المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: صيام رمضان – أحكام عامة

- ‌فضل الصيام:

- ‌فضلُ رمضان:

- ‌متى شُرع الصيام الواجب

- ‌النيَّة في الصيام:

- ‌صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته:

- ‌هل يصح العمل بالحساب الفلكي

- ‌دعوى اختلاف المطالع:

- ‌الحساب الفلكي

- ‌كم الشهر الهجري

- ‌صوم الحائض والنُّفَساء:

- ‌صيام من أصبح جُنُباً:

- ‌إثم من أفطر في رمضان بغير عذر:

- ‌صوم الصبيان:

- ‌صوم الحامل والمرضع:

- ‌لا صوم على المجنون وعلى المغمَى عليه:

- ‌حِلُّ الجماع في ليالي الصيام:

- ‌لفصل الثاني: الفِطْر والسُّحُور

- ‌متى يفطر الصائم

- ‌ما يُستحبُّ للصائم أن يفطر عليه:

- ‌ما يقوله الصائم إذا أفطر:

- ‌ثواب من فطَّر صائماً:

- ‌الصائم إذا أفطر ناسياً:

- ‌حكم السُّحور:

- ‌وقت السُّحور:

- ‌الفصل الثالث: الصيام في السَّفر

- ‌حكمُ الصيام في السَّفر:

- ‌قدرُ مسيرةِ ما يفطر فيه:

- ‌الفصل الرابع: قضاء الصوم

- ‌ولاً: قضاءُ الصوم عن النفس:

- ‌قضاءُ الصوم المفروض:

- ‌ قضاء الصوم على المريض وعلى المسافر:

- ‌ قضاء الصوم على المرأة الحائض وعلى النُّفَساء:

- ‌ قضاء الصوم على المتقيء عمداً:

- ‌ قضاءُ الصوم على من أفطر قبل الغروب

- ‌ على المجنون وعلى المغمى عليه يصحوان في نهار رمضان

- ‌ على الحامل وعلى المرضع إن أفطرتا:

- ‌ على الصبي وعلى الكافر إذا وقع عليهما التكليف

- ‌ قضاءُ صوم التطوُّع:

- ‌ثانياً: قضاء الصوم عن الميت:

- ‌كيف ومتى يُقضى الصوم

- ‌الفصل الخامس: صيام التطوع

- ‌صوم المرأة بإذن زوجها:

- ‌الصائم المتطوع إذا دُعي:

- ‌الصوم في الشتاء:

- ‌الصومُ في الجهاد:

- ‌يصحُّ قطعُ صيام التطوع:

- ‌الصيامُ في أيام الأسبوع:

- ‌ أنواعُ صيام التطوع:

- ‌صيامُ ما تيسَّر من كل شهر:

- ‌صيامُ ثلاثة أيام من الشهر:

- ‌صيامُ الاثنين والخميس:

- ‌صيامُ ستة أيام من شوال:

- ‌الصيامُ في الأشهر الحُرُم:

- ‌الصومُ في شهر الله المحرَّم:

- ‌ صيامُ تسعٍ من ذي الحجة:

- ‌ الصيامُ في رجب:

- ‌صيامُ يوم عرفة:

- ‌صومُ عاشوراء:

- ‌صومُ شعبان:

- ‌الفصل السادس: الصيام المحرَّم الذي لا يجوز

- ‌صومُ الدهر:

- ‌صومُ يومي الفطر والأضحى:

- ‌صومُ أيام التشريق:

- ‌صومُ الوِصال:

- ‌الفصل السابع: الكفَّارات

- ‌ الكفَّاراتُ بالصيام

- ‌ صيامُ مَن جامع زوجته في نهار رمضان:

- ‌ صيامُ الحانث في يمينه:

- ‌ صيامُ الحانث في نذره:

- ‌ الكفَّاراتُ بالفِدْية

- ‌ الشخصُ يموت وعليه صيام:

- ‌ مقدارُ الفدية:

- ‌الفصل الثامن: ما يفطِّر الصائم

- ‌ السُّعوطُ:

- ‌ الجائفة والآمَّة

- ‌ إبرةُ الطبيب لا تفطِّر

- ‌الفصل التاسع: ما لا يفطِّر الصائم

- ‌الحِجامةُ:

- ‌السِّواك:

- ‌الفصل العاشر: قيام رمضان وليلة القدر

- ‌أوصافُ ليلة القدر:

- ‌ليلةُ القدر متى هي

- ‌الفصل الحادي عشر: الاعتكاف

- ‌حكمُ الاعتكاف:

- ‌أين يكونُ الاعتكاف

- ‌متى يكونُ الاعتكاف

- ‌متى يبدأُ الاعتكاف

- ‌مدةُ الاعتكاف:

- ‌هل الصيامُ شرطٌ في صحة الاعتكاف

- ‌ما يفعلُه المعتكِف وما لا يفعلُه:

- ‌الاجتهادُ في العشر الأواخر من رمضان:

- ‌الفصل الثاني عشر: زكاة الفطر

- ‌حكمُ زكاةِ الفطر:

- ‌وقتُ وجوبها:

- ‌وقتُ إخراجها:

- ‌على من تجب زكاة الفطر:

- ‌الأصنافُ التي تُجزئُ في زكاة الفطر:

- ‌مقدارُ زكاة الفطر:

- ‌مقدارُ الصاع النبوي:

- ‌إلى من تُدفعُ زكاة الفطر:

- ‌فهرست الكتاب

- ‌مصادرُ النصوص الواردة في الكتاب

الفصل: ‌متى يبدأ الاعتكاف

5-

عن ابن عمر رضي الله عنه {أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كنت نذرتُ في الجاهلية أن اعتكف ليلةً في المسجد الحرام؟ قال: أَوْفِ بنذرك} رواه البخاري (2032) والنَّسائي وأبو داود والدارَقُطني. ووقع عند البخاري في رواية ثانية من طريقه (2042) بلفظ {

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أَوْف نذرَكَ، فاعتكف ليلة} .

يتضح من هذه النصوص ما قلناه في صدر البحث من أن الاعتكاف يصح في أي يوم على مدار العام، وأن ما ورد في النصوص من حصول الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فإنما جاء على سبيل الندب والأفضلية ليس غير وذلك أن الحديث الثاني والحديث الثالث قد ذكرا غير العشر الأواخر، ففي الحديث الثاني جاء ذكر عشرين يوماً، وفي الحديث الثالث جاء ذكر العشر الأول والعشر الثاني، ثم العشر الأخير، ولكن الحديث الرابع جاء أوضحها من حيث الدلالة على جواز الاعتكاف في غير العشر الأواخر بل في غير رمضان، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد اعتكف في شوال على اختلافٍ بين الروايات، فروايةٌ تذكر العشر الأُوَل وأخرى تذكر العشر الأواخر، وكلا الروايتين تدلُ على أَنَّ الاعتكاف يجوز في غير رمضان. أما الحديث الخامس فهو أكثر النصوص إطلاقاً، إذ هو لم يقيد الاعتكاف بأي زمنٍ، مما يدل دلالة أكيدة على جواز الاعتكاف في أي يوم من أيام السنة.

ولكنني أعود وأقول إن الاعتكاف في رمضان هو أفضل منه في غيره، وإن الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هو أفضل منه في غيرها.

أما أفضلية الاعتكاف في العشر الأواخر فإنما هي من أجل التماس ليلة القدر فيها وما يناله المسلم إذا وفقه الله في طلبها والتماسها من فضل لا يعدله فضل.

‌متى يبدأُ الاعتكاف

؟

ونعني به الساعة التي يدخل فيها المعتكِف مُعْتَكَفَه لا يبرحه.

