الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشمس
أخذ العرب فكرتهم فى الكون عن علم الفلك عند الإغريق، فجعلوا الشمس تدور حول الأرض من الشرق إلى الغرب فى سنة (مدارية) كاملة، ومن ثم لا ينطبق مركز فلك تدوير الشمس على مركز الأرض، وإنما هو خارج عن هذا المركز مما يعلل اختلاف الفصول الذى قرره هيبارخوس من قبل؛ والشمس نفسها جسم كروى مغمور فيما يسمى بفلك الشمس بحيث لا تخرج كرة الشمس فى أى موضع عن سطح هذا الفلك.
(وثمة شاهد مصور على هذه الفكرة أورده Rudolf & Hochheim فى Die Astronomie des Camini، ليبسك 1893، ص 13). وإذ قلنا بأن نصف قطر فلك الشمس يساوى 60 موجها فإن المسافة بين مركز هذا الفلك ومركز الأرض تكون بحساب هيبارخوس 2 موجّه و 30 َ تقريبا، وتساوى 1/ 24 1 من نصف قطر الفلك؛ وبحساب البتانى 2 موجة 3/ 4 من الدقائق، على حين تؤدى حسبانات محمد بن موسى الخوارزى إلى انحراف اختلف فى قياس قدره ما بين 2 موجه 10 و 2 موجه 20 (انظر Die Astrononmische Tafeln des Muh. b. Musa al. Khwarizm: H.Suter كوبنهاغن 1914، ص 45). وعلى هذا الأساس يكون الاتجاهان اللذان يرى فيهما المرء الشمس من المركزين المذكورين زاوية تساوى بحساب هيبارخوس + 2 ْ 13 َ على الأكثر (تساوى بحساب فلكى المأمون 1 ْ 59 َ، وبحساب البتانى 1 ْ 58 َ)؛ ويسمى هذا القدر "تعديل الحاصة والمركز". وتبعا لفلك الشمس الخارج المركز الذى يعرف فى لغتنا الحديثة بمسقط مسار القطع الناقص للأرض حول الشمس على الكرة السماوية، توجد نقطتان ظاهرتان على هذا المسار: الأولى هى تلك النقطة التى تصبح فيها الشمس أقرب ما تكون من الأرض (الحضيض أو البعد الأقرب)، والثانية هى التى تصبح فيها الشمس أبعد ما تكون عن الأرض (الأوج أو البعد الأبعد). ومن أكبر أفضال البتانى على العلم اكتشافه حركة دوران الأوج حول المركز، تلك الحركة التى نستطيع الآن أن نبرهن على أنها نتيجة محتومة لاضطراب مسار الأرض بفعل جذب
القمر لها (مسألة الثلاثة الأجسام): قد وجد البتانى أنها تساوى 31 َ فى العام، وهى تساوى فى حساب الفلك الحديث 50 ْ 11 َ (انظر مثلا Die Elemente der theoretischen Astrnnomie: lsrae I-Hoitzwart فيسبادن 1885، ص 17).
وليس لحركة الأوج هذه صلة ما بتلك الحركة التى تحدث نتيجة تقدم الاعتدالين، وهى تضاد فى الاتجاه نفسه. وبينما نجد هيبارخوس وبطلميوس يقدران قيمتها السنوية بـ 36، نجد البتانى أقرب منهما إلى الدقة فيقدرها بين 54 و 55 أما نصير الدين الطوسى فقد حسبها حوالى 1260 م 51، ويكاد يكون هذا هو الحساب الصحيح. ولا يسمح المقام هنا بأن نناقش مسألة: هل إدخال الإرتجاف الذى يلازم تقدم الاعتدالين فى الدائرة المدارية. أو بعبارة أخرى افتراض عدم التساوى فى هذا التقدم الذى تمثله حركات الإقبال والإدبار يرجع إلى اختلاف الحسابات التى عملت، أم يرجع، كما يذهب كونتر S.Gunther، إيل أن العرب قد أخذوا هذه الفكرة من الهندوس؟ Studien zur Geschichte des Mathemat und Physikal Geogrophie: S.Gunther، جـ 2، هال 1877، ص 78)، وحسبنا أن نحيل القارئ إلى كتاب ثابت بن قرة (826 - 901 م) الذى ترجمه إلى اللاتينية كيرارد القرمونى بعنوان Liber Thebit de motu accessiones et recessionis (انظر Die Mathematiker u.Astronomen des Araber und ihre Werke: H.S'er، ليبسك 1900؛ ص 37). وكلا النصين، العربى واللاتينى، مخطوطان محفوظان فى المكتبة الأهلية بباريس.
