الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ (1) قِيلَ: إِنَّ هَذَا جَائِزٌ أَمْكَنَ (2) وُجُودُ الْعَالَمِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْحَوَادِثِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَوَادِثَ حَدَثَتْ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ حَادِثَةً أَعْنِي نَوْعَ الْحَوَادِثِ، وَإِلَّا فَكُلُّ حَادِثٍ مُعَيَّنٍ فَهُوَ حَادِثٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.
[الأقوال الثلاثة في دوام أنواع الحوادث أزلا وأبدا]
وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي نَوْعِ الْحَوَادِثِ هَلْ يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمَاضِي، أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقَطْ، أَوْ لَا يُمْكِنُ دَوَامُهَا لَا فِي الْمَاضِي وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ (3) عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ أَهْلِ (4) النَّظَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ أَضْعَفُهَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: لَا يُمْكِنُ دَوَامُهَا لَا فِي الْمَاضِي، وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ (5) ، وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ، وَثَانِيهَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي كَقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مَنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَالشِّيعَةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ:[يُمْكِنُ](6) دَوَامُهَا فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ. كَمَا يَقُولُهُ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّةُ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ.
لَكِنِ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ كَأَرِسْطُو، وَشِيعَتِهِ يَقُولُونَ. بِدَوَامِ حَوَادِثِ الْفَلَكِ، وَأَنَّهُ مَا مِنْ دَوْرَةٍ إِلَّا وَهِيَ (7) مَسْبُوقَةٌ بِأُخْرَى لَا إِلَى أَوَّلٍ وَأَنَّ اللَّهَ
(1) ن، م: وَإِنْ.
(2)
ن، م: لَكِنْ.
(3)
أ، ب: أَوْ فِي الْمَاضِي فَقَطْ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
ن، م: لِأَهْلِ.
(5)
ن، م: كَقَوْلِ الْجَهْمِ.
(6)
يُمْكِنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(7)
وَهِيَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (م) .
لَمْ يَخْلُقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، [بَلْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا، كَمَا بُيِّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ] (1)، وَهَذَا كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمِلَلِ: الْمُسْلِمِينَ، وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَهَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِهَا يَقُولُونَ. بِأَزَلِيَّةِ الْحَوَادِثِ فِي الْمُمْكِنَاتِ، وَأَمَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، [وَرَبُّهُ، وَمَلِيكُهُ](2) ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ مُحْدَثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، فَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْخَالِقِ الْوَاجِبِ، وَالْمَخْلُوقِ الْمُمْكِنِ فِي دَوَامِ الْحَوَادِثِ وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَأَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ [الْقُدَمَاءِ](3)، فَهُمْ وَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الرَّبَّ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ (4) يَزَلْ حَيًّا فَعَّالًا فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ حَادِثٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْفَلَاسِفَةَ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ إِنْ جَوَّزُوا حُدُوثَ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ بَطَلَتْ عُمْدَتُهُمْ فِي قِدَمِ الْعَالَمِ، وَإِنْ مَنَعُوا ذَلِكَ امْتَنَعَ خُلُوُّ الْعَالَمِ عَنِ الْحَوَادِثِ، وَهُمْ [لَا] يُسَلِّمُونَ (5) أَنَّهُ لَمْ يَخْلُ مِنَ الْحَوَادِثِ.
وَإِذَا كَانَ [كُلُّ](6) مَوْجُودٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مُرَادَاتِ اللَّهِ الَّتِي يَخْلُقُهَا، فَإِنَّهُ مُقَارِنٌ (7)
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
أ، ب: وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ الْقُدَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْمِلَلِ.
(4)
أ، ب: أَوْ لَمَ.
(5)
ن، م، أ: وَهُمْ يُسَلِّمُونَ.
(6)
كُلُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(7)
ن (فَقَطْ) : مُفَارِقٌ.