المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأضحية - التنبيه على مشكلات الهداية - جـ ٥

[ابن أبي العز]

الفصل: ‌ ‌كتاب الأضحية

‌كتاب الأضحية

ص: 759

كتاب الأضحية

قوله: (ووجه الوجوب قوله عليه السلام: "من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا").

رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة، وقال: الصواب موقوف، ولو استدل على الوجوب -بقوله صلى الله عليه وسلم يوم النحر:"من كان ذبح قبل الصلاة فليعد" وبأنها من أعظم شعائر الإسلام، وهي النسك العام في جميع

ص: 761

الأمصار، والنسك مقرون بالصلاة في الأمر في قوله تعالى:{إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} وقد قال تعالى: {فصل لربك وانحر} ، وقال تعالى:{والبدن جعلناها لكم من شعائر الله} الآيات لكان أظهر.

قوله: (والأصح أن يضحي من ماله، ويأكل منه ما أمكنه ويبتاع بالباقي ما ينتفع بعينه).

يعني من مال الصغير وفي تصحيحه نظر فإن أصل دليل الوجوب على كل إنسان ضعيف وعلى الصغير أضعف، فإن الصغير ليس من أهل الوجوب ولا وجه لما ذكره المصنف من معنى المؤنة بل فيه نظر من وجهين:

أحدهما: أنه فيه تضييع شيء من مال الصغير، فإن الذبح ينقصها ولا يستطيع أكلها، ولا يقال:/ يجبر النقص الأجر فإن الصغير يؤجر على الطاعات أجر متنفل، فإنه ليس من أهل الوجوب وإنهم يدعون الوجوب.

الثاني: أن القول ببيعها لا يجوز لورود النهي عن بيع لحوم الأضاحي وجلودها، وأقل مراتبه الكراهة، فكيف يكون القول به صحيحًا فضلاً عن كونه أصح.

ص: 762

قوله: (ويذبح عن كل واحد منهم شاة أو يذبح بقرة أو بدنة عن سبعة، والقياس أن لا يجوز إلا عن واحد، لأن الإراقة واحدة وهي البقرة، إلا أنا تركناه بالأثر، وهو ما روي عن جاب رضي الله عنه أنه قال: "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البقرة عن سبعة، والبدنة عن سبعة"، ولا نص في الشاة فبقي على القياس- إلى أن قال-: وقال مالك رحمه الله: تجوز عن أهل البيت الواحد، وإن كانوا أكثر من سبعة، ولا تجوز عن أهل بيتين وإن كانوا أقل منها لقوله عليه السلام: "على كل أهل بيت في كل عام أضحاه وعتيرة").

حديث جابر المذكور رواه مسلم ولفظه قال: "كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العمرة، فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها"، وفي رواية قال:"نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن السبعة والبقرة عن السبعة" وفي أخرى قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة كل سبعة عن بدنة" وحضر جابر الحديبية قال: "نحرنا يومئذ سبعين

ص: 763

بدنة اشتركنا كل سبعة في بدنة" وحضر جابر الحديبية قال: "نحرنا يومئذ سبعين اشتركنا كل سبعة في بدنة" هذه الروايات كلها عن جابر رضي الله عنه في الهدي خاصة.

أما الأضحية فعنه رضي الله عنه قال: ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أملحين أقرنين موجوءين، فلما وجهها قال:"وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك عن محمد وأمته، باسم الله والله أكبر" ثم ذبح. رواه أبو دواد.

وعنه رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف أتي بكبش فذبحه فقال: باسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

ص: 764

وعن عطاء بن يسار قال: "سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى" رواه ابن ماجه، والترمذي وصححه.

وعن الشعبي عن أبي سريحة قال: حملني أهلي على الجفاء بعدما علمت من السنة كان أهل البيت يضحون بالشاة والشاتين، والآن يبخلنا جيراننا. رواه ابن ماجه وعن عائشة رضي الله عنها:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بكبش ليضحي به، فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد" رواه مسلم.

وفي البخاري عن زهرة بن معبد "أنه كان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله" والحديث الذي ذكره المصنف للاستدلال لمالك على جواز

ص: 765

البدنة عن أهل البيت وإن كثروا، أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

ولكن نسخت العتيرة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا فرع ولا عتيرة" والفرع أول النتاج كان ينتج لهم فيذبحونه، والعتيرة في رجب، متفق عليه.

وقال ابن المنذر: "نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم/ نحر عن آل محمد في حجة الوداع [بقرة] واحدة"، وجاء الحديث عنه "أنه دعا بكبش فذبحه، وقال: باسم اله والله أكبر عني وعن من لم يضح من أمتي".

ص: 766

واختلفوا في الرجل يضحي بشاة عنه وعن أهل بيته فكان مالك والليث ابن سعد والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور يجيزون ذلك وقدروي هذا المعنى عن أبي هريرة وابن عمر واحتج أحمد بفعل أبي هريرة وابن عمر [و] بذبح النبي صلى الله عليه وسلم عن أمته، قال أبو بكر: وكره ذلك الثوري والنعمان وبالقول الأول أقول الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على ذلك. انتهى.

والأحاديث المتقدمة في جواز الأضحية الواحدة عن أهل البيت لا تمنع جواز الاشتراك في الإبل والبقر عن سبعة، ولو ضحى رجل عنه وعن أهل بيته بشاة أو بقرة أو بدنة أجزأ عنهم، وإن كثروا عملاً بالأحادي الواردة في

ص: 767

ذلك كلها، وإجزاء البدنة عن سبعة مروي عن علي، وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال عطاء وطاووس وسالم والحسن وعمر بن دينار والثوري والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وأبو حنيفة وأصحابه، وعن ابن عمر: لا تجزئ نفس واحدة عن سبعة، ونحوه قول مالك، ذكر ذلك في المغني.

قوله: (وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان إذا كانا مسافرين وعن علي رضي الله عنه "ليس على المسافر جمعة ولا أضحية").

ص: 768