وقد درس دلامبر Delambre المخطوط اللاتينى وسماه فى استشهاداته Thebit ben de motu octavao Ghorath: shperae ووجد أن ثابتا قد استحدث فلك بروج آخر متحركا يرتفع فوق فلك البروج ويهبط تحته، وتتقدم نقطتا الاعتدال فى الوقت نفسه وتتأخران بمقدار 10 ْ 45 َ (Histoire de L'astronomie du Moyen age: T.B.D. Iambre، باريس 1819، ص 74).
وينقسم الوقت تبعًا لحركتين مختلفتين من حركات الشمس: أما
الأولى فهى التى تتم فى سنة مدارية كاملة حول فلك الشمس الخارج المركز، وتعبر الشمس فيها البروج الاثنى عشر لفلك البروج لتعود ثانية إلى نقطة الابتداء (أول الربيع = نقطة الاعتدال). وقد حسب البتانى السنة المدارية فوجدها 365 يوما وخمس ساعات و 46 دقيقة و 24 ثانية (وهى فى الحقيقة 365 يوما وخمس ساعات و 48 دقيقة و 47 ثانية) أى أن حسابه أدق من حساب بطلميوس الذى جعلها 365 يوما وخمس ساعات و 55 دقيقة و 12 ثانية. وأما الثانية فهى التى تتم فيها الشمس دورتها اليومية فى السماء من الشرق إلى الغرب نتيجة لدوران كرة السماء حول الأرض. والعرب يقولون إن اليوم هو النهار والليل جميعًا، وترتبط شعائر الدين الإسلامى إرتباطا وثيقا باليوم فى مراحله المختلفة، فالفجر والشفق من أوقات الصلاة ومن ثم تعين تحديدها فلكيًا. وعندما ينتصف النهار تبلغ الشمس غاية الارتفاع ثم تبدأ فى الزوال. والظهر هو وقت الصلاة الذى يحل عقب نصف النهار مباشرة، ويسمى بعد الشمس عن خط منتصف النهار "فضل الدائر". وكان موضع الشمس من السماء يحدد عادة بطول ظل المقياس واتجاهه. وقد نبه الفلكى ابن يونس الحاكمى (1009 م) الأذهان إلى نصف الظل الذى ينجم عن تسطح قرص الشمس. وكانت مزاول العرب التى يقيسون بها الظل مختلفة الأنواع. ويبدأ وقت العصر عندهم حين تحل اللحظة التى يزيد فيها ظل ما بعد الظهيرة على البسيطة (المزاولة الأفنية) عن ظل الظهيرة بمقدار طول المقياس (الشخص). والساعات إما ساعات معتدلة، أى متساوية، أو ساعات زمانية أى غير متساوية. وقد حددت الساعات المعتدلة أيضا على المزولة بعد ذلك.
وقد اعتمد العرب على المجسطى لبطلميوس فى معرفة بداية كسوف الشمس وقدره. وكانت طريقتهم فى حساب كسوف الشمس بالدقة ورصده هى طريقتهم فى سحاب خسوف القمر. وقد نهج العرب نهج الأغريق بالضبط فى تلك المسائل التى من قبيل الاختلافات الظاهرية للشمس، وحجمها