الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما قيل فى الثعلب
هو ذو مكر وخديعة وتحيّل فى طلب الرزق، فمن تحيّله أنّه يتماوت وينفخ بطنه ويرفع قوائمه، حتّى يظنّ به أنه قد مات، فاذا قرب منه حيوان وثب عليه فصاده؛ ومنه أنه إذا دخل برج الحمام وكان شبعان قتلها ورمى بها، فاذا جاع عاد «1» إليها فأكلها، وكذلك يفعل مع الدّجاج؛ وهو أيضا من الحيوان الذى سلاحه سلاحه، وهو أنتن من سلاح الحبارى «2» ، فاذا تعرّض للقنفذ لقيه القنفذ بشوكه واستدار كالكرة، فيسلح الثعلب عليه، فلا يتمالك القنفذ أن ينسدخ «3» ، فيقبض الثعلب على مراقّ «4» بطنه؛ ومن ظريف ما يحكى عنه أنّ البراغيث إذا كثرت فى فروته تناول صوفة بفمه، ثم يدخل النهر برفق وتدريج، والبراغيث تصعد إذا قاربها الماء حتّى تجتمع فى تلك الصوفة التى فى فيه، فعند ذلك يلقيها فى الماء ويخرج منه؛ والذئب يطلب أولاد الثعلب، فإذا ولد له وضع ورق العنصل «5» على باب وجاره فلا يصل الذئب إليه، لأنّه متى وطئ العنصل «6» مات لوقته؛ ويقال: إنّ قضيب الثعلب فى خلقة الأنبوب، وأحد شطريه عظم، والآخر عصب ولحم؛ وربّما
يسفد الثعلب الكلبة فتأتى منه بولد فى خلقة السّلوقىّ الذى لا يقدر على مثله؛ وفرو الثعلب من أجود الأوبار وأفضلها، ومنه الأسود والأبيض والخلنجىّ «1» ، وأدونه الأعرابىّ لقلّة وبره، وما كان منه ببلاد الترك يسمّى البرطاسىّ «2» لكثافة وبره وحسن لونه، ووبره أنواع، منها السار سينا «3» [والبرطاسىّ «4» والغبب «5» والنيفق «6» ؛ قال الشيخ الرئيس أبو علىّ بن سينا «7» ] : والثعلب فيه تحليل، وفراؤه أسخن الفراء، تنفع المرطوبين لتحليلها [آلات المفاصل «8» ] ؛ قال: واذا طبخ الثعلب فى الماء وطليت به المفاصل الوجعة نفع نفعا جيّدا، وكذلك الزيت الذى يطبخ فيه حيّا أو مذبوحا فإنّه يحلّل ما فى المفاصل، وشحمه يسكّن وجع الأذن إذا قطر فيها؛ ورئته المجفّفة نافعة لصاحب الرّبو جدّا، والشّربة منها وزن درهمين «9» [والله أعلم بالصواب «10» ، وإليه المرجع][والمآب] .
قال أبو الفرج الببغاء يصفه:
وأعفر المسك تلقاه فتحسبه
…
من أدكن «1» الخزّ مخبوء بخيفان «2»
كأنّ أذنيه فى حسن انتصابهما
…
إذا هما انتصبا للحسّ «3» زجّان «4»
يسرى ويتبعه من خلفه ذنب
…
كأنّه حين يبدو ثعلب ثانى
فلا يشكّ الذى بالبعد يبصره
…
فردا بأنّهما فى الخلقة اثنان
وقال آخر:
جاؤا بصيد عجب من العجب
…
أزيرق العينين طوّال «5» الذنب
تبرق عيناه إلى ضوء الشّهب