الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الثالث فى الظّبى والأرنب والقرد والنّعام
ذكر ما قيل فى الظّبى
للظّباء أسماء نطقت بها العرب، واحدها ظبى، والأنثى ظبية، وولدها طلا وغزال؛ فاذا تحرّك ومشى فهو رشأ؛ فاذا نبت قرناه فهو شادن وخشف؛ فاذا قوى فهو شصر، والأنثى شصرة، ثم هو جذع، ثم ثنىّ، ولا يزال ثنيّا حتّى يموت.
والظّباء أنواع تختلف بحسب مواضعها؛ فصنف منها يسمّى الآرام، وهى الخالصة البياض، ومساكنها الرمل، وهى أشدّها حضرا؛ وصنف يسمّى العفر، وألوانها بيض تعلوها حمرة؛ وصنف يسمّى الأدم، وألوانها أيضا كذلك «1» ، ومساكنها الجبال؛ ومن طبع هذا الحيوان أنّه اذا فقد الماء استنشق النسيم فاعتاض به عنه؛ وهو إذا طلب لم يجهد نفسه فى الحضر لأوّل وهلة، ولكنّه يرفق بنفسه، فاذا رأى طالبه قد قرب منه زاد فى حضره حتّى يفوت الطالب؛ وهو يخضم «2» الحنظل حتّى يرى ماؤه يسيل من شدقيه؛ ويرد الماء الملح الأجاج فيغمس لحيته فيه كما تفعل الشّاة فى الماء العذب، يطلب النّوى «3» المنقع فيه؛ وهو لا يدخل كناسه إلّا مستدبرا، يستقبل بعينيه ما يخافه على نفسه؛ وله نومتان فى مكنسين: مكنس الضّحى،
ومكنس العشىّ؛ وهو يصاد بالنّار، فإنّه إذا رآها ذهل لها ودهش، سيّما «1» إذا أضيف الى إشعال النار تحريك الجرس، فإنّه ينخذل ولا يبقى به حراك ألبتّة؛ وبين الظّبى والحجل ألفة ومحبّة؛ وهو يوصف بحدّة النظر.
فصل ومما يلتحق «2» بهذا النوع غزال المسك،
ولونه أسود، وله نابان خفيفان أبيضان خارجان من فيه فى فكّه الأسفل، قائمان فى وجهه كنابى الخنزير، كلّ واحد منهما دون الفتر، على هيئة ناب الفيل؛ ويكون هذا الغزال ببلاد التّبّت «3» وبالهند؛ ويقال إنه يسافر من التّبّت «4» الى الهند بعد أن يرعى من حشيش التّبّت «5» - وهو غير طيّب- فيلقى ذلك المسك بالهند، فيكون رديئا لأنه يحصل عن ذلك المرعى، ثمّ يرعى حشيش الهند الطّيّب ويعقد منه مسكا، ويأتى بلاد التّبّت «6» فيلقيه فيها، فيكون أجود ممّا يلقيه فى بلاد الهند؛ وسنذكر إن شاء الله تعالى خبر المسك فى بابه فى آخر فنّ النبات فى القسم المذيّل به مستوفى، فلا فائدة فى تكراره؛ فلنذكر ما وصف به الغزال من الشعر.