الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
تَمام هَذَا الْفَتْح وبركته تقدم مراسم السُّلْطَان بحسم مَادَّة أهل الْفساد وَإِقَامَة الشَّرِيعَة فِي الْبِلَاد فَإِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَهُم من الْمَشَايِخ والإخوان فِي قرى كَثِيرَة من يقتدون بهم وينتصرون لَهُم وَفِي قُلُوبهم غل عَظِيم وإبطان معاداة شَدِيدَة لَا يُؤمنُونَ مَعهَا على مَا يُمكنهُم وَلَو أَنه مباطنة الْعَدو فَإِذا أمسك رؤوسهم الَّذين يضلونهم مثل بني الْعود زَالَ بذلك من الشَّرّ مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله
ويتقدم إِلَى قراهم وَهِي قرى مُتعَدِّدَة بأعمال دمشق وصفد وطرابلس وحماة وحمص وحلب بِأَن يُقَام فيهم شرائع الْإِسْلَام وَالْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَيكون لَهُم خطباء ومؤذنون كَسَائِر قرى الْمُسلمين وتقرأ فيهم الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة وتنشر فيهم المعالم الإسلامية ويعاقب من عرف مِنْهُم بالبدعة والنفاق بِمَا توجبه شَرِيعَة الْإِسْلَام
فَإِن هَؤُلَاءِ الْمُحَاربين وأمثالهم قَالُوا نَحن قوم جبال وَهَؤُلَاء كَانُوا يعلموننا وَيَقُولُونَ لنا أَنْتُم إِذا قاتلتم هَؤُلَاءِ تَكُونُونَ مجاهدين وَمن قتل مِنْكُم فَهُوَ شَهِيد
وَفِي هَؤُلَاءِ خلق كثير لَا يقرونَ بِصَلَاة وَلَا صِيَام وَلَا حج
وَلَا عمْرَة وَلَا يحرمُونَ الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَلَا يُؤمنُونَ بِالْجنَّةِ وَالنَّار من جنس الإسماعيلية والنصيرية والحاكمية والباطنية وهم كفار أكفر من الْيَهُود وَالنَّصَارَى بِإِجْمَاع الْمُسلمين
فَتقدم المارسيم السُّلْطَانِيَّة بِإِقَامَة شَعَائِر الْإِسْلَام من الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَقِرَاءَة الْقُرْآن وتبليغ أَحَادِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي قرى هَؤُلَاءِ من أعظم الْمصَالح الإسلامية وأبلغ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله
وَذَلِكَ سَبَب لانقماع من يباطن الْعَدو من هَؤُلَاءِ ودخولهم فِي طَاعَة الله وَرَسُوله وَطَاعَة أولي الْأَمر من الْمُسلمين
وَهُوَ من الْأَسْبَاب الَّتِي يعين الله بهَا على قمع الْأَعْدَاء
فان مَا فَعَلُوهُ بِالْمُسْلِمين فِي أَرض سيس نوع من غدرهم الَّذِي بِهِ ينصر الله الْمُسلمين عَلَيْهِم وَفِي ذَلِك لله حِكْمَة عَظِيمَة ونصرة لِلْإِسْلَامِ جسيمة
قَالَ ابْن عَبَّاس مَا نقض قوم الْعَهْد إِلَّا أديل عَلَيْهِم الْعَدو
وَلَوْلَا هَذَا وَأَمْثَاله مَا حصل للْمُسلمين من الْعَزْم بِقُوَّة الْإِيمَان وللعدو من الخذلان مَا ينصر الله بِهِ الْمُؤمنِينَ ويذل بِهِ الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ
وَالله هُوَ الْمَسْئُول أَن يتم نعْمَته على سُلْطَان الْإِسْلَام خَاصَّة وعَلى عباده الْمُؤمنِينَ عَامَّة