المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما ورد فى شؤم الفرس وما يذم من عصمها ورجلها - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٩

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء التاسع

- ‌[تتمة الفن الثاني في الإنسان وما يتعلق به]

- ‌[تتمة القسم الخامس في الملك وما يشترط فيه و

- ‌تتمة باب الرابع عشر في ذكر الكتاب والبلغاء والكتابة و

- ‌تتمة ثم الكتابة بحسب من يحترفون بها على أقسام

- ‌ذكر كتابة الحكم والشروط وما يتّصف به الكاتب ويحتاج اليه

- ‌أما اشتراط العدالة والديانة والأمانة

- ‌وأما حسن الخطّ

- ‌وأما معرفة العربيّة

- ‌وأما معرفة الفقه

- ‌وأما علم الحساب والفرائض

- ‌وأما معرفة صناعة الوراقة فى الأمور التى ذكرناها

- ‌[ذكر ما اصطلح عليه الكتاب من أوضاع الوراقة]

- ‌ ولنذكر كيفيّة ما يصنعه الكاتب فى كلّ واقعة على معنى ما أورده «أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن المخزومىّ

- ‌أما الإقرارات وما يتصل بها من الرهن والضمان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌وأمّا الشّركة

- ‌وأما القراض

- ‌وأما العارية

- ‌وأما الهبة والنّحلة

- ‌وأما الصدقة والرجوع

- ‌وأما التمليك- فمنه ما هو بعوض، وما هو بغير عوض

- ‌فأما ما كان بعوض

- ‌وأما ما كان بغير عوض

- ‌وأما البيوع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌واذا ابتاع الأخرس الأصمّ دارا

- ‌واذا ابتاع رجل من آخر دارا بثمن معيّن مقبوض وكتب بينهما مكتوب على ما تقدّم، ثم حضر المشترى وادّعى أنه كان ابتاع الدار لموكّله

- ‌وإذا ابتاع رجل من آخر دارا، ومات البائع ولم يكن بينهما مكاتبة فأراد ورثته مكاتبة ببراءة ذمّة مورّثهم والإشهاد له بذلك

- ‌اذا ابتاع رجل دارا من نفسه لنفسه- وهو أن يكون له ولد تحت حجره، ولولده دار، فأراد أن يشتريها لنفسه من ولده

- ‌وإن شرط أمين الحكم الخيار

- ‌اذا مات رجل وترك دارا وفى ذمّته لزوجته صداق وأثبتته، واشترت الدار من أمين الحكم بمبلغ صداقها

- ‌وإن كانت الزوجة لم تشتر بل اشترى غيرها لنفسه

- ‌اذا باع الوصىّ دارا على يتيم للحاجة من غير أن يثبت الحاجة ولا القيمة

- ‌إذا ابتاع الوصىّ دارا ليتيم على يده

- ‌إذا كان البائع هو السلطان

- ‌إذا اشترى للسلطان وكيله قدّم اسم السلطان

- ‌وان كان البائع وكيل بيت المال

- ‌وان باع وكيل بيت المال بغير توكيل بيع بل بحجّة قيمة

- ‌وأما الردّ بالعيب والفسخ

- ‌وأما الشّفعة

- ‌إذا ادّعى رجل على رجل أنّ الحصّة التى ابتاعها من شريكه يستحقّها بالشّفعة ولم يصدّقه على ذلك

- ‌وأما القسمة والمناصفة

- ‌وأما الأجائر

- ‌فصل وإن استأجر من رجل دارا لمدّة، ثم استأجر مدّة ثانية قبل انقضاء المدّة الأولى

- ‌وإن استأجر وكيل دارا لموكله [من جماعة]

