المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الديات قوله: (ولهما قوله عليه الصلاة والسلام: "في نفس المؤمن - التنبيه على مشكلات الهداية - جـ ٥

[ابن أبي العز]

الفصل: ‌ ‌كتاب الديات قوله: (ولهما قوله عليه الصلاة والسلام: "في نفس المؤمن

‌كتاب الديات

قوله: (ولهما قوله عليه الصلاة والسلام: "في نفس المؤمن مائة من الإبل" وما روياه غير ثابت لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في صفة التغليظ، وابن مسعود رضي الله عنه قال بالتغليظ أرباعًا كما ذكرنا وهو كالمرفوع، فيعارض به).

فيه نظر من وجوه:

أحدها: معارضته من استدل به لمحمد والشافعي من الحديث الذي فيه ذكر أربعين خلفة، بقوله عليه السلام:"في نفس المؤمن مائة من الإبل".

وجوابه: أنه لا معارضة بين الحديثين لأن المائة في هذا الحديث غير مبينة، بينها في الحديث الآخر، ولو احتج بما روى الزهري عن السائب بن يزيد قال: "كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا، خمسًا وعشرين جذعة،

ص: 897

وخمسًا وعشرين حقه، وخمسًا وعشرين بنت لبون، وخمسًا وعشرين بنت مخاض" -لكان أقوى مع أن هذه الأحاديث كلها فيها كلام.

الثاني: تعليله عدم ثبوته باختلاف الصحابة رضي الله عنهم في صفة التغليظ.

وجوابه: أن المخالف قد يكون خلافه لأن النص لم يبلغه أو بلغه من وجه لم يثبت عنده منه أو تأويله باجتهاده، فلا يكون الاختلاف في الحكم دليلاً على أن الحديث الوارد فيه غير ثابت، والواجب أن يحكم بالنص بين المختلفين، لا أن يسقط النص للاختلاف فيما دل عليه من الحكم، ولا أن يعارض النص بقول من خالفه لاحتمال أن يكون عند المخالف نص خلافه لأجله فإن الله تعالى قال:{فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول} الآية.

الثالث: معارضته الحديث المرفوع بقول ابن مسعود رضي الله عنه، وجعله قوله بمنزلة المرفوع.

وجوابه: أن الحديث المرفوع إذا صح لا يجوز معاورضته بقول أحد من الناس كائنًا من كان، وقول الصحابي حجة عند فقد النص، وأما إذا وجد نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت صحيح فلا يجوز العدول عنه، ولو اكتفى

ص: 898

المصنف بقوله: (وما رواه غير ثابت) لكفى.

قوله: (ولنا ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدية في قتيل بعشرة آلاف درهم").

لا يعرف هذا الحديث في كتب الحديث، ولكن روى أبو حنيفة عن الهيثم عن الشعبي عن عمر رضي الله عنه "أنه فرض على أهل الذهب في الدية ألف دينار، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم".

قال أبو عمر بن عبد العزيز: ليس مع من جعل الدية عشرة آلاف عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث مسند ولا مرسل، وحديث الشعبي عن عمر يخالفه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه رضي الله عنه.

ص: 899

قوله: (والأصل فيه ما روى سعيد بن المسيب "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في النفس الدية وفي اللسان الدية وفي المارن الدية وهكذا هو في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم").

[أما المنقول عن سعيد بن المسيب فهو ما رواه البيهقي عنه أنه قال: "مضت السنة في العقل بأن في اللسان الدية" وعنه: "مضت السنة في العقل بأن في الذكر الدية وفي الأنثيين الدية".

ولم أر ما نقله المصنف عن ابن المسيب كما قال عنه، وأما الكتاب الذي كتبه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم] فليس فيه لفظ المارن، وإنما فيه:"وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية" وسيأتي ذكر الحديث بكماله إن شاء الله تعالى.

قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي موسى: "وفي كل سن خمس من الإبل").

لا يعرف هذا الحديث عن أبي موسى، وإنما يعرف في كتاب عمرو بن

ص: 900

حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه: "في السن خمس من الإبل" رواه النسائي.

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم: "في الأسنان خمس خمس" رواه أبو داود، ولعل المصنف اشتبه عليه حديث دية الأسنان بحديث أبي موسى في دية الأصابع:"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأصابع سواء عشر عشر من الإبل" رواه أبو داود والنسائي.

قوله: (لما روي عن كتاب عمرو بن حزم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الموضحة خمس من الإبل، وفي الهاشمة: عشر، وفي المنقلة: خمس عشرة، وفي الآمة -ويرى في المأمومة- ثلث الدية").

ص: 901

ليس للهاشمة ذكر في حديث عمرو بن حزم، وقال ابن المنذر: لم نجد في الهاشمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضًا معلومًا، ووجدنا أكثر من لقيناه وبلغنا عنه من أهل العلم يجعلون في الهاشمة عشرًا من الإبل. انتهى.

وحديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابًا وكان في كتابه: أن من اعتبط مؤمنًا قتلاً عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول، وإن في النفس الدية مائة من الإبل، وإن في الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نفس الدية، وفي المأمومة ثلث

ص: 902

الدية، وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل إصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل، وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل، وأن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار" رواه النسائي، وقال: قد روى هذا الحديث عن يونس عن الزهري مرسلاً.

قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: "وفي اليدين الدية، وفي إحداهما نصف الدية").

هذا اللفظ غير معروف، وإنما ورد في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:"وفي اليد نصف العقل" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه،

ص: 903

وفي بعض طرق حديث عمرو بن حزم: "وفي اليد الواحدة نصف الدية" رواه النسائي، وفي لفظ:"وفي اليد خمسون -يعني من الإبل-".

وروي عن معاذ "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وفي اليدين الدية، وفي الرجلين الدية" ذكره في المغني، فالمصنف رحمه الله نقل الحديث بالمعنى من حديثين.

قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تعقل العواقل عمدًا

الحديث").

هذا الحديث لم يصح رفعه، وإنما رواه الدارقطني والبيهقي عن عمر رضي الله عنه وهو منقطع أنه قال:"العمد والعبد واللصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة" وحكى أحمد عن ابن عباس مثله، وقال الزهري: "مضت

ص: 904

السنة أن العاقلة لا تحمل شيئًا من دية العمد إلا أن يشاؤوا" رواه عنه مالك في الموطأ وروى البيهقي عن الشعبي أنه قال: "لا تعقل العاقلة عمدًا ولا عبدًا ولا صلحًا ولا اعترافًا" قال البيهقي: هو المحفوظ في قوله.

قوله: (ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه: "أنه جعل عقل المجنون على عاقلته وقال: عمده وخطؤه سواء").

قال البيهقي: وروي عن علي بإسناد فيه ضعف، قال:"عمد الصبي والمجنون خطا"، وروي "أن مجنونًا سعى على رجل بسيف فضربه، فرفع ذلك إلى علي رضي الله عنه فجعل عقله على عاقلته، وقال: عمده وخطؤه سواء".

قوله: (والغرة نصف عشر الدية، قال رحمه الله: معناه دية الرجل وهذا في الذكر، وفي الأنثى عشر دية المرأة، وفي كل واحد منهما خمسمائة درهم).

في تفريقه بين الذكر والأنثى نظر، فإنه ليس فيه فائدة، لأن عشر دية المرأة

ص: 905