الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّبَهُ (1) بِقَوْلِهِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (2)، [سُورَةُ الشُّورَى: 11] ، إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي فِيهَا مِنْ تَحْرِيفِ الْمَنْقُولِ (3) وَفَسَادِ الْمَعْقُولِ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ (4) .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ لَا يَخْلُفُهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّ الْخِلَافَةَ إِنَّمَا تَكُونُ عَنْ غَائِبٍ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ شَهِيدٌ مُدَبِّرٌ لِخَلْقِهِ لَا يَحْتَاجُ فِي تَدْبِيرِهِمْ إِلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ [سُبْحَانَهُ](5) خَالِقُ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ جَمِيعًا، بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ يَخْلُفُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِذَا غَابَ عَنْ أَهْلِهِ. وَيُرْوَى (6) أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ. فَقَالَ: بَلْ أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وَحَسْبِي ذَاكَ.
[الأحاديث الدالة على ثبوت خلافة أبي بكر]
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ الْمَذْكُورِ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَقَدَّمَ
(1) ن، م: الشُّبْهَةُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2)
انْظُرْ كَلَامَ ابْنِ عَرَبِيٍّ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَعَنِ التَّشْبِيهِ وَالتَّنْزِيهِ فِي " فُصُوصِ الْحِكَمِ " 1/68 - 71.
(3)
ن، م: الْقَوْلِ.
(4)
ن، م: مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ.
(5)
سُبْحَانَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
ن، م: وَرُوِيَ.
[إِيرَادُ بَعْضِهَا](1) مِثْلِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَمَّا جَاءَتْهُ الْمَرْأَةُ (2) تَسْأَلُهُ عَنْ أَمْرٍ، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ، فَقَالَ: " ائْتِي أَبَا بَكْرٍ» " (3) . وَمِثْلِ (4) قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم (5) فِي [الْحَدِيثِ] الصَّحِيحِ لِعَائِشَةَ [رضي الله عنها] (6) : "«ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ النَّاسُ بَعْدِي ". ثُمَّ قَالَ: " يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» " (7) .
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي [الْحَدِيثِ] الصَّحِيحِ (8) : " «رَأَيْتُ (9) كَأَنِّي عَلَى قَلِيبٍ أَنْزِعُ مِنْهَا، فَأَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا [مِنَ النَّاسِ] (10) يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى ضَرَبَ (11) النَّاسُ بِعَطَنٍ» "(12) .
(1) ن، م: فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(2)
ن: امْرَأَةٌ.
(3)
وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ مَرَّتَيْنِ (ص 488، 496) وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (ص 488، ت [0 - 9] ) .
(4)
ن، م: وَمِثْلُهُ.
(5)
صلى الله عليه وسلم: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
ن، م: فِي الصَّحِيحِ لِعَائِشَةَ.
(7)
وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ (ص 492، 496) وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (ص 492 ت [0 - 9] ) ، وَوَرَدَ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ مِنْ رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ (ص 492) .
(8)
ن، م: وَمِثْلُهُ فِي الصَّحِيحِ؛ ب: وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.
(9)
رَأَيْتُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(10)
مِنَ النَّاسِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(11)
ن، م، أ: صَدَرَ.
(12)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، ص [0 - 9]89.
وَمِثْلِ قَوْلِهِ: " «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» ". وَقَدْ رُوجِعَ فِي ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَصَلَّى بِهِمْ مُدَّةَ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ إِلَى يَوْمِ الْخَمِيسِ إِلَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، وَبَقِيَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِأَمْرِهِ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ، وَكَشَفَ السِّتَارَةَ يَوْمَ مَاتَ وَهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَسُّرَ بِذَلِكَ (1)، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَقِيلَ: لَيْسَ كَذَلِكَ.
وَمِثْلِ قَوْلِهِ فِي [الْحَدِيثِ](2) الصَّحِيحِ عَلَى مِنْبَرِهِ: " «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ (3) الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا سُدَّتْ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» "(4) .
(1) هَذِهِ الْأَخْبَارُ جَاءَتْ فِي كُتُبِ السِّيرَةِ، انْظُرْ مَثَلًا: سِيرَةَ ابْنِ هِشَامٍ 4/298 - 306؛ جَوَامِعَ السِّيرَةِ لِابْنِ حَزْمٍ، ص 262 - 265، وَجَاءَتْ بَعْضُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ فِي أَحَادِيثَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ رضي الله عنهما. انْظُرْ مَثَلًا: الْبُخَارِيَّ 1/139 - 140 (كِتَابُ الْأَذَانِ، بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ) ، 1/147 (كِتَابُ الْأَذَانِ، بَابُ هَلْ يَلْتَفِتُ لِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ. . .) ، 2/63 (كِتَابُ التَّهَجُّدِ، بَابُ مَنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِي صَلَاتِهِ) ، 4/149 - 150 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ) ، 6/12 - 13 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَفَاتِهِ) ، 9/97 - 98 (كِتَابُ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ وَالنِّزَاعِ فِي الْعِلْمِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/361، 6/96.
(2)
الْحَدِيثِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي قِسْمِهِ الْأَوَّلِ إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ: لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 1/96 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِي الْمَسْجِدِ) وَأَوَّلُهُ: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ. . . الْحَدِيثَ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ 5/4 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَابُ مَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سُدُّوا الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ) ؛ مُسْلِمٍ 4/1854 - 1855 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ. .) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/278 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) وَالْحَدِيثُ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ " وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ "؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/18. وَفِي " فَتْحِ الْبَارِي " 7/14؛ وَالْخَوْخَةُ طَاقَةٌ فِي الْجِدَارِ تُفْتَحُ لِأَجْلِ الضَّوْءِ وَلَا يُشْتَرَطُ عُلُوُّهَا، وَحَيْثُ تَكُونُ سُفْلَى يُمْكِنُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْهَا لِاسْتِقْرَابِ الْوُصُولِ إِلَى مَكَانٍ مَطْلُوبٍ ".
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْعَثِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ:" مَنْ رَأَى (1) مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا نَزَلَ (2) مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ وُزِنَ عُمَرُ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ، وَوُزِنَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَحَ عُمَرُ، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ. فَرَأَيْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» - " (3) .
وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَرَاهِيَةَ. فَاسْتَاءَ لَهَا (4) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي سَاءَهُ ذَلِكَ - فَقَالَ:" «خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ» "(5) . فَبَيَّنَ [النَّبِيُّ](6)
(1) ب: أَيْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ.
(2)
أ، ب: أُنْزِلَ.
(3)
وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ (ص 490) .
(4)
ن: قَالَ فَاشْتَكَاهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ، ص 490.
(6)
النَّبِيُّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
- صلى الله عليه وسلم أَنَّ وِلَايَةَ هَؤُلَاءِ خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ (1) ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مُلْكٌ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعِ النَّاسُ فِي زَمَانِهِ بَلْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ، لَمْ يَنْتَظِمْ فِيهِ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ وَلَا الْمُلْكُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبَانٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أُرِيَ (2) اللَّيْلَةَ رَجُلٌ صَالِحٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نِيطَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنِيطَ عُمَرُ بِأَبِي بَكْرٍ، وَنِيطَ عُثْمَانُ بِعُمَرَ ". قَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا: أَمَّا الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا الْمَنُوطُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَهُمْ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ» " (3) .
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ كَأَنَّ دَلْوًا أُدْلِيَ مِنَ السَّمَاءِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا (4) فَشَرِبَ شُرْبًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا (5) فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ،
(1) نُبُوَّةٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ن، م: رَأَى.
(3)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ ص 491 وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/290، وَفِيهَا: وَأَمَّا تَنَوُّطُ. . وَفِي " النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ " لِابْنِ الْأَثِيرِ 4/182 (ط. الْقَاهِرَةِ، 1311) : نِيطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيْ عُلِّقَ (بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا) .
(4)
ن: بِعَرَاقَتِهَا؛ أ: بِعَرَاقِهَا.
(5)
ن: بِعَرَاقَتِهَا؛ أ: بِعَرَاقِهَا.
ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا (1) فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا (2) فَانْتُشِطَتْ فَانْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ» (3) .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُهْمَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ» ". أَوْ [قَالَ](4) : " الْمُلْكَ ". قَالَ سَعِيدٌ: قَالَ لِي سَفِينَةُ: [أَمْسِكْ] ، مُدَّةُ (5) أَبِي بَكْرٍ سَنَتَانِ (6) ، وَعُمَرَ عَشْرٌ، وَعُثْمَانَ اثْنَتَا عَشْرَةَ (7)، وَعَلِيٍّ كَذَا. قَالَ سَعِيدٌ: قُلْتُ لِسَفِينَةَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ بِخَلِيفَةٍ. قَالَ: كَذَبَتْ أَسْتَاهُ بَنِي الزَّرْقَاءِ، يَعْنِي بَنِي مَرْوَانَ (8) . وَ [أَمْثَالُ]
(1) ن: بِعَرَاقَتِهَا؛ أ: بِعَرَاقِهَا.
(2)
ن: بِعَرَاقَتِهَا؛ أ: بِعَرَاقِهَا.
(3)
الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/290 - 291. وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 3/88: الْعَرَاقِي جَمْعُ عَرْقُوَةِ الدَّلْوِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الْمَعْرُوضَةُ عَلَى فَمِ الدَّلْوِ وَهُمَا عَرْقُوَتَانِ كَالصَّلِيبِ. . . تَضَلَّعَ (النِّهَايَةِ 3/23) : أَيْ أَكْثَرَ مِنَ الشُّرْبِ حَتَّى تَمَدَّدَ جَنْبُهُ وَأَضْلَاعُهُ. وَفِي اللِّسَانِ، مَادَّةِ: نَشَطَ، نَشَطَ الدَّلْوُ مِنَ الْبِئْرِ صُعُدًا بِغَيْرِ قَامَةٍ وَهِيَ الْبَكَرَةُ. . . وَيُقَالُ: نَشَطْتُ وَانْتَشَطْتُ: أَيِ انْتَزَعْتُ.
(4)
قَالَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
ن: قَالَ لِي بِنَفْسِهِ: مُدَّةُ. وَسَقَطَتْ " مُدَّةُ " مِنْ (م) .
(6)
ن، م، أ: سَنَتَيْنِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(7)
ن، م: اثْنَا عَشَرَ؛ أ: اثْنَيْ عَشَرَ.
(8)
الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/293 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي الْخُلَفَاءِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/341 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخِلَافَةِ) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُهْمَانَ وَلَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ) ؛ الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 3/71. وَأَسْتَاهٌ جَمْعُ اسْتٍ، وَفِي اللِّسَانِ، مَادَّةِ: سَتَهَ: " الْجَوْهَرِيُّ: وَالِاسْتُ الْعَجُزُ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا حَلْقَةُ الدُّبُرِ، وَأَصْلُهُ سَتَهٌ عَلَى فَعَلٍ بِالتَّحْرِيكِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ جَمْعَهُ أَسْتَاهٌ مِثْلُ جَمَلٍ وَأَجْمَالٍ. . وَيُقَالُ لِأَرْذَالِ النَّاسِ: هَؤُلَاءِ الْأَسْتَاهُ. وَالْمُرَادُ بِعِبَارَةِ سَفِينَةَ التَّحْقِيرُ ". وَتَكَلَّمَ الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيبُ (الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ، ص 57 ت [0 - 9] ) عَلَى سَنَدِ الْحَدِيثِ وَبَيَّنَ ضَعْفَهُ وَأَشَارَ إِلَى عَدَمِ تَصْحِيحِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ لَهُ فِي " الْعَوَاصِمِ مِنَ الْقَوَاصِمِ "، ص 201، الْقَاهِرَةُ، 1371، وَلَكِنَّ الْأَلْبَانِيَّ صَحَّحَ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 3/118.
