المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسلك الأول منهما من جهة التحدى - الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز - جـ ٣

[المؤيد العلوي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌[تتمة الفن الثانى من علوم هذا الكتاب وهو فن المقاصد اللائقة]

- ‌[تتمة باب الرابع من فن المقاصد في ذكر أنواع البديع وبيان أقسامه]

- ‌[تتمة النمط الاول ما يتعلق بذكر الفصاحة اللفظية وبيانها]

- ‌الصنف السابع التخييل

- ‌التقرير الأول فى بيان معناه

- ‌التعريف الأول ذكره الشيخ عبد الكريم صاحب التبيان

- ‌التعريف الثانى ذكره المطرزى

- ‌التعريف الثالث

- ‌التقرير الثانى فى بيان أمثلته

- ‌الصنف الثامن الاستطراد

- ‌الصنف التاسع التسجيع

- ‌الفائدة الأولى فى ذكر حكمه فى الاستعمال

- ‌المذهب الأول جوازه وحسنه

- ‌المذهب الثانى استكراهه

- ‌الفائدة الثانية فى بيان شروطه

- ‌الشريطة الأولى: ترجع إلى المفردات

- ‌الشريطة الثانية راجعة إلى التركيب

- ‌الشريطة الثالثة: أن تكون تلك المعانى الحاصلة عن التركيب مألوفة غير غريبة ولا مستنكرة ولا ركيكة مستبشعة

- ‌الشريطة الرابعة: أن تكون كل واحدة من السجعتين دالة على معنى مغاير للمعنى الذى دلت عليه الأخرى

- ‌الفائدة الثالثة فى ذكر أقسامه

- ‌الضرب الأول: ما تكون فيه الفقرتان متساويتين لا تزيد إحداهما على الأخرى

- ‌الضرب الثانى: أن تكون الفقرة الثانية أطول من الأولى بغاية قريبة

- ‌الضرب الثالث: أن تكون الفقرة الثانية أقصر من الأولى

- ‌الفائدة الرابعة فى بيان الأمثلة فى التسجيع

- ‌الصنف العاشر التصريع

- ‌الدرجة الأولى [أن يكون كل مصراع من البيت مستقلا بنفسه فى فهم معناه]

- ‌الدرجة الثانية أن يكون المصراع الأول منقطعا عن الثانى مستقلا بنفسه غير محتاج إلى الثانى

- ‌الدرجة الثالثة [التصريع الموجه]

- ‌الدرجة الرابعة [التصريع الناقص]

- ‌الدرجة الخامسة [التصريع المكرر]

- ‌الدرجة السادسة [التصريع المعلق]

- ‌الدرجة السابعة [التصريع المشطور]

- ‌الصنف الحادى عشر الموازنة

- ‌الصنف الثانى عشر فى تحويل الألفاظ واختلافها، بالإضافة إلى كيفية استعمالها

- ‌الصنف الثالث عشر فى المعاظلة

- ‌الضرب الأول منها فى المعاظلة بتكرير الأحرف المفردة

- ‌الضرب الثانى فى بيان المعاظلة فى الألفاظ المفردة

- ‌الضرب الثالث فى بيان المعاظلة بالصيغ المفردة من غير الأدوات

- ‌الضرب الرابع فى بيان المعاظلة بالصفات المتعددة

- ‌الضرب الخامس فى بيان المعاظلة بالإضافة المتعددة

- ‌الصنف الرابع عشر فى بيان المنافرة بين الألفاظ ومراعاة حسن مواقعها

- ‌الصنف الخامس عشر فى التورية

- ‌الضرب الأول فى المغالطة المعنوية

- ‌الضرب الثانى فى أمثلة الإلغاز وهو الأحجية

- ‌الصنف السادس عشر فى التوشيح

- ‌الصنف السابع عشر فى التجريد

- ‌التقرير الأول فى التجريد المحض

- ‌التقرير الثانى فى بيان التجريد غير المحض

- ‌المذهب الأول أنه لا يطلق عليه اسم التجريد، وإنما يقال له نصف تجريد، وهذا هو الذى زعمه ابن الأثير

- ‌المذهب الثانى أن اسم التجريد يطلق عليه وهذا هو الذى ذكره أبو على الفارسى

- ‌الصنف الثامن عشر التدبيج

- ‌الوجه الأول: أن يكون واردا فى المدح

- ‌الوجه الثانى: أن يكون واردا فى الذم

- ‌الصنف التاسع عشر التجاهل

- ‌الصنف الموفى عشرين وهو الترديد

- ‌النمط الثانى من أنواع البديع وأصنافه مما يتعلق بالفصاحة المعنوية

- ‌ويشتمل هذا النمط على خمسة وثلاثين صنفا نوردها الأول فالأول

- ‌الصنف الأول التفويف

- ‌الضرب الأول منهما راجع إلى المعنى

- ‌الضرب الثانى أن يكون راجعا الى الألفاظ

- ‌الصنف الثانى التنبيه

- ‌الصنف الثالث التوشيع

- ‌الصنف الرابع التطريز

- ‌الصنف الخامس فى الاطّراد

- ‌الصنف السادس: القلب

- ‌أولها «التبديل»

- ‌وثانيهما قلب البعض

- ‌وثالثها قلب الكل من الكلمة

- ‌ورابعها «المجنح»

- ‌وخامسها «المستوى»

