5 - 5) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) .
(7)
ن، م: مَا.
(8)
فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9)
ن: لَا يُثْبِتُونَ عَلَى عَشَرَةِ عَوَامِيدَ؛ م: لَا يَبْنُونَ عَلَى عَشَرَةِ عَوَامِيدَ.
لِكَوْنِهِمْ يُبْغِضُونَ خِيَارَ الصَّحَابَةِ، وَهُمُ الْعَشْرَةُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ - أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ [بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ](1) ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رضي الله عنهم (2) - يُبْغِضُونَ هَؤُلَاءِ إِلَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ [رضي الله عنه](3) ، وَيُبْغِضُونَ سَائِرَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ (4) الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ - وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ - وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ.
وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا (5) «أَنَّ غُلَامَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَيَدْخُلَّنَ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ. النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(كَذَبْتَ إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ» .)(6) .
وَهُمْ يَتَبَرَّأُونَ مِنْ جُمْهُورِ هَؤُلَاءِ، بَلْ [يَتَبَرَّأُونَ] مِنْ سَائِرِ (7) أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا نَحْوَ بِضْعَةَ عَشَرَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ فِي الْعَالَمِ عَشَرَةٌ مِنْ أَكْفَرِ النَّاسِ لَمْ يَجِبْ هَجْرُ هَذَا
(1) بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: زِيَادَةٌ فِي (ب) . وَفِي (أ) : بْنِ زَيْدِ بْنِ نُفَيْلٍ.
(2)
أ، ب: عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
(3)
رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
ب (فَقَطْ) : وَيُبْغِضُونَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
(5)
ن، م: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ.
(6)
الْحَدِيثَ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 4/1942 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ رضي الله عنهم وَقِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/362.
(7)
ن، م: مِنْ جُمْهُورِهِمْ بَلْ مِنْ سَائِرِ.
الِاسْمِ [لِذَلِكَ](1)، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ [وَتَعَالَى] (2) لَمَّا قَالَ:{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} [سُورَةُ النَّمْلِ: 48] لَمْ يَجِبْ هَجْرُ اسْمِ التِّسْعَةِ مُطْلَقًا، بَلِ اسْمُ الْعَشَرَةِ قَدْ مَدَحَ اللَّهُ مُسَمَّاهُ فِي مَوَاضِعَ (3) كَقَوْلِهِ [تَعَالَى فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ] (4) :{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 196](5)، وَقَالَ تَعَالَى:{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 142](6)، وَقَالَ تَعَالَى:{وَالْفَجْرِ - وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [سُورَةُ الْفَجْرِ 1 - 2] ، (* وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى» (7)، وَقَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ:( «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» . *)(8) ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (9) ( «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ.
(1) لِذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
وَتَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
ن، م: قَدْ مَدَحَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي مَوَاضِعَ.
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
فِي (ن)، (م) : كَقَوْلِهِ: (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) .
(6)
فِي (ن) ، (م) ذَكَرَ النَّاسِخَانِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) .
(7)
فِي: الْبُخَارِيِّ 3/47 - 48 (كِتَابُ الِاعْتِكَافِ، بَابُ الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) ؛ مُسْلِمٍ 2/830 - 831 (كِتَابُ الِاعْتِكَافِ، بَابُ اعْتِكَافِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ) . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ (زَادَتْ عَائِشَةُ: حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ) .
(8)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(9)
ن، م: وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ.
إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ» .) (1) ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ مُتَعَدِّدَةٌ.
[. وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يُوَالُونَ لَفْظَ التِّسْعَةِ، وَهُمْ يُبْغِضُونَ التِّسْعَةَ مِنَ الْعَشَرَةِ، فَإِنَّهُمْ يُبْغِضُونَهُمْ إِلَّا عَلِيًّا](2) .
وَكَذَلِكَ هَجْرُهُمْ لِاسْمِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَلِمَنْ يَتَسَمَّى بِذَلِكَ حَتَّى [إِنَّهُمْ] يَكْرَهُونَ (3) مُعَامَلَتَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ كَانُوا مِنْ أَكْفَرِ النَّاسِ لَمْ يُشْرَعْ أَنْ لَا يَتَسَمَّى الرَّجُلُ بِمِثْلِ أَسْمَائِهِمْ، فَقَدْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ الْوَلِيدُ، «وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْنُتُ لَهُ. (4) فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ» (5) ، وَأَبُوهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ كَانَ (6) مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كُفْرًا، وَهُوَ الْوَحِيدُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} ، [سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ: 11] (7) وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ عَمْرٌو، وَفِي الْمُشْرِكِينَ مَنِ
(1) جَاءَ الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 2/129 (كِتَابِ الصَّوْمِ، بَابِ مَا جَاءَ فِي الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ) . وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ عَنْهُ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 2/20 (كِتَابُ الْعِيدَيْنِ، بَابُ فَضْلِ الْعَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. .) .
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
ن: حَتَّى يَكْرَهُوا؛ أ، ب: حَتَّى يَكْرَهُونَ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .
(4)
لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
فِي: الْبُخَارِيِّ 6/48 - 49 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ النِّسَاءِ، بَابُ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ. .) . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعِشَاءَ إِذْ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ: اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ. الْحَدِيثَ. وَهُوَ فِي: مُسْلِمٍ 1/466 - 467 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، بَابُ اسْتِحْبَابِ الْقُنُوتِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ) .
(6)
أ، ب: اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُوهُ كَانَ. .
(7)
انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَةِ.
اسْمُهُ عَمْرٌو [مِثْلُ عَمْرِو](1) بْنِ عَبْدِ وَدٍّ، وَأَبُو جَهْلٍ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ، (2 وَفِي الصَّحَابَةِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَفِي الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ سُفْيَانَ الْهُذَلِيُّ 2)(2) ، وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ هِشَامٌ مِثْلُ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ، وَأَبُو جَهْلٍ كَانَ اسْمُ أَبِيهِ هِشَامًا، وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ عُقْبَةُ مِثْلُ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْبَدْرِيِّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ (3) .
وَكَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَفِي الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ (4) ، وَكَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ مَنِ اسْمُهُ عَلِيٌّ مِثْلُ عَلِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا، وَمِثْلُ عُثْمَانَ بْنِ [أَبِي] طَلْحَةَ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ (5) ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ.
فَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَالْمُؤْمِنُونَ يَكْرَهُونَ اسْمًا مِنَ الْأَسْمَاءِ لِكَوْنِهِ قَدْ تَسَمَّى بِهِ كَافِرٌ مِنَ الْكُفَّارِ، فَلَوْ (6) قُدِّرَ أَنَّ الْمُسَمِّينَ بِهَذِهِ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (م) .
(2)
(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
ن، م: وَفِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ عُقْبَةُ مِثْلُ ابْنِ عَامِرٍ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ (بِدُونِ ذِكْرِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ) وَالصَّوَابُ هُوَ الَّذِي أَثْبَتَهُ مِنْ (أ)، (ب) : وَالْأَوَّلُ هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، رَجَّحَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، انْظُرِ الْإِصَابَةَ فِي تَمْيِيزِ الصَّحَابَةِ، 2/483 - 484 الْقَاهِرَةَ، 1358/1939. وَالثَّانِي هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عِيسَى بْنِ جُهَيْنَةَ الْجُهَنِيُّ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ 58 هـ. الْإِصَابَةُ 2/482، الْخُلَاصَةُ لِلْخَزْرَجِيِّ، ص 226.
(4)
م: عَلِيٌّ وَعُمَرُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5)
م: مِثْلُ عُمَرَ بْنِ طَلْحَةَ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ. وَفِي النُّسَخِ الثَّلَاثِ الْأُخْرَى عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ كَذَلِكَ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ. وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ أَسْلَمَ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَهَاجَرَ قَبْلَ الْفَتْحِ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ (سِيرَةُ ابْنِ هِشَامٍ 2/113) وَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ فَقَدْ قُتِلَ كَافِرًا قَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه يَوْمَ أُحُدٍ (ابْنَ هِشَامٍ 3/134) .
(6)
م: وَلَوْ
[الْأَسْمَاءِ](1) كُفَّارٌ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ كَرَاهَةَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَعَ الْعِلْمِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُوهُمْ بِهَا، وَيُقِرُّ النَّاسَ عَلَى دُعَائِهِمْ بِهَا، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ كَانُوا مُنَافِقِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُ أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ، وَهُوَ مَعَ هَذَا (2) يَدْعُوهُمْ بِهَا، وَعَلِيُّ [بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه](3) قَدْ سَمَّى أَوْلَادَهُ بِهَا (4) فَعُلِمَ أَنَّ جَوَازَ الدُّعَاءِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ (5) - سَوَاءٌ كَانَ [ذَلِكَ](6) الْمُسَمَّى بِهَا مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا - أَمْرٌ مَعْلُومٌ (7) مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ كَرِهَ أَنْ يَدْعُوَ أَحَدًا بِهَا كَانَ مِنْ أَظْهَرِ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِدِينِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ مَعَ هَذَا إِذَا تَسَمَّى الرَّجُلُ عِنْدَهُمْ [بِاسْمِ](8) عَلِيٍّ، أَوْ جَعْفَرٍ، أَوْ حَسَنٍ، أَوْ حُسَيْنٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (9) عَامَلُوهُ، وَأَكْرَمُوهُ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ. [فِي ذَلِكَ](10) عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ، (11 بَلْ أَهْلُ السُّنَّةِ يَتَسَمَّوْنَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ، فَلَيْسَ فِي التَّسْمِيَةِ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ 11)(11) ، وَالتَّسْمِيَةُ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ قَدْ تَكُونُ فِيهِمْ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَمَّى [بِهَا] مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ لَكِنَّ الْقَوْمَ
(1) الْأَسْمَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
م: مَعَ ذَلِكَ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
أ، ب: بِهَا أَوْلَادَهُ.
(5)
ن، م: الدُّعَاءِ بِهَا.
(6)
ذَلِكَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7)
ن، م: مِنَ الْمَعْلُومِ.
(8)
بَاسِمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(9)
أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(10)
فِي ذَلِكَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(11)
(11 - 11) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
فِي غَايَةِ الْجَهْلِ، وَالْهَوَى.
وَيَنْبَغِي [أَيْضًا](1) أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا أَنْكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ يَكُونُ بَاطِلًا، بَلْ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أَقْوَالٌ خَالَفَهُمْ فِيهَا بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَوَافَقَهُمْ بَعْضٌ، وَالصَّوَابُ مَعَ مَنْ وَافَقَهُمْ لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ مَسْأَلَةٌ انْفَرَدُوا بِهَا أَصَابُوا فِيهَا، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعُدُّ مِنْ بِدَعِهِمُ الْجَهْرَ بِالْبَسْمَلَةِ، وَتَرْكَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا فِي الْحَضَرِ، وَالْقُنُوتَ فِي الْفَجْرِ، وَمُتْعَةَ الْحَجِّ، وَمَنْعَ لُزُومِ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ (2) ، وَتَسْطِيحَ الْقُبُورِ، وَإِسْبَالَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا عُلَمَاءُ السُّنَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ فِيهَا الْقَوْلَ (3) الَّذِي يُوَافِقُهُمْ، كَمَا يَكُونُ الصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلَ الَّذِي يُخَالِفُهُمْ لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، فَلَا تُنْكَرُ إِلَّا إِذَا صَارَتْ شِعَارًا لِأَمْرٍ لَا يُسَوَّغُ، فَتَكُونُ دَلِيلًا عَلَى مَا يَجِبُ إِنْكَارُهُ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْسُهَا يُسَوَّغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ، وَمِنْ هَذَا. وَضْعُ الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ، فَإِنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ.
