الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال {كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتَّخذونه عيداً ويُلِبسون نساءَ هم فيه حُلِيَّهم وشارَتَهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فصوموه أنتم} رواه مسلم (2661) . ورواه البخاري (2005) بلفظ {كان يوم عاشوراء تعدُّه اليهود عيداً قال النبي صلى الله عليه وسلم: فصوموه أنتم} قوله شارتهم: أي هيأتهم الحسنة. فالرسول عليه الصلاة والسلام قد شرع لنا صيام عاشوراء لأن الله سبحانه نجَّى في هذا اليوم نبيَّه موسى عليه السلام من فرعون، فصامه موسى شكراً، فأمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بصيامه.
صومُ شعبان:
…
لم يُعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صام في شهر من أشهر السنة عدا رمضان أكثرَ مما صام في شهر شعبان، بل إنه عليه الصلاة والسلام كان يصوم شعبان كله إلا القليل منه فيندب للمسلمين أن يتطوعوا بالصيام في هذا الشهر. وهذه طائفة من الأحاديث تتناول هذه المسألةَ:
1-
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت {ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين، إلا أنه كان يَصِلُ شعبان برمضان} رواه النَّسائي في السنن الكبرى (2496) وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد.
2-
عن أبي سلمة قال {سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم أره صائماً من شهرٍ قطُّ أكثرَ من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كلَّه، كان يصوم شعبان إلا قليلاً} رواه مسلم (2722) والبخاري وأبو داود والنَّسائي وابن ماجة وأحمد.
3-
عن عائشة رضي الله عنها قالت {كان أحبَّ الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبانُ، ثم يصله برمضان} رواه النَّسائي (2666) وأحمد والطبراني في المعجم الكبير.
4 -
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيامَ يَسْرُدُ حتى يقال لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم إلا يومين من الجمعة، إن كانا في صيامه وإلا صامهما، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت: يا رسول الله: إنك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم، إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتَهما، قال: أي يومين؟ قال: قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس، قال: ذانِكَ يومان تُعرَض فيهما الأعمال على رب العالمين وأُحب أن يُعرَض عملي وأنا صائم قال: قلت: ولَمْ أَرَكَ تصومُ من شهرٍ من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذاك شهر يغفُل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر يُرفع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين فأحبَّ أن يُرفع عملي وأنا صائم} رواه أحمد (22096) وروى ابن أبي شيبة (2/514) قسمه الأخير فقط بلفظ {قلت يا رسول الله رأيتك تصوم في شعبان صوماً لا تصوم في شيء من الشهور إلا في شهر رمضان قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب وشهر رمضان، ترفع فيه أعمال الناس، فأحب أن لا يُرفع لي عمل إلا وأنا صائم} .
…
وقد اختلف الفقهاء في حكم الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان، فذهب جمهور العلماء إلى جواز الصيام تطوُّعاً في النصف الثاني من شعبان ولو لم يَعْتَدْهُ، ولو لم يصله بالنصف الأول، ولا يكره إلا صوم يوم الشك. وذهب كثير من الشافعية إلى منع الصيام تطوُّعاً في النصف الثاني من شعبان، وأن ابتداء المنع يكون من أول اليوم السادس عشر من الشهر.
…
وقد استدل القائلون بالمنع بما رواه العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا كان النصف من شعبان فلا صومَ حتى يجيء رمضان} رواه ابن ماجة (1651) والنَّسائي وأبو داود والترمذي وابن حِبَّان وأحمد والدارمي. وصححه ابن حزم والترمذي وابن عبد البر. والرد على هؤلاء بما يلي:
1-
إن هذا الحديث مدارُه على العلاء بن عبد الرحمن فلم يَرْوِهِ غيرُه والعلاء هذا ضعَّفه ابن معين بقوله مرة: ليس حديثه بحجة وبقوله أخرى: إنه ضعيف وبقوله ثالثة: ليس بذاك لم يزل الناس يتوقَّوْن حديثه. وقال أبو حاتم: صالح روى عنه الثقات، ولكنه أنكر من حديثه أشياء. وقال أبو زُرعة: ليس هو بالقوي. وقال أبو داود: أنكروا على العلاء صيامَ شعبان. ووثقه في المقابل ابن حِبَّان والنَّسائي وأحمد، فهو مختلَف فيه
2-
إن هذا الحديث قد ضعَّفه أحمد ويحيى بن معين بقولهما إنه حديث منكر، كما ضعَّفه البيهقي والطحاوي وعبد الرحمن بن مهدي.
3-
إن هذا الحديث يعارض الأحاديث الكثيرة الصحيحة القائلة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم معظم شعبان، وأنه كان يصل شعبان برمضان، وقد مرَّ كثير منها، ولا يُستطاع الجمع بينها وبين هذا الحديث.
…
فمثل هذا الحديث الذي رواه راوٍ لم يتفقوا على توثيقه، وجاء مخالفاً ومعارضاً الأحاديث الكثيرة الصحيحة فإن حكمَه الردُّ وعدمُ الاحتجاج به. وبذلك يثبت حكم جواز الصيام تطوُّعاً في النصف الثاني من شعبان، كنصفه الأول سواء بسواء، وهو قول الجمهور.
…
أما قول الجمهور [ولا يُكره إلا صوم يوم الشك] فإن المقصود منه اليوم الذي يُشك فيه، هل هو آخر يوم من شعبان، أم هو أول يوم من رمضان؟ وسيأتي مزيد بحث في [صوم يوم الشك] من الفصل [الصيام المحرم الذي لا يجوز] .
صومُ يوم ويومين وأربعة وخمسة وسبعة وتسعة وعشرة وأحد عشر في الشهر
…
قد مرَّ معنا صوم ثلاثة أيام، وصوم الاثنين والخميس وهما يشكلان في الشهر ثمانية أيام، كما مرَّ صوم يوم بعد يوم ويُشكِّل خمسة عشر يوماً في الشهر، ونستعرض الآن ما ورد في النصوص من صيام أعدادٍ أخرى من كل شهر:
1-
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له {صُم يوماً ولك أجر ما بقي، قال: إني أُطيق أكثر من ذلك، قال: صم يومين ولك أجر ما بقي، قال: إني أُطيق أكثر من ذلك، قال: صم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقي، قال: إني أُطيق أكثر من ذلك قال: صم أربعة أيام ولك أجر ما بقي، قال: إني أُطيق أكثر من ذلك، قال: صم أفضل الصيام عند الله صوم داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً} رواه مسلم (2742) والنَّسائي.
2-
وعنه رضي الله تعالى عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذُكر له صومي فدخل عليَّ، فأَلقيتُ له وسادة من أَدَمٍ حَشْوُها ليفٌ، فجلس على الأرض، وصارت الوسادة بيني وبينه، فقال: أَمَا يكفيك من كل شهر ثلاثةُ أيام؟ قلت: يا رسول الله قال: خمساً؟ قلت: يا رسول الله، قال: سبعاً؟ قلت: يا رسول الله قال: تسعاً؟ قلت: يا رسول الله، قال: إحدى عشرة؟ ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صوم فوق صوم داود عليه السلام شطْرُ الدهر صم يوماً وأفطر يوماً} رواه البخاري (1980) ومسلم وابن حِبَّان والنَّسائي. وقد جاءت الأَعداد في هذا الحديث على إرادة الليالي، والعرب كانوا يذكرون الليالي مراتٍ بدل الأيام، وإلا وجب لغةً أن يقال: خمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر يوماً، وقد جاءت في رواية الكشميهني على مقتضى ظاهر اللغة: خمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر.
3-
وعنه رضي الله تعالى عنه قال {أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول: لأقومنَّ الليل ولأصومنَّ النهارَ ما عشتُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت الذي تقول ذلك؟ فقلت له: قد قلتُه يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأَفطر، ونم وقم، صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر، قال: قلت: فإني أُطيق أفضل من ذلك قال: صم يوماً وأَفطر يومين، قال: قلت: فإني أُطيق أفضل من ذلك يا رسول الله، قال: صم يوماً وأَفطر يوماً، وذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام، قال: قلت: فإني أُطيق أفضل من ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك، قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: لأَن أكون قبلتُ الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ من أهلي ومالي} رواه مسلم (2729) والبخاري. ورواه النَّسائي (2397) بلفظ {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: يا رسول الله ما أردتُ بذلك إلا الخير قال: لا صام من صام الأبد، ولكن أدُلُّك على صوم الدهر: ثلاثة أيام من الشهر، قلت: يا رسول الله إني أُطيق أكثر من ذلك، قال: صم خمسة أيام، قلت: إني أُطيق أكثر من ذلك، قال: فصم عشراً، فقلت: إني أُطيق أكثر من ذلك قال: صم صوم داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً} .