الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستثناء وما في معناه
قوله: (ومن أقر بدار واستثنى بناءها لنفسه فللمقر له الدار والبناء؛ لأن البناء داخل في هذا الإقرار معنىً لا لفظًا، والاستثناء تصرف في الملفوظ، والفص في الخاتم، والنخلة في البستان، نظير البناء في الدار؛ لأنه يدخل فيه تبعًا لا لفظًا بخلاف ما إذا قال إلا ثلثها أو إلا بيتًا منها لأنه داخل فيه لفظًا).
وقالت الأئمة الثلاثة: يصح استثناء البناء والفص والنخلة من الدار والخاتم والبستان، واختاره الطحاوي وهو أقوى، وإذا كان في آخر الكلام ما يغير أوله، توقف أوله على آخره، وقد ورد الاستثناء المنقطع في كلام الله تعالى وفي الكلام الفصيح، وهو مخرج تقديرًا كقوله تعالى: {لا يذوقون
فيها الموت إلا الموتة الأولى}، وقوله تعالى:{قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} ، وقوله تعالى:{فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} وأمثلة ذلك في كلام العرب كثيرة، والبعضية ثابتة بين المستثنى والمستثنى منه، وإن كان مما يسمى منقطعًا إلا أن المستثنى منه لا يتناول المستثنى في الاستثناء المنقطع وضعًا ولكن له حظ من البعضية مجازًا ولذلك قيل له مستثنى فإن لم يتناوله بوجه من الوجوه لم يصح استعماله لعدم الفائدة.
فلا يقال: صهلت الخيل إلا البعير، ورغت الإبل إلا الفرس، ولو قيل: صوتت الخيل إلا البعير لجاز؛ لأن التصويت يستحضر بذكره الخيل وغيرها من المصوتات فكان ذلك بمنزلة الداخل فيما قبله، وبسط ذلك في كتب النحو وغيرها.
فإذا كان الاستثناء المتقطع سائغًا مستعملاً، وهو إخراج من حكم دلالة المفهوم، فاستثناء البناء والفص والنخلة من الدار والخاتم والبستان أحق وأولى بالصحة والجواز، وإذا صح استثناء دينار أو قفيز حنطة من مائة درهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف كيف لا يصح استثناء البناء من الدار ونحوه.