الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِيَامُ لِلدَّاخِلِ إِلَى الْمَجَالِس
الْقِيَامُ الْمَمْنُوعُ لِلدَّاخِلِ إِلَى الْمَجَالِس
(د)، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَامِرٍ ، فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ ، وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا (1) فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ"(2)
الشرح (3)
(1) أي: أن ينتصب الجالسون قياماً للداخل إليهم ، لإكرامه وتعظيمه. صحيح الأدب المفرد - (1/ 381)
(2)
(د) 5229 ، (ت) 2755 ، (حم) 16962 ، انظر الصَّحِيحَة: 357
(3)
قال الألباني في صحيح الأدب المفرد 752: أي: دخل النار إذا سَرَّه ذلك، هذا هو المعنى المتبادر من الحديث ، واحتجاج معاوية رضي الله عنه به على من قام له ، وأقره عبد الله بن الزبير ومن كان جالساً معه ، ولذلك فإني أقطع بخطأ من حمل الحديث على القيام له وهو قاعد ، كما في حديث جابر المتقدم (742/ 960) ففيه أن هذا من فعل فارس ، أي: الأعاجم الكفار ، ولقد أحسن المؤلف رحمه الله بالترجمة له هناك بـ:" باب من كره أن يقعد ويقوم له الناس " وترجم لحديث معاوية هنا بـ " " باب قيام الرجل للرجل تعظيماً " ، وهذا من فقهه ودقة فهمه رحمه الله ، ولم يتنبه له كثير من الشُّراح ، والذين تكلموا في معناه ، كقول ابن الأثير وغيره: أي: يقومون له قياماً ، وهو جالس "!
فحملوا معنى هذا الحديث على معنى هذا الحديث على معنى حديث جابر ، وهذا خلط عجيب ، كنت أود أن لا يقع فيه شيخ الإسلام ابن تيمية ، فإنه رحمه الله مع تقريره أن القيام للقادم خلاف السنة ، وما كان عليه السلف ، وقوله:" ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف " ، واحتج لذلك بحديث أنس المتقدم (728/ 946) ، ولم يَفُتْهُ رحمه الله أن ينبِّه أن الأصلح القيام للجائي إذا خشي من تركه وقوع مفسدة ، مثل التباغض والشحناء ، وهذا من علمه وفقهه الدقيق جزاه الله خيراً ، ولكنه مع ذلك أتْبَعَهُ بقوله:" وليس هذا [هو] القيام المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار " ، فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد ، وليس هو أي: يقوموا لمجيئه إذا جاء
…
"! ، كذا قال رحمه الله ، ولعل ذلك كان منه قبل تضلُّعه في علمه ، فقد رأيتُ تلميذه ابن القيم قد أنكر حمْلَ الحديث هذا المَحْمل ، وهو قلَّما يخالفُه ، فأظنُّه مما حمله عنه بعدُ ، فقال ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السنن " (8/ 93) بعد أن ساق حديث جابر المشار إليه آنفاً: " وحمْلُ أحاديث النهيِ عن القيام على مثل هذه الصورة مُمْتنع ، فإن سياقَها يدل على خلافِه ، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن القيام له إذا خرج عليهم ، ولأن العرب لم يكونوا يعرفون هذا ، إنما هو من فعل فارس والروم ، ولأن هذا لا يقال له: قيام للرجل ، وإنما هم قيام عليه ، ففرقٌ بين القيام للشخص المنهيِّ عنه ، والقيام عليه المشبه لفعل فارس والروم ، والقيام إليه عند قدومه الذي هو سنة العرب ، وأحاديث الجواز تدل عليه فقط ".
وهذا غاية التحقيق في هذه المسألة ، مع الإيجاز والاختصار ، فجزاه الله خيراً ، فعض عليه بالنواجذ ، فإنه مما يجهله كثير من الدعاة اليوم ، ويخالفه عملياً الأكثرون ، فاعتادوا خلاف ما كان عليه السلف ، حتى في مجالسهم الخاصة ، والله المستعان. أ. هـ
(خد)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" مَا كَانَ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ رُؤْيَةً مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا إِلَيْهِ، لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ "(1)
(1)(خد) 946 ، (حم) 13648 ، (ت) 2754 ، انظر الصحيحة: 358 ، صحيح الأدب المفرد: 728