هَذِهِ (1) الْأَحَادِيثِ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهَا مَنْ قَالَ: إِنَّ خِلَافَتَهُ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ (2) : إِنَّ خِلَافَتَهُ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، وَهُمْ يُسْنِدُونَ ذَلِكَ إِلَى أَحَادِيثَ مَعْرُوفَةٍ صَحِيحَةٍ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنْ خِلَافَةَ عَلِيٍّ أَوِ الْعَبَّاسِ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسَ مَعَهُمْ إِلَّا مُجَرَّدُ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ، الَّذِي يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ بِالضَّرُورَةِ كُلُّ مَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَحْوَالِ الْإِسْلَامِ، أَوِ اسْتِدْلَالٌ بِأَلْفَاظٍ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، كَحَدِيثِ اسْتِخْلَافِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَنَحْوِهِ مِمَّا سَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَيُقَالُ لِهَذَا: إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، كَانَ الْقَوْلُ بِهَذَا النَّصِّ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِذَاكَ (3) ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ هَذَا، بَطَلَ ذَاكَ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَلَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَخْبَرَ بِخِلَافَتِهِ إِخْبَارَ رَاضٍ بِذَلِكَ حَامِدٍ لَهُ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ عَهْدًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ الْكِتَابَ اكْتِفَاءً بِذَلِكَ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، ثُمَّ لَمَّا حَصَلَ لِبَعْضِهِمْ (4) شَكٌّ: هَلْ
(1) ن، م: وَهَذِهِ.
(2)
ن، م: تَقُولُ.
(3)
أ، ب: بِذَلِكَ.
(4)
ن، م: لَهُمْ.
ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْ جِهَةِ الْمَرَضِ، أَوْ هُوَ قَوْلٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ؟ تَرَكَ الْكِتَابَةَ اكْتِفَاءً بِمَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَخْتَارُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ مِنْ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ [رضي الله عنه](1) .
فَلَوْ كَانَ التَّعْيِينُ مِمَّا يُشْتَبَهُ عَلَى الْأُمَّةِ، لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ (2) صلى الله عليه وسلم بَيَانًا قَاطِعًا لِلْعُذْرِ، لَكِنْ لَمَّا دَلَّتْهُمْ (3) دِلَالَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ (4) وَفَهِمُوا ذَلِكَ، حَصَلَ الْمَقْصُودُ (* وَالْأَحْكَامُ يُبَيِّنُهَا صلى الله عليه وسلم تَارَةً بِصِيغَةٍ عَامَّةٍ (5) وَتَارَةً بِصِيغَةٍ خَاصَّةٍ *) (6) وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ [بْنُ الْخَطَّابِ] (7) فِي خُطْبَتِهِ الَّتِي خَطَبَهَا بِمَحْضَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ:" وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلُ (8) أَبِي بَكْرٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (9) .
(1) رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ)، (ب) . وَخَبَرُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَمِيسِ وَعَزْمِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ حَوْلَهُ وَعُدُولِهِ عَنْ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ انْظُرْ: 1 (كِتَابَ الْعِلْمِ، بَابَ كِتَابَةِ الْعِلْمِ) ، 4/99 (كِتَابَ الْجِزْيَةِ، وَالْمُوَادَعَةِ، بَابَ إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) ، 6/9 - 10 (كِتَابَ الْمَغَازِي، بَابَ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَفَاتِهِ) ، 7/120 (كِتَابَ الْمَرْضَى، بَابَ قَوْلِ الْمَرِيضِ: إِنِّي وَجِعٌ. .) ، 9/111 - 112 (كِتَابَ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَابَ كَرَاهِيَةِ الْخِلَافِ) .
(2)
أ، ب: رَسُولُ اللَّهِ.
(3)
أ، ب: دَلَّهُمْ.
(4)
ن، م: الْمُعَيَّنُ.
(5)
ن: تَامَّةٍ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .
(6)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
بْنُ الْخَطَّابِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(8)
ن، م: غَيْرُ.
