الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمسألة مسألة نزاع بين العقلاء ليست من مسائل الإجماع، وسواء قيل بتعدد المنافع بتجدد أمثالها أو أنها تمتد وتقتصر، فالإتلاف غير ممتنع التصور فيها فإن الإتلاف عرض أيضًا فيتصور تقابلهما، فسكناه الدار بمنزلة أكله الطعام كلاهما قد فوت فيه على المالك منفعة ملكه إلا أن الدار ينتفع بها مع بقاء عينها.
والمأكول ينتفع به مع ذهاب عينة فلا يقوى الفرق بين بقاءة العين وذهابها في مقابلة الجمع بفوات المنفعة فيهما، إذ المراد النفع في كل منهما؛ لأن الأعيان إنما تراد لمنافعها فحاجة الآدميين في الحقيقة إلى منافع الأعيان لا إلى ذواتها من حيث هي ذوات، ولولا ذلك لاستوى التراب والنار، والماء والذهب وسائر الذوات المخلوقة في حق الآدمي.
فصل في غصب ما لا يتقوم:
قوله: (فإن غصب من مسلم خمرًا فخلها أو جلد ميتة فدبغة، فلصاحب الخمر أن يأخذ الخل بغير ثمن، ويأخذ جلد الميتة ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه
…
إلى أخره).
سيأتي الكلام على ما في تخليل الخمر في كتاب الأشربة- إن شاء الله تعالى- وأما جلد الميتة فينبغي أنه لا يجب عليه رده كما هو مذهب؛ لأنه ليس بغاصب لأن الغصب إنما يتحقق في مال متقوم محترم كما حده به
المصنف في أول كتاب الغصب، وجلد الميتة قبل الدباغ ليس كذلك وإنما صار مالًا بالدباغ، وكذلك ينبغي أنه إذا أخذ خمرًا فتخللت لا يجب ردها لأنها إنما صارت ماء بالتخلل فكل منهما مباح سبقت يده إليه فيملكه وليس لغيره أخذه منه بغير رضاه.
قوله: (وقيل الفتوى على قولهما في الضمان).
يعني أنه لا يضمن من كسر لمسلم بربطًا أو طبلًا أو مزمارًا أو دفًا أو أهرق له سكرًا أو مصنفًا، وهذا هو القول الحق الذي يجب اعتقاده فإن هذه الأشياء لا حرمة لها، وقد «أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكسر دنان الخمر، وكانت لأيتام في حجر أبي طلحة» . رواه الترمذي والدارقطني، «وأمر بشق
زقاق الخمر في [حديث] ابن عمر» رواه أحمد.
وكذلك لما حرمت لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر أمر بإراقتها وكسر القدور، فقال رجل:«يا رسول الله أو نهريقها ونغسلها، فقال: أو ذاك» «وقد هم صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت من لم يشهد الجماعة، ولكن تركه لما فيها من النساء والذرية» ، «وأحرق عمر رضي الله عنه حانوت خمار» .
فإذا كانت الأواني والأماكن تزول حرمتها لمجاورتها المحرم، فآلات اللهو أولى، والمنصف والمسكر وكل مسكر خمر فلا يضمن بالإتلاف، وسيأتي في كتاب الأشربة التنبيه على ذلك إن شاء الله تعالى.
* * *