الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخصاء، وذكر أنّ عروة بن الزّبير خصى بغلا له؛ وأنّ عمر بن عبد العزيز خصى بغلا له فى زمن خلافته، وأنّ الحسن سئل عن الخصاء فقال:«لا بأس به» ، وأنّ ابن سيرين قال:«لا بأس بخصاء الخيل، لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا» ، وأن عطاء قال:«ما خيف عضاضه وسوء خلقه فلا بأس» . قال البيهقىّ: ومتابعة قول ابن عمر وابن عبّاس- رضى الله عنهم- مع ما فيه من السنّة المرويّة أولى، ويحتمل جواز ذلك اذا اتّصل به غرض صحيح.
ذكر ما قيل فى أكل لحوم الخيل من الإباحة والكراهة
قد أباح أكلها جماعة، منهم شريح والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وحمّاد بن أبى سليمان والثّورىّ وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن المبارك والشافعىّ وأحمد وإسحاق وأبو ثور فى جماعة من السّلف؛ ودليلهم على ذلك ما اتفق عليه البخارىّ ومسلم من حديث أسماء بنت أبى بكر الصدّيق وجابر بن عبد الله- رضى الله عنهم-؛ فأمّا حديث أسماء فقالت:«نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه» . وأمّا حديث جابر- رضى الله عنه- فقال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر، ورخّص- أو أذن- فى لحوم الخيل» .
وذهب مالك وأبو حنيفة والأوزاعىّ إلى أنّها مكروهة، إلّا أنّ كراهيتها عند مالك كراهية تنزيه، لا تحريم فى إحدى الروايتين عنه؛ ودليلهم ما رواه أبو داود والنّسائىّ وابن ماجة من حديث بقيّة بن الوليد الحمصىّ، عن ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معديكرب، عن أبيه، عن جدّه، عن خالد بن الوليد- رضى الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير. وما تضمّنته الآية من قوله تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها
وَزِينَةً) *
. قال صاحب الهداية الحنفىّ: خرجت- أى الآية-[مخرج «1» ] الامتنان، والأكل من أعلى منافعها، والحكيم لا يترك الامتنان بأعلى النّعم ويمتنّ بأدناها؛ ولأنّها آلة إرهاب العدوّ، فيكره أكله احتراما له، ولهذا يضرب له بسهم فى الغنيمة؛ ولأنّ فى إباحته تقليل آلة الجهاد، وحديث جابر معارض بحديث خالد ابن الوليد، والترجيح للمحرّم؛ ثم قيل: الكراهية عنده كراهية تحريم؛ وقيل: كراهية تنزيه؛ والأوّل أصحّ؛ وأمّا لبنه- فقد قيل: لا بأس به، إذ ليس فى شربه تقليل آلة الجهاد؛ انتهى كلام صاحب الهداية.
وقد عورض فى أدلّته بأقوال؛ أمّا الآية، فقد قيل: الغالب فى الانتفاع بهذه الدوابّ ما أشار الله تعالى اليه فيها من الركوب والزينة، فأمّا أكلها فنادر، فخرجت الآية مخرج الغالب؛ وقالوا: ألا ترى أنّ الأنعام لمّا كانت متقاربة الحال عند العرب فى الانتفاع بها أكلا ونجمّلا وركوبا وتحميلا، منّ الله عليهم بتفصيل أحوالها المألوفة والمعتادة عندهم المعروفة فى الآية قبلها، فقال تعالى:(وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ)
وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ)
؛ وأما حديث خالد فإنّه وإن كان أحوط من حديث جابر وأسماء [فإنّ حديث جابر «2» وأسماء] أسند وأصحّ؛ وحديث خالد لا يعرف إلّا من رواية بقيّة