(9)
هَذِهِ جُمْلَةٌ مِنْ خُطْبَةٍ طَوِيلَةٍ لِعُمَرَ رضي الله عنه وَقَدْ وَرَدَتْ فِي الْبُخَارِيِّ 8/169 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَى إِذَا أُحْصِنَتْ) ؛ ابْنِ هِشَامٍ: (السِّيرَةُ النَّبَوِيَّةُ) 4/309، الْقَاهِرَةُ، 1355/1936؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ج [0 - 9] ، الْأَثَرِ 391 (ص [0 - 9] 26) . وَقَدْ وَجَدْتُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ 3/1317 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ رَجْمِ الثَّيِّبِ مِنَ الزِّنَى) قِطْعَةً مِنْ خُطْبَةِ عُمَرَ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ، وَانْظُرْ جَامِعَ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 4/480. وَيَشْرَحُ ابْنُ حَجَرٍ (فَتْحَ الْبَارِي 12/125) مَعْنَى الْجُمْلَةِ فَيَقُولُ:" قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ أَنَّ السَّابِقَ مِنْكُمُ الَّذِي لَا يَلْحَقُ فِي الْفَضْلِ لَا يَصِلُ إِلَى مَنْزِلَةِ أَبِي بَكْرٍ. . . وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ: تُقْطَعُ الْأَعْنَاقُ، لِكَوْنِ النَّاظِرِ إِلَى السَّابِقِ تَمْتَدُّ عُنُقُهُ لِيَنْظُرَ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ مِنْ سَبْقِ مَنْ يُرِيدُ سَبْقَهُ، قِيلَ: انْقَطَعَتْ عُنُقُهُ ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ [أَيْضًا](1) عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ: " أَنْتَ (2) خَيْرُنَا وَسَيِّدُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (3) " وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ، وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: إِنَّ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ مِنْهُ، وَلَمْ يُنَازِعْ أَحَدٌ فِي خِلَافَتِهِ إِلَّا بَعْضَ الْأَنْصَارِ طَمَعًا فِي أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَمِيرٌ وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَمِيرٌ، وَهَذَا مِمَّا ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بُطْلَانُهُ، ثُمَّ الْأَنْصَارُ جَمِيعُهُمْ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ (4) إِلَّا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي كَانَ يَطْلُبُ الْوِلَايَةَ (5) .
(1) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
ن، م: أَنَّهُ.
(3)
الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ 5/7 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) ، 8/168 - 171 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ رَجْمِ الْحُبْلَى. .) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 1/323 - 327.
(4)
مَوْقِفُ الْأَنْصَارِ وَاجْتِمَاعُهُمْ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَطَلَبُهُمْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَمِيرٌ وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَمِيرٌ، تُوَضِّحُهُ الْأَحَادِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي التَّعْلِيقَيْنِ السَّابِقَيْنِ. وَانْظُرْ سِيرَةَ ابْنِ هِشَامٍ 4/307 - 310؟
(5)
م: هُوَ الَّذِي طَلَبَ الْوِلَايَةَ، وَمَوْقِفُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ يَرْوِيهِ ابْنُ سَعْدٍ: الطَّبَقَاتُ الْكُبْرَى، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص 144 - 145، ط. لِيدِنْ، 1321/1904. وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ مِنْ قَبُولِ سَعْدٍ فِيمَا بَعْدُ لِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 5/247، الْقَاهِرَةُ، 1351/1932. وَسَيَرِدُ بَعْدَ قَلِيلٍ مَا نَقَلَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِهَذَا الصَّدَدِ.
وَلَمْ يَقُلْ [قَطُّ](1) أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَصَّ عَلَى غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه (2) : لَا عَلَى الْعَبَّاسِ وَلَا عَلَى عَلِيٍّ وَلَا عَلَى (3) غَيْرِهِمَا، وَلَا ادَّعَى الْعَبَّاسُ وَلَا عَلِيٌّ -[وَلَا أَحَدٌ](4) مِمَّنْ يُحِبُّهُمَا - الْخِلَافَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ. بَلْ وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: إِنَّ فِي قُرَيْشٍ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ: لَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَا مِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ (5) . وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَعْلَمُهُ (6) الْعُلَمَاءُ الْعَالِمُونَ (7) بِالْآثَارِ وَالسُّنَنِ وَالْحَدِيثِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ بِالِاضْطِرَارِ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، مِثْلِ أَبِي سُفْيَانَ وَخَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ (8) ، أَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ لَا تَكُونَ الْخِلَافَةُ [إِلَّا](9) فِي بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ،
(1) قَطُّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(3)
عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
وَلَا أَحَدٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5)
ن، م: وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ.
