الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9-
المسند الكبير.
10-
الأشربة.
11-
الهبة.
12-
أسامي الصحابة الوحدان.
13-
المبسوط.
14-
المؤتلف والمختلف.
15-
العلل.
16-
الكني.
17-
الفوائد.
18-
قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم.
19-
رفع اليدين في الصلاة.
20-
القراءة خلف الإمام.
21-
بر الوالدين.
22-
الضعفاء.
1 - الجامع الصحيح:
أ - دوافع تأليف:
من خلال ما تقدم عرضه - في المباحث السابقة - من كتب السنة والحديث التي سبقت ظهور الجامع الصحيح نلاحظ أن تلك المؤلفات لم تفرد الحديث الصحيح بالتأليف وإنما كانت تضم الصحيح والضعيف والمعلول وأحياناً الجرح والتعديل وغيرها من علوم الحديث كما تقدم بيانه سابقاً. وكان علماء الحديث يفعلون ذلك ثقة منهم أنه في إمكان أي محدث أو فقيه أن يميز هذا من ذاك، من غير تنصيص من هؤلاء المؤلفين. لكن يبدو أن هذا
الأمر أصبح عسيراً في النصف الأول من القرن الثالث الهجري. فقد استطال السند، وكثر الرواة، وتشعبت الطرق، فأصبح من العسير جداً على غير الأئمة النقاد التمييز بين الصحيح من عشرات الأحاديث والطرق الضعيفة أو المعلولة للحديث الواحد. وأصبحت الحاجة ماسة جداً إلى وضع كتاب يضم الصحيح فقط ويتحاشى الضعيف والمعلول. وليس هذا فحسب، بل أن يكون مختصراً، إذ المؤلفات السابقة، كما مر في المباحث المتقدمة، كانت واسعة وكبيرة وخاصة الجوامع والمسانيد، وحتى لا يكون هذا لاختصار مخلاً فالإمام البخاري جعل كتابه شاملاً لأهم مقاصد تلك الكتب السابقة، ففيه ما يتعلق بالتوحيد، وفيه ما يتعلق بالفقه والأحكام، وفيه ما يتعلق بالتفسير، وما يتعلق بالسير والمغازي، والشمائل والمناقب، والطب والرؤيا، ومن ثمة كان حرياً أن يوصف بأحسن وخير كتب الإسلام كما وصفه بذلك الإمام المجدد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (1) .
وقد أعلن هذه الحاجة المحدث الكبير شيخ الإمام البخاري. الإمام إسحاق بن راهوية في مجلس من مجالسه العلمية قال: " لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قال الإمام البخاري: " فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح "(2) .
وقد ظهر لي غرض آخر دفع البخاري إلى تأليف جامعه وهو تلك
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم - مكتبة المعارف - الرباط، المغرب، ج18 ص73، 74.
(2)
هدي الساري مقدمة فتح الباري ص9.
الموجة من البدع التي ظهرت في القرنين الثاني والثالث، كالإرجاء والاعتزال والخروج، والتجهم والنصب، والتشيع، وبدع سلوكية كالتصوف الغالي، وبدع مذهبية فروعية، كالتعصب لإمام ما والإقبال على استعمال الرأي وتكلف القياس وأطراح السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك كله جرد الإمام البخاري نفسه من خلال جامعه للرد على كل هذه البدع بالسنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فكتاب " الإيمان " من " جامعه " قد ذكر فيه مذهب أهل السنة والجماعة في حقيقة الإيمان من أنه قول وعمل، يزيد وينقص وضمنه الرد على المرجئة، وهذا واضح في كثير من تراجم هذا الكتاب منها:
" دعاؤكم إيمانكم "، " أمور الإيمان "، " من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه "، " علامة الإيمان حب الأنصار "، " تفاضل أهل الإيمان "، " الصلاة من الإيمان "، " اتباع الجنائز من الإيمان"، " زيادة الإيمان ونقصانه "، وكذلك ضمنه الرد على غلاة الخوارج والمعتزلة الذين يجعلون الأعمال ركناً من الإيمان يزول بزوالها. فيكفرون أهل الكبائر ويحكمون بخلودهم في النار، وهذا الرد في التراجم التالية:" كفران العشير، وكفر دون كفر " و " المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها إلا بالشرك "، " ظلم دون ظلم ".
وأما كتاب " فضائل الصحابة " وكتاب " مناقب الأنصار " فقد ضمنها الرد على الشيعة الروافض والناصبة، والخوارج وغيرهم من المنحرفين عن أصحاب رسول الله كلهم أو بعضهم، فقد أورد مناقب أبي بكر وعمر وعثمان، وفضل عائشة، ومعاوية وهذا رد على الشيعة. وأورد فيه ما يدل على فضل علي والحسن والحسين، ومناقب فاطمة وهذا رد على الخوارج (1) والنواصب (2) .
(1) هم الذين أنكروا على علي رضي الله عنه التحكيم، وتبرؤوا منه، ومن عثمان، وذريته وقاتلوهم وهم فرق كثيرة. انظر: الملل والنحل للشهرستاني - دار الفكر 1400 - 1980م ج1 ص155 فما بعدها.
(2)
الناصبة هم الذين يبغضون علياً ويقدمون غيره عليه. هدي الساري ص483.
وأما كتاب " القدر " فقد ضمنه الرد على القدرية النفاة (1) .
وأما كتاب " الفتن " فقد ضمنه الرد على من يرى الخروج على الأئمة بالسيف من الخوارج والمعتزلة (2) ، وأما كتاب " الأحكام " فقد ضمنه الرد على انحرافات الشيعة (3) والخوارج فيما يتعلق بالإمامة كما ضمن كتاب " أخبار الآحاد "، وكتاب " الاعتصام بالسنة " الرد على من لا يرى قبول أخبار الآحاد من المعتزلة وغيرهم، وأما كتاب " الاعتصام بالسنة " فقد ضمنه الحث على التمسك بها، وهو رد على غلاة القياسيين، وأهل الرأي ومن تراجمه فيه:" باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس "، " باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عما لم ينزل عليه من الوحي فيقول لا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي ولم يعمل برأي ولا بقياس لقوله تعالى: (بما آراك الله (، " تعليم النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل".
أما " كتاب التوحيد " فهو في بعض روايات الصحيح " كتاب التوحيد والرد على الجهمية (4) وغيرهم " وضمنه مذهب أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، وفيه رد بالغ على الجهمية والمعتزلة ومن تابعهم في إنكار صفات الله عز وجل وأسمائه أو تأويلها على غير ما ورد به الشرع.
(1) القدرية من يزعم أن الشر فعل العبد وحده، هدي الساري ص483.
(2)
المعتزلة هم أتباع وأصل بن عطاء، يقولون بخلق القرآن، ونفي صفات الله عز وجل وتأويل ما ورد منها، وأن العبد خالق لأفعاله، وأن أصحاب الكبائر يخلدون في النار، ويسمون أنفسهم أصحاب العدل والتوحيد. انظر: الملل والنحل: ج1 ص54 فما بعدها.
(3)
التشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه، ويطلق عليه رافضي، وإلا فشيعي فإن أنضاف إلى ذلك السبب أو التجريح بالبغض فغالى في الرفض وإن اعتقد الرجعة فأشد في الغلو، هدي الساري ص483، وانظر الملل والنحل: ج1 ص195 فما بعدها.
(4)
هم أتباع الجهم بن صفوان. وهو أول من ابتدع القول بخلق القرآن. وتعطيل الله عن صفاته وغيرها من الضلالات. انظر الملل والنحل: ج1 ص109 فما بعدها.