- ‌الصنف السابع: التسميط

- ‌الصنف الثامن كمال البيان ومراعاة حسنه

- ‌الوجه الأول أن يكون قبيحا

- ‌الوجه الثانى ما يعد فى الحسن

- ‌الوجه الثالث فى المتوسط من البيان

- ‌الصنف التاسع: الإيضاح

- ‌الصنف العاشر التتميم

- ‌الصنف الحادى عشر الاستيعاب

- ‌الصنف الثانى عشر الإكمال

- ‌الصنف الثالث عشر فى التذييل

- ‌الصنف الرابع عشر فى التفسير

- ‌الوجه الأول أن يكون الإبهام واقعا فى أحد ركنى الإسناد

- ‌الوجه الثانى أن يأتى على خلاف الأول

- ‌الصنف الخامس عشر فى المبالغة

- ‌الفائدة الأولى فى ذكر مذاهب الناس فيها

- ‌المذهب الأول أنها غير معدودة من محاسن الكلام

- ‌المذهب الثانى على عكس هذا وهو أن المبالغة من أجل المقاصد فى الفصاحة

- ‌المذهب الثالث مذهب من توسط، وهو أن المبالغة فن من فنون الكلام ونوع من محاسنه

- ‌الفائدة الثانية فى ذكر طرق المبالغة

- ‌الطريق الأولى أن يستعمل اللفظ فى غير ما وضع له فى الأصل

- ‌الطريق الثانية أن ترادف الصفات

- ‌الطريق الثالثة إتمام الكلام بما يوجب حصول المبالغة فيه وإكماله به

- ‌الفائدة الثالثة فى ذكر أنواع المبالغة

- ‌الضرب الأول منها ما يستبعد فى العقل، لكن وقوعه صحيح وهو المبالغة

- ‌الضرب الثانى ما كان ممكن الوقوع لكنه ممتنع وقوعه فى العادة وهو الإغراق

- ‌الضرب الثالث ما كان ممتنعا وقوعه وهو الغلو

- ‌الوجه الأول منهما أن يقترن به ما يقرّبه إلى الإمكان

- ‌الوجه الثانى مالا يقترن به ما يسوّغ قبوله

- ‌الصنف السادس عشر فى الإيغال

- ‌الصنف السابع عشر فى التفريع

- ‌الصنف الثامن عشر فى التوجيه

- ‌الصنف التاسع عشر التعليل

- ‌الصنف العشرون فى التفريق والجمع والتقسيم

- ‌الضرب الأول التفريق المفرد

- ‌الضرب الثانى: الجمع المفرد

- ‌الضرب الثالث الجمع مركبا مع غيره وليس مفردا

- ‌أولهما الجمع مع التفريق

- ‌وثانيهما الجمع مع التقسيم

- ‌الصنف الحادى والعشرون الائتلاف

- ‌الوجه الأول منها تأليف اللفظ مع المعنى

- ‌الوجه الثانى ائتلاف اللفظ مع اللفظ

- ‌الوجه الثالث ائتلاف المعنى مع المعنى

- ‌الوجه الرابع الائتلاف مع الاختلاف

- ‌الحالة الأولى أن تكون المؤتلفة بمعزل عن المختلفة، وأحدهما منته عن الآخر

- ‌الحالة الثانية أن تكون المؤتلفة منها مداخلة للمختلفة

- ‌الصنف الثانى والعشرون الترجيع فى المحاورة

- ‌الصنف الثالث والعشرون فى الاقتسام

- ‌الصنف الرابع والعشرون فى الإدماج

- ‌الصنف الخامس والعشرون فى التعليق

- ‌الصنف السادس والعشرون فى التهكم

- ‌الصنف السابع والعشرون فى الإلهاب والتهييج

- ‌الصنف الثامن والعشرون فى التسجيل

- ‌الصنف التاسع والعشرون فى المواردة

- ‌الصنف الثلاثون فى التلميح

- ‌الصنف الحادى والثلاثون الحذف

- ‌الصنف الثانى والثلاثون فى الخيف

- ‌الصنف الثالث والثلاثون حسن التخلص

- ‌الصنف الرابع والثلاثون فى الاختتام

- ‌الصنف الخامس والثلاثون فى إيراد نبذة من السرقات الشعرية

- ‌النوع الأول منها النسخ

- ‌النوع الثانى السلخ

- ‌النوع الثالث المسخ

- ‌النوع الرابع عكس المعنى

- ‌النوع الخامس فى أخذ المعنى والزيادة عليه معنى آخر

- ‌ولنختم كلامنا فى الباب الرابع الذى رسمناه لبيان أصناف البديع ومعرفة أسراره بذكر تنبيهات ثلاثة