- ‌وإن آجر رجل دارا عن موكّله

- ‌فصل فى معاقدة حمولة

- ‌فصل وإن استأجر دارا بدار

- ‌فصل وإن استأجر مركبا

- ‌فصل وإن استأجر بغلا أو حمارا

- ‌فصل إذا أجر رجل عبده أو ولده

- ‌فصل وإن أجرت امرأة نفسها لمطلّقها

- ‌وإذا أجر رجل دارا على ولده الطفل أو أجر الوصىّ أو أمين الحكم

- ‌فصل وإن استأجر رجل لولده دارا أو الوصىّ أو أمين الحكم

- ‌إذا استأجر الوصىّ من يحجّ عن الميّت

- ‌وإن كانت غير واجبة

- ‌وإن أجر نائب وكيل بيت المال المعمور أرضا فى ديوان الأحباس

- ‌وأما المساقاة

- ‌اذا عزل الموصى وصيّه بغيره

- ‌فصل اذا كلّف الحاكم الوصىّ بإثبات أهليّته

- ‌فصل فى إسجال الوصيّة ومحضر الوصىّ

- ‌فصل إذا قبضت الكافلة نفقة ولدها

- ‌فصل إذا خلف الموصى زوجة مشتملة على حمل، فوضعت وأراد الوصىّ إثبات ذلك

- ‌وأما العتق والتدبير وتعليق العتق

- ‌فصل اذا علّق رجل عتق عبده على موته ليخرج من رأس ماله

- ‌فإن أقرّ الورثة بخروج المدبّر من ثلث المال الموروث، أو أقرّ الوصىّ بذلك

- ‌وأما الكتابة

- ‌فصل وإن عجز المكاتب عن أداء ما كوتب عليه

- ‌وان كانا تحاكما عند حاكم

- ‌وأما النكاح وما يتعلّق به

- ‌فاذا زوّج الوالد ابنته بإذنها أو زوّجها وهى غير بالغ

- ‌وان اعترف الأب برشدها

- ‌وان زوّجها العاقد بإذنها وإذن أبيها، أو بإذنها خاصّة إذا لم يكن لها ولىّ

- ‌وإن كان الزوج ممّن مسّه الرّقّ وعتق

- ‌وإن كانت الزوجة بكرا وزوّجها من له الولاية عليها شرعا، كالأب أو الجدّ الأعلى

- ‌وان كانت الزوجة ثيّبا

- ‌وان كان زوجها توفّى عنها

- ‌وان طلقها ومات عنها وهى حامل ووضعت

- ‌وان كان عن فسخ

- ‌وإن راجع رجل امرأته من طلقة أو طلقتين

- ‌وان زوّجها الحاكم عند غيبة وليّها

- ‌فصل فى صداق المحجور عليه من قبل الحاكم

- ‌فصل اذا أصدق رجل عن موكّله

- ‌فصل اذا تزوّج الحرّ أمة

- ‌وان تزوّج العبد حرّة

- ‌فصل وان زوّج السيّد جاريته لعبده

- ‌فصل وان تزوّج رجل أخرس بامرأة ناطقة

- ‌وان كانا أخرسين

- ‌وأمّا إقرار الزوجين بالزوجيّة واعتراف الزوج بمبلغ الصداق وما يتصل بذلك من فرض الزوجة والإشهاد عليها بقبض الكسوة

- ‌فصل فى فرض زوجة

- ‌فصل وإن قبضت المرأة كسوتها

- ‌وأما الطلاق وما يتصل به من الفروض الواجبة

- ‌فإن طلّق الزوج الزوجة قبل الدخول بها على ما يتشطّر لها من الصداق

- ‌فإن طلّق طلقة رجعيّة بعد الدخول

- ‌فإن طلّقها ثلاثا

- ‌وإن وكّل رجلا أن يطلّق عنه

- ‌فصل فى فرض امرأة مطلّقة ظهرت حاملا

- ‌فإن قرّر على نفسه لولده

- ‌فان قرّر لوالده أو والدته

- ‌فصل إذا قرّر القاضى للمحجور عليه من ماله له ولزوجته

- ‌وأما تعليق الطلاق وفسخ النكاح

- ‌فصل إذا سافر الزوج عن زوجته وتركها بغير نفقة ولا كسوة، وأرادت فسخ نكاحها منه

- ‌وأما نفى ولد الجارية والإقرار باستيلاد الأمة

- ‌وان أقرّ بأنّه استولد جاريته

- ‌واما الوكالات

- ‌فإن وكّله وأراد ألّا يعزله

- ‌فاذا أراد عزله

- ‌واذا وكّل ذمّىّ مسلما قدّم اسم الوكيل

- ‌وأما المحاضر على اختلافها

- ‌فإن كان بالغبطة على القيمة

- ‌فان قوّمت لتباع فيما ثبت على المتوفّى من صداق زوجته، أو من دين

- ‌فصل فى محضر وفاة وحصر ورثة

- ‌فصل اذا مات رجل وخلّف أبوين وأخوين

- ‌وان مات رجل فى بلد بعيدة واستفاض موته وشهد به بالاستفاضة

- ‌فصل إذا مات قوم بعد قوم

- ‌فصل إذا مات العبد وخلّف سيّده

- ‌وإن كان قد أعتقه ومات

- ‌فصل إذا أراد إثبات ملكه لدار

- ‌فصل إذا أثبت رجل أنّه باع بالإجبار والإكراه

- ‌فصل فيما يكتب بعيب فى جارية

- ‌فصل إذا شهد لإنسان أنه من أهل الخير

- ‌فصل اذا شهد برشد إنسان

- ‌فصل فى نسب رجل شريف

- ‌فصل فى عدالة رجل

- ‌فصل فى إعسار رجل

- ‌فصل فى إسلام ذمّىّ

- ‌وأما الإسجالات

- ‌فصل فى ثبوت إقرار متبايعين

- ‌فصل فى ثبوت إسجال حاكم على حاكم

- ‌فصل اذا ورد مثل هذا الكتاب من قاض الى قاض- مثاله من قاضى القضاة بدمشق الى قاضى القضاة بمصر

- ‌وأما التقاليد الحكميّة

- ‌وأما الأوقاف والتحبيسات

- ‌فصل اذا وقف رجل دارا على أولاده وعلى من يحدثه الله من الأولاد، ثمّ على المسجونين ثمّ على فكّ الأسرى، ثمّ على الفقراء والمساكين

- ‌[المؤتلف والمختلف من أسماء نقلة الحديث]

- ‌[المؤتلف والمختلف من نسب رجال الحديث]

- ‌وأمّا من ينسخ العلوم

- ‌وأمّا من ينسخ التاريخ

- ‌وأمّا من ينسخ الشّعر

- ‌ذكر كتابة التعليم وما يحتاج من تصدّى لها إلى معرفته

- ‌فأمّا تعليم الابتداء

- ‌وأمّا تعليم الانتهاء

- ‌وأمّا ما يتفرّع عن هذه الأقلام الخمسة التى ذكرناها

- ‌القسم الأوّل من هذا الفنّ فى السباع وما يتّصل بها من جنسها

- ‌الباب الأوّل فى الأسد والببر والنّمر

- ‌[ذكر ما قيل في الأسد]

- ‌أمّا أسماء الأسد

- ‌وأمّا أصناف الآساد وأجناسها

- ‌وأما عاداتها فى حملها ووضعها وحضانتها

- ‌وأمّا عادتها [فى] وثباتها وثباتها وأفعالها وصبرها وسرعة مشيها وأكلها

- ‌فجرأته معروفة مشهوره

- ‌وأمّا جبنه

- ‌ذكر شىء مما وصف به الأسد نثرا ونظما

- ‌ذكر ما قيل فى النّمر

- ‌الباب الثانى من القسم الأوّل من الفنّ الثالث فيما قيل فى الفهد والكلب والذئب والضبع والنّمس

