الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير. قال عمرو: فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره، وقال: لم أحدثك بهذا! قال عمر: قد أخبرتنيه قبل ذلك "(1) .
وهذا يدل على أن البخاري ومسلماً يذهبان إلى صحة الحديث ولو أنكره راويه إذا كان الناقل عنه عدلاً، وأن ذلك لا يقدح في عدالة أصل الراوي ولا في عدالة الفرع الراوي عنه.
المسألة الثانية:
إذا المحدث يغشى السلطان، أو يتولى شيئاً من أعمله، فهل ذلك يقدح في عدالته أم لا؟
قد قدح كثير من الورعين في بعض الرواة بسبب علاقتهم بالسلطان، وخاصة إذا كان سلطان جور. ولكن ذلك في واقع الأمر لا يقدح في العدالة، ولا يوجب رد الرواية. ما كان الراوي متصفاً بالصدق مجانباً للكذب، وقدح من قدح فيهم، إنما كان على سبيل الهجر والتأديب الشرعي كي يكفوا عن إعانة الظلمة - لا غير - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" أعلم أنه قد وقع من جماعة الطعن في جماعة بسبب اختلافهم في العقائد فينبغي التنبه لذلك وعدم الاعتداد به. وكذا عاب جماعة من الورعين جماعة دخلوا في أمر الدنيا، فضعفوهم لذلك، ولا أثر لذلك التضعيف مع الصدق والضبط. والله الموفق "(2) . وهذا الذي قرره الحافظ هو الحق - إن شاء الله - ويشهد له صنيع الإمام البخاري رحمه الله فقد روى في " صحيحه " عن رجال كثيرين ضعفوا بسبب من هذه الأسباب، ولم ير ذلك قادحاً في عدالتهم وموجباً لرد رواياتهم. ومن هؤلاء:
(1) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة حديث رقم (121) دار الكتاب المصري - القاهرة - ج1 ص410.
(2)
أحمد بن علي بن حجر العسقلاني: هدي الساري - دار الريان للتراث - القاهرة - ط الأولى 1407هـ - 1986م، ص404.
1 -
أحمد بن واقد الحراني:
قال ابن نمير: تركت حديثه لقول أهل بلده.
قال الميموني: قلت لأحمد: إن أهل حران يسيئون الثناء عليه فقال: أهل حران قل أن يرضوا عن إنسان، هو يغشى السلطان بسبب ضيعه له. فأفصح أحمد بالسبب الذي طعن فيه أهل حران من أجله، وهو غير قادح، وقد قال أبو حاتم: كان من أهل الصدق والإتقان. وقد روى عنه الإمام البخاري، في الصلاة والجهاد والمناقب أحاديث شورك فيها عن حماد بن زيد، كما روى عنه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي وابن ماجة (1) .
2 -
حميد بن أبي حميد الطويل:
مشهور من الثقات المتفق على الاحتجاج بهم، وقال يحي بن يعلي المحاربي: طرح زائدة حديث حميد الطويل. قال الحافظ: " إنما تركه زائدة لدخوله في شيء من أمر الخلفاء "(2) . فلم يعتبر الأئمة ذلك قادحاً في عدالته، فقد روى له البخاري وسائر الجماعة.
3 -
حميد بن هلال العدوي:
قال الحافظ فيه: " من كبار التابعين وثقة ابن معين، والعجلي والنسائي وآخرون وقال يحي القطان: كان ابن سيرين لا يرضاه. قلت: بين أبو حاتم الرازي: أن ذلك بسبب أنه دخل في شيء من عمل السلطان، وقد احتج به الجماعة "(3) .
4 -
خالد بن مهران الحذاء:
أحد الأثبات، وثقة أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد، وتكلم فيه شعبة وابن علية. إما لكونه دخل في شيء من عمل السلطان، أو كما قال
(1) المصدر نفسه ص406.
(2)
المصدر نفسه ص419.
(3)
المصدر نفسه ص419.