وَمِنْ حَمَاقَتِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لِلْمُنْتَظِرِ عِدَّةَ مَشَاهِدَ يَنْتَظِرُونَهُ فِيهَا كَالسَّرَادِبِ (4) الَّذِي بِسَامَرَّا الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ غَابَ فِيهِ (5) ، وَمَشَاهِدُ أُخَرُ، وَقَدْ
(1) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
ن، م: طَلَاقِ الْبِدْعَةِ.
(3)
ب: لِلْقَوْلِ.
(4)
ن، م: السِّرْدَابِ.
(5)
أ، ب: غَائِبٌ فِيهِ. وَفِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ: " سَامَرَّاءُ، لُغَةٌ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى، مَدِينَةٌ كَانَتْ بَيْنَ بَغْدَادَ وَتَكْرِيتَ عَلَى شَرْقِيِّ دِجْلَةَ وَقَدْ خَرِبَتْ. وَبِسَامَرَّاءَ قَبْرُ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَابْنِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيَّيْنِ، وَبِهَا غَابَ الْمُنْتَظَرُ فِي زَعْمِ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ ". وَيُنْكِرُ الْعَامِلِيُّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ " أَعْيَانِ الشِّيعَةِ " 1 وَيَقُولُ: " فَالْإِمَامِيَّةُ تَعْتَقِدُ فِي. الْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ حَيٌّ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ مَوْجُودٌ فِي الْأَمْصَارِ لَا أَنَّهُ فِي السِّرْدَابِ وَلَا أَنَّهُ مَاتَ ثُمَّ يُرْجَعُ إِلَى الدُّنْيَا. وَالْمَهْدِيُّ الْمُنْتَظَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وُلِدَ أَوْ سَيُولَدُ ". عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ تُكَذِّبُهُ كُتُبُ الشِّيعَةِ وَغَيْرِ الشِّيعَةِ فَالشَّهْرَسْتَانِيُّ يَذْكُرُ فِي " الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ "، (1/150) أَنَّ الْإِمَامَ الثَّانِيَ عَشَرَ هُوَ " مُحَمَّدٌ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي بِسُرَّ مَنْ رَأَى ". وَيَنْقُلُ (donaldson) فِي كِتَابِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ آنِفًا (p. 233) عَنِ الْمَجْلِسِيِّ فِي كِتَابِهِ " جَنَّاتِ الْخُلُودِ " أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ اخْتَفَى فِي سِرْدَابٍ فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ بِسَامَرَّاءَ. كَمَا يَنْقُلُ (- 245) عَنْ كِتَابِ " نُزْهَةِ الْقُلُوبِ " لِلْمُسْتَوْفَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ اخْتَفَى فِي سَامُرَّاءَ سَنَةَ 246 هـ - 878 م. وَانْظُرْ أَيْضًا، دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ " سَامَرَّاءَ "
يُقِيمُونَ هُنَاكَ دَابَّةً - إِمَّا بَغْلَةً، وَإِمَّا فَرَسًا، [وَإِمَّا غَيْرَ ذَلِكَ](1) - لِيَرْكَبَهَا إِذَا خَرَجَ، وَيُقِيمُونَ هُنَاكَ إِمَّا فِي طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَإِمَّا فِي أَوْقَاتٍ أُخَرَ مَنْ يُنَادِي عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ يَا مَوْلَانَا اخْرُجْ [يَا مَوْلَانَا اخْرُجْ](2) ، وَيُشْهِرُونَ السِّلَاحَ، وَلَا أَحَدَ هُنَاكَ يُقَاتِلُهُمْ (3) ، وَفِيهِمْ مَنْ يَقُولُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ (4) دَائِمًا لَا يُصَلِّي خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَشْتَغِلَ بِهَا عَنْ [خُرُوجِهِ] ، وَخِدْمَتِهِ (5) ، وَهُمْ فِي
(1) وَإِمَّا غَيْرَ ذَلِكَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
عِبَارَةُ " يَا مَوْلَانَا اخْرُجِ " الثَّانِيَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
ذَكَرَ ابْنُ بَطُّوطَةَ فِي رِحْلَتِهِ " تُحْفَةِ النُّظَّارِ فِي غَرَائِبِ الْأَمْصَارِ وَعَجَائِبِ الْأَسْفَارِ " 1/164، الطَّبْعَةُ الْخَيْرِيَّةُ، الْقَاهِرَةَ 1322، عِنْدَ كَلَامِهِ عَنْ مَدِينَةِ " الْحِلَّةِ " مَا يَلِي:" وَبِمَقْرُبَةٍ مِنَ السُّوقِ الْأَعْظَمِ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ مَسْجِدٌ عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ حَرِيرٌ مَسْدُولٌ وَهُمْ يُسَمُّونَهُ مَشْهَدَ صَاحِبِ الزَّمَانِ وَمِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِائَةُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِمُ السِّلَاحُ وَبِأَيْدِيهِمْ سُيُوفٌ مَشْهُورَةٌ فَيَأْتُونَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ فَرَسًا مُلْجَمًا أَوْ بَغْلًا. وَيَأْتُونَ مَشْهَدَ صَاحِبِ الزَّمَانِ فَيَقِفُونَ بِالْبَابِ وَيَقُولُونَ: " بِاسْمِ اللَّهِ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ، بِاسْمِ اللَّهِ اخْرُجْ، قَدْ ظَهَرَ الْفَسَادُ، وَكَثُرَ الظُّلْمُ وَهَذَا أَوَانُ خُرُوجِكَ. إِلَخْ وَانْظُرِ donaldson الْمَرْجِعَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ آنِفًا، pp - 245 - 46.