- ‌ذكر ما قيل فى الفهد

- ‌ذكر ما قيل فى الكلاب

- ‌وأمّا ما فى الكلب من المنافع الطيّبة

- ‌فصل

- ‌أمّا فى الخلقة

- ‌وأمّا فى الألوان

- ‌وأمّا فى ولادتها

- ‌ذكر شىء ممّا وصفت به كلاب الصيد نثرا ونظما

- ‌ذكر ما قيل فى الذئب

- ‌ذكر ما قيل فى الضبع

- ‌ذكر ما قيل فى النّمس

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفنّ الثالث فيما قيل فى السّنجاب والثعلب والدّبّ والهرّ والخنزير

- ‌فأما السّنجاب

- ‌ذكر ما قيل فى الثعلب

- ‌ذكر ما قيل فى الدّبّ

- ‌ذكر ما قيل فى الهرّ

- ‌ذكر ما قيل فى الخنزير

- ‌القسم الثانى من الفنّ الثالث فى الوحوش والظّباء وما يتّصل بها من جنسها

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم فيما قيل فى الفيل والكركدّن والزّرافة والمها والأيّل

- ‌ذكر ما قيل فى الفيل

- ‌ذكر شىء مما وصف به الفيل نظما

- ‌ذكر ما قيل فى الكركدّن

- ‌ذكر ما قيل فى الزّرافة

- ‌ذكر ما قيل فى البقر الوحشية- وهى المها- والأيّل»

- ‌وأمّا ما قيل فى المها

- ‌وأما ما قيل فى الأيّل

- ‌الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الثالث فيما قيل فى الحمر الوحشيّة والوعل واللّمط

- ‌ذكر ما قيل فى الحمر الوحشيّة

- ‌ذكر ما قيل فى الوعل

- ‌ذكر ما قيل فى اللّمط

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الثالث فى الظّبى والأرنب والقرد والنّعام

- ‌ذكر ما قيل فى الظّبى

- ‌ذكر ما قيل فى الأرنب

- ‌ذكر ما قيل فى القرد

- ‌ذكر ما قيل فى النّعام

- ‌القسم الثالث من الفن الثالث فى الدوابّ والأنعام

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم فى الخيل

- ‌ذكر ما ورد فى ابتداء خلق الخيل وأوّل من ذلّلها وركبها

- ‌ذكر ما ورد فى فضل الخيل وبركتها، وفضل الإنفاق عليها

- ‌ذكر ما جاء فى فضل الطّرق

- ‌ذكر ما جاء من دعاء الفرس لصاحبه

- ‌ذكر ما قيل فى أكل لحوم الخيل من الإباحة والكراهة

- ‌ذكر ما جاء فى النّهى عن عسب الفحل وبيع مائه

- ‌ذكر ما جاء فى إكرام الخيل ومنع إذالتها

- ‌ذكر ما ورد من الأمر بارتباط الخيل وما يستحبّ من ألوانها وشياتها وذكورها وإناثها

- ‌ذكر ترجيح إناث الخيل على فحولها وترجيح فحولها على إناثها وما جاء فى ذلك

- ‌ذكر ما ورد فى شؤم الفرس وما يذمّ من عصمها ورجلها

- ‌كيفية تضمير الخيل

- ‌ذكر ما يقسم لصاحب الفرس من سهام الغنيمة والفرق فى ذلك بين العراب والهجن والبراذين

- ‌ذكر سقوط الزكاة فى الخيل

الفصل: ‌ذكر ما ورد فى شؤم الفرس وما يذم من عصمها ورجلها

وروى عن عبادة بن نسىّ «1» ، أو ابن محيريز «2» أنّهم كانوا يستحبّون إناث الخيل فى الغارات والبيات «3» ولما خفى من أمور الحرب، وكانوا يستحبّون فحول الخيل فى الصّفوف والحصون والسّير والعسكر ولما ظهر من أمور الحرب «4» ، وكانوا يستحبّون خصيان الخيل فى الكمين والطلائع، لأنّها أصبر وأبقى فى الجهد.

وعن أنس بن مالك- رضى الله عنه- قال: كان السلف يستحبّون الفحولة من الخيل، ويقولون: هى أجسر «5» وأجرأ. وحكاه البخارىّ فى جامعه عن راشد بن سعد قال: كان السلف يستحبّون الفحول من الخيل، لأنّها أجرأ وأجسر.

