الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر في بيان الشرك في قوم إلياس
قوم إلياس عليه السلام:
قد ذكرا لله عز وجل أمة في هذه الفترة وقعت في الشرك وفي عبادة الأصنام من دون الله؛ وهم قوم إلياس عليه السلام.
قال تعالى بعدما ذكر قصة هارون وموسى: (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ)، وقال في آية أخرى:(وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ).
وفيما يلي التعريف بإلياس وقومه، وبيان ما كانوا عليه من الشرك.
أما إلياس: فاختلفوا فيه على قولين:
أ- إنه إدريس: قال الإمام البخاري: يذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس. قال الحافظ: (أما قول ابن مسعود فوصله عبد بن حميد وابن أبي حاتم بإسناد حسن عنه، قال: إلياس هو إدريس، ويعقوب هو إسرائيل. وأما قول ابن عباس فوصله جويبر في تفسيره عن الضحاك عنه
وإسناده ضعيف، ولهذا لم يجزم به البخاري، وقد أخذ أبو بكر بن العربي من هذا، أن إدريس لم يكن جدًا لنوح، وإنما هو من بني إسرائيل؛ لأن إلياس قد ورد أنه من بني إسرائيل، واستدل على ذلك بقوله عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم:(مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح)، ولو كان من أجداده لقال له كما قال آدم وإبراهيم:((والابن الصالح))، وهو استدلال جيد، إلا أنه قد يُجاب عنه بأنه قال ذلك على سبيل التواضع والتلطف، فليس ذلك نصًا فيما زعم
…
).
ولعل من قرأ قوله تعالى: (سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) بـ (إدراسين) يذهب أيضًا إلى هذا القول. وقال الإمام الشوكاني: قرأ ابن مسعود والأعمش، ويحيى بن وثاب:(وإن إدريس لمن المرسلين).
ب- أنه إلياس، وليس بإدريس، وعلى هذا فهو:
1 -
إلياس بن نسي بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى بن عمران، والله أعلم.
2 -
وقيل: هو إلياس بن يس من سبط هارون أخي موسى.
3 -
وقيل: هو إلياس التشبي.
4 -
وقيل: هو إلياس بن العازر بن العيزار بن هارون بن عمران.
قوم إلياس:
كان إرساله إلى أهل بعلبك غربي دمشق، وبعلبك الآن داخل الحدود اللبنانية.
شرك قوم إلياس:
أرسل الله النبي الكريم إلى أهل بعلبك، فدعاهم إلى الله عز وجل وأن يتركوا عبادة صنم لهم كانوا يسمونه بعلاً. ونقل الحافظ ابن عساكر بسنده عن ابن عباس قال: إنما سمي بعلبك لعبادتهم البعل، وكان موضعهم البَدْء فسمي بعلبك.
واختلفوا في المعنى المراد بالبعل على أقوال:
1 -
أنه اسم صنم لهم كانوا يعبونه. قال الحافظ ابن كثير: وهو الأصح.
2 -
كانت امرأة اسمها بعل، كانوا يعبدونها.
3 -
وقال مجاهد: (بعلاً) أي: ربًا، وهو قول الإمام البخاري أيضًا في صحيحه.
والصحيح هو القول الأول كما أشار إليه ابن كثير، فإنهم (كانوا قد عبدوا صنمًا يقال له: بعل، فدعاهم إلى توحيد الله تعالى ونهاهم عن عبادة ما سواه، وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد، واستمروا على ضلالهم ولم يؤمن به منهم أحد، فدعا الله عليهم فحبس عنهم القطر ثلاث سنين، ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم ووعدوه الإيمان به إن هم أصابهم المطر، فدعا الله تعالى لهم فجاءهم الغيث، فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر، فسأل الله أن يقبضه إليه
…
). وقد ذكر الحافظ ابن جرير الطبري في تفسيره قصصًا أخرى أغلبها من الإسرائيليات، عن طريق محمد بن إسحاق ووهب بن منبه، ولا يعلم صحتها؛ فلذا تم صرف النظر عنها.
والمقصود: أن قوم إلياس عليه السلام كانوا يعبدون الأصنام ـ من دون الله ـ،
فكانوا يشركون بالله عز وجل في ألوهيته وعبادته، فأرسل الله إليهم نبيه إلياس عليه السلام يدعوهم إلى التوحيد، فعلى رواية: أنهم آمنوا ثم كفروا، وعلى رواية أخرى: أنهم آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا لما شاهدوا صدق ما يقوله نبيهم.