- ‌التنبيه الأول فى بيان معناه

- ‌التنبيه الثانى فى ذكر أقسامه

- ‌الضرب الأول منها ما يكون راجعا إلى الفصاحة اللفظية

- ‌الضرب الثانى ما يكون راجعا إلى الفصاحة المعنوية

- ‌الضرب الثالث ما يكون بمعزل عن الفصاحة اللفظية والفصاحة المعنوية على الخصوص

- ‌التنبيه الثالث فى بيان مواقع البديع

- ‌التقرير الأول فى ذكر المواضع التى يصح دخوله فيها

- ‌التقرير الثانى فى بيان المواضع التى لا يصح دخوله فيها

- ‌الفن الثالث من علوم هذا الكتاب فى ذكر التكملات اللاحقة

- ‌الفصل الأول فى بيان فصاحة القرآن

- ‌الطريقة الاولى منهما مجملة

- ‌المسلك الأول منها

- ‌المسلك الثانى

- ‌المسلك الثالث

- ‌الطريقة الثانية من جهة التفصيل

- ‌المرتبة الأولى فى المزايا الراجعة إلى ألفاظه

- ‌الوجه الأول منها مفردات الأحرف

- ‌الوجه الثانى فى حسن تأليفها

- ‌الوجه الثالث فى بيان ما يكون راجعا إلى مفردات الألفاظ

- ‌الوجه الرابع أن يكون راجعا إلى تركيب مفردات الألفاظ العربية

- ‌البحث الأول بالإضافة إلى موقعها من علم البيان

- ‌البحث الثانى بالإضافة إلى موقعها من علم المعانى

- ‌النظر الأول فى مفرداتها وتقديم بعضها على بعض

- ‌النظر الثانى فى تأليف الجمل وذكر بعضها عقيب بعض

- ‌البحث الثالث فى بيان موقعها من الفصاحة اللفظية

- ‌البحث الرابع فى بيان موقعها من الفصاحة المعنوية

- ‌البحث الخامس فى بيان موقعها من علم البديع

- ‌دقيقة

- ‌المرتبة الثانية فى بيان المزايا الراجعة إلى معانيه

- ‌ونحن الآن نذكر ما يتعلق بكل قسم من هذه الأقسام بمعونة الله تعالى

- ‌القسم الأول ما يتعلق بالعلوم المعنوية

- ‌النظر الأول ما يكون متعلقا بالأمور الخبرية

- ‌دقيقة

- ‌الضرب الأول فى بيان خصائص المسند إليه

- ‌الضرب الثانى فى بيان المسند به

- ‌النظر الثانى فى بيان الأمور الإنشائية الطلبية

- ‌الضرب الأول: الأمر

- ‌الضرب الثانى: النهى

- ‌دقيقة

- ‌الضرب الثالث منها فى الاستفهام

- ‌فالقسم الأول منها موضوع للتصور

- ‌القسم الثانى فى بيان ما يكون دالّا على التصور والتصديق جميعا

- ‌القسم الثالث أن يكون موضوعا للسؤال عن التصديق لا غير

- ‌الضرب الرابع: التمنى

- ‌الضرب الخامس النداء

- ‌دقيقة

- ‌النظر الثالث فى التعلقات الفعلية

- ‌الضرب الأول فى بيان ما يكون مختصا بالأفعال أنفسها

- ‌الحالة الأولى: تقديمه وتأخيره

- ‌الحالة الثانية: حذفه

- ‌[الوجه الاول] أن يكون جوابا

- ‌[الوجه الثانى] وثانيها أن يكون المسلط على حذفه هو كثرة الاستعمال مع قيام حرف الجر مقامه

- ‌[الوجه الثالث] وثالثها أن يكون هناك ما يدل على الفعل المحذوف

- ‌الحالة الثالثة: تعلق الشرط به

- ‌الضرب الثانى فى بيان الأمور المختصة بالفاعل نفسه

- ‌الضرب الثالث فى بيان الأمور المختصة بالمفعول

- ‌النظر الرابع فى الفصل والوصل

- ‌الضرب الأول فى بيان عطف المفردات بعضها على بعض بالواو

- ‌الضرب الثانى فى بيان عطف الجمل بعضها على بعض

- ‌النظر الخامس فى الإيجاز والإطناب والمساواة

- ‌النوع الأول الإيجاز

- ‌النوع الثانى الإطناب

- ‌المرتبة الأولى الإشارة إلى المكونات السماوية

- ‌المرتبة الثانية الإشارة إلى المكونات الأرضية

- ‌المرتبة الثالثة الإشارة إلى المكونات الحاصلة بين السماء والأرض

- ‌النوع الثالث المساواة

- ‌القسم الثانى ما يتعلق بالعلوم البيانية

- ‌النظر الأول فى التشبيه

- ‌الطرف الأول فى بيان آلاته

- ‌الطرف الثانى فى بيان الغرض من التشبيه

- ‌الطرف الثالث فى كيفية التشبيه

- ‌الطرف الرابع فى حكم التشبيه

- ‌النظر الثانى من علوم البيان فى الاستعارة

- ‌الضرب الأول منها استعارة المحسوس للمحسوس

- ‌الضرب الثانى استعارة معقول من معقول بواسطة أمر معقول

- ‌الضرب الثالث استعارة المحسوس للمعقول

- ‌الضرب الرابع استعارة المعقول للمحسوس

- ‌النظر الثالث من علوم البيان فى أسرار الكناية

- ‌النظر الرابع من علوم البيان فى ذكر التمثيل

- ‌القسم الثالث من علوم البلاغة علم البديع

- ‌المرتبة الأولى علم اللغة

- ‌المرتبة الثانية علم التصريف

- ‌المرتبة الثالثة علم الإعراب

- ‌المرتبة الرابعة علم المعانى

- ‌المرتبة الخامسة علم البيان

- ‌الطرف الأول فى بيان ما يتعلق بالفصاحة اللفظية

- ‌الضرب الأول منها التجنيس

- ‌الضرب الثانى التسجيع

- ‌الضرب الثالث لزوم ما لا يلزم

- ‌الضرب الرابع رد العجز على الصدر

- ‌الضرب الخامس المطابقة

- ‌الضرب السادس الترصيع

- ‌الضرب السابع اللف والنشر

- ‌الضرب الثامن الموازنة

- ‌الضرب التاسع المقابلة

- ‌الضرب العاشر الترديد

- ‌الطرف الثانى فى بيان ما يتعلق بالفصاحة المعنوية

- ‌الضرب الأول التتميم

- ‌الضرب الثانى الائتلاف والملائمة

- ‌الضرب الثالث الجمع والتفريق

- ‌الضرب الرابع التهكم

- ‌الضرب الخامس التسجيل

- ‌الضرب السادس الإلهاب والتهييج

- ‌الضرب السابع التلميح

- ‌الضرب الثامن جودة المطالع والاستفتاحات للكلام

- ‌الضرب التاسع التخلص

- ‌الضرب العاشر الاختتامات

- ‌خاتمة لما أوردناه فى هذا الفصل

- ‌الفصل الثانى فى بيان كون القرآن معجزا

- ‌المسلك الأول منهما من جهة التحدّى

- ‌المسلك الثانى فى الدلالة على أن القرآن معجز من جهة العادة

- ‌الفصل الثالث فى بيان الوجه فى إعجاز القرآن

- ‌المبحث الأول فى الإشارة إلى ضبط المذاهب فى وجه الإعجاز

- ‌القسم الأول أن يكون لأمر عائد إلى ألفاظه من غير دلالتها على المعانى

- ‌القسم الثانى أن يكون إعجازه إنما كان لأجل الألفاظ باعتبار دلالتها على المعانى

- ‌المبحث الثانى فى إبطال كل واحد من هذه الأقسام التى ذكرناها سوى ما نختار منها

- ‌المذهب الأول منها الصرفة

- ‌المذهب الثانى قول من زعم أن الوجه فى إعجازه إنما هو الأسلوب

- ‌المذهب الثالث قول من زعم أن وجه إعجازه إنما هو خلوه عن المناقضة

- ‌المذهب الرابع قول من زعم أن الوجه فى الإعجاز اشتماله على الأمور الغيبية بخلاف غيره

- ‌المذهب الخامس قول من زعم أن الوجه فى الإعجاز هو الفصاحة

- ‌المذهب السادس قول من زعم أن الوجه فى الإعجاز إنما هو اشتماله على الحقائق وتضمنه للأسرار والدقائق التى لا تزال غضة طرية على وجه الدهر، وما تنال لها غاية، ولا يوقف لها على نهاية، بخلاف غيره من الكلام، فإن ما هذا حاله غير حاصل فيه