‌ذكر ما ورد فى شؤم الفرس وما يذمّ من عصمها ورجلها

روى عن عبد الله بن عمر- رضى الله عنهما- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشؤم فى الدّار والمرأة والفرس» . وفى لفظ عنه صلى الله عليه وسلم: «الشؤم فى ثلاثة: فى الفرس والمرأة والدّار» . وقد قيل فى هذا الحديث:

إنّ المراد بالشؤم: شؤم المرأة اذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس اذا لم يغز عليها وشؤم الدار جار السوء؛ قاله معمر.

وقد صحّ عن النّبىّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «البركة فى ثلاث: فى الفرس والمرأة والدّار» . وسئل سالم بن عبد الله- وهو راوى هذا الحديث عن رسول الله

ص: 366

صلّى الله عليه وسلم- ما معناه؟ فقال: قال النّبىّ صلى الله عليه وسلم: «اذا كان الفرس ضروبا فهو مشئوم، واذا كانت المرأة قد عرفت زوجا قبل زوجها فحنّت إلى الزوج الأوّل فهى مشئومة، واذا كانت الدار بعيدة من المسجد لا يسمع منها الأذان والإقامة فهى مشئومة، واذا كنّ بغير هذا الوصف فهنّ مباركات» .

وعن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: كان النّبىّ صلى الله عليه وسلم يكره الشّكال من الخيل. والشّكال: أن يكون للفرس فى رجله اليمنى بياض وفى يده اليسرى، أو فى يده اليمنى وفى رجله اليسرى؛ قال أبو داود: أى مخالف؛ رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة؛ ورواه الترمذىّ والنّسائىّ، ولفظهما: أنّه كان يكره الشّكال فى الخيل؛ وزاد النّسائىّ: والشّكال من الخيل: أن تكون ثلاث قوائم محجّلة وواحدة مطلقة، أو تكون الثلاث مطلقة وواحدة محجّلة. وقال شيخنا شرف الدّين الدّمياطىّ- رحمه الله: وليس يكون الشّكال إلّا فى الرّجل، ولا يكون فى اليد. وهذا الذى زاده النّسائىّ هو قول أبى عبيدة. وقال ابن دريد:

الشّكال: أن يكون الحجل «1» فى يد ورجل من شقّ واحد، فان كان مخالفا قيل:

شكال مخالف. وقال أبو عمر المطرّز: وقيل، الشّكال: بياض الرّجل اليمنى واليد اليمنى؛ وقيل: بياض اليد اليسرى والرّجل اليسرى؛ وقيل: بياض الرجلين ويد واحدة. قال الشيخ: والصحيح من صفة الشّكال ما ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنّى وغيره: أنه البياض الذى يكون بيد ورجل من خلاف قلّ أو كثر، وهو الذى ورد فى صحيح مسلم وسنن أبى داود؛ قال الشيخ: وكراهته تحتمل وجهين: إما تفاؤلا، لشبهه المشكول المقيّد الذى لا نهوض فيه، وإمّا لجواز أن

ص: 367

يكون هذا النوع قد جرّب فلم توجد فيه نجابة؛ وقيل: إذا كان مع ذلك أغرّ زالت الكراهة لزوال شبهه الشّكال. والرّجل: إذا كان البياض بإحدى رجليه فهو أرجل، ويكره إلّا أن يكون به وضح غيره؛ وقيل: لا يكره إلا إذا كان البياض فى رجله اليسرى خاصّة؛ وقيل: الأرجل، هو الذى لا يكون فيه بياض سوى قطعة فى رجله غير دائرة حوالى الإكليل «1» ؛ يقال: رجل الفرس، إذا ابيضّت إحدى رجليه؛ وسيأتى بيان التحجيل والعصم وغيرهما عند ذكرنا للشّيات؛ والله أعلم.

ذكر ما جاء فى سباق الخيل وما يحلّ منه وما يحرم وكيفيّة «2» التضمير عند السّباق، وأسماء السّوابق فى الحلبة

روى عن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا سبق «3» إلّا فى خفّ أو حافر أو نصل» رواه أبو داود والترمذىّ والنّسائىّ.

وفى رواية أخرى للنّسائىّ: «لا يحلّ سبق «4» إلّا على خفّ أو حافر» ، وسئل «5» ابن عمر- رضى الله عنهما- أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فقال: لقد راهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس له.

ص: 368

وعنه- رضى الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التى قد ضمّرت «1» من (الحفياء «2» ) ، وكان أمدها (ثنيّة الوداع) ، وسابق بين الخيل التى لم تضمّر «3» من (الثّنيّة) إلى (مسجد بنى زريق «4» )، وأنّ ابن عمر كان ممّن سابق بها. قال سفيان الثّورىّ: بين الحفياء «5» إلى (ثنيّة الوداع) خمسة أميال أو ستّة، ومن (الثّنيّة) إلى (مسجد بنى زريق «6» ) ميل. وقال موسى بن عقبة: بين (الحفياء «7» )(وثنيّة الوداع) ستّة أميال أو سبعة، وبين (الثّنيّة)(والمسجد) ميل أو نحوه؛ رواه البخارىّ وغيره.

وفى لفظ آخر، عن ابن عمر- رضى الله عنهما- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبّق بين الخيل، فجعل غاية المضمّرة «8» من (الحفياء «9» ) الى (ثنيّة الوداع)، وما لم يضمّر «10» من (ثنيّة الوداع) إلى (مسجد بنى زريق «11» ) ؛ قال ابن عمر: فجئت سابقا فطفر بى الفرس المسجد.

وذكر ابن بنين فى كتابه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل على حلل أتته من اليمن، فأعطى السابق ثلاث حلل، والمصلّى حلّتين، والثالث حلّة، والرابع دينارا، والخامس درهما، والسادس قصبة، وقال:«بارك الله فيك وفى كلّكم وفى السابق والفسكل «12» » . وروى البلاذرىّ عن ابن سعد عن الواقدىّ، عن سليمان بن الحارث، عن عبد المهيمن بن عبّاس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جدّه، قال:

ص: 369

أجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل، فسبقت على فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم (الظّرب «1» ) ، فكسانى بردا يمانيّا.

وعن الواقدىّ، عن سليمان بن الحارث، عن الزبير بن المنذر بن أبى أسيد، قال: سبق أبو أسيد الساعدىّ على فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم (لزاز «2» )، فأعطاه حلّة يمانيّة. وعن مكحول- رضى الله عنه- قال: طلعت الخيل وقد تقدّمها فرس للنبى صلى الله عليه وسلم، فبرك على ركبتيه، وأطلع رأسه من الصفّ، وقال:«كأنّه بحر» . وفى لفظ عن مكحول: فجاء فرس له أدهم سابقا، وأشرف على الناس، فقالوا: الأدهم الأدهم، وجثا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه ومرّ به وقد انتشر ذنبه وكان معقودا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«البحر» .

وأوّل مسابقة كانت فى الإسلام سنة ستّ من الهجرة، سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل، فسبق فرس لأبى بكر الصّدّيق- رضى الله عنه- فأخذ السّبق «3» . والمسابقة ممّا كان فى الجاهليّة فأقرّه الإسلام؛ وليس هو من باب

ص: 370

تعذيب البهائم «1» ، بل من تدريبها بالجرى وإعدادها لحاجتها للطّلب والكرّ؛ واختلف فيه، هل هو من باب المباح، أو من باب المرغّب فيه والسّنن.

وعن سعيد بن المسيّب أنه قال: ليس برهان الخيل بأس اذا أدخلوا فيها محلّلا «2» ليس دونها، إن سبق أخذ السّبق «3» ، وإن سبق لم يكن عليه شىء.

