الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصلح
قوله: (ولنا ما تلونا، وأول ما روينا، وتأويل آخره: أحل حرامًا لعينه كالخمر أو حرم حلالاً لعينه كالصلح على أن لا يطأ الضرة).
يشير إلى قوله تعالى: {والصلح خير} ، وإلى قوله صلى الله عليه وسلم:"الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلالاً، أو أحل حرامًا".
وفي تأويله نظر، بل يجب إجراء الحديث على ظاهره وحقيقته، ومتى تضمن الصلح تحليل حرام أو تحريم حلال لعينه أو لغيره كان باطلاً، ودفع الخصومة باليمين الصادقة أولى من بذل المال، فيحلف ولا يجمع بين شيئين
أحدهما تضييع المال، وقد نهي عن ذلك.
والآخر أن يطعم أخاه المسلم حرامًا، وليس ذلك من نصيحته، وقد حلف عمر رضي الله عنه لأبي رضي الله عنه على نخيل، ثم وهبه له وقال: خفت إن لم أحلف أن تمتنع الناس من الحلف على حقوقهم فيصير سنة. ذكره في المغني.
ولا شك أن بذل المال في مثله رشوة، فإن كانت الخصومة لا تندفع إلا ببذله حرم على الآخذ دون البازل، وإن كانت الخصومة تندفع باليمين حرم على الباذل والآخذ.
قوله: (ولو كان له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة لم يجز لأن المعجل خير من المؤجل وهو غير مستحق بالعقد فيكون بإزاء ما حط عنه، وذلك اعتياض عن الأجل وهو حرام).
فيه نظر من وجهين:
أحدهما: قوله: لأن المعجل خير من المؤجل، فإن هذا الإطلاق ممنوع، بل إنما يكون المعجل خيرًا من المؤجل عند المساواة، وإلا فالعقلاء دائمًا يؤثرون الكثير المؤجل على القليل المعجل، وهذا فيما يغلب فيه السلامة الظاهرة، وكثير من الناس يخاطر مع خوف العطب فلم يكن المعجل مطلقًا خيرًا من
المؤجل مطلقًا.
والثاني: قوله: وذلك اعتياض عن الأجل وهو حرام، فإن هذه الدعوى مجردة فأين دليل التحريم، بل قد نقل جواز ذلك عن ابن عباس وغيره، وهو رواية عن أحمد.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن في ذلك لما أراد بإجلاء يهود فقالوا: لنا ديون على الناس، فقال:"ضعوا عنهم البعض وليعجلوا لكم".
والفرق بين العوض الواجب في الذمة والعوض الساقط من الذمة ظاهر، فصاحب الدين لم يربح شيئًا بل نقص ماله، والمدين لم يربح شيئًا بل سقط عن ذمته، وأيضًا فإذا جازت الزيادة في الثمن المؤجل حتى قالوا: إن الأجل له قسط من الثمن فهذا مثله.
قوله: (وفيه أثر عثمان رضي الله عنه "فإنه صالح تماضر الأشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار").
فيه نظر من وجهين:
أحدهما: قوله: إن عثمان رضي الله عنه "فإنه صالح تماضر الأشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار").
فيه نظر من وجهين:
أحدهما: قوله: إن عثمان صالح تماضر، وإنما صالحها بقية الورثة.
الثاني: قوله: ثمانين ألف دينار، والمذكور في كتب الآثار ثمانين ألفًا مطلقة، والظاهر أنها دراهم، وقد ذكر القصة سعيد بن منصور والبيهقي من جهته وابن عبد البر وغيرهم.