الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما يقسم لصاحب الفرس من سهام الغنيمة والفرق فى ذلك بين العراب والهجن والبراذين
عن عبد الله بن عمر- رضى الله عنهما- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين، ولصاحبه سهما. وفى لفظ: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين، وللرجل سهما؛ رواه البخارىّ ومسلم وأبو داود والترمذىّ وابن ماجة. وفى لفظ أبى داود: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهما له، وسهمين لفرسه؛ ولفظ ابن ماجة:
أنّ النّبىّ صلى الله عليه وسلم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم: للفرس سهمان، وللرّجل سهم.
وعن مكحول- رضى الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هجّن الهجين يوم خيبر، وعرّب العرب، للعربىّ سهمان، وللهجين سهم. وعن خالد ابن معدان- رضى الله عنه- قال: أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للعربىّ سهمين، وللهجين سهما.
وعن أبى موسى أنّه كتب الى عمر بن الخطّاب- رضى الله عنهما- «إنا وجدنا بالعراق خيلا عراضا دكّا «1» ، فما يرى أمير المؤمنين فى سهامها» ؟ فكتب:
«تلك البراذين، فما قارب العتاق فاجعل له سهما واحدا، وألغ ما سوى ذلك» .
وعن أبى الأقمر قال: أغارت الخيل على الشأم، فأدركت العراب من يومها، وأدركت الكوادن ضحى الغد، وعلى الخيل رجل من همدان يقال له المنذر بن
أبى حمضة «1» ، فقال:«لا أجعل التى أدركت من يومها مثل التى لم تدرك» ، ففضّل الخيل، فكتب فى ذلك الى عمر بن الخطّاب- رضى الله عنه- فقال:«هبلت الوادعىّ «2» أمّه، لقد أذكرنى أمرا كنت أنسيته، امضوها على ما قال» . والكوادن:
جمع كودن، وهو البرذون؛ ومذهب مالك والشافعىّ وأبى حنيفة التسوية بين العربىّ وغيره، إلّا أنّهم جعلوا «3» لكلّ واحد منهما سهما واحدا؛ قال مالك: ولا أرى البراذين والهجن إلّا من الخيل لأنّ الله تعالى قال فى كتابه: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها)
، وقال:(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)
قال: «فأنا أرى البراذين والهجن من الخيل اذا أجازها الوالى» . قال ابن حبيب:
البراذين هى العظام، يريد الجافية الخلقة، العظيمة الأعضاء، وليست العراب كذلك، فإنّها أضمر وأرقّ أعضاء وأعلى خلقة؛ وأمّا الهجن فهى التى أبوها عربىّ وأمّها من البراذين. قال الشيخ- رحمه الله تعالى-: ومذهب جمهور العلماء أنه يقسم للفرس سهمان، ولصاحبه سهم على ما فرضه النّبىّ صلى الله عليه وسلم، لأنّ
مؤونة الفرس أكثر من مؤونة فارسه، وغناءه أكثر من غناء الفارس، فاستحقّ الزيادة فى القسم من أجل ذلك؛ قال: وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يقسم للفرس كما يقسم للرجل؛ وقال: «لا يكون أعظم منه حرمة» ؛ ولم يتابعه أحد على ذلك إلّا شىء يروى عن علىّ وأبى موسى؛ وذهب مالك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن والشافعىّ إلى أنّه لا يقسم إلّا لفرس واحد، ودليلهم ما رواه ابن سعد فى طبقاته:
أنّ النّبىّ صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت يوم حنين بإحصاء الناس والغنائم فكان السّبى ستّة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرين ألف بعير، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقيّة فضّة، فأخذ من ذلك الخمس، ثم فضّ الباقى على الناس، فكانت سهامهم لكلّ رجل أربع من الإبل وأربعون شاة، وإن كان فارسا أخذ اثنى عشر من الإبل وعشرين ومائة شاة، وان كان معه أكثر من فرس لم يسهم له. وذهب الأوزاعىّ والثّورىّ واللّيث بن سعد وأبو يوسف وأحمد ابن حنبل- رحمهم الله الى أنه يسهم لفرسين، وروى مثله عن مكحول ويحيى ابن سعيد وابن وهب ومحمد بن الجهم «1» من المالكيّة، وحكاه محمد بن جرير الطبرىّ فى تاريخه، فقال:«ولم يكن يسهم للخيل اذا كانت مع الرجل إلّا لفرسين» ودليلهم ما ذكره ابن مندة فى ترجمة البراء بن أوس بن خالد أنّه قاد مع النّبىّ صلى الله عليه وسلم فرسين، فضرب له النّبىّ صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم؛ ولم يقل أحد إنه يسهم لأكثر من فرسين إلّا شيئا يروى عن سليمان بن موسى أنه يسهم لمن غزا بأفراس لكلّ فرس سهمان؛ واختلفوا فى الإسهام للفرس المريض الذى يرجى برؤه على قولين، أحدهما: يسهم له نظرا إلى الجنس؛ والثانى: لا يسهم له، لأنه لا غناء فيه كالبغل والحمار؛ والله الموفّق للصواب.