وعن أبى هريرة- رضى الله عنه- عن النّبىّ صلى الله عليه وسلم، قال:

«من أدخل فرسا بين فرسين- يعنى وهو لا يؤمن أن يسبق- فليس بقمار، ومن أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار» ؛ رواه أبو داود فى الجهاد فى باب المحلّل، ورواه ابن ماجة.

قال الشيخ شرف الدّين الدّمياطىّ- رحمه الله تعالى- قوله: «من أدخل فرسا» ، هو فرس المحلّل اذا كان كفؤا يخافان أن يسبقهما فيحرز السّبق «4» ، فهو جائز؛ وان كان بليدا مأمونا أن يسبق فيحرز السّبق «5» لم يحصل به معنى التحليل، وصار إدخاله بينهما لغوا لا معنى له، وحصل الأمر على رهان من فرسين لا محلّل بينهما، وهو عين القمار. وقال القاضى أبو الفضل: لا خلاف فى جواز المراهنة فيها- يعنى المسابقة- وأنّها خارجة من باب القمار، لكن لذلك صور: إحداها متّفق على جوازها، والثانية متّفق على منعها، وفى الوجوه الأخر خلاف؛ فأمّا المتّفق على جوازه فأن يخرج الوالى سبقا «6» يجعله للسابق من المتسابقين ولا فرس له

ص: 371

فى الحلبة، فمن سبق فهو له؛ وكذلك لو أخرج أسباقا أحدها للسابق، والثانى للمصلّى، والثالث للثالث، وهكذا، فهو جائز، ويأخذونه على شروطهم؛ وكذلك لو فعل متطوّعا رجل من الناس ممّن لا فرس له فى الحلبة، لأنّ هذا قد خرج من معنى القمار الى باب المكارمة والتفضّل على السابق، وقد أخرجه عن يده بكلّ حال؛ وأمّا المتّفق على منعه فأن يخرج كلّ واحد من المتسابقين سبقا، فمن سبق منهما أخذ سبق صاحبه وأمسك متاعه، فهذا قمار عند مالك والشافعىّ وجميع العلماء ما لم يكن بينهما محلّل [فان كان بينهما «1» محلّل] فجعلا له السّبق إن سبق ولا شىء عليه إن سبق فأجازه ابن المسيّب، وقاله مالك مرّة، والمشهور عنه أنّه لا يجوز؛ وقال الشافعىّ مثل قول ابن المسيّب؛ فإن سبق أحد المتسابقين أحرز سبقه وسبق صاحبه، وإن تساويا كان لكلّ واحد منهما ما أخرج، وإن سبق المحلّل حاز السّبقين، وان سبق أحدهما مع المحلّل أحرزا سبق المتأخّر؛ وسمّى المحلّل محلّلا لتحليله السبق بدخوله، لأنّه علم أنّ المقصد بدخوله السّبق لا المال، وان لم يكن بينهما محلّل فمقصدهما المال والمخاطرة فيه؛ وقال محمد بن الحسن نحوه والأوزاعىّ وأحمد وإسحاق؛ ومن الوجوه المختلف فيها أن يكون الوالى أو غيره ممّن أخرج السّبق له فرس فى الحلبة، فيخرج سبقا على أنّه إن سبق هو حبس سبقه، وإن سبق أخذه السابق، فأكثر العلماء يجيزون هذا الشرط، وهو أحد أقوال مالك وبعض أصحابه، وهو قول الشافعىّ واللّيث والثّورىّ وأبى حنيفة قالوا:«الأسباق على ملك أربابها، وهم فيها على شروطهم» ؛ وأبى ذلك مالك فى الرواية الأخرى وبعض أصحابه وربيعة والأوزاعىّ، وقالوا:«لا يرجع اليه سبقه» ؛ قال

ص: 372

مالك: وإنما يأكله من حضر إن سبق مخرجه إن لم يكن مع المتسابقين ثالث، فإن كان معهما ثالث فللّذى يلى مخرجه إن سبق، فإن سبق غيره فهو له بغير خلاف، فخرج هذا عندهم عن معنى القمار جملة؛ ولحق بالأوّل، لأن صاحبه قد أخرجه عن ملكه جملة، وتفضّل بدفعه؛ وفى الوجوه الأخر معنى من القمار والخطر، لأنها مرّة ترجع الأسباق لمخرج أحدها، ومرّة تخرج عنه إلى غيره.

ومن شرط وضع الرّهان فى المسابقة أن تكون الخيل متقاربة الحال فى سبق بعضها بعضا، فمتى تحقّق حال أحدها فى السّبق كان الرّهان فى ذلك قمارا لا يجوز، وإدخال المحلّل لغوا لا معنى له؛ وكذلك إن كانت متقاربة الحال ممّا يقطع غالبا بسبق جنسها، كالمضمّرة مع غير المضمّرة، والعراب مع غيرها، فلا تجوز المراهنة فى مثل هذا؛ وقد ميّز النّبىّ صلى الله عليه وسلم ما ضمّر فى السّباق، وأفرده عن ما لم يضمّر، وتجوز فيها المسابقة بغير رهان، وإنّما يدخل التحليل والتحريم مع الرّهان.

[ومن شرطها «1» أيضا] الأمد لسباقها؛ وحكى عبد الله بن المبارك عن سفيان قال: اذا سبق الفرس بأذنه فهو سابق، هذا إذا تساوت أعناق الخيل فى الطّول، فإن اختلفت أعناقها بالطّول والقصر كان السّبق بالكاهل.

وأمّا أسماء السوابق فى الحلبة- فالسوابق عند أبى عبيدة عشرة:

أوّلها السابق، ثم المصلّى، ثم الثالث والرابع كذلك إلى التاسع، والعاشر السّكيت، ويقال بالتشديد. وقال ابن قتيبة:«فما جاء بعد ذلك لم يعتدّ به» ؛ والفسكل:

الذى يجىء فى الحلبة آخر الخيل. وأمّا الأصمعىّ فإنّه يقول: أوّلها المجلّى، وهو المقصّب، أى محرز قصب السّبق، ثم المصلّى، ثم المسلّى، ثم التالى، ثم المؤمّل،

ص: 373

ثم المرتاح، ثم العاطف، ثم الحظىّ، ثم اللّطيم، ثم السّكيت. وقال ابن الأنبارىّ فى (الزاهر) : الأوّل المجلّى، الثانى المصلّى، الثالث المسلّى، الرابع التالى، الخامس المرتاح، السادس العاطف، السابع الحظىّ، الثامن المؤمّل، التاسع اللّطيم، العاشر السّكيت، والكاف منه تخفّف وتشدّد، قال الشاعر:

جاء المجلّى والمصلّى بعده

ثمّ المسلّى بعده والتالى

نسقا وقاد حظيّها مرتاحها

من قبل عاطفها بلا إشكال

وقال أبو الغوث: أوّلها المجلّى، وهو السابق، ثم المصلّى، ثم المسلّى، ثمّ التّالى، ثم العاطف، ثم المرتاح، ثم المؤمّل، ثم الحظىّ، ثم اللّطيم، ثم السّكيت؛ وأنشد بعضهم فى العشرة:

أتانا المجلّى والمصلّى بعده

مسلّ وتال بعده عاطف يجرى

ومرتاحها ثمّ الحظى ومؤمّل

وجاء اللّطيم والسكيت له يبرى «1»

وقال الجاحظ: كانت العرب تعدّ السوابق ثمانية، ولا تجعل لما جاوزها حظّا، فأوّلها السابق، ثم المصلّى، ثم المقفّى، ثم التالى، ثم العاطف، ثم المذمّر، ثمّ البارع «2» ، ثم اللّطيم؛ وكانت العرب تلطم وجه الآخر وان كان له حظّ. وقال ابن الأجدابىّ: المحفوظ عن العرب السابق والمصلّى والسكيت الذى هو العاشر، وأمّا باقى الأسماء فأراها محدثة، والفسكل: الذى يأتى آخر الخيل

ص: 374