الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. يكفيكم مَا رَأَيْتُمْ من جنَازَته
…
ونعشه فَوق روس الْخلق ينتفل
إِن كَانَ فَوق رُءُوس حملوه فقد
…
أولاهم نعما مَا لَيْسَ تنحمل
قد كنت أرجوه لي ذخْرا وآمله
…
وأرتجيه إِذا ضَاقَتْ بِهِ الْحِيَل
قد كَانَ ذَا رجل للنَّاس كلهم
…
يَا أَيهَا النَّاس كفوا قد قضى الْأَجَل
…
تمت وَهِي ثَمَانِيَة عشر بَيْتا
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
من أَصْغَر الْعباد عبد الله بن حَامِد إِلَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَامِل قدوة الأفاضل والأماثل مُجمل الْمجَالِس والمحافل المحامي عَن دين الله والذاب عَن سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمعتصم بِحَبل الله الشَّيْخ المبجل المكرم أبي عبد الله أَسْبغ الله عَلَيْهِ نعمه وأيد بِإِصَابَة الصَّوَاب لِسَانه وقلمه وَجمع لَهُ بَين السعادتين وَرفع دَرَجَته فِي الدَّاريْنِ بمنه وَرَحمته
سَلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
أما بعد فَإِنِّي احْمَد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ ثمَّ وافاني كتابك وَأَنا إِلَيْك بالأشواق وَلم أزل مسائلا ومستخبرا الصَّادِر والوارد عَن الأنباء طَابَ مسموعها وسر مَا يسر مِنْهَا
وَمَا تَأَخّر كتابي عَنْك هَذِه الْمدَّة مللا وَلَا خللا بالمودة وَلَا تهاونا بِحُقُوق الإخاء حاشى لله أَن يشوب الْأُخوة فِي الله جفَاء
وَلَا أَزَال أتعلل بعد وَفَاة الشَّيْخ الإِمَام (إِمَام الدُّنْيَا) رضي الله عنه بالإسترواح إِلَى أَخْبَار تلامذته واخوانه وأقاربه وعشيرته والخصيصين بِهِ لما فِي نَفسِي من الْمحبَّة الضرورية الَّتِي لَا يَدْفَعهَا شَيْء على الْخُصُوص لما اطَّلَعت على مباحثه واستدلالاته الَّتِي تزلزل أَرْكَان المبطلين وَلَا يثبت فِي ميادينها سفسطة المتفلسفين وَلَا يقف فِي حلباتها أَقْدَام المبتدعين من الْمُتَكَلِّمين
وَكنت قبل وُقُوفِي على مبَاحث (إِمَام الدُّنْيَا) رحمه الله قد طالعت مصنفات الْمُتَقَدِّمين ووقفت على مقالات الْمُتَأَخِّرين من أهل الفلسفة ونظار أهل الْإِسْلَام فَرَأَيْت مِنْهَا الزخارف والأباطيل والشكوكات الَّتِي يأنف الْمُسلم الضَّعِيف فِي الْإِسْلَام أَن يخطرها بِبَالِهِ فضلا عَن الْقوي فِي الدّين فَكَانَ يتعب قلبِي ويحزنني مَا يصير إِلَيْهِ الأعاظم من المقالات السخيفة والآراء الضعيفة الَّتِي لَا يعْتَقد جَوَازهَا آحَاد الْعَامَّة
وَكنت أفتش على السّنة الْمَحْضَة فِي مصنفات الْمُتَكَلِّمين من أَصْحَاب الامام أَحْمد رحمه الله على الْخُصُوص لاشتهارهم بالتمسك بمنصوصات إمَامهمْ فِي أصُول العقائد فَلَا أجد عِنْدهم مَا يَكْفِي