(6)
ن: يَعْلَمُ.
(7)
أ، ب، م: الْعَامِلُونَ.
(8)
خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْأُمَوِيُّ، أَبُو سَعِيدٍ. يُقَالُ: إِنَّهُ خَامِسُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي تَارِيخِ وَفَاتِهِ رضي الله عنه فَقِيلَ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مَرْجِ الصُّفَّرِ، وَقِيلَ: يَوْمَ أَجْنَادِينَ. انْظُرِ: الْإِصَابَةَ لِابْنِ حَجَرٍ 1/406؛ أُسْدَ الْغَابَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 2/97 - 98.
(9)
إِلَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ (1) فَلَمْ يَلْتَفِتَا (2) إِلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ، لِعِلْمِهِمَا وَعِلْمِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ.
فَفِي الْجُمْلَةِ جَمِيعُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ مِنَ الْأَنْصَارِ وَبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ (3) أَنَّهُ طَلَبَ تَوْلِيَةَ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ يَذْكُرْ حُجَّةً دِينِيَّةً شَرْعِيَّةً، وَلَا ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ أَحَقُّ وَأَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا نَشَأَ كَلَامُهُ عَنْ حُبٍّ لِقَوْمِهِ وَقَبِيلَتِهِ، وَإِرَادَةٍ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ الْإِمَامَةُ (4) فِي قَبِيلَتِهِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا الطُّرُقِ الدِّينِيَّةِ، وَلَا هُوَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ (5) وَرَسُولُهُ الْمُؤْمِنِينَ بِاتِّبَاعِهِ، بَلْ هُوَ شُعْبَةٌ (6) جَاهِلِيَّةٌ، وَنَوْعُ عَصَبِيَّةٍ لِلْأَنْسَابِ (7) وَالْقَبَائِلِ. وَهَذَا مِمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا (8)[صلى الله عليه وسلم](9) بِهَجْرِهِ وَإِبْطَالِهِ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ (10) قَالَ: " «أَرْبَعٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي أُمَّتِي لَنْ يَدَعُوهُنَّ: الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالِاسْتِقَاءُ بِالنُّجُومِ» "(11) .
(1) وَعَلِيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ن، م: فَلَمْ يَلْتَفِتْ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
أ، ب: مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ.
(4)
ن. الْإِمَارَةُ.
(5)
ن، م: أَمَرَ اللَّهُ بِهِ. . .
(6)
ن، م: شِيعَةٌ.
(7)
ن، م: لِلْإِنْسَانِ؛ أ: الْإِنْسَانِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .
(8)
ن، م: اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا. . .
(9)
صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(10)
أ، ب: وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ. .
(11)
الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 2/644 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ التَّشْدِيدِ فِي النِّيَاحَةِ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/342، 343، 344؛ الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 1/383؛ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لِلْأَلْبَانِيِّ 2/299 حَدِيثٍ رَقْمِ 734.
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:" «مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَتَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أُمِّهِ وَلَا تَكْنُوا» (1) ".
وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ رَجُلَانِ: مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ» "(2) .
وَأَمَّا كَوْنُ الْخِلَافَةِ فِي قُرَيْشٍ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنْ شَرْعِهِ وَدِينِهِ (3) ، كَانَتِ النُّصُوصُ بِذَلِكَ مَعْرُوفَةً مَنْقُولَةً مَأْثُورَةً يَذْكُرُهَا الصَّحَابَةُ. بِخِلَافِ
(1) الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/136 عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه. وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 4/256: " وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تَكْنُوا. أَيْ قُولُوا لَهُ: عَضَّ أَيْرَ أَبِيكَ ". وَفِي اللِّسَانِ: " هَنُ الْمَرْأَةِ: فَرْجُهَا ".
(2)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/450 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابٌ فِي التَّفَاخُرِ بِالْأَحْسَابِ) وَنَصُّهُ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونَنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ ". وَفِي اللِّسَانِ (مَادَّةِ: عَبَبَ) : " وَالْعُبِّيَّةُ وَالْعِبِّيَّةُ: الْكِبْرُ وَالْفَخْرُ. . . " وَعُبِّيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ نَخْوَتُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظُّمَهَا بِآبَائِهَا: يَعْنِي: الْكِبْرَ ". وَقَالَ شَارِحُ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: " وَالْجِعْلَانُ: جَمْعُ جُعَلٍ - بِزِنَةِ صُرَدٍ - وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ تُدِيرُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهَا ". وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/390 - 391 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابٌ فِي ثَقِيفٍ وَبَنِي حَنِيفَةَ) . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 16/300 (وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله) وَحَسَّنَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 2/119.
(3)
م: مِنْ دِينِهِ وَشَرْعِهِ.
كَوْنِ الْخِلَافَةِ فِي بَطْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِ نَصًّا، بَلْ وَلَا قَالَ أَحَدٌ: إِنَّهُ [كَانَ] فِي قُرَيْشٍ (1) مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ فِي دِينِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ.
وَمِثْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ كُلَّمَا تَدَبَّرَهَا الْعَالِمُ، وَتَدَبَّرَ (2) النُّصُوصَ الثَّابِتَةَ وَسِيَرَ (3) الصَّحَابَةِ، حَصَلَ لَهُ عُلُومٌ ضَرُورِيَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهَا عَنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ أَحَقَّ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ، وَأَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ بَيِّنٌ ظَاهِرٌ عِنْدَهُمْ، لَيْسَ فِيهِ اشْتِبَاهٌ عَلَيْهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ [رَسُولُ اللَّهِ] (4) صلى الله عليه وسلم:" «يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ".
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ الَّذِي عِنْدَهُمْ بِفَضْلِهِ وَتَقَدُّمِهِ، إِنَّمَا اسْتَفَادُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأُمُورٍ سَمِعُوهَا وَعَايَنُوهَا، [وَ] حَصَلَ (5) بِهَا لَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا عَلِمُوا [بِهِ](6) أَنَّ الصِّدِّيقَ أَحَقُّ الْأُمَّةِ بِخِلَافَةِ نَبِيِّهِمْ، وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَ نَبِيِّهِمْ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُشَابِهُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ فِي ذَلِكَ إِلَى مُنَاظَرَةٍ.
(1) ن، م: أَحَدٌ أَنَّ فِي قُرَيْشٍ.
(2)
أ، ب: تَدَبَّرَهَا الْعَالِمُ تَدَبَّرَ.
(3)
أ، ب: وَسَائِرَ.
(4)
رَسُولُ اللَّهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
ن، م: وَعَايَنُوهَا حَصَلَ.
(6)
بِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَطُّ (1) : إِنَّ عُمَرَ [بْنَ الْخَطَّابِ](2) ، أَوْ عُثْمَانَ، أَوْ عَلِيًّا، [أَوْ غَيْرَهُمْ](3) أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ مِنْهُ. وَكَيْفَ يَقُولُونَ (4) ذَلِكَ، وَهُمْ دَائِمًا يَرَوْنَ مِنْ تَقْدِيمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَتَفْضِيلِهِ لَهُ، وَتَخْصِيصِهِ بِالتَّعْظِيمِ، مَا قَدْ ظَهَرَ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ؟ ! حَتَّى أَنَّ أَعْدَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقِينَ، يَعْلَمُونَ أَنَّ لِأَبِي بَكْرٍ مِنَ الِاخْتِصَاصِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ.
كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ [أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ](5) ؟ ثُمَّ قَالَ (6) أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ [أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟](7) وَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (8) : " «لَا تُجِيبُوهُ» " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (9) كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ بِتَمَامِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (10) .
(1) قَطُّ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(2)
بْنَ الْخَطَّابِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
أَوْ غَيْرَهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
أ، ب: يَقُولُ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
ثُمَّ قَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(8)
صلى الله عليه وسلم: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(9)
الْحَدِيثُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 4/65 - 66 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الْحَرْبِ) ، 5/94 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/293، وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي مُسْلِمٍ. وَانْظُرْ: جَامِعَ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ 9/176 - 178.
