الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخاتمة الْخَيْر على عمله وَأَن يردهُ عَن انحرافه إِلَى نهج الصَّوَاب بِحَيْثُ لَا يبْقى معشره يعِيبهُ بِعِلْمِهِ وتصنيفه من أولى الْعُقُول والأحلام
ونستغفر الله الْعَظِيم من الْخَطَأ والزلل فِي القَوْل وَالْعَمَل وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم
هَذَا آخر الرسَالَة الَّتِي سَمَّاهَا مؤلفها
(التَّذْكِرَة وَالِاعْتِبَار والانتصار للأبرار)
فرحم الله من قَامَ بِحمْل الْإِصْرَار وَتَصْحِيح التَّوْبَة النصوح بالاستغفار إِلَى عَالم الْأَسْرَار نفع الله من وقف عَلَيْهَا وأصغى إِلَى مَا يفتح مِنْهَا ولديها آمين
فَتَاوَى الشَّيْخ بِدِمَشْق وَبَعض اختياراته الَّتِي خَالف فِيهَا الْمذَاهب الْأَرْبَعَة أَو بَعْضهَا
ثمَّ إِن الشَّيْخ رحمه الله بعد وُصُوله من مصر إِلَى دمشق واستقراره بهَا لم يزل ملازما للاشتغال والإشغال وَنشر الْعلم وتصنيف الْكتب وإفتاء النَّاس بالْكلَام وَالْكِتَابَة المطولة وَغَيرهَا ونفع الْخلق وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم وَالِاجْتِهَاد فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة
فَفِي بعض الْأَحْكَام يُفْتِي بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده من مُوَافقَة أَئِمَّة الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَفِي بَعْضهَا قد يُفْتِي بخلافهم أَو بِخِلَاف الْمَشْهُور من مذاهبهم
وَمن اختياراته الَّتِي خالفهم فِيهَا أَو خَالف الْمَشْهُور من اقوالهم
القَوْل بقصر الصَّلَاة فِي كل مَا يُسمى سفرا طَويلا كَانَ أَو قَصِيرا كَمَا هُوَ مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة وَقَول بعض الصَّحَابَة
وَالْقَوْل بِأَن الْبكر لَا تستبرأ وَإِن كَانَت كَبِيرَة كَمَا هُوَ قَول ابْن عمر وَاخْتَارَهُ البُخَارِيّ صَاحب الصَّحِيح
وَالْقَوْل بِأَن سُجُود التِّلَاوَة لَا يشْتَرط لَهُ وضوء كَمَا يشْتَرط للصَّلَاة كَمَا هُوَ مَذْهَب ابْن عمر وَاخْتِيَار البُخَارِيّ أَيْضا
وَالْقَوْل بِأَن من أكل فِي شهر رَمَضَان مُعْتَقدًا أَنه ليل فَبَان نَهَارا لَا قَضَاء عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الصَّحِيح عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وَإِلَيْهِ ذهب بعض التَّابِعين وَبَعض الْفُقَهَاء بعدهمْ
وَالْقَوْل بِأَن الْمُتَمَتّع يَكْفِيهِ سعي وَاحِد بَين الصَّفَا والمروة كَمَا هُوَ فِي حق الْقَارِن والمفرد كَمَا هُوَ قَول ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَرِوَايَة عَن الإِمَام بن حَنْبَل رَوَاهَا عَنهُ ابْنه عبد الله وَكثير من أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد لَا يعرفونها
وَالْقَوْل بِجَوَاز الْمُسَابقَة بِلَا مُحَلل وَإِن خرج المتسابقان
وَالْقَوْل باستبراء المختلعة بِحَيْضَة وَكَذَلِكَ الْمَوْطُوءَة بِشُبْهَة والمطلقة آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات
وَالْقَوْل بِإِبَاحَة وَطْء الوثنيات بِملك الْيَمين
وَالْقَوْل بِجَوَاز عقد الرِّدَاء فِي الْإِحْرَام وَلَا فديَة فِي ذَلِك وَجَوَاز طواف الْحَائِض وَلَا شَيْء عَلَيْهَا إِذا لم يُمكنهَا أَن تَطوف طَاهِرا
وَالْقَوْل بِجَوَاز بيع الأَصْل بالعصير كالزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج
وَالْقَوْل بِجَوَاز الْوضُوء بِكُل مَا يُسمى مَاء مُطلقًا كَانَ أَو مُقَيّدا
وَالْقَوْل بِجَوَاز بيع مَا يتَّخذ من الْفضة للتحلي وَغَيره كالخاتم وَنَحْوه بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضلا وَجعل الزَّائِد من الثّمن فِي مُقَابلَة الصَّنْعَة
وَالْقَوْل بِأَن الْمَائِع لَا ينجس بِوُقُوع النَّجَاسَة فِيهِ إِلَّا أَن يتَغَيَّر قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا
وَالْقَوْل بِجَوَاز التَّيَمُّم لمن خَافَ فَوَات الْعِيد وَالْجُمُعَة بِاسْتِعْمَال المَاء
وَالْقَوْل بِجَوَاز التَّيَمُّم فِي مَوَاضِع مَعْرُوفَة
وَالْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي أَمَاكِن مَشْهُورَة
وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام الْمَعْرُوفَة من أَقْوَاله
وَكَانَ يمِيل أخيرا لتوريث الْمُسلم من الْكَافِر الذِّمِّيّ وَله فِي ذَلِك مُصَنف وَبحث طَوِيل
وَمن أَقْوَاله الْمَعْرُوفَة الْمَشْهُورَة الَّتِي جرى بِسَبَب الْإِفْتَاء بهَا محن وقلاقل قَوْله بالتكفير فِي الْحلف بِالطَّلَاق
وَأَن الطَّلَاق الثَّلَاث لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة
وَأَن الطَّلَاق الْمحرم لَا يَقع
وَله فِي ذَلِك مصنفات ومؤلفات كَثِيرَة مِنْهَا
قَاعِدَة كَبِيرَة سَمَّاهَا تَحْقِيق الْفرْقَان بَين التَّطْلِيق وَالْإِيمَان نَحْو أَرْبَعِينَ كراسة
وَقَاعِدَة سَمَّاهَا الْفرق الْمُبين بَين الطَّلَاق وَالْيَمِين بِقدر النّصْف من ذَلِك
وَقَاعِدَة فِي أَن جَمِيع أَيْمَان الْمُسلمين مكفرة مُجَلد لطيف
وَقَاعِدَة فِي تَقْرِير أَن الْحلف بِالطَّلَاق من الْأَيْمَان حَقِيقَة
وَقَاعِدَة سَمَّاهَا التَّفْصِيل بَين التَّكْفِير والتحليل
وَقَاعِدَة سَمَّاهَا اللمْعَة
وَغير ذَلِك من الْقَوَاعِد والأجوبة فِي ذَلِك لَا ينْحَصر وَلَا يَنْضَبِط وَله فِي ذَلِك جَوَاب اعْتِرَاض ورد عَلَيْهِ من الديار المصرية وَهُوَ جَوَاب طَوِيل فِي ثَلَاث مجلدات بِقطع نصف الْبَلَدِي
وَكَانَ القَاضِي شمس الدّين بن مُسلم الْحَنْبَلِيّ رحمه الله فِي يَوْم الْخَمِيس منتصف شهر ربيع الآخر من سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة قد اجْتمع بالشيخ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بترك الْإِفْتَاء فِي مَسْأَلَة الْحلف بِالطَّلَاق فَقبل الشَّيْخ إِشَارَته وَعرف نصيحته وَأجَاب إِلَى ذَلِك
وَكَانَ قد اجْتمع إِلَى القَاضِي جمَاعَة من الْكِبَار حَتَّى فعل ذَلِك
فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت مستهل جمادي الأولى من هَذِه السّنة ورد الْبَرِيد إِلَى دمشق وَمَعَهُ كتاب السُّلْطَان بِالْمَنْعِ من الْفَتْوَى فِي مَسْأَلَة الْحلف بِالطَّلَاق الَّتِي رَآهَا الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية وَأفْتى فِيهَا وصنف فِيهَا وَالْأَمر بِعقد مجْلِس فِي ذَلِك
فعقد يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث الشَّهْر الْمَذْكُور بدار السَّعَادَة وانفصل الْأَمر على مَا أَمر بِهِ السُّلْطَان وَنُودِيَ بذلك فِي الْبَلَد يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع الشَّهْر الْمَذْكُور ثمَّ إِن الشَّيْخ عَاد إِلَى الْإِفْتَاء بذلك وَقَالَ لَا يسعني كتمان الْعلم
فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء التَّاسِع وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان سنة