(4)
الصَّلَاةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
ن، م: عَنْ خِدْمَتِهِ.
أَمَاكِنَ بَعِيدَةٍ عَنْ مَشْهَدِهِ كَمَدِينَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِمَّا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ [شَهْرِ](1) رَمَضَانَ، وَإِمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ (2) يَتَوَجَّهُونَ إِلَى الْمَشْرِقِ، وَيُنَادُونَهُ بِأَصْوَاتٍ عَالِيَةٍ يَطْلُبُونَ خُرُوجَهُ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا، وَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْخُرُوجِ، فَإِنَّهُ يَخْرُجْ سَوَاءٌ نَادَوْهُ، أَوْ لَمْ يُنَادُوهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَهُوَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ إِذَا خَرَجَ فَإِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُهُ، وَيَأْتِيهِ بِمَا يَرْكَبُهُ، وَبِمَنْ يُعِينُهُ، وَيَنْصُرُهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُوقِفَ [لَهُ](3) دَائِمًا مِنَ الْآدَمِيِّينَ مَنْ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ عَابَ فِي كِتَابِهِ مَنْ يَدْعُو مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ دُعَاءَهُ، فَقَالَ تَعَالَى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ - إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: 13 - 14] هَذَا مَعَ أَنَّ الْأَصْنَامَ مَوْجُودَةٌ، وَكَانَ يَكُونُ فِيهَا (4) أَحْيَانًا شَيَاطِينُ تَتَرَاءَى لَهُمْ، وَتُخَاطِبُهُمْ، وَمَنْ خَاطَبَ مَعْدُومًا كَانَتْ حَالَتُهُ أَسْوَأَ مِنْ حَالِ مَنْ خَاطَبَ مَوْجُودًا، وَإِنْ كَانَ جَمَادًا، فَمِنْ دُعَاءِ الْمُنْتَظَرِ الَّذِي لَمْ يَخْلُقْهُ اللَّهُ (5) كَانَ
(1) شَهْرِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
ن، م: وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ.
(3)
لَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
أ، ب: بِهَا.
(5)
أَوْرَدَ النُّوبَخْتِيُّ اخْتِلَافَ فِرَقِ الشِّيعَةِ فِي أَمْرِ الْمَهْدِيِّ، فَذَكَرَ أَنَّ فِرْقَةً تَقُولُ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ (مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَائِمُ الْحُجَّةُ) وُلِدَ قَبْلَ وَالِدِهِ (الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ) بِسِنِينَ وَهُوَ مَسْتُورٌ لَا يُرَى خَائِفٌ مِنْ جَعْفَرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ وَإِنَّهَا إِحْدَى غَيْبَاتِهِ (انْظُرْ فِرَقَ الشِّيعَةِ، ص 84 - 85) . وَفِرْقَةً تَقُولُ: بَلْ وُلِدَ لِلْحُسْنِ وُلِدَ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِثَمَانِيَةِ شُهُورٍ وَهُوَ مَسْتُورٌ لَا يُرَى. (ص 85) . وَفِرْقَةً ثَالِثَةً تَقُولُ: إِنَّهُ لَا وَلَدَ لِلْحَسَنِ أَصْلًا؛ لِأَنَّا قَدِ امْتَحَنَّا ذَلِكَ وَطَلَبْنَاهُ بِكُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ نَجِدْهُ، وَلَوْ جَازَ أَنْ نَقُولَ فِي مِثْلِ الْحَسَنِ وَقَدْ تُوُفِّيَ وَلَا وَلَدَ لَهُ إِنَّ لَهُ وَلَدًا خَفِيًّا، لَجَازَ مِثْلُ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي كُلِّ مَيِّتٍ مِنْ غَيْرِ خُلْفٍ، وَلَجَازَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - أَنْ يُقَالَ: خَلَّفَ ابْنًا نَبِيًّا رَسُولًا (ص 85 - 87) . وَفِرْقَةً رَابِعَةً قَالَتْ: إِنَّهُ لَا يُوجَدُ إِمَامٌ بَعْدَ الْحَسَنِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ الْقَائِمَ إِذَا شَاءَ (ص 87 - 88) . وَأَمَّا الْإِمَامِيَّةُ فَيَقُولُونَ: إِنَّ الْحَسَنَ الْعَسْكَرِيَّ قَدْ تُوُفِّيَ، وَإِنَّ ابْنَهُ هُوَ الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ خَائِفٌ مَسْتُورٌ بِسِتْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ عَلَيْنَا الْبَحْثُ فِي أَمْرِهِ، بَلِ الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ وَطَلَبُهُ مُحَرَّمٌ لَا يَحِلُّ (ص 90 - 93) . عَلَى أَنَّهُ لَا تُوجَدُ فِرْقَةٌ أُخْرَى تَجْعَلُ الْمَهْدِيَّ شَخْصًا آخَرَ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ. وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ: هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: بَلْ هُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَهُمُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ.
ضَلَالُهُ أَعْظَمَ مِنْ ضَلَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِذَا قَالَ: أَنَا أَعْتَقِدُ وُجُودَهُ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ أُولَئِكَ: نَحْنُ نَعْتَقِدُ أَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ لَهَا شَفَاعَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ، وَلَا يَضُرُّهُمْ (1)، وَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ كِلَيْهِمَا (2) يَدْعُو مَنْ لَا يَنْفَعُ دُعَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ اتَّخَذُوهُمْ [شُفَعَاءَ](3) آلِهَةً، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: هُوَ إِمَامٌ مَعْصُومٌ، فَهُمْ يُوَالُونَ عَلَيْهِ، وَيُعَادُونَ عَلَيْهِ كَمُوَالَاةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى آلِهَتِهِمْ، وَيَجْعَلُونَهُ رُكْنًا فِي الْإِيمَانِ لَا يَتِمُّ الدِّينُ (4) إِلَّا بِهِ، كَمَا يَجْعَلُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ آلِهَتَهُمْ كَذَلِكَ.
(1) ن، م: مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ.
(2)
أ، ن، م: أَنَّ كِلَاهُمَا.
(3)
شُفَعَاءَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
الدِّينُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(5)
أ، ب: وَقَالَ.
[سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 79 - 80](1) فَإِذَا كَانَ مَنْ يَتَّخِذُ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا بِهَذِهِ الْحَالِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَّخِذُ إِمَامًا مَعْدُومًا لَا وُجُودَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 31] .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي التِّرْمِذِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ [حَدِيثِ] «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ [أَنَّهُ] قَالَ (2) : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَبَدُوهُمْ، فَقَالَ:(إِنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ، وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمُ الْحَلَالَ، فَأَطَاعُوهُمْ، فَكَانَتْ تِلْكَ عِبَادَتَهُمْ إِيَّاهُمْ» .)(3) فَهَؤُلَاءِ اتَّخَذُوا أُنَاسًا (4) مَوْجُودِينَ أَرْبَابًا، وَهَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ مُعَلَّقًا بِالْإِمَامِ الْمَعْدُومِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ، ثُمَّ يَعْمَلُونَ بِكُلِّ مَا يَقُولُ (5) الْمُنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ (6) إِنَّهُ يُحَلِّلُهُ، وَيُحَرِّمُهُ، وَإِنْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَإِجْمَاعَ سَلَفِ الْأُمَّةِ حَتَّى أَنَّ طَائِفَتَهُمْ
(1) آيَةُ 80 مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
(2)
ن، م: عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ.
(3)
فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/341 - 342 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ التَّوْبَةِ) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) قَالَ:" أَمَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ ". " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، وَغُطَيْفِ بْنِ أَعْيَنَ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي الْحَدِيثِ ".
(4)
م: نَاسًا.
(5)
ن: بِمَا يَقُولُ.
(6)
ب: الْمُثْبِتُونَ.
إِذَا اخْتَلَفَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالُوا: الْقَوْلُ (1) الَّذِي لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ هُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ هَذَا الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ، فَيَجْعَلُونَ الْحَلَالَ مَا حَلَّلَهُ، وَالْحَرَامَ مَا حَرَّمَهُ هَذَا الَّذِي لَا يُوجَدُ، وَعِنْدَ (2) مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ مَوْجُودٌ لَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً.
وَمِنْ حَمَاقَاتِهِمْ تَمْثِيلُهُمْ لِمَنْ يُبْغِضُونَهُ (* بِالْجَمَادِ (3) ، أَوْ حَيَوَانٍ، ثُمَّ يَفْعَلُونَ بِذَلِكَ الْجَمَادِ، وَالْحَيَوَانِ مَا يَرَوْنَهُ عُقُوبَةً لِمَنْ يُبْغِضُونَهُ *) (4) مِثْلَ اتِّخَاذِهِمْ نَعْجَةً - وَقَدْ تَكُونُ نَعْجَةً حَمْرَاءَ لِكَوْنِ عَائِشَةَ تُسَمَّى الْحُمَيْرَاءَ (5) - يَجْعَلُونَهَا عَائِشَةَ، وَيُعَذِّبُونَهَا بِنَتْفِ شَعْرِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ لِعَائِشَةَ.
وَمِثْلُ اتِّخَاذِهِمْ حِلْسًا مَمْلُوءًا سَمْنًا، ثُمَّ يَبْعَجُونَ (6) بَطْنَهُ، فَيَخْرُجُ السَّمْنُ، فَيَشْرَبُونَهُ، وَيَقُولُونَ: هَذَا مِثْلُ ضَرْبِ عُمَرَ، وَشُرْبِ دَمِهِ (7) ، وَمِثْلُ تَسْمِيَةِ بَعْضِهِمْ لِحِمَارَيْنِ مِنْ حُمُرِ الرَّحَا أَحَدُهُمَا بِأَبِي بَكْرٍ، وَالْآخَرُ بِعُمَرَ، ثُمَّ يُعَاقِبُونَ (8) الْحِمَارَيْنِ جَعَلَا مِنْهُمْ تِلْكَ الْعُقُوبَةَ [عُقُوبَةً](9) لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. .
(1) ب: عَلَى قَوْلَيْنِ فَالْقَوْلُ. .
(2)
ب: عَنْهُ؛ وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
م: لِجَمَادٍ.
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
(4 - 4) : سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
أ: يَبِيعُونَ؛ ب: يَشُقُّونَ.
(7)
يَنْقُلُ Donaldson فِي كِتَابِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ آنِفًا (- 4) عَنْ قَامُوسِ الْإِسْلَامِ Dictionary of islam وَصْفًا لِمَا يَفْعَلُهُ الشِّيعَةُ فِي عِيدِ الْغَدِيرِ فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ يَصْنَعُونَ ثَلَاثَةَ تَمَاثِيلَ مِنَ الْعَجِينِ تُمَثِّلُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَيَمْلَئُونَهَا بِالْعَسَلِ ثُمَّ يَطْعَنُونَهَا بِالْمُدَى فَيَسِيلُ مِنْهَا الْعَسَلُ لِيُرْمَزَ بِذَلِكَ إِلَى دَمِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ الْغَاصِبِينَ.
(8)
أ، ب: عُقُوبَةُ.
(9)
عُقُوبَةٌ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
وَتَارَةً يَكْتُبُونَ أَسْمَاءَهُمْ عَلَى أَسْفَلِ أَرْجُلِهِمْ [حَتَّى أَنَّ بَعْضَ الْوُلَاةِ جَعَلَ يَضْرِبُ رِجْلَيْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا ضَرَبْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَلَا أَزَالُ أَضْرِبُهُمَا حَتَّى أُعْدِمَهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّي كِلَابَهُ بَاسْمِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَيَلْعَنُهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ إِذَا سَمَّى كَلْبَهُ، فَقِيلَ لَهُ (بُكَيْرٌ.) يُضَارِبُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: تُسَمِّي كَلْبِي بَاسِمِ أَصْحَابِ النَّارِ، وَمِنْهُمْ (1) يُعَظِّمُ أَبَا لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِيَّ الْكَافِرَ الَّذِي كَانَ غُلَامًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ لَمَّا قَتَلَ عُمَرَ، وَيَقُولُونَ: وَاثَارَاتِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ، فَيُعَظِّمُونَ (2) كَافِرًا مَجُوسِيًّا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ لِكَوْنِهِ قَتَلَ عُمَرَ رضي الله عنه
وَمِنْ حَمَاقَتِهِمْ إِظْهَارُهُمْ لِمَا يَجْعَلُونَهُ مَشْهَدًا، فَكَمْ كَذَّبُوا النَّاسَ، وَادَّعَوْا أَنَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ مَيِّتًا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَرُبَّمَا جَعَلُوهُ مَقْتُولًا، فَيَبْنُونَ ذَلِكَ مَشْهَدًا، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْرَ كَافِرٍ، أَوْ قَبْرَ بَعْضِ النَّاسِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِعَلَامَاتٍ كَثِيرَةٍ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ عُقُوبَةَ الدَّوَابِّ الْمُسَمَّاةِ بِذَلِكَ (3) ] ، وَنَحْوُ هَذَا الْفِعْلِ لَا يَكُونُ إِلَّا (4) مِنْ فِعْلِ أَحْمَقِ النَّاسِ، وَأَجْهَلِهِمْ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّا (5) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نُعَاقِبَ فِرْعَوْنَ، وَأَبَا لَهَبٍ، وَأَبَا جَهْلٍ، وَغَيْرَهُمْ مِمَّنْ ثَبَتَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ مِنْ أَكْفَرِ النَّاسِ مِثْلَ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ لَكَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّ (6)
(1) أ: وَفِيهِمْ.
(2)
فَيَتَوَلَّوْنَ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(4)
أ: وَنَحْوُ هَذَا مِثْلُ هَذَا الْفِعْلِ إِلَّا؛ ن، م: فَهَلْ مِثْلُ هَذَا الْفِعْلِ إِلَّا. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(5)
أَنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(6)
ن، م: فَإِنَّ.
ذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، بَلْ إِذَا قُتِلَ كَافِرٌ يَجُوزُ قَتْلُهُ، أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ لَمْ يَجُزْ بَعْدَ قَتْلِهِ، أَوْ مَوْتِهِ أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ، فَلَا يُشَقُّ بَطْنُهُ، وَلَا (1) يُجْدَعُ أَنْفُهُ، وَأُذُنُهُ، [وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ](2) إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ.
[فَقَدْ ثَبَتَ.] فِي صَحِيحِ (3) مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِ عَنْ بُرَيْدَةَ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ (4) أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ [تَعَالَى] (5) ، وَأَوْصَاهُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، وَقَالَ: (اغْزُوَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا تَغْلُوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا.» ) (6) .
وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ «كَانَ فِي خُطْبَتِهِ يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ» (7) . مَعَ أَنَّ
(1) أ، ب: أَوْ.
(2)
وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
ن، م: فَفِي صَحِيحِ.
(4)
ن، م: عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ.
(5)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
الْحَدِيثَ فِي: مُسْلِمٍ 3/1356 - 1358 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسَّيْرِ، بَابُ تَأْمِيرِ الْإِمَامِ الْأُمَرَاءَ.) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، وَأَوَّلُهُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ. ثُمَّ قَالَ: اغْزُوَا بِسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. الْحَدِيثَ، وَهُوَ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/51 - 52 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ فِي دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 3/85 - 86 (كِتَابُ السِّيَرِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِتَالِ) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 2/953 - 954 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ وَصِيَّةِ الْإِمَامِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/358.
(7)
فِي: سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 1/390 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَمَرَنَا فِيهَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ. وَفِي: الْبُخَارِيِّ 5/129 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ) . قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. وَانْظُرْ: سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ 3 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ)
التَّمْثِيلَ بِالْكَافِرِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْهُ نِكَايَةٌ بِالْعَدُوِّ لَكِنْ نُهِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ إِيذَاءٍ (1) بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ كَفُّ شَرِّهِ بِقَتْلِهِ، [وَقَدْ حَصَلَ](2) .
فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُمْ لَوْ كَانُوا كُفَّارًا، وَقَدْ مَاتُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَنْ يُمَثِّلُوا بِأَبْدَانِهِمْ لَا يَضْرِبُونَهُمْ، وَلَا يَشُقُّونَ بُطُونَهُمْ، وَلَا يَنْتِفُونَ شُعُورَهُمْ مَعَ أَنَّ فِي ذَلِكَ نِكَايَةً فِيهِمْ، فَأَمَّا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِهِمْ ظَنًّا أَنَّ ذَلِكَ يَصِلُ إِلَيْهِمْ كَانَ غَايَةَ الْجَهْلِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بِمُحَرَّمٍ (3) كَالشَّاةِ الَّتِي يَحْرُمُ إِيذَاؤُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، فَيَفْعَلُونَ مَا لَا يَحْصُلُ لَهُمْ [بِهِ](4) مَنْفَعَةٌ أَصْلًا، بَلْ ضَرَرٌ فِي الدِّينِ. وَالدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ مَعَ تَضَمُّنِهِ غَايَةَ الْحُمْقِ، وَالْجَهْلِ.
وَمِنْ حَمَاقَتِهِمْ إِقَامَةُ الْمَأْتَمِ (5) ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى مَنْ قَدْ (6) قُتِلَ مِنْ سِنِينَ عَدِيدَةٍ (7) ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَقْتُولَ، وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَوْتَى إِذَا فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ بِهِمْ عَقِبَ مَوْتِهِمْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَرَسُولُهُ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ (8) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ( «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ
(1) أ: لِأَنَّهُ زَائِدَةُ إِيذَاءٍ؛ ب: لِأَنَّهُ زِيَادَةُ إِيذَاءٍ.
(2)
وَقَدْ حَصَلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن، (م) .
(3)
ن، م: بِمُحْتَرَمٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
بِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
أ: الْمَآتِمِ.
(6)
قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
ن، م: عَظِيمَةٍ.
(8)
ن، م: وَفِي الصَّحِيحِ.
الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» .) (1) . وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ (2)«أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْحَالِقَةِ، وَالصَّالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ» (3)(4 [فَالْحَالِقَةُ الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ] 4)(4) ، وَالصَّالِقَةُ هِيَ (5) الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا [عِنْدَ الْمُصِيبَةِ](6) بِالْمُصِيبَةِ، وَالشَّاقَّةُ الَّتِي تَشُقُّ ثِيَابَهَا.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ( «إِنَّ النَّائِحَةَ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، فَإِنَّهَا تَلْبَسُ
(1) الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 2/81 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ) ، 2/82 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ) ، 4/183 - 184 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَا يَنْهَى عَنْ دَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ) ؛ مُسْلِمٌ 1/99 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ تَحْرِيمِ ضَرْبِ الْخُدُودِ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 2/234 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ) ؛ سُنَنَ النَّسَائِيِّ 4/17 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ الْخُدُودِ) ، 4/18 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ شَقِّ الْجُيُوبِ) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 1/504 - 505 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/240، 6/79، 116، 167. .
(2)
ن، م: وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ.
(3)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 2/81 - 82 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الْحَلْقِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ) وَلَفْظُهُ: ". إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيءٌ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ ". . الْحَدِيثَ. وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ 1/100 (كِتَابُ الْإِيمَانِ؛ بَابُ تَحْرِيمِ ضَرْبِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ وَالدُّعَاءِ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ) . وَقَالَ النَّوَوِيُّ (شَرْحَ مُسْلِمٍ 2/110) : " فَالصَّالِقَةُ: وَقَعَتْ فِي الْأُصُولِ بِالصَّادِ، وَسَلَقَ بِالسِّينِ، وَهُمَا صَحِيحَانِ، وَهُمَا لُغَتَانِ: السَّلْقُ وَالصَّلْقُ وَسَلَقَ وَصَلَقَ وَهِيَ صَالِقَةٌ وَسَالِقَةٌ؛ وَهِيَ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. وَالْجَالِقَةُ: هِيَ الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. وَالشَّاقَّةُ الَّتِي تَشُقُّ ثَوْبَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الظَّاهِرُ الْمَعْرُوفُ. وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الصَّلْقُ ضَرْبُ الْوَجْهِ. وَأَمَّا دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ الْقَاضِي: هِيَ النِّيَاحَةُ، وَنَدْبُ الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءُ بِالْوَيْلِ وَشَبَهُهُ. وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّةِ مَا كَانَ فِي الْفَتْرَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ.
(4)
(4 - 4) : سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
هِيَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
عِنْدَ الْمُصِيبَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
يَوْمَ الْقِيَامَةِ دِرْعًا مِنْ جَرَبٍ، وَسِرْبَالًا مِنْ قَطِرَانٍ.» ) (1)، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:( «مَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا يُنَحْ عَلَيْهِ» .)(2) ، وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.
وَهَؤُلَاءِ يَأْتُونَ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَغَيْرِ
(1) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه مَعَ حَدِيثٍ آخَرَ قَبْلَهُ فِي: مُسْلِمٍ 2/644 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ التَّشْدِيدِ فِي النِّيَاحَةِ) وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: " أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. " وَالْحَدِيثُ الثَّانِي نَصُّهُ: " النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/503 - 504 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ فِي النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/342 - 343. وَذَكَرَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ 1/405 حَدِيثًا بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَجَاءَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَيْهِ مَا يُبَيِّنُ ضَعْفَهُ.
(2)
هَذَا الْحَدِيثُ جَاءَ فِي (أ)، (ب) قَبْلَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَفِيهِمَا: مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ. . بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ. وَالْحَدِيثُ جَاءَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي: الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/186 - 187 وَفِيهِ ". . بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر الْحَدِيثَ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: " مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبْ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ " عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه (وَجَاءَ مُطَوَّلًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ) فِي: الْبُخَارِيِّ 2/80 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ) وَأَوَّلُهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ " مُسْلِمٌ 2/644 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 2/234 - 235 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ النَّوْحِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/245 - 252. وَأَطَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ 6/228 - 229 الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَتَأَوَّلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى مَنْ وَصَّى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ وَيُنَاحَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ، فَهَذَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَنَوْحِهِمْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبٌ إِلَيْهِ: قَالُوا: فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَنَاحُوا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْهُ فَلَا يُعَذَّبُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 164] . قَالُوا: وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ: إِذَا مُتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ قَالُوا: فَخَرَجَ الْحَدِيثُ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى مَا كَانَ مُعْتَادًا لَهُمْ.
ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَيِّتِ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ مَا لَوْ فَعَلُوهُ عَقِبَ مَوْتِهِ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَكَيْفَ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ قَدْ قُتِلَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ (1) ظُلْمًا وَعُدْوَانًا مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْحُسَيْنِ قُتِلَ أَبُوهُ ظُلْمًا، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَقُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَكَانَ قَتْلُهُ أَوَّلَ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ، وَالْفَسَادِ أَضْعَافُ مَا تَرَتَّبَ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ. وَقُتِلَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَمَاتَ، وَمَا فَعَلَ أَحَدٌ - لَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا غَيْرِهِمْ - مَأْتَمًا وَلَا نِيَاحَةً عَلَى مَيِّتٍ، وَلَا قَتِيلٍ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ قَتْلِهِ إِلَّا هَؤُلَاءِ الْحَمْقَى الَّذِينَ لَوْ كَانُوا مِنَ الطَّيْرِ لَكَانُوا رَخَمًا، وَلَوْ كَانُوا مِنَ الْبَهَائِمِ لَكَانُوا حُمُرًا.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَا يُوقِدُ خَشَبَ الطَّرْفَاءِ (2) ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ دَمَ الْحُسَيْنِ، وَقَعَ عَلَى شَجَرَةٍ مِنَ الطَّرْفَاءِ، وَمَعْلُومٌ. أَنَّ تِلْكَ الشَّجَرَةَ بِعَيْنِهَا لَا يُكْرَهُ وَقُودُهَا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا مِنْ (3) أَيِّ دَمٍ كَانَ، فَكَيْفَ بِسَائِرِ الشَّجَرِ الَّذِي لَمْ يُصِبْهُ الدَّمُ؟ ! .
وَحَمَاقَاتُهُمْ يَطُولُ وَصْفُهَا لَا يُحْتَاجُ إِلَى أَنْ تُنْقَلَ (4) بِإِسْنَادٍ، [وَلَكِنْ يَنْبَغِي
(1) ن، م: مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
(2)
فِي اللِّسَانِ: الطَّرَفَةُ شَجَرَةٌ وَهِيَ الطَّرَفُ، وَالطَّرْفَاءُ جَمَاعَةُ الطَّرَفَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الطَّرْفَاءُ مِنَ الْعِضَاهِ، وَهُدْبُهُ مِثْلُ هُدْبِ الْأَثْلِ، وَلَيْسَ لَهُ خَشَبٌ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ عِصِيًّا سَمْحَةً فِي السَّمَاءِ، وَقَدْ تَتَمَحَّضُ بِهَا الْإِبِلُ إِذَا لَمْ تَجِدْ حِمْضًا غَيْرَهُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الطَّرْفَاءُ مِنَ الْحَمْضِ.
(3)
مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
أ: وَمِنْ حَمَاقَاتِهِمْ كَمَا يَطُولُ وَصْفُهَا لَا يُحْتَاجُ أَنْ تُنْقَلَ؛ ب: وَمِنْ حَمَاقَاتِهِمْ مَا يَطُولُ وَصْفُهَا وَلَا يُحْتَاجُ أَنْ تُنْقَلَ.
أَنْ يُعْلَمَ مَعَ هَذَا] (1) أَنَّ الْمَقْصُودَ (2) أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ الْقَدِيمِ يَصِفُهُمُ النَّاسُ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ عَهْدِ التَّابِعِينَ، وَتَابِعِيهِمْ، (3 [كَمَا ثَبَتَ بَعْضُ ذَلِكَ إِمَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ، فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ فِي زَمَنِ تَابِعِي التَّابِعِينَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ] 3)(3) ، وَكَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ الْمُفْرَدَةِ إِمَّا لِسُوءِ حِفْظِهِ، وَإِمَّا لِتُهْمَةٍ. (4) فِي تَحْسِينِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عِلْمٌ، وَمَعْرِفَةٌ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ - وَلَكِنْ يَصْلُحُونَ (5) لِلِاعْتِضَادِ، وَالْمُتَابَعَةِ كَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِيِّ، وَأَمْثَالِهِمَا، فَإِنَّ كَثْرَةَ الشَّهَادَاتِ، وَالْأَخْبَارِ قَدْ تُوجِبُ الْعِلْمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنَ الْمُخْبِرِينَ ثِقَةً حَافِظًا (6) حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِمُخْبِرِ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفُسُوقِ إِذَا لَمْ يَحْصُلُ بَيْنَهُمْ تَشَاعُرٌ (7) ، وَتَوَاطُؤٌ، وَالْقَوْلُ الْحَقُّ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ يُقْبَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ قَالَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ بِمُجَرَّدِ إِخْبَارِ الْمُخْبِرِ بِهِ.
فَلِهَذَا ذَكَرْنَا مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، فَإِنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ قَالَهُ ذَاكِرًا لَا آثِرًا (8) ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ، وَعَنِ الْأَعْمَشِ، وَعَنْ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ن، م: وَالْمَقْصُودُ.
(3)
(3 - 3) : سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
ب: لِتُهْمَتِهِ؛ أ: التُّهْمَةُ.
(5)
ب: يَصْلُحُ.
(6)
ن، م: حَافِظًا ثِقَةً.
(7)
ب: تَشَاغُرٌ؛ م: تَشَاوُرٌ.
(8)
ب: إِنَّهُ قَالَ ذَاكِرًا لِأَثَرٍ.