وَكنت أَرَاهُم يتناقضون إِذْ يؤصلون أصولا يلز فِيهَا ضد مَا يعتقدونه ويعتقدون خلاف مُقْتَضى أدلتهم فاذا جمعت بَين أقاويل الْمُعْتَزلَة والأشعرية وحنابلة بَغْدَاد وكرامية خُرَاسَان أرى أَن إِجْمَاع هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمين فِي الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة على مَا يُخَالف الدَّلِيل الْعقلِيّ والنقلي فيسؤني ذَلِك وأظل أَحْزَن حزنا لَا يعلم كنهه إِلَّا الله حَتَّى قاسيت من مكابدة هَذِه الْأُمُور شَيْئا عَظِيما لَا أَسْتَطِيع شرح أيسره
وَكنت ألتجىء إِلَى الله سبحانه وتعالى وأتضرع إِلَيْهِ وأهرب إِلَى ظواهر النُّصُوص وَألقى المعقولات المتباينة والتأويلات المصنوعة لنبو الْفطْرَة عَن قبُولهَا
ثمَّ قد تشبثت فِطْرَتِي بِالْحَقِّ الصَّرِيح فِي أُمَّهَات الْمسَائِل غير متجاسرة على التَّصْرِيح بالمجاهرة قولا وتصميما للْعقد عَلَيْهِ حَيْثُ لَا أرَاهُ مأثورا عَن الْأَئِمَّة وقدماء السّلف إِلَى أَن قدر الله سُبْحَانَهُ وُقُوع مُصَنف الشَّيْخ الامام (إِمَام الدُّنْيَا) رحمه الله فِي يَدي قبيل واقعته الْأَخِيرَة بِقَلِيل فَوجدت مَا بهرني من مُوَافقَة فِطْرَتِي لما فِيهِ وعزوا الْحق إِلَى أَئِمَّة السّنة وَسلف الْأمة مَعَ مُطَابقَة الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول فبهت لذَلِك سُرُورًا بِالْحَقِّ وفرحا بِوُجُود الضَّالة الَّتِي لَيْسَ لفقدها عوض فَصَارَت محبَّة هَذَا الرجل رحمه الله محبَّة ضَرُورِيَّة يقصر عَن شرح أقلهَا الْعبارَة وَلَو أطنبت
وَلما عزمت على المهاجرة الى لقِيه وصلني خبر إعتقاله وأصابني لذَلِك الْمُقِيم المقعد
وَلما حججْت سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة صممت الْعَزْم على السّفر إِلَى دمشق لأتوصل إِلَى ملاقاته ببذل مهما أمكن من النَّفس وَالْمَال للتفريج عَنهُ فوافاني خبر وَفَاته رَحمَه الله تَعَالَى مَعَ الرُّجُوع إِلَى الْعرَاق قبيل وُصُول الْكُوفَة فَوجدت عَلَيْهِ مَا لَا يجده الْأَخ على شقيقه واستغفر الله بل وَلَا الْوَالِد الثاكل على وَلَده وَمَا دخل على قلبِي من الْحزن لمَوْت أحد من الْوَلَد والأقارب والأخوان كَمَا وجدته عَلَيْهِ رَحمَه الله تَعَالَى وَلَا تخيلته قطّ فِي نَفسِي وَلَا تمثلته فِي قلبِي إِلَّا ويتجدد لي حزن قديمه كَأَنَّهُ محدثه وَوَاللَّه مَا كتبتها إِلَّا وأدمعي تتساقط عِنْد ذكره أسفا على فِرَاقه وَعدم ملاقاته فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَمَا شرحت هَذِه النبذة من محبَّة الشَّيْخ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ إِلَّا ليتَحَقَّق بعدِي عَن الْملك الموهوم
لَكِن لما سبق الْوَعْد الْكَرِيم مِنْكُم بانفاذ فهرست مصنفات الشَّيْخ رضي الله عنه وَتَأَخر ذَلِك عني اعتقدت أَن الاضراب عَن ذَلِك نوع تقية أَو لعذر لَا يسعني السُّؤَال عَنهُ فَسكت عَن الطّلب خشيَة أَن يلْحق أحدا ضَرَر وَالْعِيَاذ بِاللَّه بسببي لما كَانَ قد اشْتهر
من تِلْكَ الْأَحْوَال فان أنعمتم بِشَيْء من مصنفات الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى كَانَت لكم الْحَسَنَة عِنْد الله تَعَالَى علينا بذلك فَمَا أشبه كَلَام هَذَا الرجل بالتبر الْخَالِص الْمُصَفّى وَقد يَقع فِي كَلَام غَيره من الْغِشّ والشبه المدلس بالتبر مَا لَا يخفى على طَالب الْحق لحرص وَعدم هوى
وَلَا أَزَال أتعجب من المنتسبين إِلَى حب الانصاف فِي الْبَحْث المزرين على أهل التَّقْلِيد المعقولات الَّتِي يَزْعمُونَ أَن مستندهم الْأَعْظَم الصَّرِيح مِنْهَا كَيفَ يباينون مَا أوضحه من الْحق وكشف عَن قناعه وَقد كَانَ الْوَاجِب على الطّلبَة شدّ الرّحال إِلَيْهِ من الْآفَاق ليرو الْعجب
وَمَا أشبه حَال المباينين لَهُ من المنتسبين إِلَى الْعلم الطالبين للحق الصَّرِيح الَّذِي أعياهم وجدانه بِحَال قوم ذبحهم الْعَطش والظمأ فِي بعض المفازات فحين أشرفوا على التّلف لمع لَهُم شط كالفرات أَو دجلة أَو كالنيل فَعِنْدَ معاينتهم لذَلِك اعتقدوه سرابا لَا شرابًا فتولوا عَنهُ مُدبرين فتقطعت أَعْنَاقهم عطشا وظمأ فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير وَمَا أرسلنَا الْكتب الْمُقَابلَة من إِحْدَى الطَّرفَيْنِ فَفِيهِ تعسف وتمهدون الْعذر فِي الْأَطْنَاب فَهَذَا الَّذِي ذكرته من حَالي مَعَ الشَّيْخ كالقطر من بَحر وَإِن أنعمتم بِالسَّلَامِ على أَصْحَاب الشَّيْخ وأقاربه كَبِيرهمْ وصغيرهم كَانَ ذَلِك مُضَافا إِلَى سَابق إنعامكم
وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَأَنْتُم فِي أَمَان الله ورعايته وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام زين الدّين أَبُو حَفْص عمر بن المظفر بن عمر ابْن مُحَمَّد بن أبي الفوارس بن عَليّ بن الوردي الشَّافِعِي رضي الله عنه يرثي شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية رضي الله عنه
…
عتا فِي عرضه قوم سلاط
…
لَهُم من نثر جوهره الْتِقَاط
تَقِيّ الدّين أَحْمد خير حبر
…
خروق المعضلات بِهِ تخاط
توفى وَهُوَ مسجون فريد
…
وَلَيْسَ لَهُ إِلَى الدُّنْيَا إنبساط
وَلَو حَضَرُوهُ حِين قضى لألفوا
…
مَلَائِكَة النَّعيم بِهِ أحاطوا
قضى نحبا وَلَيْسَ لَهُ قرين
…
وَلَا لنظيره لف القماط
فَتى فِي علمه أضحى فريدا
…
وَحل المشكلات بِهِ يناط
وَكَانَ إِلَى التقى يَدْعُو البرايا
…
وَينْهى فرقة فسقوا ولاطوا
وَكَانَ يخَاف إِبْلِيس سطاه
…
بوعظ للقلوب هُوَ السِّيَاط
فيا لله مَا قد ضم لحد
…
وَيَا لله مَا غطى البلاط
همو حسدوه لما لم ينالوا
…
مناقبه فقد فسقوا وشاطوا
وَكَانُوا عَن طرائقه كسَالَى
…
وَلَكِن فِي أَذَاهُ لَهُم نشاط
وَحبس الدّرّ فِي الأصداف فَخر
…
وَعند الشَّيْخ بالسجن اغتباط
…
.. بآل الْهَاشِمِي لَهُ اقْتِدَاء
…
فقد ذاقوا الْمنون وَلم يواطوا
بَنو تَيْمِية كَانُوا فبانوا
…
نُجُوم الْعلم أدْركهَا انهباط
وَلَكِن يَا ندامة حابسيه
…
فَشك الشّرك كَانَ بِهِ يماط
وَيَا فَرح الْيَهُود بِمَا فَعلْتُمْ
…
فان الضِّدّ يُعجبهُ الخباط
ألم يَك فيكمو رجل رشيد
…
يرى سجن الإِمَام فيستشاط
إِمَام لَا ولَايَة كَانَ يَرْجُو
…
وَلَا وقف عَلَيْهِ وَلَا رِبَاط
وَلَا جاراكمو فِي كسب مَال
…
وَلم يعْهَد لَهُ بكم إختلاط
فَفِيمَ سجنتموه وغضتموه
…
أما لجزا أذيته اشْتِرَاط
وسجن الشَّيْخ لَا يرضاه مثلي
…
فَفِيهِ لقدر مثلكُمْ انحطاط
أما وَالله لَوْلَا كتم سري
…
وَخَوف الشَّرّ لانحل الرِّبَاط
وَكنت أَقُول مَا عِنْدِي وَلَكِن
…
بِأَهْل الْعلم مَا حسن اشتطاط
فَمَا أحد إِلَى الْإِنْصَاف يَدْعُو
…
وكل فِي هَوَاهُ لَهُ انخراط
سَيظْهر قصدكم يَا حابسيه
…
ونيتكم إِذا نصب الصِّرَاط
فها هُوَ مَاتَ عَنْكُم وَاسْتَرَحْتُمْ
…
فعاطوا مَا أردتم أَن تعاطوا
وحلوا واعقدوا من غير رد
…
عَلَيْكُم وانطوى ذَاك الْبسَاط
…
تمت وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
مرثية فِي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن تَيْمِية قدس الله روحه
.. لما نعى الشَّيْخ الإِمَام المتقي
…
نجل رَئِيس فَاضل حبر تَقِيّ
فاضت محاجر مقلتي يَا حسرتي
…
لفراقه فرقا وَزَاد تقلقي
زفرات أشواقي أكاد لحرها
…
تنقض مني مهجتي بتحرقي
وَتركت من بعد التقى بلوعة
…
ومدامعي من بعده لَا ترتقي
متهتك الأستار ولهان الحشى
…
أبْكِي الديار عَلَيْهِ حَتَّى نَلْتَقِي
حزني عَلَيْهِ مدى الزَّمَان تأسفا
…
يَا مقلتي سحي دَمًا وترقرقي
يَا قلب ذب أسفا عَلَيْهِ وحسرة
…
فقليل مَا لاقيت شيب مفرقي
يَا مهجتي ذوبي عَلَيْهِ صبَابَة
…
وتقطعي لفراقه وتمزقي
يَا مقلتي سحي بدمع هاطل
…
متحدر سح السَّحَاب المطبق
يَا لَيْتَني يَوْم الْفِرَاق حَضرته
…
حَتَّى أجدد مَا مضى من موثقي
وأودع الْوَجْه الْمليح بنظرة
…
يحيا بهَا قلب الكئيب المشفق
مَا كَانَ أهنا عيشنا بحياته
…
يَا لَيْت يَوْم فِرَاقه لم يخلق
لَو كَانَ يفدى مَا بخلت بمهجتي
…
فِي حَقه ولكنت أول من يقي
يَا أَهله لَا تجزعوا لفراقه
…
وَلأَجل كأس من حمام قد سقِِي
