الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العرب به الخيل من ترتيبها فى السنّ، وتسمية أعضائها وأبعاضها وألوانها وشياتها، والمحمود من صفاتها ومحاسنها، وعدّ عيوبها التى تكون فى خلقتها وجريها، والعيوب التى تطرأ عليها وتحدث فيها، وذكر خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدّتها وأسمائها، وكرام الخيل المشهورة عند العرب، وما وصفت به الخيل فى أشعار الشعراء ورسائل الفضلاء التى تتضمّن مدح جيّدها وذمّ رديئها، وغير ذلك على ما نوضحه- إن شاء الله تعالى- ونبيّنه، ونأتى به على الترتيب والتحقيق، فنقول وبالله التوفيق، [وإليه المآب «1» ] .
ذكر ما ورد فى ابتداء خلق الخيل وأوّل من ذلّلها وركبها
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النّيسابورىّ المعروف بالثّعلبىّ فى تفسيره:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمّد بن أحمد بن عقيل الأنصارىّ، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، قالا: أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكىّ، قال:
حدّثنا محمد بن الأشرس، قال: حدّثنا أبو جعفر المدينىّ، قال: حدّثنا القاسم ابن الحسن بن زيد، عن أبيه، عن الحسين بن علىّ رضى الله عنهما، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمّا أراد الله أن يخلق الخيل قال للريح الجنوب: إنّى خالق منك خلقا فأجعله عزّا لأوليائى، ومذلّة على أعدائى، وجمالا لأهل طاعتى؛ فقالت الريح: اخلق، فقبض منها قبضة فخلق فرسا، فقال له: خلقتك عربيّا وجعلت الخير معقودا بناصيتك، والغنائم مجموعة على ظهرك، وعطفت عليك صاحبك، وجعلتك تطير بلا جناح، فأنت للطّلب، وأنت للهرب،
وسأجعل على ظهرك رجالا يسبّحونى «1» ويحمدونى «2» ويهلّلونى «3» ، تسبّحن «4» اذا سبّحوا، وتهلّلن «5» اذا هلّلوا، وتكبّرن «6» اذا كبّروا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما من تسبيحة وتحميدة وتكبيرة يكبّرها صاحبها فتسمعه «7» إلّا فتجيبه بمثلها، ثم قال: لمّا سمعت الملائكة صفة الفرس وعاينت خلقها، قالت: ربّ، نحن ملائكتك نسبّحك ونحمدك، فماذا لنا؟ فخلق الله لها خيلا بلقا، أعناقها كأعناق البخت «8» ، فلمّا أرسل الله الفرس الى الأرض، واستوت قدماه على الأرض صهل، فقيل: بوركت من دابّة، أذلّ بصهيلك المشركين، أذلّ به أعناقهم، وأملأ به آذانهم، وأرعب به قلوبهم؛ فلمّا عرض الله على آدم من كلّ شىء قال له: اختر من خلقى ما شئت، فاختار الفرس، فقال له: اخترت عزّك وعزّ ولدك خالدا ما خلدوا، وباقيا ما بقوا، بركتى عليك وعليهم، ما خلقت خلقا أحبّ إلىّ منك ومنهم «9» » .
وروى المسعودىّ فى كتابه المترجم بمروج الذهب بسنده إلى ابن عبّاس- رضى الله عنهما-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لمّا أراد أن يخلق الخيل أوحى الى الرّيح الجنوب أنّى خالق منك خلقا فاجتمعى، فاجتمعت، فأمر جبريل عليه السلام فأخذ منها قبضة، قال: ثمّ خلق الله تعالى منها فرسا كميتا «1» ، ثم قال الله تعالى: خلقتك فرسا، وجعلتك عربيّا، وفضّلتك على سائر ما خلقت من البهائم بسعة الرزق، والغنائم تقاد على ظهرك، والخير معقود بناصيتك؛ ثم أرسله فصهل، فقال له: باركت فيك، فصهيلك أرعب به المشركين وأملأ مسامعهم، وأزلزل أقدامهم؛ ثم وسمه بغرّة وتحجيل، فلمّا خلق الله تعالى آدم، قال: يا آدم، أخبرنى أىّ الدّابّتين أحببت؟ - يعنى الفرس والبراق، قال «2» :
وصورة البراق على صورة البغل لا ذكر ولا أنثى- فقال آدم: يا ربّ اخترت أحسنهما وجها، فاختار الفرس، فقال الله له: يا آدم، اخترت أحسنهما، اخترت عزّك وعزّ ولدك باقيا ما بقوا، وخالدا ما خلدوا» . هذا ما ورد فى ابتداء خلق الفرس؛ والله أعلم بالصواب؛ واليه المرجع والمآب.
وأما أوّل من ذلّل الخيل وركبها- فإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ودليل ذلك ما رواه الزّبير بن بكّار فى أوّل كتابه فى أنساب قريش من حديث داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عبّاس- رضى الله عنهما- قال: كانت الخيل وحوشا لا تركب، فأوّل من ركبها إسماعيل، فلذلك سمّيت