الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووكلت مجدك فى اقتضائك حاجتى
…
وكفى به متقاضيا ووكيلا
فهذه السرقات كلها معنوية مع إعادة بعض اللفظ كما ترى.
الوجه الثالث: من السلخ أن يؤخذ بعض المعنى فمن ذلك ما قاله بعض الشعراء:
عطاؤك زين لامرىء إن حبوته
…
ببذل وما كلّ العطاء يزين
وليس بشين لا مرىء بذل وجهه
…
إليك كما بعض السّؤال يشين
فأخذه أبو تمام ونقص من معناه بعض النقصان قال فيه:
تدعى عطاياه وفرا وهى إن شهرت
…
كانت فخارا لمن يعفوه مؤتنفا
ما زلت منتظرا أعجوبة زمنا
…
حتى رأيت سؤالا يجتنى شرفا «1»
فالأول أتى بمعنيين، أحدهما أن عطاءك زين والآخر أن عطاء غيرك شين، وأما أبو تمام فإنه أتى بالمعنى الأول لا غير، وهو أن عطاءه زين، فهذا ما أردنا ذكره مما يتعلق بالسلخ، وفيه أوجه غير هذه تركنا ذكرها للاستغناء بما ذكرنا عنها، ومن عرف ما قلناه أمكنه إدراك ما عداه من هذا النوع.
النوع الثالث المسخ
وهو إحالة المعنى إلى ما هو دونه، واشتقاقه من قولهم مسخت هذه الصورة الآدمية إلى صورة القردة والخنازير، فتارة تكون صورة الشعر حسنة فتنقل إلى صورة قبيحة، وهذا هو الأصل فى المسخ، وتارة تكون الصورة قبيحة فتنقل إلى صورة حسنة، فهذان وجهان نذكر ما يتوجه منهما بمعونة الله.
الوجه الأول: أن ينقل الأحسن من الشعر إلى صورة قبيحة، ومثاله ما قاله عبد السلام ابن رغبان الملقب بديك الجن:
بحقّ تعزّيك ومنك الهدى
…
مستخرج والصبر مستقبل
تقول بالعقل رأيت الذى
…
تأوى إليه وبه تعقل
إذا عفا عنك وأودى بنا الدّ
…
هر فذاك المحسن المجمل
أخذه أبو الطيب المتنبى فأتى به على عكس صورته وقلب أعلاه أسفله:
إن يكن صبر ذى الرّزيئة فضلا
…
تكن الأفضل الأعزّ الأجلّا
أنت يا فوق أن تعزّى عن الأ
…
حباب فوق الذى يعزّيك عقلا
وبألفاظك اهتدى فإذا عزّا
…
ك قال الذى له قلت قبلا «1»
فالبيت الآخر من هذه المقطوعة هو الذى وقع به المسخ، فانظر إلى ما بينهما من التفاوت فى الرقة واللطافة والجودة والرشاقة.
الوجه الثانى: عكس هذا وهو أن ينقل من صورة قبيحة إلى صورة حسنة، وهو معدود فى السرقات، وإن كان بعضهم لا يعده منها وهذا كقول المتنبى:
لو كان ما يعطيهم من قبل أن
…
يعطيهم لم يعرفوا التأميلا «2»
وقد أخذه ابن نباتة السعدى فأجاد فيه كل الإجادة قال:
لم يبق جودك لى شيئا أؤمّله
…
تركتنى أصحب الدنيا بلا أمل «3»
فانظر كيف أخذه عباءة وزجاجة، ثم رده ياقوتة وديباجة، فبينهما بعد متفاوت ودرجات متبانية، ومن ذلك ما قاله أبو نواس يذكر لعب الخيل بالصولجان من أرجوزة له يصف ذلك:
جنّ على جنّ وإن كانوا بشر
…
كأنما خيطوا عليها بالإبر
أخذه المتنبى فأذاقه حلاوة، وأكسبه رونقا وطلاوة، قال:
فكأنما نتجت قياما تحتهم
…
وكأنهم ولدوا على صهواتها «4»
فقاتله الله، لقد تباهى فى الإعجاب، وأتى بما يدهش العقول، ويسحر الألباب، ومن ذلك ما قاله أبو الطيب أيضا وقد أنشدناه من قبل هذا:
إنى على شغفى بما فى حرها
…
لأعفّ عمّا فى سرا ويلاتها «5»
أخذه الشريف الرضى فأحسن فيه كل الإحسان قال فيه:
أحنّ إلى ما يضمن الخمر والحلى
…
وأصدف عمّا فى ضمان المآذر