فَلهُ جنان الْخلد يسكنهَا غَدا
…
وعَلى مناصبها الْعلية يرتقي
هُوَ شَيخنَا ورئيسنا وإمامنا
…
لله در الطَّاهِر الحبر التقي
إِن قلت طود الْعلم فَهُوَ حَقِيقَة
…
فاسمع بِهَذَا القَوْل فِيهِ وحقق
يُفْتِي بِجمع مَذَاهِب عَن أَربع
…
لكنه فِي الْفضل آخر من بَقِي
…
.. هُوَ فِي الْقِرَاءَة أوحد فِي عصره
…
هُوَ فِي الْأُصُول مفيدنا والمنطقي
شيخ الطَّرِيقَة والحقيقة عَارِف
…
ورث الْإِمَامَة والعلوم فحقق
متصدق متفضل متطول
…
لله مَا أجزاه من متصدق
قد كَانَ فِينَا وابلا نحيا بِهِ
…
وثناؤه فِينَا كمسك معبق
قد كَانَ فِينَا جنَّة أنهارها
…
تجْرِي لنا من علمه المتدفق
قد كَانَ فِينَا سيدا من سيد
…
فاقطع بِهَذَا القَوْل فِيهِ وَصدق
يَا قَبره يهنيك مَا قد حُزْته
…
من زاهد بر زكي متقي
قد صرت رَوْضَة جنَّة بحلوله
…
فلك الفخار بِسَيِّد وموفق
فَالله يرحمه وَيجْبر كَسره
…
ويغيثنا من فَضله المغدودق
واجبر بعفوك ناظما لقريضها
…
حسنا أعنه تفضلا وَتصدق
ثمَّ الصَّلَاة على النَّبِي مُحَمَّد
…
خير الْأَنَام وَمن لعرشك يرتقي
وَالْحق بِهِ الْآل الْكِرَام وَصَحبه
…
بكرامة فلأنت أكْرم مُلْحق
…
تمت وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
مرثية فِي شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين أَحْمد بن تَيْمِية من نظم الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله رحمهمَا الله تَعَالَى وَرَضي عَنْهُمَا
…
أهكذا فِي الدياجي يحجب الْقَمَر
…
وَيحبس النُّور حَتَّى يذهب الْمَطَر
أهكذا تمنع الشَّمْس المنيرة عَن
…
مَنَافِع الأَرْض أَحْيَانًا فتستتر
…
.. أهكذا الدَّهْر لَيْلًا كُله ابدا
…
فَلَيْسَ يعرف فِي أوقاته سحر
أهكذا السَّيْف لَا تمْضِي مضاربه
…
وَالسيف فِي الفتك مَا فِي عزمه خور
أهكذا الْقوس ترمى بالعراء وَمَا
…
تصمي الرمايا وَمَا فِي بَاعهَا قصر
أهكذا يتْرك الْبَحْر الخضم وَلَا
…
يلوى عَلَيْهِ وَفِي أصدافه الدُّرَر
أهكذا بتقي الدّين قد عبثت
…
أَيدي العدى وتعدى نَحوه الضَّرَر
الى ابْن تَيْمِية ترمى سِهَام أَذَى
…
من الْأَنَام ويدمى الناب وَالظفر
بُد السوابق ممتد الْعِبَادَة لَا
…
يَنَالهُ ملل فِيهَا وَلَا ضجر
وَلم يكن مثله بعد الصَّحَابَة فِي
…
علم عَظِيم وزهد مَا لَهُ خطر
طَرِيقه كَانَ يمشي قبل مشيته
…
بهَا أَبُو بكر الصّديق أَو عمر
فَرد الْمذَاهب فِي أَقْوَال أَرْبَعَة
…
جَاءُوا على أثر السباق وابتدروا
لما بنوا قبله عليا مذاهبهم
…
بنى وَعمر مِنْهَا مثل مَا عمروا
مثل الْأَئِمَّة قد أَحْيَا زمانهم
…
كَأَنَّهُ كَانَ فيهم وَهُوَ منتظر
إِن يرفعوهم جَمِيعًا رفع مُبْتَدأ
…
فحقه الرّفْع أَيْضا إِنَّه خبر
أمثله بَيْنكُم يلقى بمضيعة
…
حَتَّى يطيح لَهُ عمدا دم هدر
يكون وَهُوَ أماني لغيركم
…
تنوبه منكمو الْأَحْدَاث والغير
وَالله لَو أَنه فِي غير أَرْضكُم
…
لَكَانَ مِنْكُم على ابوابه زمر
مثل ابْن تَيْمِية ينسى بمجلسه
…
حَتَّى يَمُوت وَلم يكحل بِهِ بصر
مثل ابْن تَيْمِية ترْضى حواسده
…
بحبسه أَو لكم فِي حَبسه عذر
…
.. مثل ابْن تَيْمِية فِي السجْن معتقل
…
والسجن كالغمد وَهُوَ الصارم الذّكر
مثل ابْن تَيْمِية يرْمى بِكُل أَذَى
…
وَلَيْسَ يجلى قذى مِنْهُ وَلَا نظر
مثل ابْن تَيْمِية تذوى خمائله
…
وَلَيْسَ يلقط من أفنانه الزهر
مثل ابْن تَيْمِية شمس تغيب سدى
…
وَمَا تروق بهَا الآصال وَالْبكْر
مثل ابْن تَيْمِية يمْضِي وَمَا عبقت
…
بمسكه الْعطر الأردان والطرر
مثل ابْن تَيْمِية يمْضِي وَمَا نهلت
…
لَهُ سيوف وَلَا خطية سمر
وَلَا تجاري لَهُ خيل مسومة
…
وُجُوه فرسانها الأوضاح وَالْغرر
وَلَا تحف بِهِ الْأَبْطَال دَائِرَة
…
كَأَنَّهُمْ أنجم فِي وَسطهَا قمر
وَلَا تعبس حَرْب فِي مواقفه
…
يَوْمًا ويضحك فِي أرجائها الظفر
حَتَّى يقوم هَذَا الدّين من ميل
…
ويستقيم على منهاجه الْبشر
بل هَكَذَا السّلف الْأَبْرَار مَا برحوا
…
يبْلى اصطبارهم جهدا وهم صَبَرُوا
تأس بالأنبياء الطُّهْر كم بلغت
…
فيهم مضرَّة أَقوام وَكم هجروا
فِي يُوسُف فِي دُخُول السجْن منقبة
…
لمن يكابد مَا يلقى ويصطبر
مَا أهملوا أبدا بل أمهلوا لمدى
…
وَالله يعقب تأييدا وينتصر
أيذهب المنهل الصافي وَمَا نقعت
…
بِهِ الظماة وَتبقى الحمأة الكدر
مضى حميدا وَلم يعلق بِهِ وضر
…
وَكلهمْ وضر فِي النَّاس أَو وذر
طود من الْحلم لَا يرقى لَهُ فنن
…
كَأَنَّمَا الطود من أحجاره حجر
بَحر من الْعلم قد فاضت بَقِيَّته
…
فغاضت الأبحر الْعُظْمَى وَمَا شعروا
…
.. يَا لَيْت شعري هَل فِي الحاسدين لَهُ
…
نَظِيره فِي جَمِيع الْقَوْم إِن ذكرُوا
هَل فيهم لحَدِيث الْمُصْطَفى أحد
…
يُمَيّز النَّقْد أَو يروي لَهُ خبر
هَل فيهم من يضم الْبَحْث فِي نظر
…
أَو مثله من يضم الْبَحْث وَالنَّظَر
هلا جمعتم لَهُ من قومكم مَلأ
…
كَفعل فِرْعَوْن مَعَ مُوسَى ليعتذروا
قُولُوا لَهُم فال هَذَا فابحثوا مَعَه
…
قدامنا وانظروا الْجُهَّال إِن قدرُوا
يلقى الأباطيل أسحار لَهَا دهش
…
فليقف الْحق مَا قَالُوا وَمَا سحروا
فليتهم مثل ذَاك الرَّهْط من مَلأ
…
حَتَّى يكون لكم فِي شَأْنهمْ عبر
وليتهم أذعنوا للحق مثلهم
…
فآمنوا كلهم من بعد مَا كفرُوا
يَا طالما نفروا عَنهُ مجانبة
…
وليتهم نفعوا فِي الضيم أَو نفروا
هَل فيهمو صادع للحق مقوله
…
أَو خائض للوغي وَالْحَرب تستعر
رمى الى نحر غازان مُوَاجهَة
…
سهامه من دُعَاء عونه الْقدر
بتل راهط والأعداء قد غلبوا
…
على الشآم وطار الشَّرّ والشرر
وشق فِي المرج والأسياف مصلته
…
طوائف كلهَا أَو بَعْضهَا التتر
هَذَا وأعداؤه فِي الدّور أشجعهم
…
مثل النِّسَاء بِظِل الْبَاب مستتر
وَبعدهَا كسروان وَالْجِبَال وَقد
…
أَقَامَ أطوادها والطود منفطر
واستحصد الْقَوْم بالأسياف جهدهمْ
…
فطالما بطلوا طغوا وَمَا بطروا
قَالُوا قبرناه قُلْنَا إِن ذَا عجب
…
حَقًا وللكوكب الدُّرِّي قد قبروا
وَلَيْسَ يذهب معنى مِنْهُ متقد
…
وَإِنَّمَا تذْهب الْأَجْسَام والصور
…
.. لم يبكه ندما من لَا يصب دَمًا
…
يجْرِي بِهِ وَبِمَا يهمي وتنهمر
لهفي عَلَيْك أَبَا الْعَبَّاس كم كرم
…
لما قضيت قضى من عمره الْعُمر
سقى ثراك من الوسمى صيبه
…
وزار معناك قطر كُله قطر
وَلَا يزَال لَهُ برق يغازله
…
حُلْو المراشف فِي أجفانه حور
لفقد مثلك يَا من مَاله مثل
…
تأسى المحاريب والآيات والسور
يَا وَارِثا من عُلُوم الْأَنْبِيَاء نهى
…
أورثت قلبِي نَارا وقدها الْفِكر
يَا وَاحِدًا لست أستثني بِهِ أحدا
…
من الْأَنَام وَلَا أبقى وَلَا أذر
يَا عَالما بنقول الْفِقْه أجمعها
…
أعنك تحفظ زلات كَمَا ذكرُوا
يَا قامع الْبدع اللَّاتِي تحببها
…
أهل الزَّمَان وَأهل البدو والحضر
ومرشد الْفرْقَة الضلال نهجهم
…
إِلَى الطَّرِيق فَمَا حاروا وَلَا سهروا
ألم تكن لِلنَّصَارَى وَالْيَهُود مَعًا
…
مجادلا وهم فِي الْبَحْث قد حَضَرُوا
وَكم فَتى جَاهِل غر أبنت لَهُ
…
رشد الْمقَال فَزَالَ الْجَهْل وَالضَّرَر
مَا أَنْكَرُوا مِنْك إِلَّا أَنهم جهلوا
…
عَظِيم قدرك لَكِن ساعد الْقدر
قَالُوا بأنك قد أَخْطَأت مَسْأَلَة
…
وَقد يكون فَهَلا مِنْك تغتفر
غَلطت فِي الدَّهْر أَو أَخْطَأت وَاحِدَة
…
أما أَجدت إصابات فتعتذر
وَمن يكون على التَّحْقِيق مُجْتَهدا
…
لَهُ الثَّوَاب على الْحَالين لَا الْوزر
ألم تكن أَحَادِيث النَّبِي إِذا
…
سُئِلت تعرف مَا تَأتي وَمَا تذر
حاشاك مَا شبه فِيهَا وَمَا شبه
…
كِلَاهُمَا مِنْك لَا يبْقى لَهُ أثر
…
.. عَلَيْك فِي الْبَحْث أَن تبدي غوامضه
…
وَمَا عَلَيْك إِذا لم تفهم الْبَقر
قدمت لله مَا قدمت من عمل
…
وَمَا عَلَيْك بهم ذموك أَو شكروا
هَل كَانَ مثلك من يخفى عَلَيْهِ هدى
…
وَمن سمائك تبدو الأنجم الزهر
وَكَيف تحذر من شئ تزل بِهِ
…
أَنْت التقي فَمَاذَا الْخَوْف والحذر
…
تمت وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم
وَقَالَ الشَّيْخ الصَّالح العابد مُحَمَّد أَبُو الطَّاهِر البعلي الْحَنْبَلِيّ يمدح شيخ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين الإِمَام أَحْمد بن تَيْمِية رحمه الله وَرَضي عَنهُ
…
يَا ابْن تَيْمِية يَا أنصح العلما
…
