الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاختلاف في الإجارة
قوله: (وإن قال صاحب الثوب: عملته لي بغير أجر، وقال الصانع: بأجر، فالقول قول صاحب الثوب عند أبي حنيفة رحمه الله -ثم قال-: وقال محمد رحمه الله: إن كان الصانع معروفًا بهذه الصنعة بالأجر فالقول قوله).
قول محمد فيه أظهر؛ لأن العرف حاكم، وفتحه الحانوت لأجل ذلك العمل من أقوى البينات على صدقه، والبينة في الشرع أعم من الشاهدين، وجواب المصنف عن ذلك بقوله: إن الظاهر للدفع والحاجة إلى الاستحقاق.
جوابه أن صاحب الثوب مصدق على العمل مدعٍ عليه التبرع به، فصار الصانع منكرًا من وجه لتصديق صاحب الثوب له على سبب الاستحقاق وهو العمل، ولا يقال: إن العمل لا يكون سببًا للاستحقاق إلا بالعقد؛ لأن هذا شرط لا دليل على صحته من كتاب ولا سنة ولا إجماع.
وعلى هذا أجرة الدلال وهي من المسائل الواقعات، فإن الدلالين في
الأسواق جرت العادة بين أهل الأسواق أن الدلال يأخذ المتاع من صاحبه وينادي عليه بيع من يزيد فإذا انتهت الرغبات إلى درهم معين باع وأخذ الأجرة من غير شرط متقدم اكتفاءً بالعادة.
ولو قال صاحب المتاع: إنما بعته لي بغير أجر لعد من الظالمين، وكذلك دخول الحمام ودفع الثوب إلى القصار والغسال واللحم إلى الطباخ ونظائره، كل ذلك من غير شرط متقدم اكتفاءً بالعادة وعلى ذلك عمل الناس قديمًا وحديثًا.
وكذلك البيع بما ينقطع به السعر ومذهب أحمد جوازه للتعامل به من غير نكير، فإن الرجل يعامل اللحام والخباز والبقال وغيرهم ويأخذ كل يوم ما يحتاج إليه من أحدهم من غير تقدير ثمن بل بثمن المثل الذي ينقطع به السعر،
وكذلك جرايات الفقهاء وغيرها وحاجة الناس إلى هذه المسألة تجري مجرى الضرورة، وما كان هكذا لا يأتي الشرع بالمنع منه.
وقد جاء الشرع بجوازه في عقد الإجارة قال تعالى: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} من غير اشتراط عقد، والبيع أولى من الإجارة للاختلاف في تقوم المنفعة من غير عقد دون العين.