الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسعى إلى برج امرئ
…
فيه الفراخ كما يسرّه
ظنّ المنافع أكلها
…
فإذا منافعها تضرّه
ذكر ما قيل فى الخنزير
والخنزير مشترك بين السبعيّة والبهيميّة، فالذى فيه من السبعيّة الناب، وأكل الجيف؛ والذى فيه من البهيميّة الظّلف، وأكله العشب والعلف؛ والخنزير موصوف بالشّبق وكثرة السّفاد، حتى إنّ الأنثى يركبها الذّكر وهى ترجع «1» ، فربّما قطعت أميالا وهو على ظهرها، ويرى الرائى أثر ستّة أرجل ممّن لا يعرف ذلك، فيظنّ أنّ فى الدّوابّ ماله ستّة أرجل؛ والخنزيرة تضع عشرين خنّوصا «2» ، وتحمل من ماء «3» واحد، وتضع لمضىّ ستّة [أشهر «4» ] من حملها؛ وقال الجاحظ: إنّها تضع فى أربعة أشهر؛ والخنزير ينز وإذا تمّت له ثمانية أشهر، والخنزيرة إذا تمّت لها ستّة أشهر اشتهت السّفاد، ولكن لا تجىء أولادها كما يريدون «5» ؛ وأجود النزو أن يكون ذلك منه وهو ابن عشرة أشهر إلى ثلاث سنين؛ وإذا كانت الخنزيرة بكرا ولدت جراء ضعافا «6»
وكذلك البكر من كلّ شىء، وإذا بلغت الخنزيرة خمسة عشر سنة لا تلد بعدها، وهى أنسل الحيوان، والذّكر أقوى الفحول على السّفاد، وأطولها مكثا فيه؛ ويقال:
إنه ليس شىء من ذوات الأنياب ما للخنزير من القوّة فى نابه، وربّما طال ناباه «1» حتّى يلتقيا، فيموت عند ذلك جوعا، لأنّهما يمنعانه من الأكل، وهو متى عضّ كلبا سقط شعر الكلب، وإذا أراد محاربة الأسد جرّب نفسه قبل الإقدام عليه بأن يضرب شجرة بنابه، فإن قطعها حارب الأسد، وإلا هرب منه ولم يقاتله؛ وأخبرنى من رآه وقد جرّب نفسه فى شجرة وضربها بأنيابه، فتمكّنت أنيابه منها وثبتت فيها، فأراد الخلاص فعجز، فجاء الأسد إليه وهو على تلك الحالة فافترسه؛ قالوا: ويعترى ذكوره داء الحلاق «2» واللّواط، فربّما يرى الخنزير وقد ألجأه أكثر من عشرين خنزيرا إلى مضيق، ثم ينزو عليه الأمثل فالأمثل، إلى أن يبلغ آخرهم؛ والخنزير إذا قلعت إحدى عينيه هلك عاجلا؛ ويقول الأطبّاء: إنه متى فسد من عظام الإنسان عظم ووضع فى مكانه عظم من عظام الخنزير قبلته الطبيعة ونبت عليه اللّحم؛ وحكى أرسطو أنّ عمر الخنزير من خمسة عشر سنة إلى عشرين سنة؛ وقلّما ذكر الفضلاء والشعراء الخنزير فى رسائلهم وأشعارهم، وسأثبت فى هذا الموضع ما وقفت عليه فى هذا المعنى.
فمن ذلك ما كتب به عطاء بن يعقوب الغزنوىّ يعرّض فيها بقاض، قال منها:
وما مثل فلان فى استنابته «1» إلا كمثل رجل رأى فى المنام أنّه يضاجع خنزيرا، فبكر إلى المعبّر ليعبّر منامه تعبيرا؛ فقال المعبّر: يا برذعة الحمير، ما غرّك بالخنزير؟ ألين ملمسه، أم «2» حسن معطسه؛ أم شكاه الرّشيق، أم طرفه العشيق «3» ؛ أم لقاؤه البهج، أم قباعه «4» الغنج؛ أم شعره الرّجل، أم ثغره الرّتل «5» ؟.
وقال القاضى [محيى الدّين بن] عبد الظاهر فى الخنزير:
وخنزير له ناب تراه
…
اذا عنّ افتراس غير نابى
كمثل الكلب لا بل منه أجرا «6»
…
ويحقر أن يشبّه بالكلاب
فذاك لنخوة يعزى وهذا
…
يقلّل نخوة الرجل المهاب
بنصّ للكتاب غدا حراما
…
وحلّل أكله أهل الكتاب