الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرجوع في الهبة
قوله: (ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: "الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها").
أخرجه الدارقطني والبيهقي وهو ضعيف، ولو ثبت لوجب العمل به وبحديث:"لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا الوالد فيما يعطي ولده" فإن هذا الحديث أخرجه أهل السنن وصححه الترمذي، فيكون الواهب
الذي لا يحل له الرجوع من وهب تبرعًا محضًا لا لأجل العوض.
والواهب الذي له الرجوع من وهب ليتعوض من هبته ويثاب منها فلم يفعل المتهب، وتستعمل سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها.
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه" وزاد أحمد والبخاري "ليس لنا مثل السواء" والرجوع في القيء حرام، فالرجوع في الهبة حرام.
قال ابن التركماني في كلامه على حديث الهداية: وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها" رواته
ثقات.
وقال الدارقطني: وهم، والصواب: عن عمر قوله، ورواه أيضًا عن حديث أبي هريرة وابن عباس أيضًا وسندهما ضعيف، وله أيضًا عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها" وفي الخلافيات للبيهقي: لا يقوم بإسناده حجة. انتهى.
قوله: (ولأن المقصود بالهبة هو التعويض للعادة، فتثبت ولاية الفسخ عند فواته إذ العقد يقبله).
المقاصد بالهبات مختلفة فقد يكون المقصود مكافأة الموهوب على إحسانه، وقد يكون الحامل على الهبة مجرد الهبة، وقد يكون المقصود نسج
المودة أو النفع بالبدن أو بالجاه وتسمى رشوة أو العوض المالي، وليس القصد منحصرًا في التعويض بالمال حتى يقال: إنه إذا لم يثبت الهبة بالمال والتعويض غير مشروط أنه يجوز الرجوع فيها.
قوله: (والمراد بما روي نفي استبداد الرجوع).
يعني أن الواهب لا يستبد بالرجوع في الهبة، بل لابد من رضى الموهوب له أو القضاء، وفي ذلك نظر/ فإن الرجوع برضى الموهوب له لا كلام فيه، ولا خلاف، ولا إشكال.
وأما القضاء فإذا كان الرجوع في الهبة مكروهًا -كما قد ذكره المصنف بعد ذلك، واستدل عليه بقوله صلى الله عليه وسلم:"العائد في هبته كالعائد في قيئه" والحديث متفق عليه -فكيف يسوغ للقاضي الإعانة على مثل هذه المعصية، وكيف تكون إعانته على المعصية التي هي معصية أخرى منتجة للجواز، وإذا كان الرجوع قبل القضاء غير جائز فبعده كذلك؛ لأن قضاء القاضي لا يحلل
الحرام، ولا يحرم الحلال وإنما قضاء القاضي إعانة لصاحب الحق على وصوله إلى حقه، فإذا كان الرجوع في الهبة لا يحل، لا يصير بالقضاء حلالاً، والقاضي غير مشرع.
وقد اعترف المصنف بعد ذلك بأن في أصل الرجوع في الهبة وهاء، فيكف يسوغ للقاضي الإقدام على أمرٍ واهٍ ضعيف مكروه، فليحذر الحاكم من مثل هذا، وليعلم أنه موقوف ومسؤول وليعد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، ولا يقال: إن اشتراط القضاء ليرتفع الخلاف، لأن القضاء في مسائل الخلاف إما يشترطه المخالف في ثبوت الحكم لا القائل بثبوته.
قوله: (وإثباته للوالد لأنه بتملكه للحاجة، وذلك يسمى رجوعًا).
فيه نظر فإن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق استثناء الوالد، ولم يقيد جواز رجوعه -فيما وهب لولده- بالحاجة، فيجب إجراؤه على إطلاقه، وليحصل الفرق بين أخذه من مال ولده ورجوعه فيما وهبه إياه.
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا كانت الهبة لذي رحم محرم، لم يرجع فيها").
أخرجه الدارقطني من حديث سمرة رضي الله عنه، وتقدم تضعيف البيهقي له.
قوله: (لأنه عليه الصلاة والسلام "نهى عن بيع وشرط").
تقدم التنبيه على ضعفه في البيوع.
قوله: (ولهما أنه عليه الصلاة والسلام: "أجاز العمرى، ورد الرقبى").
لم يثبت رد الرقبى، ولأبي داود والنسائي وحسنه الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها" فظهرت قوة قول أبي يوسف رحمه الله، وهو مذهب أحمد والثوري.
وقال ابن المنذر: روينا عن علي رضي الله عنه أنه قال: "الرقبى والعمرى سواء" انتهى والله أعلم.