الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعرفها الحافظ ابن حجر (ت 802هـ) بأنها "ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة "(1) .
وتبعه على هذا التعريف الحافظ السخاوي (ت 902هـ) رحمه الله (2) .
نلاحظ أن هذه التعاريف كلها تدل على معنى واحد وهو: أن العدالة هي الاستقامة في الدين بفعل الواجبات وترك المحرمات، كما نلاحظ أن جميع التعاريف لم تدخل الضبط والحفظ كشرط في العدالة إلا في تعريف ابن حزم رحمه الله ومن هنا نفرق بين نوعين من العدالة:
الأول: العدالة الدينية والمقصود بها الاستقامة في الدين.
والثاني: العدالة في الرواية والمقصود بها: حفظ الراوي وضبطه لما يرويه.
والنوع الأول هو المراد عند إطلاق المحدثين أو الفقهاء. كما نلاحظ أن هذه التعاريف قد تعرضت لذكر شروط العدالة إما على سبيل الإجمال أو على سبيل التفصيل، وهذه الشروط هي: الإسلام، البلوغ، العقل، السلام من أسباب الفسق، وخوارم المروءة، وسأتعرض فيما يلي لهذه الشروط وموقف البخاري منها في صحيحه ومدى التزامه بها.
* * *
المطلب الثاني: شروط العدالة وموقف البخاري منها
أولاً: الإسلام:
لا تقبل رواية الكافر من يهودي أو نصراني أو غيرهما إجماعاً. وقد
(1) ابن حجر العسقلاني: نزهة النظر بشرح نخبة الفكر - شركة الشهاب، الجزائر، ص18.
(2)
انظر: فتح المغيث شرح ألفية الحديث - شرح وتخريج وتعليق محمد محمد عويضة - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولى 1414هـ - 1993م، ج1 ص269.
حكى الإجماع على ذلك الغزالي في المستصفى (1) والرازي في المحصول (2) وغيرهما.
قال الخطيب البغدادي: " ويجب أن يكون وقت الأداء مسلماً لأن الله تعالى قال: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ((3) وإن أعظم الفسق الكفر، فإن كان خبر الفاسق مردوداً مع صحة اعتقاده فخبر الكافر بذلك أولى (4) فالإسلام إذا شرط عند الأداء والتبليغ وليس شرطاً عند التحمل فيصح تحمل الكافر " وقد ثبت روايات كثيرة لغير واحد من الصحابة كانوا حفظوها قبل إسلامهم وأدوها بعده " (5) .
وأضرب أمثلة على ذلك من صحيح البخاري رحمه الله:
1) رواية جبير بن مطعم، والتي أخرجها البخاري في صحيحه حيث قال:" سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور "(6) .
قال الحافظ رحمه الله: " وللمصنف في المغازي من طريق معمر في آبره قال: " وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي " واستدل به على صحة أداء ما تحمله الراوي في حال الكفر، وكذا الفسق إذا أداه في حال العدالة "(7) .
2) وروايته التي أخرجها الإمام البخاري أيضاً، قال رضي الله عنه: " أضللت بعيراً لي فذهبت أطلبه يوم عرفه فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم واقفاً
(1) المستصفى من علم الأصول - دار الفكر - بيروت - ج1 ص156.
(2)
المحصول في علم أصول الفقه: تحقيق د. طه جابر فياض العلواني - ط1 - مطبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض 1400هـ، ج2 ص567.
(3)
سورة الحجرات، الآية:6.
(4)
الكفاية في علم الرواية ص99.
(5)
المصدر نفسه.
(6)
أخرجه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب الجهر في المغرب، رقم (765) ، ج2 ص289 مع الفتح ط دار الريان.
(7)
أحمد بن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري - تحقيق محب الدين الخطيب - دار الريان للتراث - الطبعة الأولى 1407- 1986م بالقاهرة، ج2 ص290.