الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحابة في نشر الإسلام وتبليغ دعوته، وقد حملوا الرسالة المحمدية إلى الأنحاء النائية، والبلاد المترامية الأطراف، ولم يكن لهم همّ في الدنيا إلا حفظ الدين، ونشر أحكامه، وتبليغ الإسلام، وتعميم سننه وآدابه، والتعريف بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه. وقد ذكر ابن سعد «1» في الطبقات 139 من التابعين أهل الطبقة الأولى الذين كانوا في المدينة، وأدركوا كبار الصحابة، وسمعوا منهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ورووها عنهم. وذكر 129 من الطبقة الثانية الذين لقوا عامّة الصحابة، ورووا عنهم، أما الطبقة الثالثة من التابعين فهم الذين حظي الواحد منهم برؤية صحابي واحد، أو عدّة من الصحابة، وعدد هؤلاء 87، فمجموع عدد التابعين 355 في مدينة واحدة وهي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقيسوا على ذلك عدد الذين أخذوا عن الصحابة في بقية المدن الإسلامية التي انتشر الصحابة فيها من مكة إلى الطائف، والبصرة، والكوفة، ودمشق، واليمن، ومصر، وغيرها. وهؤلاء- كما علمتم- لم يكن لهم همّ إلا نشر رسالة الإسلام، وتبليغ أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وهديه، وسيرته. وانظروا إلى اهتمام المؤرخين باستيعابهم، واستقصاء أحوالهم في إحصاء الأحاديث المروية عن الصحابة. وإليكم أسماء بعض الصحابة الذين امتازوا بكثرة ما يحفظونه من الحديث النبويّ، وعدد ما روي عنهم منه:
أسماء الرواة من الصحابة عدد مروياتهم سنة وفاتهم
1-
أبو هريرة «2» 5374 59 هـ
(1) هو محمد بن سعد بن منيع الزهري، من حفاظ الحديث والثقات، ولد في البصرة، وسكن بغداد وتوفي بها سنة 230 هـ، من أشهر كتبه «طبقات الصحابة» يعرف ب «طبقات ابن سعد» .
(2)
هو أكثر الصحابة- رضوان الله عليهم- حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معروف بكثرة ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرأته في السؤال، وحبّه للعلم، ومذاكرته حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في كل فرصة تسنح له. روى له الإمام أحمد في سنده (3848) حديثا (وفيها مكرر كثير باللفظ والمعنى) -
2-
عبد الله بن عباس «1» 1660 68 هـ
3-
عائشة الصديقة «2» 2210 58 هـ
4-
عبد الله بن عمر «3» 2630 73 هـ
5-
جابر بن عبد الله «4» 1540 78 هـ
6-
أنس بن مالك «5» 2286 93 هـ
7-
أبو سعيد الخدري»
1170 74 هـ
وعلى هؤلاء يعتمد في نقل السنة النّبوية، وإلى هؤلاء يرجع الفضل في حفظ الرسالة المحمدية، وإنّ رواياتهم هي التي تدلّ على النبوة الواضحة والمحجّة البيضاء، فإذا نظرنا إلى أعوام وفاتهم بدا لنا أنّ الله عز وجل قد
- وروى له الإمام بقي بن مخلد (201- 276 هـ) في مسنده (5374) حديثا، وله في الصحيحين (325) حديثا، وانفرد البخاري أيضا ب (93) حديثا، ومسلم ب (189) حديثا.
(1)
وقد روي له (1660) حديثا، أخرج له الشيخان منها (234) حديثا، اتفقا على (75) حديثا منها، وانفرد البخاري ب (110) حديث، ومسلم ب (49) حديثا، وأحاديثه منتشرة في الكتب الستة وكتب السنن.
(2)
روي لها (2210) أحاديث، لها في الصحيحين (316) حديثا، اتفق الشيخان على (194) حديثا منها، وانفرد البخاري ب (54) حديثا، ومسلم ب (68) حديثا، وأحاديثها في جميع الكتب الستة، وكتب السنن.
(3)
روي عنه (2630) حديثا، أخرج له الشيخان (280) حديثا، اتفقا على (168) حديثا منها، وانفرد البخاري ب (81) حديثا، ومسلم ب (31) حديثا، وأحاديثه موجودة في الكتب الستة، والسنن، والمسانيد.
(4)
روي له (1540) حديثا ومنها روى الشيخان (212) حديثا، اتفقا منها على (60) حديثا، وانفرد البخاري ب (26) حديثا، ومسلم (126) حديثا، وله منسك صغير في الحج أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
(5)
روي عنه (2286) حديثا، وأخرج له الشيخان (318) حديثا، واتفقا منها على (168) حديثا منها، وانفرد البخاري ب (80) حديثا، ومسلم ب (70) حديثا.
(6)
روي له (1170) حديثا، أخرج له الشيخان منها (111) حديثا، اتفقا على (43) حديثا منها، وانفرد البخاري ب (16) حديثا، ومسلم ب (52) حديثا، أحاديثه موجودة في سائر الكتب الستة، وروى عنه جميع أصحاب المسانيد والسنن.
نسأ في آجالهم، وأطال حياتهم، وأخّر موتهم، حتى تسنّى لكثير من الناس أن يتلقوا عنهم ما حافظوا من أمانات الحديث النّبويّ، ويعوا أقوالهم، وينشروا رواياتهم، ولم يكن العلم يومئذ إلا معرفة هذه الأمور.
وبه ينالون شرف الدّين، وعزّة الدّنيا، فكان الآلاف من الصحابة يبلغون إلى الجيل الذي بعدهم ما رأوه بأعينهم، وسمعوه باذانهم من أحوال النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأقواله، وتشريعه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرهم بذلك، فقال:
«بلّغوا عنّي» «1» و «ليبلّغ الشّاهد الغائب» «2» ، فكانوا يعلمون أولادهم، وإخوانهم، وأصحابهم، وأقرباءهم من الدّين والعلم كلّ ما كانوا يعلمونه، فكان ذلك شغلهم، وهمّهم آناء الليل وأطراف النهار، وفي الغدوّ والآصال، فتعلم النشء الإسلامي الأول حقائق رسالة الإسلام، وتفاصيل حياة الرسول منذ ترعرعوا في بيئاتهم التي كانت ساحات للعلم، ومدارس يتقلّبون في حجرها، وما لبثوا أن قاموا مقام الصحابة، وسدّوا مسدّهم في حفظ هذه الأحاديث، ووعي هذه المرويات، فكان هؤلاء التابعون يحفظونها كلمة كلمة، ويعيدون روايتها بألفاظها دون أن يخرموا منها كلمة. وكما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرّض الصحابة على أن يبلغوا عنه، ويفقهوا تشريعه، وينشروا دعوته وأحكامه، كان ينهى الناس عن أن يتقولوا عليه ما لم يقل، أو ينسبوا إليه ما لم يفعل، وكان ينذر من يتعمّد الكذب عليه بأنه سيتبوّأ نار جهنم، لذلك كان كبار الصحابة ترتعد فرائصهم وتمتقع وجوههم عند رواية أحاديث الرسول خوفا من أن يكذبوا عليه أو ينحلوه ما لم يقل «3» . وكان عبد الله بن مسعود إذا قال:«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» استقلته
(1) عن عبد الله بن عمرو أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «بلّغوا عنّي ولو آية، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النّار» رواه البخاري في باب ما ذكر عن بني إسرائيل (3461) .
(2)
أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب «ليبلغ العلم الشاهد الغائب» (104 و 105) ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إثبات الحساب (2876) .
(3)
لذلك نراهم مع كثرة تحملهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكثر من الرواية، حتى إنّ منهم من كان لا يحدث حديثا في السنة، ونرى من تأخذه الرعدة، ويقشعر جلده، ويتغيّر لونه-