ص: 336

وقد اختلف الفقهاء في تحديد بدء الاعتكاف على رأيين: فذهب الأوزاعي وإِسحق بن راهُوَيْه والليث وأحمد في روايةٍ عنهما، إلى أن الرجل إذا أراد الاعتكاف صلى الفجر ثم دخل في مُعتَكَفه. وذهب الآخرون، وهم الأئمةُ الثلاثةُ، وأحمد في الرواية الثانية إلى أن الرجل إذا أراد الاعتكاف دخل معتكَفه قبل غروب الشمس. قال الترمذي [والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يقولون: إذا أراد الرجل أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل في معتَكَفه، وهو قول أحمد بن حنبل وإسحق بن إبراهيم. وقال بعضهم: إذا أراد أن يعتكف فلْتغِبْ له الشمسُ من الليلة التي يريد أن يعتكف فيها من الغد وقد قعد في معتكَفه، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس] .

استدل الفريق الأول على رأيهم بحديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فكنت أضرب له خِباءً فيصلي الصبح ثم يدخله

} رواه البخاري (2033) ورواه مسلم (2785) والنَّسائي في السنن الكبرى وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد بلفظ {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل مُعْتَكَفه

} .

أما الفريق الآخر، وهم الأئمة الثلاثة وأحمد في الرواية الثانية عنه، فقد قالوا: يدخل المعتكِف في مُعْتَكَفه قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهرٍ، أو اعتكاف عشرٍ، وأَوَّلوا حديث عائشة بأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المعتكَف وانقطع فيه وتخلَّى بنفسه بعد صلاة الصبح وأنه عليه الصلاة والسلام كان معتكِفاً لابثاً في المسجد قبل غروب الشمس!! وقال الشافعي في كتاب الأم [من أوجب على نفسه اعتكاف شهر فإنه يدخل في الاعتكاف قبل غروب الشمس ويخرج منه إذا غربت الشمس آخر الشهر] .

ص: 337

وبالتدقيق في هذين القولين نجد أنه يمكن التوفيق بينهما، فقول الفريق الآخر بوجوب دخول المعتكَف قبل غروب الشمس مقيَّدٌ بما إذا أراد المعتكِف تحديد يومٍ أو عشرةِ أيام أو شهرٍ مثلاً لاعتكافه، وحيث أن المسلمين يعتدُّون لدخول اليوم بحلول الليل أولاً، فإن بداية اليوم عندهم أو بداية الشهر لا شك في أنها تكون بحلول الليل، فكان إيجابهم دخول المعتكِف معتكَفه قبل غروب شمس اليوم الذي سبقه قول صحيح بلا شك. وأنا لا أظن أن الفريق الأول يخالفون هذا القول، وإنما الخلاف الحقيقي في الاستناد إلى فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، هل كان يبدأ اعتكافه في بداية الليل أم عقب صلاة الصبح؟

الصحيح الذي ينبغي الذهاب إليه هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يبدأ اعتكافه عقب صلاة الصبح وقد جاء ذلك منطوقاً فلا حجة لمن عارضه بتأويلات بعيدةٍ، فالحديث يقول صراحة (فيصلي الصبح ثم يدخله) ويقول (إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكَفه) وهذا منطوقٌ في أَنَّ بدء الاعتكاف يكون عقبَ صلاة الفجر لا يُستطاع تأويله بغير هذا الذي يدل عليه. وكان يمكن للحديث مثلاً أن يأتي بصيغة: إذا صلى الصبح عاد إلى معتكَفه، أو: ثم يصلي بالمسلمين صلاة الصبح فيدخل في معتكَفه مجدَّداً، فيكون دليلاً على ادعائهم، أما وأنه لم يأت هكذا، بل جاء صريحاً بالقول (إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكَفَه) فإِنه ينبغي الوقوف عنده وعدم مخالفته بتأويلات بعيدةٍ.

ص: 338