الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا كَانَتِ الشِّيعَةُ فِيهِ (1) عَلَى قَوْلَيْنِ.
[الْوَجْهُ الثَّالِثُ الإمامة عندهم لا يحصل بها اللطف]
الْوَجْهُ الثَّالِثُ:
أَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّهُ نَصَبَ أَوْلِيَاءَ مَعْصُومِينَ لِئَلَّا يُخْلِيَ اللَّهُ الْعَالَمَ مِنْ لُطْفِهِ، وَرَحْمَتِهِ.
إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ نَصَبَ أَوْلِيَاءَ أَنَّهُ مَكَّنَهُمْ، وَأَعْطَاهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى سِيَاسَةِ النَّاسِ حَتَّى يَنْتَفِعَ النَّاسُ بِسِيَاسَتِهِمْ (2) ، فَهَذَا كَذِبٌ وَاضِحٌ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ. ذَلِكَ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَئِمَّةَ مَقْهُورُونَ مَظْلُومُونَ عَاجِزُونَ لَيْسَ لَهُمْ سُلْطَانٌ، وَلَا قُدْرَةٌ، وَلَا مُكْنَةٌ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُمَكِّنْهُمْ، وَلَمْ يُمَلِّكْهُمْ، فَلَمْ يُؤْتِهِمْ (3) وِلَايَةً، وَلَا مُلْكًا كَمَا آتَى الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ (4) ، وَلَا كَمَا آتَى الْكُفَّارَ وَالْفُجَّارَ.
فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ آتَى الْمُلْكَ لِمَنْ آتَاهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا قَالَ فِي دَاوُدَ:{وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 251]، وَقَالَ تَعَالَى:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 54]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} [سُورَةُ يُوسُفَ 54] .
وَقَالَ: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [سُورَةُ الْكَهْفِ: 79] ،
(1) . أ، ب: فِي هَذَا. .
(2)
م: حَتَّى يَنْتَفِعَ بِسِيَاسَتِهِمْ؛ أ: حَتَّى يَنْتَفِعُوا النَّاسُ بِسِيَاسَتِهِمْ.
(3)
ن، م: وَلَمْ يُوَلِّهِمْ.
(4)
أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ.
وَقَالَ [تَعَالَى](1) : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 258] .
فَقَدْ آتَى الْمُلْكَ لِبَعْضِ الْكُفَّارِ، كَمَا آتَاهُ لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَالْحَسَنِ لَمْ يُؤْتِ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ (2) مِنْ هَؤُلَاءِ، كَمَا أُوتِيَهُ الْأَنْبِيَاءُ، وَالصَّالِحُونَ، وَلَا كَمَا أُوتِيَهُ غَيْرُهُمْ مِنَ الْمُلُوكِ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ نَصَبَ هَؤُلَاءِ الْمَعْصُومِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِنَصْبِهِمْ أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْخَلْقِ طَاعَتَهُمْ، فَإِذَا أَطَاعُوهُمْ هَدَوْهُمْ لَكِنَّ الْخَلْقَ عَصَوْهُمْ.
فَيُقَالُ: فَلَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فِي الْعَالَمِ لَا لُطْفٌ، وَلَا رَحْمَةٌ، بَلْ (3) إِنَّمَا حَصَلَ تَكْذِيبُ النَّاسِ لَهُمْ، وَمَعْصِيَتُهُمْ إِيَّاهُمْ، وَأَيْضًا، فَالْمُؤْمِنُونَ بِالْمُنْتَظَرِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا حَصَلَ [لَهُمْ](4) بِهِ لُطْفٌ، وَلَا مَصْلَحَةٌ مَعَ كَوْنِهِمْ يُحِبُّونَهُ، وَيُوَالُونَهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لُطْفٌ (5) ، وَلَا مَصْلَحَةٌ لَا لِمَنْ أَقَرَّ بِإِمَامَتِهِ، وَلَا لِمَنْ جَحَدَهَا.
فَبَطَلَ مَا يَذْكُرُونَ أَنَّ الْعَالَمَ حَصَلَ فِيهِ اللُّطْفُ، وَالرَّحْمَةُ بِهَذَا الْمَعْصُومِ، وَعُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ هَذَا (6) الْعَالَمَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بِهَذَا الْمُنْتَظَرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَلَا لِمَنْ كَفَرَ بِهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ، وَالنَّبِيِّ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ،
(1) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) .
(2)
أ: أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ فَقَدَ آتَى اللَّهُ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ؛ ب: أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ فَلَمْ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُلْكَ لِأَحَدٍ. 1
(3)
بَلْ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5)
أ، ب: بِهِ لَا لُطْفٌ.
(6)
هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .