الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي كِتَابِ] (تَثْبِيتِ النُّبُوَّةِ)(1) .
[تحريم كتمان العلم]
[ (فَصْلٌ (2) .) ] .
فَلَمَّا أَلَحُّوا فِي طَلَبِ الرَّدِّ لِهَذَا الضَّلَالِ الْمُبِينِ، ذَاكِرِينَ أَنَّ فِي الْإِعْرَاضِ [عَنْ ذَلِكَ خِذْلَانًا لِلْمُؤْمِنِينَ] ، وَظَنَّ (3) أَهْلُ الطُّغْيَانِ نَوْعًا مِنَ الْعَجْزِ [عَنْ](4) رَدِّ هَذَا الْبُهْتَانِ، فَكَتَبْتُ مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْبَيَانِ، [وَفَاءً بِمَا أَخَذَهُ اللَّهُ مِنَ] الْمِيثَاقِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْإِيمَانِ، وَقِيَامًا بِالْقِسْطِ، وَشَهَادَةً
(1) فِي (أ) ، (ب)، (ل) : نَقَلَ هَذَا. إِلَخْ، كُتِبَتِ الْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةً وَمُضْطَرِبَةً. وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ هُوَ الْقَاضِي عِمَادُ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيُّ الْأَسَدَابَادِيُّ، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ فِي عَصْرِهِ، وَهُمْ يُلَقِّبُونَهُ " قَاضِيَ الْقُضَاةِ "، تُوُفِّيَ سَنَةَ 415، وَلَهُ مُؤَلِّفَاتٌ كَثِيرَةٌ أَهَمُّهَا " الْمُغْنِي فِي الْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ " وَ " شَرْحُ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ " وَ " تَثْبِيتُ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " وَ " تَنْزِيهُ الْقُرْآنِ عَنِ الْمَطَاعِنِ ". انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَمَذْهَبَهُ فِي: شَرْحِ الْعُيُونِ لِلْجُشَمِيِّ (ضِمْنَ كِتَابِ " فَضْلِ الِاعْتِزَالَ وَطَبَقَاتِ الْمُعْتَزِلَةِ "، تَحْقِيقَ الْأُسْتَاذِ فُؤَاد سَيِّد، الدَّارَ التُّونِسِيَّةَ لِلنَّشْرِ، 1393 - 1974) ص 365 - 371؛ طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 5/97 - 98؛ لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/386 - 387؛ تَارِيخَ بَغْدَادَ 11/113 - 115؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/202 - 203؛ الْأَعْلَامَ 4/47. وَتَرْجَمَ لَهُ سَزْكِينُ مُجَلَّدَ 1 ج [0 - 9] ص [0 - 9] 1 - 84 وَذَكَرَ أَنَّهُ تُوجَدُ نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ مِنْ كِتَابِ تَثْبِيتِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ فِي مَكْتَبَةِ شَهِيد عَلِي (إِسْتَانْبُولَ) . وَتُوجَدُ مُصَوَّرَةٌ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ فِي مَعْهَدِ الْمَخْطُوطَاتِ الْعَرَبِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ بِرَقْمِ 60 تَوْحِيدٌ) . وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي كِتَابِهِ " تَثْبِيتِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " 1/549 تَحْقِيقُ د. عَبْدِ الْكَرِيمِ عُثْمَان رحمه الله ، ط. دَارِ الْعَرَبِيَّةِ، بَيْرُوتَ، 1386/1966.
(2)
فَصْلٌ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ل) ، (ب) .
(3)
ن، م: فَظَنَّ.
(4)
عَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
لِلَّهِ (1)، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 135] ، وَاللَّيُّ (2) هُوَ تَغْيِيرُ الشَّهَادَةِ، [وَالْإِعْرَاضُ كِتْمَانُهَا.
وَاللَّهُ تَعَالَى] قَدْ أَمَرَ بِالصِّدْقِ، وَالْبَيَانِ، وَنَهَى عَنِ الْكَذِبِ، وَالْكِتْمَانِ فِيمَا يُحْتَاجُ [إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَإِظْهَارِهِ، كَمَا قَالَ: النَّبِيُّ](3) صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: ( «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا، وَبَيَّنَا بُورِكَ [لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا، وَكَذَّبَا» (4) ] «مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» (5) .) .
وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 8] .
(1) ن، م: شَهَادَةِ اللَّهِ.
(2)
أ: وَاللَّائِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ.
(3)
النَّبِيُّ: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(4)
م: وَإِنْ كَذَّبَا وَكَتَمَا.
(5)
الْحَدِيثَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. انْظُرْ مَثَلًا الْبُخَارِيَّ 3/58 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ وَلَمْ يَكْتُمَا.) ، 3/64 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) ؛ مُسْلِمٌ 3/1164 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ الصِّدْقِ فِي الْبَيْعِ وَالْبَيَانِ) . وَالْحَدِيثُ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - بِمَعْنَاهُ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ.
وَمِنْ أَعْظَمِ الشَّهَادَاتِ مَا جَعَلَ اللَّهُ [أُمَّةَ مُحَمَّدٍ (1) ] شُهَدَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 143] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 78] ، وَالْمَعْنَى [عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ اللَّهَ سَمَّاهُمُ] الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَفِي الْقُرْآنِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 140]، وَقَالَ تَعَالَى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 187]، وَقَالَ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 159 - 160] ، لَا سِيَّمَا الْكِتْمَانَ إِذَا لَعَنَ [آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، كَمَا فِي الْأَثَرِ: «إِذَا لَعَنَ] آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُظْهِرْهُ، فَإِنَّ كَاتِمَ الْعِلْمِ يَوْمَئِذٍ كَكَاتِمِ [مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ» (2) .
(1) م: مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
(2)
م: مَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/96 - 97. (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَمَنْ كَتَمَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ " وَذَكَرَ الْمُحَقِّقُ: " فِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ حُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ كَذَّابٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ السِّرِيِّ، ضَعِيفٌ. وَفِي الْأَطْرَافِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ. وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَهُمَا وَسَائِطَ فَفِيهِ انْقِطَاعٌ أَيْضًا ".
وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ] هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ (1) الَّذِينَ قَامُوا بِالدِّينِ تَصْدِيقًا، وَعِلْمًا، وَعَمَلًا، وَتَبْلِيغًا، فَالطَّعْنُ فِيهِمْ [طَعْنٌ فِي الدِّينِ مُوجِبٌ لِلْإِعْرَاضِ عَمَّا] بَعَثَ اللَّهُ بِهِ (2) النَّبِيِّينَ.
وَهَذَا كَانَ مَقْصُودَ أَوَّلِ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةَ التَّشَيُّعِ (3) ، فَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُ (4)[الصَّدَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِبْطَالَ مَا جَاءَتْ] بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ، وَلِهَذَا كَانُوا يُظْهِرُونَ ذَلِكَ بِحَسَبِ ضَعْفِ الْمِلَّةِ، فَظَهَرَ [فِي الْمَلَاحِدَةِ حَقِيقَةُ هَذِهِ الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ] لَكِنْ رَاجَ كَثِيرٌ مِنْهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُلْحِدِينَ، لِنَوْعٍ مِنَ الشُّبْهَةِ، وَالْجَهَالَةِ [الْمَخْلُوطَةِ (5) بِهَوًى، فَقُبِلَ (6) مَعَهُ الضَّلَالَةُ] ، وَهَذَا أَصْلُ كُلِّ بَاطِلٍ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (7){وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى - مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 1 - 4] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى - أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى - تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى - إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 19 - 23] ، فَنَزَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَنِ الضَّلَالِ، وَالْغَيِّ، وَالضَّلَالُ عَدَمُ الْعِلْمِ، وَالْغَيُّ اتِّبَاعُ الْهَوَى.
(1) هُمْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(2)
بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(3)
ن: الشِّيَعِ.
(4)
ن، م: مَقْصُودُهُ.
(5)
م: الْمُخْتَلِطَةِ.
(6)
م: تُقْبَلُ.
(7)
أ، ل، ب: قَالَ تَعَالَى.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 72] ، فَالظَّلُومُ غَاوٍ، وَالْجَهُولُ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 73](1) .
وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَقُولَ فِي صَلَاتِنَا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، [فَالضَّالُّ الَّذِي لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ] كَالنَّصَارَى، وَالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ (2) الْغَاوِي الَّذِي يَعْرِفُ الْحَقَّ، وَيَعْمَلُ بِخِلَافِهِ كَالْيَهُودِ.
وَالصِّرَاطُ [الْمُسْتَقِيمُ يَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ] وَالْعَمَلَ بِهِ، كَمَا فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ:«اللَّهُمَّ أَرِنِي الْحَقَّ حَقًّا، وَوَفِّقْنِي لِاتِّبَاعِهِ، وَأَرِنِي الْبَاطِلَ [بَاطِلًا، وَوَفِّقْنِي لِاجْتِنَابِهِ، وَلَا تَجْعَلْهُ] مُشْتَبِهًا عَلَيَّ، فَأَتَّبِعَ الْهَوَى» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ [رضي الله عنها (3) ]«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (4) كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي يَقُولُ: (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» ) (5) ، فَمَنْ خَرَجَ
(1) ن، م: وَالْمُؤْمِنَاتِ. . الْآيَةَ.
(2)
ن، م: عَلَيْهِمْ.
(3)
رضي الله عنها: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(4)
م: عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(5)
الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 1/534 (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقِيَامِهِ) وَأَوَّلُهُ:. . حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: " اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ. . الْحَدِيثَ ".
عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ كَانَ مُتَّبِعًا لِظَنِّهِ، وَمَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ، وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
وَهَذَا حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ، وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ، فَفِيهِمْ جَهْلٌ، وَظُلْمٌ، لَا سِيَّمَا الرَّافِضَةِ، فَإِنَّهُمْ أَعْظَمُ ذَوِي الْأَهْوَاءِ جَهْلًا وَظُلْمًا يُعَادُونَ خِيَارَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ [تَعَالَى](1) مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّينَ، مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ (2) ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رضي الله عنهم، وَرَضُوا عَنْهُ، وَيُوَالُونَ الْكُفَّارَ، وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَالْمُشْرِكِينَ، وَأَصْنَافِ الْمُلْحِدِينَ كَالنُّصَيْرِيَّةِ، وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الضَّالِّينَ (3) ، فَتَجِدُهُمْ، أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ إِذَا اخْتَصَمَ خَصْمَانِ فِي رَبِّهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْكُفَّارِ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ - سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِقَوْلٍ، أَوْ عَمَلٍ كَالْحُرُوبِ الَّتِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْمُشْرِكِينَ - تَجِدُهُمْ يُعَاوِنُونَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْقُرْآنِ.
كَمَا قَدْ جَرَّبَهُ النَّاسُ مِنْهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي مِثْلِ إِعَانَتِهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ (4) مِنَ التُّرْكِ، وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِخُرَاسَانَ، وَالْعِرَاقِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَالشَّامِ، وَغَيْرِ
(1) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .
(2)
ن: مِنَ السَّابِقِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
(3)
ن، م: الْغَالِينَ.
(4)
ن، م: الْمُشْرِكِينَ.