الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في بيان نماذج من خوف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في الوقوع في الشرك في عبادة الله سبحانه ومعاملته، والتحذير من الوقوع فيه
فمن هذا القبيل:
1 -
ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع الشرك في أمته بعبادة الأوثان، فمن هذه الأحاديث ما يلي:
أ- قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة)). قال أبو هريرة رضي الله عنه: وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدونها في الجاهلية.
وذو الخلصة: بفتح الخاء المعجمة واللام بعدها مهملة، هذا هو الأشهر في ضبطها، والخلصة: نبات له حب أحمر، كخرز العقيق.
و(ذو الخلصة): اسم للبيت الذي كان فيه الصنم، وقيل: اسم البيت، الخلصة، واسم الصنم: ذو الخلصة.
و(ذو الخلصة): اسم لصنمين كل منها يدعى ذا الخلصة، أحدهما لدوس، والثاني لخثعم وغيرهم من العرب، فأما صنم دوس، فهو المراد في
هذا الحديث، ولا يزال مكان هذا الصنم معروفاً إلى الآن في بلاد زهران (جنوب الطائف)، في مكان يقال له:(ثروق) من بلاد دوس، ويقع ذو الخلصة قريبًا من قرية تسمى (رمس) بفتح الراء والميم.
وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، فإن قبيلة دوس وما حولها من العرب قد افتتنوا بذي الخلصة عند ما عاد الجهل إلى تلك البلاد، فأعادوا سيرتها الأولى وعبدوها من دون الله، حتى قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالدعوة إلى التوحيد، وجدد ما اندرس من الدين، وعاد الإسلام إلى جزيرة العرب؛ فقام الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله وبعث جماعة من الدعاة إلى ذي الخلصة، فخربوها، وهدموا بعض بنائها، ولما انتهى حكم آل سعود على الحجاز في تلك الفترة عاد الجهال إلى عبادتها مرة أخرى، ثم لما استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله على الحجاز، أمر عامله عليها، فأرسل جماعة من جيشه فهدموها، وأزالوا أثرها، ولله الحمد والمنة.
ب- قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى)). فقالت عائشة: يا رسول الله! إن كنت لأظن حين أنزل الله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أن ذلك تامًا، فقال: ((إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحًا طيبة، فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين
آبائهم)).
ج- قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان)).
ما روى الإمام مسلم في حديث الساعة: قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دارٌ رزقهم حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور
…
)).
2 -
ومن هذا القبيل إخباره صلى الله عليه وسلم بخروج الناس من الإيمان ودعوتهم إلى الشرك بسبب ما يعرض لهم من الفتن. فمما روي فيه:
أ- قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن بين أيديكم فتنًا كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا
…
)).
3 -
ومن هذا القبيل أيضًا: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن اتباع أمته الهوى حتى يسيطر على عقولهم فلا يمشون إلا وراءه، وذكر من مظاهر هذا الاتباع للهوى ركونهم
إلى الدنيا، وعبادتهم لها، بجميع مظاهرها البراقة من الأموال النفيسة والدراهم والدنانير وغيرها، حيث قال:
أ- ((تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة
…
)) الحديث.
ب- وقال: ((إن لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال
…
)).
ج- وقال: ((أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم)).
د- وقال: ((لتصبن عليكم الدنيا صبًا)).
هـ- وقال: ((اتقوا الدنيا
…
)).
لقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما خوفنا عنه، فقد وقع الناس في هذا العصر وراء الدنيا فلا يبالون بالدين إذا وافقهم شيء من الدنيا، بل كثير منهم يشترون الدنيا بالدين. وكم من الناس باعوا أنفسهم ولبوا منادي الدنيا. فلا حول ولا قوة إلا بالله.