الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
…
هذه الآثار تدل على أن الصحابة قد قاموا بمعادلة نصف صاع من القمح بصاع مما سواه، من الأصناف المنصوص عليها، ولم يُعرف لهم مخالف غير أبي سعيد الخدري، ولا أدري إن كان أبو الشعثاء هو وابصة بن معبد الصحابي كما هي كنيتة، أم هو أحد رواة الحديث من التابعين، وهو من ذُكر عنه القول بصاع من القمح، وحتى لو كان أبو الشعثاء هو الصحابي، فإن صحابيين أثنين يخالفان جميع الصحابة لا يكاد يقدح في إجماعهم إلا من ناحية نظرية. فيصح الأخذ بقول جمهرة الصحابة، والقول إن نصف صاع من القمح يكفي في زكاة الفطر.
…
ومن شاء الوقوف على أقوال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما عليه إلا أن يقرأ المرويات (5766) و (5769) و (5772) و (5773) في مصنَّف عبد الرزاق، و (3/61) في مصنَّف ابن أبي شيبة، و (2/45) في كتاب شرح معاني الآثار للطَّحاوي، وغيرهم من كتب الحديث والفقه، إضافة طبعاً إلى البند رقم 3 والبند رقم 4.
…
نخلص من هذا الاستعراض إلى أن الواجب القول بأن إخراج نصف صاع من القمح مُجْزِئ في زكاة الفطر، وهذا الحكم المستنبَط يقوي ويدعم رأينا بجواز الأخذ بالتعادل أو المعادلة، وعدم الإِلزام بإخراج الأصناف المنصوص عليها في الأحاديث فقط أي يدعم ويقوي رأْينا بجواز إخراج القيمة النقدية، وبإخراج ما يقتات به الناس اليوم من الأرز والعدس والفول والحمص وغيرها، فكل ذلك جائز شرعاً ومجزئ.
مقدارُ الصاع النبوي:
1-
عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة} رواه النَّسائي (2520) والطبراني والبيهقي. ورواه أبو داود (3340) بلفظ {الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة} وسنده صحيح. كما رواه ابن حِبَّان (3283) والبيهقي أيضاً من طريق عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
2-
عن السائب بن يزيد قال {كان الصاع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مُداً وثلثاً بمُدِّكم اليوم، فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز} رواه البخاري (6712) والنَّسائي.
3-
عن الحسين بن الوليد قال [قدم علينا أبو يوسف من الحج، فأتيناه، فقال: إني أريد أن أفتح عليكم باباً من العلم همَّني تفحَّصتُ عنه فقدمتُ المدينةَ فسألت عن الصاع فقالوا: صاعُنا هذا صاعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قلت لهم: ما حجتكم في ذلك؟ فقالوا: نأتيك بالحجة غداً، فلما أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخاً من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم الصاع تحت ردائه، كل رجل منهم يخبر عن أبيه أو أهل بيته أن هذا صاعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت فإذا هي سواء قال: فعايرته فإذا هو خمسةُ أرطالٍ وثلثٌ بنقصانٍ معه يسير، فرأيت أمراً قوياً، فقد تركت قول أبي حنيفة في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة] رواه البيهقي (4/171) وسنده جيد.
4-
قال أبو عبيد في كتاب الأموال (1602) ما يلي [وأما أهل الحجاز فلا اختلاف بينهم فيه أعلمه. إن الصاع عندهم خمسةُ أرطال وثلثٌ، يعرفه عالمهم وجاهلهم، ويباع في أسواقهم، ويحمل عِلْمَه قرنٌ على قرن] وأضاف (1603)[وقد كان يعقوب – هو أبو يوسف القاضي - زماناً يقول كقول أصحابه فيه. ثم رجع عنه إلى قول أهل المدينة] وقال أيضاً (1623) [فقد فسرنا ما في الصاع من السنن، وهو كما أعلمتُك خمسةُ أرطالٍ وثلثٌ، والمد رُبعُهُ وهو رطلٌ وثلثٌ، وذلك برطلنا هذا الذي وزنه مائةُ درهمٍ وثمانيةٌ وعشرون درهماً
…
] فأقول ما يلي: