الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإخلاص لله وفروعها الأعمال الصالحة وثمرها الأخلاق الحميدة الزكية، فإذا كانت هذه الأمور مطابقة لأمر الله بأن يكون العلم موافقًا لمعلومه الذي أنزل الله به كتابه، وكان الاعتقاد مطابقاً لما أخبر الله به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله، وكان الإخلاص قائمًا في القلب، والأعمال موافقة للشرع علم أن شجرة التوحيد في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء، وإن كان الأمر بالعكس علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، فكما أن هذه الشجرة الخبيثة ليس لها أصل ثابت ولا فرع ثابت ولا فائدة فيها، فكذلك الشرك ليس له أصل يأخذ به المشرك ولا برهان، ولا يقبل الله مع الشرك عملاً، ولا يصعد إلى الله، فليس له أصل في الأرض ولا فرع في السماء.
المطلب الثالث: مثل للحق والباطل
ضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً للحق والباطل، وهو مشتمل على المثلين المائي والناري، فيقول تعالى:(أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ).
أما المثل المائي: فقد مثل الله ـ تعالى ـ الحق في ثباته والباطل في اضمحلاله كمثل الماء النازل من السماء إلى الأرض فتحمله الأودية بقدرها الكبير بكبره والصغير بصغره، ولكن هذا السيل الحادث عن ذلك الماء يحمل فوقه زبدًا عاليًا، وبعد قليل يتطاير الزبد ويتلاشى، وأما الماء فيستفيد منه الناس في الشرب وسقي المزروعات، والباقي يمكث في الأرض، لينتفع به الناس في العاجل والآجل، فالحق في ثباته ونفعه يشبه الماء المستقر في الأرض والباطل في تلاشيه واختفائه يشبه الزبد العالي فوق السيل، فهذا أحد المثالين.
وأما المثل الآخر ـ وهو الناري ـ: فقد شبه الله ـ تعالى ـ الحق كمثل المعدن إذا أوقد عليه فيخرج منه الخبث والزبد، ويذهب هذا ويتلاشى ويبقى خالص المعدن ثابتًا مستقرًا نقيًا، فشبه سبحانه الحق ببقائه وثباته بالمعدن الباقي بعد الخبث، وشبه الباطل بالخبث الذي تخرجه النار من المعادن، كذلك يضرب الله الحق والباطل.
قال مجاهد: فذلك مثل الحق والهدى والعلم والتوحيد إذا دخل القلب طرد الخبث وهو الشكوك والشبهات والشهوات. فيطرح القلب هذه الشبه وتتلاشى كما يطرح السيل الزبد، وكما تطرح النار الخبث، وكاستقرار الماء والمعدن الصافي الخالص، يستقر التوحيد والإيمان في القلب وجذوره، بحيث ينفع صاحبه وينتفع به غيره.