المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب المكاتب قوله: (وقال زفر: لا يعتق إلا بأداء قيمة الخمر - التنبيه على مشكلات الهداية - جـ ٥

[ابن أبي العز]

الفصل: ‌ ‌كتاب المكاتب قوله: (وقال زفر: لا يعتق إلا بأداء قيمة الخمر

‌كتاب المكاتب

قوله: (وقال زفر: لا يعتق إلا بأداء قيمة الخمر لأن البدل هو القيمة، وعن أبي يوسف أنه يعتق بأداء الخمر لأنه بدل صورة ويعتق بأداء القيمة أيضًا لأنه هو البدل معنى).

فيه نظر من وجهين:

أحدهما: قوله: وقال زفر: لا يعتق إلا بأداء قيمة الخمر، فإنه مشكل وإنما يعتق عنده بأداء قيمة نفسه لا قيمة الخمر، وقد وقع في بعض النسخ: القيمة محلاة بالألف واللام بدون إضافة، وفيه إجمال.

ص: 635

وفي المجمع: ويحكم به لأداء عينها أو قيمتها، وهو وهم وإنما يعتق بأداء قيمة نفسه لا قيمة الخمر.

الثاني: قوله: وعن أبي يوسف أنه يعتق بأداء الخمر ويعتق بأداء القيمة، وهذا الحكم الذي ذكره هو ظاهر الرواية عند أبي حنيفة وصاحبيه على ما ذكره في المبسوط والذخيرة فعلى هذا [كان] من حقه أن لا يخص أبا يوسف وأن لا يذكر بكلمة عن.

ص: 636

قوله: (بخلاف التدبير لأنه يقبل الفسخ، وبخلاف بيع المكاتب لأن في تجويزه إبطال الكتابة إذ المشتري لا يرضى ببقائه مكاتبًا).

تقدم الكلام في بيع المدبر في باب التدبير وبيع المكاتب في باب الفاسد، وفي تعليله نفي جواز بيع المكاتب بأن المشتري لا يرضى ببقائه مكاتبًا دلالة على ضعف القول بنفي جوازه؛ لأن الكلام فيما إذا علم المشتري أنه مكاتب واشتراه كذلك.

أما إذا لم يعلم المشتري بالكتابة ثم علم بها فله فسخ البيع بمنزلة اطلاعه على العيب، ولا يقال: لا يجوز بيع الأمة المزوجة أو المعيبة لأن المشتري لا يرضى بها كذلك، ومثل هذا التعليل لا يرضي.

قوله: (فإن مات المكاتب وله ولد من حرة وترك دينًا وفاءً بمكاتبته، فجنى الولد فقضى به على عاقلة الأم -إلى آخره-).

فيه نظر من وجهين:

فإن قوله: (وترك دينًا)، ليس بقيد، فلو قال: وترك وفاءً لكان أولى.

ص: 637

وقوله: (وله ولد من حرة)، يحتاج إلى تقييد بأن تكون معتقة فإنها لو كانت حرة الأصل لم يكن لموالي أبيه عليه ولاء بل عاقلته عاقلة أمه.

قوله: (فإن أعتقه أحد الورثة لم ينف عتقه لأنه لم يملكه وهذا لأن المكاتب لا يملك بسائر أسباب الملك فكذا بسبب الورثة).

تقدم الكلام في جواز انتقال المكاتب من ملك إلى ملك، وانتقاله إلى ملك الوارث أظهر لأن الوراثة خلافة، فتقوم مقام المورث، وإذ قد تقرر أن المكاتب يقبل الانتقال بالبيع ونحوه كما تقدم في البيع الفاسد، فانتقاله إلى الوارث ونفوذ إعتقاه أولى وأحرى ولهذا نفذ إعتاقهم ولو كان إعتاقهم بمنزلة إبرائهم ولم يكن إعتاقًا لكان الإعتاق حاصلاً إما بعقد الكتابة أو بموت السيد، وكلاهما ممنوع فإنه لو عجز لرد للرق.

فدل على أن الرق قائم فيه وأن العتق إنما حصل بإعتاقهم وإذا ثبت أن العتق حصل بإعتاقهم فالولاء لهم؛ لأن الولاء لمن أعتق بنص الحديث.

بل لو قيل: إن المكاتب إذا أدى بقية كتابته إلى ورثة مولاه وعتق أنه يكون ولاؤه لهم كما هو قول طاووس والزهري وإحدى الروايتين عن أحمد لكان

ص: 638

أظهر؛ لأن مولاه مات عنه وهو عبد فورثه ورثته كذلك.

ولو عجز لرد إلى رقهم فيكون عتقه على ملكهم وولاؤه لهم للرجال منهم وللنساء كما لو كانوا هم الذين كاتبوه، ولو كان المنتقل إليهم إنما هو بدل الكتابة وحده لكان حرًا مديونًا وليس الأمر كذلك، وإنما هو باقٍ على كتابته يؤدي على نجومه إلى الورثة، وقد قام الدليل على جواز نقله من ملك إلى ملك كما تقدم فالقول بأ، ولاءه للورثة والحالة هذه أظهر.

ص: 639