(10)
أ، ب: كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِتَمَامِهِ.
حَتَّى إِنِّي أَعْلَمُ طَائِفَةً مِنْ حُذَّاقِ الْمُنَافِقِينَ مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ رَجُلًا عَاقِلًا أَقَامَ الرِّيَاسَةَ بِعَقْلِهِ وَحِذْقِهِ، يَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مُبَاطِنًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ يَعْلَمُ أَسْرَارَهُ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.
فَقَدْ ظَهَرَ لِعَامَّةِ الْخَلَائِقِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ [رضي الله عنه](1) كَانَ أَخَصَّ النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا النَّبِيُّ وَهَذَا صِدِّيقُهُ، فَإِذَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَفْضَلَ النَّبِيِّينَ فَصِدِّيقُهُ أَفْضَلُ الصِّدِّيقِينَ.
فَخِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ دَلَّتِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ عَلَى صِحَّتِهَا وَثُبُوتِهَا وَرِضَا اللَّهِ وَرَسُولِ [اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] لَهُ (2) بِهَا، وَانْعَقَدَتْ بِمُبَايَعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ وَاخْتِيَارِهِمْ إِيَّاهُ اخْتِيَارًا اسْتَنَدُوا فِيهِ إِلَى مَا عَلِمُوهُ مِنْ تَفْضِيلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنَّهُ أَحَقُّهُمْ بِهَذَا الْأَمْرِ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَصَارَتْ ثَابِتَةً بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ جَمِيعًا.
وَلَكِنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى رِضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِهَا (3) ، وَأَنَّهَا حَقٌّ، وَأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهَا وَقَدَّرَهَا، وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَخْتَارُونَهَا، وَكَانَ هَذَا أَبْلَغَ مِنْ مُجَرَّدِ الْعَهْدِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ يَكُونُ طَرِيقُ ثُبُوتِهَا مُجَرَّدَ الْعَهْدِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدِ اخْتَارُوهُ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ، وَدَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى صَوَابِهِمْ فِيمَا فَعَلُوهُ، وَرِضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِذَلِكَ، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى
(1) رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
ن، م: وَرَسُولِهِ بِهَا.
(3)
ن (فَقَطْ) : عَلَى رِضَا اللَّهِ عَنْهُ وَرَسُولِهِ بِهَا.
أَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ (1) فِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي بَانَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ، مَا عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ أَنَّهُ أَحَقُّهُمْ بِالْخِلَافَةِ، وَأَنَّ (2) ذَلِكَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى عَهْدٍ خَاصٍّ.
كَمَا قَالَ (3) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ، [فَقَالَ لِعَائِشَةَ:" «ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ: " «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ، أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، وَيَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ» "(4) .
فَبَيَّنَ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا خَوْفًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ وَاضِحٌ ظَاهِرٌ لَيْسَ مِمَّا يُقْبَلُ النِّزَاعُ فِيهِ، وَالْأُمَّةُ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِنَبِيِّهَا، وَهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَأَفْضَلُ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَلَا يَتَنَازَعُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْوَاضِحِ الْجَلِيِّ، فَإِنَّ النِّزَاعَ إِنَّمَا يَكُونُ لِخَفَاءِ الْعِلْمِ أَوْ لِسُوءِ الْقَصْدِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ مُنْتَفٍ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِفَضِيلَةِ أَبِي بَكْرٍ جَلِيٌّ، وَسُوءَ الْقَصْدِ لَا يَقَعُ مِنْ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ الْقُرُونِ] (5) ؛ وَلِهَذَا قَالَ (6) :" «يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» "، فَتَرَكَ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ [ظُهُورَ](7)
(1) ن، م: كَانَتْ.
(2)
أ، ب: فَإِنَّ.
(3)
ن: كَمَا أَنَّ.
(4)
سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْحَدِيثِ مِنْ قَبْلُ. انْظُرْ: ص 511 ت 7.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
ن، م: ثُمَّ قَالَ.
(7)
ظُهُورَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .