الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا).
هذه الآيات القرآنية التي ذكرناها، وآيات أخرى كثيرة تلفت نظر الإنسان لما في هذا الكون من التنظيم الدقيق والتناسق بين أجزاء الكون أقصى غايات الدقة والإتقان لتدل دلالة قاطعة على العناية التامة بهذا الكون وما فيه، وأن إلهًا واحدًا قادراً هو الذي نظم كل ما فيه أحسن تنظيم.
فهذا الدليل الذي ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم يدل على أن الشرك في الربوبية بالتعطيل (المستلزم للشرك في العبادة) قبيح للغاية.
المطلب الثاني: في بيان آية السموات والأرض الدالة على قبح الشرك بالله
ذكرت آية الأرض مع آية السماء؛ لأنهما تذكران معاً في معظم آيات القرآن الكريم، وبيانه فيما يلي:
1 -
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
فهذه الآية يطلب الله تعالى من الناس جميعًا أن يوحدوه، ولا يشركوا به الأصنام، والأنداد وهم يعلمون أنه هو الذي بنى السماء وفرش الأرض.
قال ابن كثير: (وهذه الآية دالة على توحيده تعالى بالعبادة وحده لا شريك له).
وقال الزمخشري: (أي هو الذي خصكم بهذه الآيات العظيمة والدلائل النيرة الشاهدة بالوحدانية، فلا تتخذوا له شركاء).
2 -
قال تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
هذه الآيات الكونية بدأت بالنص على الوحدانية، ثم نبه تعالى عباده على تفرده بالألوهية بخلق السموات والأرض وما بينهما؛ لأن من نظر إلى السماء في ارتفاعها وسعتها وإلى الأرض واستقرارها أداه ذلك إلى توحيد الله وعبادته؛ لأن في خلق السموات والأرض دلالات واضحة لقوم يعقلون عن الله حججه وأدلته على وحدانيته وقبح شركه.
قال الطبري: (وهذا تنبيه من الله ـ تعالى ذكره ـ أهل الشرك به على ضلالهم ودعاء منه لهم إلى الأوبة من كفرهم، والإنابة من شركهم، ثم عرفهم ـ تعالى ذكره ـ بالآية التي تتلوها موضع استدلال ذوي الأباب منهم على حقيقة ما نبههم
عليه من توحيده وحججه الواضحة القاطعة عذرهم، فقال تعالى ذكره: أيها المشركون، إن جهلتهم أو شككتم في حقيقة ما أخبرتكم من الخبر من أن إلهكم إله واحد دون ما تدعون من ألوهيته من الأنداد والأوثان فتدبروا حججي وفكروا فيها فإن من حججي خلق السموات والأض).
3 -
قال تعالى: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)، وقال تعالى:(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) ففي هذه الآيات نبه سبحانه على وقوف السماء بغير عمد وأن الله ممسكها بقدرته وعظيم سلطانه، وجعلها من البعد بحيث لا تنال، وسمكها في نفسها مسيرة خمسمائة عام، كما أن بعد ما بين كل سماء والتي تليها خمسمائة عام، ومن كان هذا خلقه فهو متعال عن الشرك كما قال تعالى:(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). فأنى يكون له شريك، وقد خلقهما بالحق وهو التوحيد، منفردًا بخلقهما، وإبداعهما من غير حاجة لأحد؟ فليس له شريك، بل إثباته قبيح.