- ‌المذهب السابع قول من زعم أن الوجه فى إعجازه هو البلاغة

- ‌المذهب الثامن قول من زعم أن الوجه فى إعجازه هو النظم

- ‌المذهب التاسع مذهب من قال: إن وجه إعجازه إنما هو مجموع هذه الأمور كلها

- ‌المذهب العاشر أن يكون الوجه فى إعجازه إنما هو ما تضمنه من المزايا الظاهرة والبدائع الرائقة

- ‌المبحث الثالث فى بيان المختار من هذه الأقاويل

- ‌تنبيه

- ‌الفصل الرابع فى إيراد المطاعن التى يزعمونها على القرآن والجواب عنها

- ‌الجهة الأولى: من حيث حقيقته

- ‌الجهة الثانية من حيث القدم

- ‌الجهة الثالثة من الطعن

- ‌الجهة الرابعة من الطعن على كونه حجة

- ‌الجهة الخامسة من الاعتراض والطعن من جهة الصدق

- ‌المسلك الثانى هو أن كلام الله تعالى قائم بنفسه

- ‌الجهة السادسة من الطعن على القرآن بأنه قد أتى بمثله

- ‌الجهة السابعة من الطعن فى القرآن بالإضافة إلى ألفاظه والاختلاف فيها

- ‌الجهة الثامنة من الطعن على القرآن بظهور المناقضة فيه

- ‌الجهة التاسعة من الطعن على القرآن فى وصفه

- ‌الجهة العاشرة فى الطعن على القرآن من مخالفة اللغة العربية

- ‌الجهة الحادية عشرة من الطعن على القرآن بالإضافة إلى ما يكون متكررا فيه

- ‌الجهة الثانية عشرة من المطاعن على القرآن ما تضمنه من الأمور الخبرية التى هى على خلاف مخبراتها فيكون من جملة الأكاذيب

- ‌الجهة الثالثة عشرة من المطاعن على القرآن سوء الترتيب والنظم

- ‌الجهة الرابعة عشرة من المطاعن على القرآن كونه موضحا للأمور الواضحة

- ‌الجهة الخامسة عشرة من الطعن على القرآن بالإضافة إلى المقصود منه

- ‌الجهة السادسة عشرة فى الطعن على القرآن بكونه مستبهما لا يعقل معناه

- ‌الجهة السابعة عشرة من الطعن على القرآن من جهة فائدته

- ‌الجهة الثامنة عشرة فى الطعن على القرآن بعدم الثمرة فيه

- ‌الجهة التاسعة عشرة من المطاعن على القرآن من جهة كتبه فى المصاحف

- ‌الجهة العشرون من المطاعن على القرآن من جهة قصوره

الفصل: ‌المسلك الأول منهما من جهة التحدى

‌الفصل الثانى فى بيان كون القرآن معجزا

اعلم أن الكلام فى هذا الفصل وإن كان خليقا بإيراده فى المباحث الكلامية، والأسرار الإلهية، لكونه مختصا بها ومن أهم قواعدها، لما كان علامة دالة على النبوة وتصديقا لصاحب الشريعة، حيث اختاره الله تعالى بيانا لمعجزته، وعلما دالا على نبوته، وبرهانا على صحة رسالته، لكن لا يخفى تعلّقه بما نحن فيه تعلقا خاصا، والتصاقا ظاهرا، فإن الأخلق بالتحقيق أنا إذا تكلمنا على بلاغة غاية الإعجاز بتضمنه لأفانين البلاغة، فالأحق هو إيضاح ذلك، فنظهر وجه إعجازه، وبيان وجه الإعجاز، وإبراز المطاعن التى للمخالفين، والجواب عنها، والذى يقضى منه العجب، هو حال علماء البيان، وأهل البراعة فيه عن آخرهم، وهو أنهم أغفلوا ذكر هذه الأبواب فى مصنفاتهم بحيث إن واحدا منهم لم يذكره مع ما يظهر فيه من مزيد الاختصاص وعظم العلقة، لأن ما ذكروه من تلك الأسرار المعنوية، واللطائف البيانية من البديع وغيره، إنما كانت وصلة وذريعة إلى بيان السر واللّباب، والغرض المقصود عند ذوى الألباب، إنما هو بيان لطائف الإعجاز، وإدراك دقائقه، واستنهاض عجائبه، فكيف ساغ لهم تركها وأعرضوا عن ذكرها، وذكروا فى آخر مصنفاتهم ما هو بمعزل عنها، كذكر مخارج الحروف وغيرها مما ليس مهمّا، وإنما المهم ما ذكرناه، ثم لو عذرنا من كان منهم ليس له حظ فى المباحث الكلامية، ولا كانت له قدم راسخة فى العلوم الإلهية، وهم الأكثر منهم كالسكاكى، وابن الأثير، صاحب التبيان، وغيرهم ممن برّز فى علوم البيان، وصبغ بها يده، وبلغ فيها جدّه وجهده، فما بال من كان له فيها اليد الطولى، كابن الخطيب الرازى، فإنه أعرض عن ذلك فى كتابه المصنف فى علم البيان، فإنه لم يتعرض لهذه المباحث، ولا شم منها رائحة، ولكنه ذكر فى صدر كتاب النهاية كلاما قليلا فى وجه الإعجاز لا ينقع من غلّة، ولا ينفع من علّة، فإذا تمهد هذا فاعلم أن الذى يدل على إعجاز القرآن مسلكان.

‌المسلك الأول منهما من جهة التحدّى

،

وتقريره هو أنه عليه السلام تحدّى به العرب الذين هم النهاية فى الفصاحة والبلاغة، والغاية فى الطلاقة والذّلاقة، وهم قد عجزوا عن معارضته، وكلما

ص: 206

كان الأمر فيه كما ذكرناه فهو معجز، وإنما قلنا: إنه عليه السلام تحدّاهم بالقرآن لما تواتر من النقل بذلك فى القرآن، وقد نزلهم الله فى التحدّى على ثلاث مراتب، الأولى بالقرآن كله، فقال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)

[الإسراء: 88] الثانية بعشر سور منه كما قال تعالى:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ

[هود: 13] الثالثة بسورة واحدة كما قال تعالى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ

[البقرة: 23] ثم قال بعد ذلك: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا

[البقرة: 24] فنفى القدرة لهم على ذلك بقضية عامة، وأمر حتم لا تردّد فيه، فدلّت هذه الآيات على التحدى، مرة بالقرآن كله، ومرة بعشر سور، ومرة بسورة واحدة، وهذا هو النهاية فى بلوغ التحدى، وهذا كقول الرجل لغيره: هات قوما مثل قومى، هات كنصفهم، هات كربعهم، هات كواحد منهم، وإنما قلنا: إنهم عجزوا عن معارضته لأن دواعيهم متوفّرة على الإتيان بها، لأنه عليه السلام كلف العرب ترك أديانهم، وحطّ رئاستهم، وأوجب عليهم ما يتعب أبدانهم، وينقص أموالهم، وطالبهم بعداوة أصدقائهم، وصداقة أعدائهم، وخلع الأنداد والأصنام من بين أظهرهم، وكانت أحب إليهم من أنفسهم من أجل الدين، ولا شك أن كل واحد من هذه الأمور مما يشق على القلوب تحمله، ولا سيما على العرب مع كثرة حميّتهم، وعظيم أنفتهم، ولا شك أن الإنسان إذا استنزل غيره عن رئاسته، ودعاه إلى طاعته، فإن ذلك الغير يحاول إبطال أمره بكل ما يقدر عليه ويجد إليه سبيلا، ولما كانت معارضة القرآن بتقدير وقوعها مبطلة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، علمنا لا محالة قطعا توفّر دواعى العرب عليها، وإنما قلنا: إنه ما كان لهم مانع عنها لأنه صلى الله عليه وسلم ما كان فى أول أمره بحيث تخاف قهره كل العرب، بل هو الذى كان خائفا منهم، وإنما قلنا: إنهم لم يعارضوه لأنهم لو أتوا بالمعارضة لكان اشتهارها أحق من اشتهار القرآن، لأن القرآن حينئذ يصير كالشبهة، وتلك المعارضة كالحجة، لأنها هى المبطلة لأمره، ومتى كان الأمر كما قلناه وكانت الدواعى متوفرة على إبطال أبهة المدعى وإبطال رونقه، وإزالة بهائه، كان اشتهار المعارضة أولى من اشتهار الأصل، فلما لم تكن مشتهرة علمنا لا محالة بطلانها، وأنها ما كانت، وإنما قلنا إن كل من توفرت دواعيه إلى الشىء ولم يوجد مانع منه، ثم لم يتمكن من فعله، فإنه يكون عاجزا، لأنه لا معنى للعجز إلا ذاك، وبهذا الطريق نعرف عجزنا عن كل ما

ص: 207

نعجز عنه كخلق الصور والصفات، ويؤيد ما ذكرناه من عجزهم ويوضحه، أنهم عدلوا عن المعارضة 7 لى تعريض النفس للقتل، مع أن المعارضة عليهم كانت أسهل وما ذاك إلا لما أحسوا به من العجز من أنفسهم عنها، فثبت بما ذكرناه كون القرآن معجزا، وتمام تقرير هذه الدلالة بإيراد الأسئلة الواردة عليها والانفصال عنها.

اعلم أن للملاحدة لعنهم الله وأبادهم، أسئلة ركيكة على كون القرآن معجزا، ولابد من إيرادها، وإظهار الجواب عنها، وجملة ما نورده من ذلك أسئلة ثمانية.

السؤال الأول: منها قولهم: لا نسلّم أن القرآن معجز، وعمدتكم فى إعجازه إنما هو التحدى وقررتم التحدى على تلك الآيات التى تلوتموها، ونحن ننكر تواترها، فإن المتواتر من القرآن إنما هو جملته دون الآحاد منه، ويؤيد ما ذكرناه، ما وقع من التردد والاختلاف فى مفرداته، دون جملته، بدليل أمور ثلاثة، أما أولا فلأنه نقل عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه أنكر الفاتحة والمعوذتين أنها من القرآن، وبقى هذا الإنكار إلى زمن أبى بكر، وعمر، وعثمان، وأما ثانيا فلما وقع من الخلاف الشديد فى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

[الفاتحة: 1] هل هى من القرآن أولا، وقد أثبتها ابن مسعود فى صدر سورة براءة، ونفاها أبى بن كعب وزيد بن ثابت، وأما ثالثا فلما يحكى عن أبى بن كعب، أنه أثبت فى القرآن آية القنوت وهى قوله:«اللهمّ اهدنى فيمن هديت» وقوله:

«لو أنّ لابن آدم واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثا» «1» ونفى ذلك ابن مسعود وغيره فهذه الأمور كلها دالة على أنه غير متواتر فى تفاصيله، وآيات التحدى من جملة التفاصيل، فلهذا لم يحكم بثبوتها فى المصحف، فلا يكون فيها دلالة.

وجوابه من وجهين: أما أولا فلأنا نقول القرآن بجملته وتفاصيله كلها منقول بالتواتر، سواء، من غير تردد فى ذلك، والبرهان على ذلك هو أنا نعلم بالضرورة من غير شك، أن فى هذا الزمان لو حاول أحد أن يدخل فيه حرفا ليس منه أو يخرج منه حرفا هو فيه، لوقف على موضع الزيادة والنقصان، جميع الصبيان، فضلا عن أكابر العلماء وأفاضل الناس، فكيف تصح هذه الدعوى، بأن تكون تفاصيله غير متواترة.

وأما ثانيا: فلأنا نعلم بالضرورة أن حال الناس فى التشدد عن المنع من تغيير القرآن وتبديله فى عهد الصحابة رضى الله عنهم، إن لم يكن أقوى من حال زماننا هذا، فإنه ما

ص: 208

كان أقل منه، فإذا لم يؤثر فيه خلاف وتردد فى زماننا فهكذا حال من قبل، وهذا يبطل كلام الملاحدة فى أنه غير متواتر التفاصيل.

قولهم: إن ابن مسعود أنكر الفاتحة والمعوذتين أنها من القرآن، قلنا: هذه الرواية عن ابن مسعود من باب الآحاد فلا تعارض ما كان مقطوعا به، وأيضا فإنه لم ينكر نزولهما من عند الله، وأنه جاء بهما جبريل، ولكن ادّعى أن المعوذتين نزلتا عوذة للحسنين، وأن الفاتحة إنما أنزلت من أجل الصلاة تفتتح بها، ولم ينكر ما ذكرناه من ثبوت أحكام القرآن فيها، فهو يسلّم أنها من القرآن بالمعنى الذى ذكرناه، وينكر كتبها فى جملة القرآن، وهذا خلاف لفظى لا طائل وراءه.

