الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول في معنى الإخلاص لغة وشرعًا
الإخلاص لغة:
جاء في المصباح المنير: (خلص الشيء من التلف) من باب ـ قعد ـ، (وخلاصاً)، و (مخلصاً): سلم ونجا، و (خلص) الماء من الكدر: صفار، و (خلصته) بالتثقيل: ميزته من غيره. وهكذا مدار الإخلاص في كتب اللغة على الصفا والتميز عن الشوائب التي تخالط الشيء، يقال: هذا الشيء خالص لك أي لا يشاركك فيه غيرك، وتطلق العرب (الإخلاص) على الزبد إذا خلص من اللبن. (والخلاص) في لغة العرب: ما أخلصته النار من الذهب والفضة. والخالص من الألوان عندهم: ما صفا ونصع، ويقولون: خالصه في العشرة؛ أي: صافاه.
وهذه المعاني جاءت في القرآن الكريم، قال تعالى:(نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا)؛ أي: لا يخالطه دم ولا فرث.
وقال تعالى في إخوة يوسف: (خَلَصُوا نَجِيًّا)، أي: انفردوا
وتميزوا عمن سواهم، وقال تعالى حكاية عن المشركين:(خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا)؛ أي: لا يشركهم الإناث.
وأما حقيقة الإخلاص في الشرع:
فقد تنوعت تعريفات العلماء له، ولكن مدارها على قصد الله بالعبادة دون سواه.
جاء في المفردات لغريب القرآن: (فحقيقة الإخلاص: التبري عن كل ما دون الله تعالى).
وعرفه أبو القاسم القشيري: بأنه (إفراد الحق سبحانه وتعالى في الطاعات بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر؛ من تصنع لمخلوق، واكتساب محمدة عند الناس، أو محبة مدح من الخلق، أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله سبحانه وتعالى).
وقال في موضع آخر: (يصح أن يقال: الإخلاص تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين).
وعرفه بعضهم بقوله: (الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده لا يريد بها تعظيمًا من الناس ولا توقيرًا، ولا جلب نفع ديني ولا دفع ضرر دنيوي).
وقال سهل بن عبد الله: (الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله ـ تعالى ـ خالصة).
قال الغزالي بعد ذكره لهذا التعريف: (وهذه كلمة جامعة محيطة بالغرض).
وقد ذكر الإمام ابن القيم، ما يقارب ثلاثة عشر تعريفًا للإخلاص، وكلها ترجع إلى معنى واحد: وهو أن يقصد العبد بأقواله، وأعماله وإرادته، ونيته وجه الله تعالى دون سواه، من غير أن ينظر إلى مغنم، أو جاه، أو لقب، أو تقدم، أو تأخر، إلى غير ذلك من أغراض الدنيا.
وقد ذكر ابن القيم أن للإخلاص ثلاثة أركان، قال ـ رحمه الله تعالى ـ:
(فحقيقة الإخلاص: توحيد المطلوب، وحقيقة الصدق: توحيد الطلب والإرادة، ولا يثمران إلا بالاستسلام المحض للمتابعة، فهذه هي الأركان الثلاثة للإخلاص).