الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَاعِلَ الْقَادِرَ يُرَجِّحُ أَحَدَ طَرَفَيْ مَقْدُورَيْهِ (1) عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ وَإِنْ وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ.
وَأَمَّا الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ الْمُخَالِفُونَ لَهُمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ، فَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِذَا تَكَلَّمُوا فِي مَسَائِلِ الْقَدَرِ وَخَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، (2 قَالُوا: إِنَّ الْقَادِرَ لَا يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ 2) (2) ، لَكِنْ إِذَا تَكَلَّمُوا فِي مَسَائِلِ فِعْلِ اللَّهِ، وَحُدُوثِ الْعَالَمِ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَالْمُخْتَارِ، وَمُنَاظَرَةِ الدَّهْرِيَّةِ، تَجِدُ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُنَاظِرُهُمْ مُنَاظَرَةَ مَنْ قَالَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ الْمُجْبِرَةِ بِأَنَّ الْفَاعِلَ الْمُخْتَارَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ بِلَا مُرَجِّحٍ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ (3) اضْطِرَابُهُمْ فِي هَذِهِ الْأُصُولِ [الْكِبَارِ](4) ، الَّتِي يَدُورُونَ فِيهَا بَيْنَ أُصُولِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ الْمُجْبِرَةِ الْمُعَطِّلَةِ لِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَلِصِفَةِ (5) اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، وَبَيْنَ أُصُولِ الْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ.
[نقد فلاسفة اليونان المشركين]
وَإِنْ كَانُوا مِنَ الصَّابِئِينَ فَهُمْ مِنَ الصَّابِئِينَ (6) الْمُشْرِكِينَ، لَا مِنَ الصَّابِئِينَ الْحُنَفَاءِ الَّذِينَ أَثْنَى عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ أُولَئِكَ يَعْبُدُونَ (7) الْكَوَاكِبَ وَيَبْنُونَ لَهَا (8) الْهَيَاكِلَ، وَيَتَّخِذُونَ فِيهَا الْأَصْنَامَ، وَهَذَا دِينُ
(1) ن، م، ا: مَقْدُورِهِ.
(2)
(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(3)
ا، ب: وَلِهَذَا يَظْهَرُ.
(4)
الْكِبَارِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
ن، م، ا: لِصِفَةِ.
(6)
الصَّابِئِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(7)
ا، ب: فَإِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ.
(8)
ن، م: وَيُثَبِّتُونَ لَهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ دِينُ أَهْلِ مَقْدُونِيَّةَ وَغَيْرِهَا مِنْ مَدَائِنِ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ الصَّابِئَةِ الْمُشْرِكِينَ.
وَالْإِسْكَنْدَرُ الَّذِي وُزِرَ لَهُ أَرِسْطُو هُوَ (1) الْإِسْكَنْدَرُ بْنُ فِيلِبْسَ الْمَقْدُونِيُّ الَّذِي تُؤَرِّخُ لَهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَكَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ [عليه السلام](2) بِثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ، لَيْسَ هُوَ ذَا الْقَرْنَيْنِ الْمَذْكُورَ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ هَذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ وَهُوَ مِنَ الْحُنَفَاءِ، وَذَاكَ هُوَ وَوَزِيرُهُ [أَرِسْطُو](3) كُفَّارٌ يَقُولُونَ بِالسِّحْرِ وَالشِّرْكِ.
وَلِهَذَا كَانَتِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ أَخَذَتْ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ فِي (4) الْعَقْلِ وَالنَّفْسِ، وَمَا تَقُولُهُ الْمَجُوسُ مِنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ، فَرَكِبُوا مِنْ ذَلِكَ وَمِنَ التَّشَيُّعِ، وَعَبَّرُوا عَنْ ذَلِكَ بِالسَّابِقِ وَالتَّالِي، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.
وَأَصْلُ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُعَطِّلَةِ (5) بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ أَصْلُ الْمَجُوسِ، وَالْقَدَرِيَّةُ تُخْرِجُ بَعْضَ (6) الْحَوَادِثِ عَنْ خَلْقِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، وَيَجْعَلُونَ لَهُ شَرِيكًا فِي الْمُلْكِ.
وَهَؤُلَاءِ الدَّهْرِيَّةُ شَرٌّ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ يَسْتَلْزِمُ إِخْرَاجَ جَمِيعِ الْحَوَادِثِ عَنْ خَلْقِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِثْبَاتِ شُرَكَاءَ كَثِيرِينَ لَهُ فِي الْمُلْكِ، بَلْ يَسْتَلْزِمُ تَعْطِيلَ الصَّانِعِ بِالْكُلِّيَّةِ. وَلِهَذَا كَانَ (7) مُعَلِّمُهُمُ الْأَوَّلُ أَرِسْطُو
(1) ب (فَقَطْ) : وَهُوَ.
(2)
عليه السلام: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(3)
أَرِسْطُو: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(4)
ب (فَقَطْ) : مَنَّ.
(5)
ا، ب: الْمُشْرِكِينَ الْمُعَطِّلِينَ.
(6)
ن (فَقَطْ) : بَعْدَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(7)
ن، م: بِالْكُلِّيَّةِ وَكَانَ.