يَا من لأسرار دين الله قد فهما
يَا آيَة ظَهرت فِي الْكَوْن باهرة
…
لَا زلت فِي سلك دين الله منتظما
وَكنت وَاسِطَة فِي عقده ابدا
…
تزيل مِنْهُ الْأَذَى وَالْفُحْش والسقما
جمعت مِنْهُ الَّذِي قد كَانَ فرقه
…
قوم رَأَوْهُ هدى مِنْهُ وَكَانَ عمى
وَكنت أحرص خلق الله كلهم
…
على التآلف تُعْطِي الْفضل والنعما
وَلست خبا لئيما باخلا شَرها
…
لَكِن تقيا نقيا سيد الكرما
تَعْفُو عَن الْجَاهِل الْجَانِي وترحمه
…
وتكثر الْعدْل والانصاف للخصما
مَا زلت تغْضب فِي ذَات الْإِلَه وَلم
…
تكن لنَفسك يَا ذَا الْحلم منتقما
فَأَنت حبر هدى أَحْيَا الْإِلَه بِهِ
…
من دينه سننا أَمَاتَهُ الغشما
…
.. فِي رَأس سبع مئين كنت قد وَجَبت
…
لَك الْإِمَامَة يَا خُلَاصَة العلما
وكل شئ بِهِ جلّ الورى هَلَكُوا
…
فشيخنا ذِي التقى من شَره سلما
وكل وصف كَمَال فِي نَظَائِره
…
لَهُ خَصَائِصه لَا تَقْتَضِي العدما
كَانَ المبرز فِي كل الْعُلُوم وَقد
…
أضحت لَهُ فِي ذرى اسنامها علما
وَكَانَ حاوي صِفَات الْخَيْر اجمعها
…
قد جلّ فِي كل حالات التقى قدما
لما أَرَادَ عداهُ دحضه دحضوا
…
وزاده الله عزا دَائِما وسما
أضحت عوائده تبدي فَوَائده
…
على موائده فِي حَضْرَة الحكما
فَهُوَ التقي بِهِ أهل التقى الفوا
…
وَأبْعد الله عَنهُ المجرم الزنما
وَهُوَ المحك الَّذِي بَان الْعباد بِهِ
…
إِمَّا كراما وَإِمَّا خيبا لؤما
فَإِن أردْت تعايير الْعباد بِهِ
…
عرض بذكراه مدحا وَانْظُر السيما
ترى الغوى حَزينًا ثمَّ منقبضا
…
وَتنظر المتقي قد سر مُبْتَسِمًا
فحبه نعْمَة فَازَ السعيد بهَا
…
وبغضه نقمة بهَا الشقي وسما
فَالْحَمْد لله أهل الْحَمد خالقنا
…
كم قد افاض علينا فِي الورى نعما
عافي الْقُلُوب من الأسقام أجمعها
…
وَعم بالجود من وفى وَمن ظلما
كم أفرجت كربَة عَنَّا بمنته
…
وَكم أعَان وَكم عفى وَكم رحما
لَا ترتجي غَيره فِي رفع نازلة
…
يبْقى الْهدى عَنْك والاحسان منصرما
وَلَا تكن بسواه عَنهُ مشتغلا
…
لكَي تنَال التقى والفوز والكرما
…
.. وَكن محبا لَهُ ساع بِطَاعَتِهِ
…
فالسعي فِي غير هَذَا يُورث الندما
…
تمت بِحَمْد الله وعونه وَحسن وتوفيقه وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَقع الْفَرَاغ التَّام من نسخ الْكتاب المستطاب من أَوله إِلَى صفحة 115 بيد أبي عبد الله مُحَمَّد بن حسن رحمه الله سلمه ربه
وَمن صفحة 116 إِلَى آخِره بيد أبي اسمعيل يُوسُف حُسَيْن بن مُحَمَّد حسن رحمه الله الصابر الحنيف السّني المحمدي
رواح يَوْم الْإِثْنَيْنِ 12 شَوَّال سنة 1312 هجرية على صَاحبهَا أتمي الصَّلَاة وأزكى التَّحِيَّة
…
مستبقي خطوطي فِي الدفاتر بُرْهَة
…
وأنملتي تَحت التُّرَاب رَمِيم
…