الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَاة الشَّيْخ رحمه الله بالقلعة وَمَا كتب بهَا قبل مَوته
ثمَّ إِن الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى بَقِي مُقيما بالقلعة سنتَيْن وَثَلَاثَة أشهر وأياما ثمَّ توفّي إِلَى رَحْمَة الله ورضوانه وَمَا برح فِي هَذِه الْمدَّة مكبا على الْعِبَادَة والتلاوة وتصنيف الْكتب وَالرَّدّ على الْمُخَالفين
وَكتب على تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم جملَة كَثِيرَة تشْتَمل نفائس جليلة ونكت دقيقة وَمَعَان لَطِيفَة وَبَين فِي ذَلِك مَوَاضِع كَثِيرَة أشكلت على خلق من عُلَمَاء أهل التَّفْسِير
وَكتب فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي حبس بِسَبَبِهَا عدَّة مجلدات مِنْهَا كتاب فِي الرَّد على ابْن الأخنائي قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِمصْر تعرف بالأخنائية وَمِنْهَا كتاب كَبِير حافل فِي الرَّد على بعض قُضَاة الشَّافِعِيَّة وَأَشْيَاء كَثِيرَة فِي هَذَا الْمَعْنى أَيْضا
وَفَاة الشَّيْخ عبد الله أخي الشَّيْخ
وَفِي هَذِه الْمدَّة الَّتِي كَانَ الشَّيْخ فِيهَا بالقلعة توفّي أَخُوهُ الشَّيْخ الإِمَام
الْعَالم الْعَلامَة البارع الْحَافِظ الزَّاهِد الْوَرع جمال الْإِسْلَام شرف الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله توفّي يَوْم الْأَرْبَعَاء الرَّابِع عشر من جمادي الأولى من سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَصلى عَلَيْهِ ظهر الْيَوْم الْمَذْكُور بِجَامِع دمشق وَحمل إِلَى بَاب القلعة فصلى عَلَيْهِ مرّة أُخْرَى وَصلى عَلَيْهِ أَخُوهُ وَخلق من دَاخل القلعة وَكَانَ الصَّوْت بِالتَّكْبِيرِ يبلغهما وَكثر الْبكاء فِي تِلْكَ السَّاعَة وَكَانَ وقتا مشهودا ثمَّ صلي عَلَيْهِ مرّة ثَالِثَة ورابعة وَحمل على الرؤوس والأصابع إِلَى مَقْبرَة الصُّوفِيَّة فَدفن بهَا وَحضر جنَازَته جمع كثير وعالم عَظِيم وَكثر الثَّنَاء والتأسف عَلَيْهِ
وَكَانَ رحمه الله صَاحب صدق وإخلاص قانعا باليسير شرِيف النَّفس شجاعا مقداما مُجَاهدًا بارعا فِي الْفِقْه إِمَامًا فِي النَّحْو مستحضرا لتراجم السّلف ووفياتهم لَهُ فِي ذَلِك يَد طولى عَالما بالتواريخ الْمُتَقَدّمَة والمتأخرة وَكَانَ رحمه الله شَدِيد الْخَوْف والشفقة على أَخِيه شيخ الْإِسْلَام
وَكَانَ يخرج من بَيته لَيْلًا وَيرجع إِلَيْهِ لَيْلًا وَلَا يجلس فِي مَكَان معِين بِحَيْثُ يقْصد فِيهِ وَلكنه يأوي إِلَى الْمَسَاجِد المهجورة والأماكن الَّتِي لَيست بمشهورة
وَكَانَ كثير الْعِبَادَة والتأله والمراقبة وَالْخَوْف من الله وَلم يزل على ذَلِك إِلَى حِين مَرضه ووفاته