قولهم: الناس قد اختلفوا فى التسمية، قلنا: خلاف من خالف فى أنها ليست من القرآن ليس ينكر أنّ جبريل نزل بها ولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها، ولكن زعم أنها للتبرك، والفصل بين السور، فقد أقرّ بكونها من القرآن بالمعنى الذى ذكرناه، وزعم أن فيها غرضا آخر، وهو مساعد له.

قولهم: إن أبيّا أثبت آية القنوت، وقوله: «ولو أن لابن آدم واديين من ذهب

»

قلنا هذه الرواية من باب الآحاد فلا تعارض القواطع، ثم إنه ولو كتبها فى المصحف لم يثبت عنه أنها من جملته، وعلى الجملة فما ذكروه أمور خيالية وهمية، ولا تعارض الأمور القطعية.

السؤال الثانى: هب أنا سلّمنا أن آيات التحدى متواترة، فلا نسلّم دلالتها على التحدى، وبيانه هو أنه لو كان الغرض من إيرادها استدلاله بالقرآن على كونه نبيّا لاشتهر ذلك من نفسه كاشتهار أصل نبوته، ولكنه لم ينقل عن أحد من أهل الأخبار، أنه استدل على مخالفيه بالقرآن، ولم ينقل عن أحد ممن آمن به أنه آمن به لدليل القرآن، فعلمنا بذلك أنه ما كان يعوّل فى إثبات نبوته على القرآن، وإذا صح ذلك علمنا أن الغرض بإيراده هذه الآيات ما يذكره كل واحد من الخطباء والشعراء، من الدعاوى العظيمة والافتخارات التى لا حقيقة لها بحال.

وجوابه من وجهين: أما أولا: فلأنا نعلم بالضرورة، أنه كان يغشى محافلهم ويتلو عليهم القرآن، ويقرع مسامعهم، ولا وجه لذلك إلا أنه يتحداهم به ويوجب عليهم طاعته، وهذا أمر ظاهر لا يمكن جحده ولا إنكاره.

وأما ثانيا: فهب أنا سلّمنا أنه لم ينقل ما ذكرناه، ولكنه استغنى بما فى القرآن من آيات

ص: 209

التحدى عما كان منه من ذلك إذ لا فائدة فى تكريره.

السؤال الثالث: سلمنا وقوع التحدى، ولكن هل وصل خبر التحدى إلى كل العالم، أو إلى بعضه، وباطل أن يكون واصلا إلى كله، لأنا نعلم بالضرورة أن أهل الهند والصين والروم، وسائر الأقاليم البعيدة، ما كانوا يعلمون وجود محمد صلى الله عليه وسلم فى الدنيا، فضلا عن أن يقال: إنهم عالمون بتحديه بالقرآن، وباطل أن يكون واصلا إلى بعضهم، لأنهم ولو عجزوا عن المعارضة فإنه لا يكفى فى صحة دعوى النبوة، عجزهم عن معارضته، لأنهم بعض الخلق، وعجز بعض الخلق لا يكون عجزا لجميعهم، وإلا لزم فى بعض الحذاق فى صناعته إذا تحدى أهل قريته، ثم عجزوا عن ذلك، أن يكون نبيا لمكان دعواه، وهذا ظاهر الفساد وهذا يبطل ما ذكرتموه من التحدى بالقرآن.

وجوابه من وجهين: أما أولا فلأنا نعلم بالضرورة أن العرب الذين قرع أسماعهم التحدى، وخوطبوا به «العين للعين» كانوا لا محالة أقدر على معارضته من غيرهم، لاختصاصهم بما لم يختص به غيرهم من سائر الأقاليم من الفصاحة والبلاغة، فلما عرفنا عجزهم كان غيرهم لا محالة أعجز من ذلك لما ذكرناه، وأما ثانيا فهب أن خبر تحدّيه بالقرآن ما وصل إلى كل العالم فى زمانه، لكن لا شك فى وصوله إليهم الآن، مع أنهم لم يعارضوه، وفى هذا دلالة على صحة نبوته، ويؤيد ما ذكرناه أنا نرى من يصنف كتابا فى أى علم كان، ويظن أنه قد أتى فيه باليد البيضاء، فلا يلبث إلا مقدار ما يصل إلى الأقاليم والبلاد، ويحصل بعد ذلك ما يبطله ويدل على تناقضه وضعفه على القرب لأجل شدة الحرص على ذلك، وهذا ظاهر فى جميع التصانيف كلها، فلو كان ثم معارضة توجد للقرآن، لكانت قد حصلت فى هذه الأزمان المتمادية، والسنين المتطاولة، ولا شك فى بلوغه لهذه الأقاليم التى زعمتم، وفى هذا بطلان ما زعمتموه.

السؤال الرابع: سلّمنا تواتره إلى كافة الخلق، لكنا لا نسلم توفر دواعيهم إلى المعارضة، وبيان ذلك بأوجه ثلاثة، أما أولا: فلعلهم اعتقدوا أن المعارضة لا تبلغ فى قطع المادة وحسم الشّغب وإبطال أمره، مبلغ الحرب، فلا جرم عدلوا إلى الحرب، وأما ثانيا: فلأنا لا نمنع أن يكونوا عدلوا إلى الحرب لأنهم لو عارضوا لكان الخلاف غير منقطع بوقوعها، لجواز أن يقول قوم: إنها معارضة، ويقول قوم آخرون: إنها ليست معارضة، ويتوقف فريق ثالث، لالتباس الأمر فيه، فيشتد الخلاف ويعظم الخطب، وفى أثناء ذلك الخلاف لا

ص: 210

يمتنع اشتداد شوكته، فلأجل الخوف من ذلك، عدلوا إلى الحرب، وأما ثالثا: فلأنه يحتمل أن يكون عدولهم عن المعارضة، لأن التحدى إنما وقع بمثله، ولم يعرفوا حقيقة المماثلة، هل تكون بالفصاحة، أو البلاغة، أو بالنظم، أو بهذه الأمور كلها، أو فى الإخبار عن العلوم الغيبية، أو فى استخراج الأسرار الدقيقة، أو غير ذلك مما يكون القرآن مشتملا عليه، فلهذا عدلوا عن المعارضة، فصح بما ذكرناه أن دواعيهم إلى المعارضة غير متوفرة لأجل هذه الاحتمالات التى ذكرناها.

وجوابه أنا قد أوضحنا توفر دواعيهم إلى معارضته بما لا مدفع له إلا بالمكابرة، ويؤيد ما ذكرناه ويوضحه، أن الأمر المطلوب إذا كان لتحصيله طرق كثيرة وكانت معلومة فى نفسها، ثم بعضها يكون أسهل وأقرب فى تحصيل المقصود، فإنا نعلم من حال العاقل اختيار الطريق الأسهل، وقد علمنا بالضرورة أن أسهل الطرق فى دفع من يدعى مرتبة عظيمة على غيره، معارضتها بمثلها إن كانت المعارضة ممكنة، ونعلم أن هذا العلم الضرورى حاصل لكل العقلاء، حتى نعلم أن طفلا من الأطفال لو ادعى على غيره من سائر الأطفال شيلان حجر، أو طفر جدول، أو رمى غرض، فإنهم يتسارعون إلى معارضته بمثل دعواه، وهذه الجملة تفيد توفر دواعى العرب على إبطال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمعارضة دعواه بمثلها لو كانت ممكنة لهم، فإذا كان هذا حاصلا فى حق الأطفال، فكيف من بلغ حالة عظيمة فى الحنكة والتجربة.

قولهم: أولا لعلهم اعتقدوا أن المعارضة لا تحسم دعواه، قلنا هذا فاسد، لأنهم فى استعمال الحرب غير واثقين بحصول المطلوب، لأنهم غير واثقين بالظفر عليه، بخلاف المعارضة، فإنهم ليسوا على خطر منها، لأنهم واثقون ببطلان أمره عند وقوعها، وقولهم ثانيا: لو عارضوا لكان الخلاف غير منقطع بوقوعها، قلنا هذا فاسد أيضا: فإنه ليس الغرض هو حصول المماثلة من كل الوجوه، لأنه لا يدرك مماثلة الكلامين من جميع الوجوه إلا بالقطع بالاشتراك فى كل الأحكام، وهذا مما يعلمه الله دون غيره، بل المقصود من التحدى، إنما هو الإتيان بما يظن كونه مثلا، أو قريبا من المثل، وأمارة ذلك وقوع الاختلاف بين الناس فى كونه مثلا، أو غير مثل، وقولهم ثالثا: إنهم لم يعرفوا حقيقة المثل الذى طلبه فيه المعارضة هل هو الفصاحة، أو الأسلوب، أو الإخبار عن علوم الغيب؟

قلنا هذا فاسد لأمرين، أما أولا فلأنه لو اشتبه عليهم لاستفهموه عما يريد، لكن الأمر فى

ص: 211

ذلك معلوم لهم، فلهذا لم يعالجوه فى شىء من ذلك، لتحققهم أنهم لو أتوا بما يماثله، لبطل أمره، فسكوتهم عنه دلالته على تحققهم من ذلك، وأما ثانيا فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم أطلق التحدى ولم يخصه بشىء من دون شىء، اتكالا منه على ما يعلم من ذلك بمجرى العادة واطرادها فى التحدى بين الشعراء والخطباء، فلأجل ذلك لم يكن محتاجا إلى تفسير المقصود.

السؤال الخامس: سلمنا توفر دواعيهم إلى المعارضة كما قلتم، لكن لا نسلم ارتفاع المانع عن المعارضة كما قلتم، فلم ينكرون على من يقول إنه منعهم عن المعارضة اشتغالهم عنها بالحروب العظيمة، فإن فيها شغلا عن كل شىء، أو يقول خوفهم من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأنصاره وأعوانه، لأن قوة الدولة والشوكة تمنع من ذلك، ولهذا فإن ابن عباس رضى الله عنه لم يمكنه إظهار مذهبه فى العول أيام عمر خوفا من سطوته، ولا شك أن الخوف مانع عما يريده الإنسان فى أكثر أحواله.

وجوابه من أوجه ثلاثة: أما أولا: فلأن المعارضة للقرآن إنما هى من قبيل الكلام، والحرب غير مانعة من وجود الكلام، ولهذا فإنهم كانوا والحرب قائمة يتمكنون من الأشعار والخطب فى المحافل، فكيف يقال إن الحرب مانعة من وجود المعارضة، وأما ثانيا:

فلأن الحرب لم تكن دائمة، وإنما كانت فى وقت دون وقت، فلم لا يشتغلون بالمعارضة فى أوقات الفراغ عن الحرب، وأما ثالثا: فلأنه عليه السلام ما كان يحارب كل العرب، ولا شك أن الفصحاء منهم كانوا قليلين، فكان الواجب على الشجعان الاشتغال بالحرب، وأن يقعد أهل الفصاحة للاشتغال بالمعارضة، ومن وجه رابع: وهو أنه ما حاربهم قبل الهجرة فكان ينبغى لهم الاشتغال بالمعارضة، إذ لا حرب هناك قائمة بينهم وبينه، ومن وجه خامس: وهو أنه كان يجب عليهم أن يقولوا إنك شغلتنا بالحرب عن معارضتك، فاترك الحرب حتى نتمكن من معارضتك، وهم لم يقولوا ذلك ولا خطر لأحد منهم على قلب، وفى هذا دلالة على أنه لا مانع لهم من المعارضة بحال.

السؤال السادس: سلمنا أنه لا مانع لهم من المعارضة، وأن دواعيهم متوفرة إليها، فلم قلتم باستحالة تأخر المعارضة والحال هذه، وبيان ذلك أن الفعل عند توفر الدواعى وزوال الموانع، لا يخلو الحال هناك، إما أن يجب الفعل أو لا يجب، فإن وجب لزم الجبر وهو فاسد عندكم، وإما أن لا يجب الفعل والحال ما قلناه، فلم يلزم من توفر الداعى وزوال الموانع وجود المعارضة، وعند هذا لا يكون تأخرهم عنها دلالة على عجزهم عنها، لجواز كونهم قادرين عليها ولا يلزم وقوعها.

ص: 212

وجوابه: أنا نقول قد تقرر فى القضايا بالعقلية، وثبت بالأدلة القطعية، أن القادر متى توفرت دواعيه على الفعل، ولم يكن هناك مانع فإنه يجب وقوعه، ومتى خلص الصارف فإنه يتعذر وقوعه، وهذا معلوم بأوائل العقول لا شك فيه.

قوله: إذا وجب الفعل عند الداعية، وجب الجبر، وهو فاسد.

قلنا: هذا خطأ، فإن الوجوب له معنيان، أحدهما أن الفعل واجب على معنى أن عدمه مستحيل، وهذا هو الذى يبطل الاختيار، ونحن لا نعتقده، وثانيهما أن يكون الغرض بالوجوب هو أولوية الوقوع والحصول، لا على معنى أنه يستحيل خلافه، ولكن على معنى أنه أحق بالوجود عند تحقق الداعية، هذا ملخص ما قاله الشيخ محمود الخوارزمى الملاحمى فى تفسير الوجوب، لئلا يبطل الاختيار، والمختار أن الفعل عند تحقق الداعية وخلوصها، واجب الحصول على معنى أنه يستحيل خلافه بالإضافة إلى الداعية، وواجب الحصول وجوبا لا يستحيل خلافه بالإضافة إلى القدرة، ومع هذا التوجيه لا يبطل الاختيار، وعلى كلا الوجهين، فإنا نعلم توفر دواعيهم إلى تحصيل المعارضة، وأنه يجب وقوعها وحصولها منهم إذا كانت ممكنة، فلما لم تقع مع توفر الداعى دل على أن الوجه فى تأخرها عدم الإمكان لا محالة.

السؤال السابع: سلمنا توفر دواعيهم إلى المعارضة وأنها واجبة الوقوع عند توفر الدواعى إليها، ولكنا لا نسلم أنها غير واقعة فما برهانكم على ذلك.

وجوابه من أوجه أربعة: أما أولا: فلأن ما هذا حاله لا يخفى وقوعه لو وقع كسائر الأمور العظيمة التى لا تخفى، بل نقول إن هذه المعارضة يجب أن تكون أكثر اشتهارا من القرآن، لأن القرآن يصير هو الشبهة، وهذه المعارضة هى الدلالة فتكون أحق بالاشتهار لما ذكرناه، وأما ثانيا: فلأن غير القرآن من القصائد فى الجاهلية والإسلام لم يخف حاله، وأنه ظاهر، فكيف حال ما يكون معارضا للقرآن وهو بالاشتهار لا محالة أحق، وأما ثالثا: فلأن خرافات «مسيلمة» قد نقلت مع ركتها وضعف حالها وقدرها، وقد اهتم العلماء فى نقلها، فكيف حال ما هو أدخل منها فى التحقق، وأما رابعا فلأن حرص المخالفين على نقل هذه المعارضة شديد، كاليهود والنصارى، وسائر الملل الكفرية، من الملاحدة وغيرهم، لما فيه من التنويه بإبطال أمره صلى الله عليه وسلم، فلا جرم يزداد الحرص وتعظم الدواعى، لأن فيها إبطال أمره على سهولة بوقوع هذه المعارضة.

ص: 213

السؤال الثامن: سلمنا أنها لو كانت واقعة لاشتهرت اشتهارا عظيما، لكنا لا نسلم أنها غير مشتهرة، بل قد وقع هناك معارضات للقرآن، فإن العرب قد عارضوه بالقصائد السبع وعارضه «مسيلمة» الكذاب بكلامه الذى يحكى عنه، وعارضه النضر بن الحارث بأخبار الفرس وملوك العجم، وعارضه ابن المقفع من كلامه وقابوس بن وشمكير، والمعرى، فكيف يقال إن المعارضة ما وقعت.

وجوابه هو أن النظار من أهل الفصاحة والبلاغة مجمعون على أن المعارضة بين الكلامين إنما تكون معارضة إذا كان بينهما مقاربة ومداناة بحيث يلتبس أحدهما بالآخر أو يكون أحدهما مقاربا للآخر، وكل عاقل يعلم بالضرورة أن هذه القصائد السبع ليس بينها وبين القرآن مقاربة ولا مداناة، بحيث يشتبه أحدهما بالآخر، وكيف لا وهذه القصائد من فن الشعر، والقرآن ليس من فنون الشعر فى ورد ولا صدر، فلا يجوز كونها معارضة له، وأما ما حكى عن النضر بن الحارث، فإنما نقل حكايات ملوك العجم، وليس من أسلوب القرآن، فلا يكون معارضا له، وأما ما يحكى عن «مسيلمة» الكذاب فهو بالخلاعة أحق منه بالمعارضة، لنزول قدره، وتمكنه فى الحماقة، لأن من حق ما يكون معارضا، أن يكون بينه وبين المعارض مقاربة ومداناة، بحيث يشتبه الأمر فيهما، فأما إذا كان الكلامان فى غاية البعد والانقطاع، فلا يعد أحدهما معارضا للآخر، ولنقتصر على هذا القدر من الأسئلة الواردة على الإعجاز ففيها كفاية فى مقدار غرضنا، لأن الكلام فى هذا الكتاب له مقصد آخر، وهو كالمنحرف عن هذه المقاصد، فإنه إنما يليق استقصاؤها بالمباحث الكلامية، وقد أشرنا فى الكتب العقلية إلى حقائقها وأشرنا إلى الأجوبة عنها وبالله التوفيق.

لا يقال: فلعل العرب إنما عجزوا عن معارضة القرآن ليس لأنهم غير قادرين عليها، وإنما تأخروا عن المعارضة، لعدم علمهم بما اشتمل عليه القرآن، من شرح حقائق صفات الله تعالى، والبعث والنشور وأحكام الآخرة، وأحوال الملائكة، وغير ذلك مما لا مدخل لأفهامهم فى تعقله وإتقانه، لأنا نقول هذا فاسد لأمرين: أما أولا فهب أن العرب كانوا غير عالمين بحقائق هذه الأشياء، لكن اليهود كانوا بين أظهرهم وكان عليهم السؤال عنها، ثم يكسونها عبارات يعارضون بها القرآن، وأما ثانيا فلأن اليهود أنفسهم كان فيهم فصحاء، فكان يجب مع علمهم بها أن يعارضوه، فلما لم تكن هناك معارضة لا من جهة اليهود، ولا من جهة غيرهم، دل على بطلانها وتعذرها، فهذا ما أردنا ذكره على هذا المسلك من الأسئلة والأجوبة عنها والله أعلم.

ص: 214