الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المضاربة
قوله: (وإذا خالف كان غاصبًا).
قول مالك وأحمد رحمهما الله -في أن رب المال بالخيار إن شاء أمضى ذلك التصرف، وإن شاء رده- أقوى؛ لأنه متفضل في هذا التصرف، فإن رأى رب المال المصلحة في إمضائه أمضاه، وإن رأى المصلحة في رده رده، بل لو كان غاصبًا محضًا فالمالك بالخيار في تصرفاته والإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، وسيأتي لذلك زيادة بيان في الغصب إن شاء الله تعالى.
قوله: (ولا يجاوز بالأجر القدر المشروط -يعني في المضاربة الفاسدة- عند أبي يوسف خلافًا لمحمد كما بينا في الشركة).
لم يبين في الشركة شيئًا، وإنما قال في الشركة الفاسدة: فللمعين -يعني في الاحتطاب ونحوه- أجرة مثله بالغًا ما بلغ عند محمد رحمه الله، وعند أبي
يوسف لا يجاوز به نصف ثمن ذلك وقد عرف في موضعه، وأي بيان في هذا، ومن الأصحاب من رجح قول محمد لجريانه على الأصل الذي قرروه، والصحيح قول أبي يوسف لئلا يلزم أن تربو المضاربة الفاسدة على الصحيحة.
قوله: (ويجب الأجر إن لم يربح في رواية الأصل لأن أجر الأجير يجب بتسليم المنافع أو العمل وقد وجد، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يجب اعتبارًا بالمضاربة الصحيحة مع أنها فوقها).
قول أبي يوسف أقوى، قال السغناقي رحمه الله: فإن قلت ما جواب ظاهر الرواية عن هذا التعليل الصحيح لأبي يوسف -وهو أن العقد الفاسد
يؤخذ حكمه أبدًا من العقد الصحيح من جنسه كما في البيع الفاسد.
قلت: جوابه هو أن الفاسد إنما يعتبر بالجائز إذا كان انعقاد الفاسد مثل انعقاد الجائز كالبيع وهنا المضاربة الصحيحة تنعقد شركة لا إجارة، والمضاربة الفاسدة تنعقد إجارة، انتهى.
وهذا الجواب مرتب على ما أصله الأصحاب من أن المضاربة إذا فسدت صارت إجارة والكلام في هذا الأصل، واعتبار فاسد المضاربة بصحيحها أولى من جعلها إجارة لأنهما قد تراضيا أن يكون للعامل جزء من الربح إن حصل ربح وبالحرمان إن لم يحصل ولم يرض رب المال أن يكون في ذمته شيء في مقابلة عمل العامل، فإذا أوجبتم في ذمته شيئًا كان إيجابًا بغير دليل، وهدم الأصل الضعيف أولى من إلغاء التعليل الصحيح والله أعلم.