المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لم أر ذلك في شيء من كتب الحديث، وإنما المنقول - التنبيه على مشكلات الهداية - جـ ٥

[ابن أبي العز]

الفصل: لم أر ذلك في شيء من كتب الحديث، وإنما المنقول

لم أر ذلك في شيء من كتب الحديث، وإنما المنقول عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يريان وجوب الأضحية مطلقًا سفرًا وحضرًا كما تقدم وهو من جملة ما استدل به من قال بعدم وجوبها.

قوله: (و‌

‌وقت الأضحية

يدخل بطلوع الفجر من يوم النحر إلا أنه لا يجوز لأهل الأمصار الذبح حتى يصلي الإمام العيد، فأما أهل السواد فيذبحون بعد الفجر).

جمهور العلماء الأئمة الثلاثة وغيرهم على أن غير أهل الأمصار

ص: 769

أيضًا لا يجوز أن يضحوا قبل طلوع الشمس، بل لا يدخل وقت التضحية في حقهم إلا بعد ارتفاع الشمس وقدر الصلاة، وفي قدر الخطبة خلاف بينهم، وأما جواز التضحية قبل ذلك بعد طلوع الفجر في حق غير أهل الأمصار، فهل قول عطاء وإسحاق مع أبي حنيفة وأصحابه.

قالوا: لأن يوم النحر يوم كسائر الأيام وأوله بطلوع الفجر إلا أن أهل الأمصار لا يضحون قبل الصلاة لاحتمال التشاغل به عن الصلاة، وهذا يرد عليه من لم يحضر لصلاة العيد من أهل الأمصار لعذر أو لغير عذر، ولأن صلاة العيد غير فرض، فإنه لا يجوز له أن يضحي قبل فراغ المصلين من صلاة العيد فكذلك أهل السواد.

قوله: (وما رويناه حجة على مالك والشافعي رحمهما الله في نفيهما الجواز بعد الصلاة قبل نحر الإمام).

ليس ما ذكره عن الشافعي مذهبه، قال ابن المنذر: فكان الشافعي يقول: إذا برزت الشمس ومضى من النهار قدر ما يدخل الإمام في الصلاة فيصلي

ص: 770

ركعتين ويخطب خطبتين خفيفتين حل الأضحى. كذا انتهى.

وحكى الغزالي في البسيط وجهًا آخر، وهو أن يمضي بعد ارتفاع الشمس قدر صلاة طويلة وخطبتين طويلتين، ثم قال: هذا ما ذكره العراقيون، وأما المراوزة قالوا: تعتبر قدر خطبتين خفيفتين قطعًا، وإنما الخلاف في قدر الركعتين وطولهما قال عليه السلام:"قصر الخطبة وطول الصلاة مئنة من فقه الرجل" ونقل ابن المنذر والغزالي لمذهب الشافعي أصح فليعلم.

قوله: (وقوله عليه السلام: "من باع جلد أضحية فلا أضحية له").

أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة، ولم يثبت، وأولى من

ص: 771

الاستدلال به، الاستدلال بحديث أبي سعيد أن قتادة بن النعمان أخبره "أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فقال: إني كنت أمرتكم أن لا تأكلوا الأضاحي فوق ثلاثة أيام لتسعكم، وإني أحله لكم فكلوا منه ما شئتم ولا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي، وكلوا وتصدقوا واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها، وإن أطعمتم من لحمها فكلوا إن شئتم" رواه أحمد.

قوله: (ومن غضب شاة فضحى بها ضمن قيمتها وجاز عن الأضحية لأن ملكها بسابق الغصب بخلاف ما لو أودع شاة فضحى بها لأنه يضمنه بالذبح فلم يثبت إلا بعد الذبح).

قال زفر مع بقية الأئمة رحمهم الله: إنه لا يجوز به عن الأضحية في الموضعين وهو رواية عن أبي يوسف وهذه أقوى إنه وإن ملك الشاة بأداء الضمان مستندًا إلى وقت الغصب لكن كل مستند مقتصر من وجه فلا يتأدى به القربة مع قصور الملك بل مع عدمه فإنها بالذبح والسلخ لا تخرج عن ملك المالك بالاتفاق لما تقدم في كتاب الغصب أن اسم الشاة باقٍ عليها بعد الذبح والسلخ فلا تخرج عن ملك المالك إلا بأن شواها الغاصب بعد ذلك أو

ص: 772

طبخها، وكيف يقال بجواز التضحية بشاة الغير، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يقبل الله صدقة من غلول" والغصب أردى من الغلول [فالغلول] له فيه شبهة، ولا شبهة له في المغصوب وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب".

وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يكسب العبد مالاً حرامًا فيتصدق به فيقبل منه، ولا ينفق منه فيبارك له ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلا النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث" ذكره البغوي بسنده في تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} .

ص: 773