الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرّحم، وتنفع من اختناق الرّحم؛ قال: ودم الأرنب ينفى الكلف «1» ؛ ورماد رأسه جيّد لداء الثعلب؛ واذا أخذ بطن الأرنب كما هو بأحشائه وأحرق قليا على مقلى كان دواء منبتا للشعر اذا سحق واستعمل بدهن الورد؛ ودماغه مشويّا ينفع من الرّعشة الحادثة عقيب المرض؛ وإذا حلّ دماغ الأرنب بسمن أو زبد أو عسل أسرع إنبات الأسنان، وسهل بغير وجع؛ ودم الأرنب مقلوّا ينفع من السّحج «2» وورم الأمعاء والإسهال المزمن، وينفع من السّهام الأرمنيّة؛ هذا ما قاله الشيخ الرئيس فى الأرنب.
وقد وصف بعض كتّاب الأندلس عدّة من الأرانب، فقال: أفراد إخوان «3» كأنّهنّ أولاد غزلان؛ بين روّاغ ينعطف انعطاف البره «4» ، ووثّاب يجتمع اجتماع الكره؛ حاك القصب إزاره، وصاغ التبرطوقه وسواره؛ قد غلّل بالعنبر بطنه، وجلّل بالكافور متنه؛ كأنّما تضمّخ بعبير، وتلفّع فى حرير؛ ينام بعينى ساهر، ويفوت بجناحى طائر؛ قصير اليدين، طويل السّاقين؛ هاتان فى الصعود تنجدانه، وتانك عند الوثوب تؤيّدانه؛ والله أعلم.
ذكر ما قيل فى القرد
القرد عند المتكلّمين فى الطبائع مركّب من إنسان وبهيمة؛ وهو إذا سقط فى الماء غرق مثل الإنسان الذى لا يحسن السّباحة؛ وهو يأخذ نفسه بالزواج والغيرة على الأنثى؛ وهو يقمل، واذا قمل تفلّى، ويأكل ما ينتزعه من بدنه
من القمل؛ وهو كثير الشّبق، واذا اشتدّ به الشّبق استمنى بفيه؛ والأنثى تلد عدّة نحو العشرة وأكثر، كما تلد الخنزيرة؛ وهى تحمل بعض أولادها كما تحمل المرأة؛ ويقال: إن الطائفة من القرود اذا أرادت النوم ينام الواحد فى جنب الآخر حتى يكونوا سطرا واحدا، فاذا تمكّن النوم منها نهض أوّلها من الطّرف الأيمن، فيمشى وراء ظهورها حتى يقعد من وراء الأقصى من الطّرف الأيسر، فاذا قعد صاح؛ فينهض الذى يليه، ويفعل مثل فعله، فهذا دأبهم طول اللّيل؛ فهم يبيتون فى أرض ويصبحون فى أخرى؛ وفى القرد من قبول التأديب والتعليم [ما لا خفاء به عن أحد «1» ] حتى إنه درّب قرد ليزيد بن معاوية على ركوب الحمير والمسابقة عليها؛ وحكى المسعودىّ فى كتابه المترجم بمروج الذهب: أن القردة فى أماكن كثيرة من المعمور، منها (وادى نخلة) بين (الجند «2» ) وبلاد (زبيد) ، وهو بين جبلين، وفى كلّ جبل منهما طائفة من القرود يسوقها هزر «3» ، وهو القرد العظيم المقدّم فيها؛ قال: ولها مجالس يجتمع فيها خلق كثير منها؛ فيسمع لها حديث والاناث بمعزل عن الذكور، والرئيس متميّز عن المرءوس؛ وباليمن قرود كثيرة فى نواح متعدّدة؛ منها فى ذمار «4» من بلاد صنعاء فى برارىّ وجبال كأنّها السحب؛ وتكون القرود
أيضا بأرض النّوبة وأعلى بلاد الحبشة، وهذا الصّنف من القرود حسن الصورة، خفيف الروح، مدوّر الوجه، مستطيل الذّنب، سريع الفهم، ويسمّونه النّسناس؛ ومنها أيضا بخلجان الرّانج «1» فى «2» بحر الصين وبلاد المهراج «3» وفى ناحية الشّمال نحو أرض الصّقالبة ضرب من القرود منتصب القامات، مستدير الوجوه، والأغلب عليهم صور الناس وأشكالهم، ولهم شعور، وربّما صيد منها القرد فى النادر بالحيلة، فيكون فى نهاية الفهم والدّراية، إلّا أنّه لا لسان له يعبّر به عمّا فى نفسه، لكنّه يفهم كلّ ما يخاطب به بالإشارة؛ ومن النّواحى التى بها القرود جبل موسى، وهو الجبل المطلّ على مدينة سبتة «4» من بلاد المغرب، والقرود التى فيها قباح الصور جدّا، عظام الجثث، تشبه وجوهها وجوه الكلاب، لها خرطوم، وليس لها أذناب، وأخلاقها صعبة لا يكاد ينطبع فيها تعليم إلّا بعد جهد؛ وحكى لى بعض المغاربة أنهم اذا أرادوا صيد هذه القرود يتحيّلون عليها بأن يصنعوا لها زرابين بقدر أرجلها، ويلطّخوا نعالها