الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
بذل الأموال للأصنام: سواء كانت من النقدية أو غير النقدية من عين أو متاع، وذلك على سبيل الهدية والهبة، أو على سبيل الوفاء بنذر ما، وقد زاد مشركو عرب الجنوب ضريبة معينة، هي العشر مما يكسبه تاجر الطيوب من فضل مال أو أرباح.
ومن هذه العبادات التي كانوا يوجهونها إلى معبوداتهم: العبادات القولية:
ومن مظاهر هذه العبادات القولية: التلبية لهذه الأصنام، فكان لكل صنم تلبية معينة كما يحكيه المعتنون بتاريخ العرب قبل الإسلام.
كما كان العرب يوجهون العبادات القلبية لغير الله سبحانه، بل هذا هو أصل شركهم، فكانوا يصرفون التعظيم والدعاء والاستغاثة والاستعاذة وغيرها إلى غير الله، كما كانوا يخافون ويرجون ويحبون معبوداتهم مثل حب الله أو أشد منه، ودلائل هذا القول مبسوطة في القرآن العظيم والأحاديث النبوية.
المطلب الرابع: طبيعة اعتقاد الجاهليين تجاه معبوداتهم
إذا نظرنا إلى عبادة المشركين لهذه المعبودات ترى أنها تتصف بالآتي:
أولاً: البساطة والسذاجة:
وأبرز الأدلة على أن اعتقاداتهم تجاه هذه المعبودات كانت بسيطة
وساذجة عبادة أحجار لا تنفع ولا تضر، فعقيدتهم غير ثابتة الأركان ولا تقوم على أساس واضح من أسس الأيدلوجية الواعية، وإنما هي مجرد عقيدة بدائية تنسجم إلى حد بعيد مع حياتهم السياسية والاجتماعية والثقافية البعيدة عن التخصص والتقدم والعمق والشمول. بل أغلب هذه الاعتقادات كانت نتيجة عاطفة شخص أو قبيلة تجاه فلسفة معينة في أشياء معينة، وفيما يلي بيان لما قلناه، فمثلاً:
قضية عبادة الأحجار: فإن بدء عبادة الأحجار كانت نتيجة عاطفة بعض أولاد إسماعيل تجاه أراضي مكة وآثارها، قال ابن الكلبي: (إن إسماعيل عليه السلام لما سكن مكة وولد بها أولادًا فكثروا، حتى ملئوا مكة، ونفوا من كان بها من العماليق ضاقت عليهم مكة، ووقعت بينهم الحروب والعداوات، وأخرج بعضهم بعضًا، فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش، فكان الذي حملهم على عبادة الأوثان والحجارة: أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجرًا من حجارة الحرم؛ تعظيمًا للحرم وصبابة بمكة، فحينما حلوا وضعوه وطافوا به، كطوافهم للبيت؛ حبًا للبيت وصبابة به، ثم عبدوا ما استحسنوا ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وغيره، فعبدوا الأوثان
…
).
وقال ابن الكلبي في موضع آخر: (واستهترت العرب في عبادة الأصنام، فمنهم من اتخذ بيتًا، ومنهم من اتخذ صنمًا، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت، نصب حجرًا أمام الحرم وأمام غيره، مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت
…
فكان الرجل إذا سافر منزلاً، أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها
فاتخذه ربًا، وجعل ثلاث أثافي لقدره، وإذا ارتحل تركه، فإذا نزل منزلاً آخر، فعل مثل ذلك، فكانوا ينحرون ويذبحون عندها ويتقربون إليها
…
وكان الذي يفعلون من ذلك في أسفارهم إنما هو للاقتداء منهم بما يفعلون عندها لصبابة بها).
وفي رواية أخرى قال أبو رجاء العطاردي: (لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا به، لحقنا بمسيلمة الكذاب فلحقنا بالنار، قال: وكنا نعبد الحجر في الجاهلية، فإذا وجدنا حجرًا هو أحسن منه نلقي ذلك ونأخذه، فإذا لم نجد حجرًا جمعنا حثية من تراب، ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنا به)، وقال أبو رجاء أيضًا:(كنا نعمد إلى الرمل فنجمعه ونحلب عليه فنعبده، وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض فنعبده زمانًا ثم نلقيه).
وقال أبو عثمان النهدي: (كنا في الجاهلية نعبد حجرًا، فسمعنا مناديًا ينادي: يا أهل الرحال، إن ربكم قد هلك فالتمسوا ربًا، قال: فخرجنا على كل صعب وذلول، فبينا نحن كذلك نطلبه إذا نحن بمنادٍ ينادي: إنا قد وجدنا ربكم أو شبهه، فإذا حجر، فنحرنا عليه الجزور).