الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالصابون، ويأتوا إلى مكان هذه القرود فيقعدوا حيث تراهم، ويلبسوا زرابينهم «1» ويمشوا بها، ويتركوا تلك الزّرابين «2» الصغار، فتأتى القرود وتلبس الزّرابين «3» ، فتخرج عليها الرجال، فتعدو القرود بتلك الزّرابين «4» ، فلا تثبت أرجلها على الأرض، وتزلق، فتدركها الرجال ويأخذوها. ولم أقف على شعر يتعلّق بوصف القرد فأثبته؛ والله أعلم.
ذكر ما قيل فى النّعام
والنعامة تسمّى بالفارسية: أشترمرغ «5» ، ومعنى أشتر: جمل، ومرغ «6» : طائر، فكأنّهم قالوا: جمل طائر؛ ومن أعاجيبها أنّها تضع بيضها عند الحضان، وتعطى كلّ بيضة منها نصيبها من الحضن، لأنّ بدنها لا يشمل جميع ما تحضنه، فانّها تحضن أربعين بيضة أو ثلاثين، وتخرج لطلب الطّعم، فتمرّ فى طريقها ببيض نعامة أخرى فتحضنه وتنسى بيضها؛ قال ابن هرمة:
وإنّى وتركى ندى الأكرمين
…
وقدحى بكفّىّ زندا شحاحا «7»
كتاركة بيضها بالعراء
…
وملبسة بيض أخرى جناحا «8»
ويقال: إنها تقسم بيضها أثلاثا، منه ما تحضنه، ومنه ما تجعل صفاره «9» غذاء، ومنه ما تفتحه وتتركه فى الهواء حتى يعفن، وتتولّد من عفونته دوابّ «10» ، فتغذى بها
فراخها اذا خرجت؛ وكلّ ذى رجلين اذا انكسرت إحداهما استعان فى نهوضه وحركته بالثانية إلّا النّعامة، فانّها تبقى فى مكانها جاثمة حتى تهلك جوعا؛ قال الشاعر:
إذا انكسرت رجل النّعامة لم تجد
…
على أختها نهضا ولا بآستها حبوا «1»
والعرب تزعم أنّ الظّليم أصلم «2» ، وأنّه عوّض عن السّمع بالشّمّ، فهو يعرف بأنفه ما لا يحتاج معه الى سمع، والعرب تقول فى أمثالها:«أحمق من نعامة» ، قالوا: لأنّها إذا أدركها القانص أدخلت رأسها فى كثيب رمل وتقدّر فى نفسها أنّها قد استخفت منه؛ والنّعام قوىّ الصبر على العطش، شديد العدو، وأشدّ ما يكون عدوه اذا استقبل الريح، وهو فى عدوه يضع عنقه على ظهره، ثم يخترق الريح؛ والنّعامة تبتلع العظم والحجر والحديد فيصير فى جوفها كالماء، وتبتلع الجمر؛ وهو يصاد بالنار كسائر الوحش، فإنه إذا رأى النار دهش ووقف فيتمكّن منه الصائد.
وقد وصفها إبراهيم بن خفاجة الأندلسىّ فقال:
ولربّ طيّار خفيف قد جرى
…
فشلا «3» بجار خلفه طيّار
من كلّ فاجرة «4» الخطا مختالة
…
مشى الفتاة تجرّ فضل إزار
مخضوبة المنقار تحسب أنّها
…
كرعت على ظمإ بكاس عقار
لا تستقرّ بها الأداحى «1» خشية
…
من ليل ويل أو نهار بوار
[وقال «2» الحمّانىّ] :
قد ألبس الليل حتى ينثنى خلقا
…
وأركب الهول بالغرّ الغرانيق «3»
وانتحى لنعام الدّو «4» ملهبة «5»
…
كأنّها بعض أحجار المجانيق
تسدى الرياح بها ثوبا وتلحمه
…
كما تلبّس من نسج الخداريق «6»
كأنّما ريشها والريح تفرقه
…
أسمال راهبة شيبت بتشقيق
كأنّها حين مدّت رؤسها «7» فرقا
…
سود الرجل تعادى «8» بالمزاريق
كأنّ أعناقها وهنا اذا خفقت «9»
…
بها البلاقع أدقال «10» الزواريق
فما استلذّ بلحظ العين ناظرها
…
حتّى تغصّص أعلاهنّ بالرّيق «11»